البرهان: حال تمت العملية السياسية بشكلها الحالي لن تذهب بعيداً
الفاتح محجوب: البرهان وجه رسائل، تطالب بضرورة احترام مؤسسة الجيش
علي آدم : خطاب البرهان حمل المحاذير من تردي الأوضاع السياسية
تقرير : الخواض عبد الفضيل
حذر رئيس مجلس السيادة، الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان، من أن الاتفاق السياسي الموجود الآن، لن يمضي إلى الأمام وسيتعثر قريباً حال لم يستوعب جميع القوى السياسية، ويرى مراقبون أن حديث البرهان يأتي في سياق الإنذار المبكر للقوى التي تتبنى الإطاري عن فشل أي حكومة قادمة لم يكن لها قاعدة عريضة من القوى السياسية، كما حمل الخطاب رسائل عدة بابتعاد السياسيين عن الجيش وعدم المساس به، بالإضافة إلى أن ابتعاد السياسيين من الجيش يجنب البلاد من الانقلابات العسكرية التي يجند لها السياسيون العسكريين داخل الأحزاب.
عملية عرجاء
وطالب رئيس مجلس السيادة، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، بضرورة أن تكون العملية السياسية المقبلة شاملة تُمثل كل الأطراف، وقال إن الكرة في ملعب السياسيين للاستماع للطرف الآخر، حاثاً إياهم لتوسيع أفقهم لاستيعاب باقي القوى، وأضاف (حال تمت العملية السياسية بشكلها الحالي فإنها ستكون عرجاء، ولن تذهب بعيداً)، مُؤكدًا موقفه الثابت من دعم الاستقرار في الأراضي السودانية.
وأكد البرهان – في كلمة له خلال زيارته منطقة “أم سيالة” بشمال كردفان، أمس – عدم السماح لأي جهة بالمساس بالقوات المسلحة، مشيراً إلى أن تماسك الجيش يعني تماسك السودان. وأضاف «لن نقبل بالمساس بالقوات المسلحة السودانية، ولا ينبغي أن يكون هناك دور لها في السياسة، ويجب أن يتوقف العسكريون عن التدخل في العمل السياسي»، مُؤكدًا ضرورة تحقيق الاستقرار قبل إجراء الانتخابات”.
ودعا البرهان، مجتمع شمال كردفان، إلى حل الخلافات وعدم الانسياق وراء محاولات الشغب، لافتًا إلى ضرورة توقف الصراعات القبلية والعنصرية والحزبية في البلاد.
عدم استمرار
ويقول الخبير والمحلل السياسي الفاتح محجوب لـ(اليوم التالي) إن حديث الفريق أول عبدالفتاح البرهان عبر منبر أم سيالة على الهواء الطلق أمام جماهير شمال كردفان فيه عدة رسائل للقوى السياسية السودانية والوساطة الدولية، أولها موجهة لقوى الحرية والتغيير المجلس المركزي بضرورة التخلي عن رفض توسيع المشاركة مذكراً إياهم بأن تضييق المشاركة قد يعني بالضرورة عدم استمرار هذا النوع من الحكومات وانها ستنهار ان قدر لها ان تتكون ووجه الرسالة الثانية للقوى السياسية السودانية وللوساطة الدولية بضرورة احترام مؤسسة الجيش السوداني وانهم في الجيش لن يسمحوا لأي أحد بالمساس به ومجده، وأكد أنهم في الجيش لا يرغبون في ممارسة السياسة وهذا يعني أن البرهان حدد بوضوح فهمه لإصلاح المنظومة الأمنية والعسكرية بأنه عمل ينفذه الجيش وحده، أي سنترك لكم السياسة لكن لا تتدخلوا في الجيش.
وبحسب محجوب كان حديث البرهان عن توسيع المشاركة مبهماً؛ لأنه لم يقل يمنع قيام أي حكومة غير موسعة، ولم يقل إنه يسمح بقيامها، وإنما اكتفى بالتأكيد على أنها إن قامت ستنهار وهو قول سليم إلى حد كبير، وزاد..لأن أي حكومة لا تضم الحركات الموقعة على اتفاقية جوبا للسلام ولا تضم مجلس نظارات وعموديات البجة المستقلة، يصعب ان تصمد لأكثر من ثلاثة أشهر وربما ينتج بسببها انقلابات عسكرية، ولهذا قد لا يسمح البرهان بقيام حكومة انتقالية بقيادة مدنية من دون أن تكون حكومة موسعة تضم أكبر عدد ممكن من القوى السياسية، مشدداً على ضرورة أن تضم الكتلة الديمقراطية للحرية والتغيير بقيادة السيد جعفر الميرغني على وجه الخصوص.
عملية شاملة
فيما يقول الباحث والمحلل السياسي محمد محيي الدين في حديثه لـ(اليوم التالي) أن النقطة الجوهرية في خطاب الفريق أول عبدالفتاح البرهان عبدالرحمن بولاية شمال بمنطقة أم سيالة أمس، يندرج في تمسك المؤسسة العسكرية بضرورة أن تكون العملية السياسية شاملة دون إقصاء أي أحد ويعتقد محيي الدين أن هذا الحديث قائم على فكرة أي حكومة لا تحظى بمشاركة سياسية واسعة ستكون عرضة للفشل، ولن تكون لها أساس صحيح في استدامتها أكثر من شهر ولن تكون منتجة، وتابع..كما أيضاً يقر خلال حديثه بأن الحكومة بدون مشاركة واسعة ستكون عرجاء، ولن تذهب بعيداً، وهذا مؤشر إلى أن رؤية المؤسسة العسكرية بأن أي حكومة تنتج من توافق محدود سيكتب لها الفشل، وزاد.. في حال أن أصرت الكتلة الديمقراطية في أن لا تكون جزءاً من المعادلة السياسية أن يتم القبول بتشكيل مع هياكل الحرية والتغيير المجلس المركزي، وبالتالي تكون وحدها في الحكم وتكون المعارضة للحكم الكتلة الديمقراطية او التنسيقية الوطنية لدعم الانتقال، وهي كيان مشكل من القوى التي اجتمعت في القاهرة وطيف واسع من التيارات الإسلامية واليسار العريض بما فيه الحزب الشيوعي وحزب البعث العربي الاشتراكي، وأردف قائلاً بأن أي حكومة معارضتها مثل هذه المعارضة لن يكتب لها النجاح وربما نرى نتائج هذا الأمر فشلاً في السياسات التي تنتهجها الحكومة، وتابع الأفضل وقد تبقت أيام على الموعد المضروب حسب الجدول التي اتفقت عليه الحرية والتغيير المجلس المركزي مع المكون العسكري قبل يومين؛ أن يسعوا بتوسيع المشاركة والسماح بقبول الكتلة الديمقراطية، خاصة وأن الكتلة طالبت أن يتم( 16) فصيل تنضوي تحت الكتلة الديمقراطية، وزاد.. لا أرى في الأمر ما يعيب وما ينتقص او يغرق العملية، لذلك أفضل أن يتم التشكيل بهذه الطريقة بدلاً من احتكار السلطة وإنتاج حكومة ضعيفة غير قابلة للاستمرار .
فشل محتوم
ومن جانبه.. قال المحلل السياسي علي آدم يوسف خلال حديثه لـ(اليوم التالي) إن حديث البرهان اليوم من شمال كردفان بمنطقة ام سيالة هو تأكيد لحدث انسحاب القوات المسلحة السودانية من العمل السياسي، وهي كلمات ظل يكررها مراراً وتكراراً، وأنهم داعمين للعملية السياسية الجارية هذه التأكيدات حتى لا يظن البعض بأن قيادة الجيش غير راغبة في العملية الجارية الآن، وتابع.. ما يفهم من حديث البرهان أنه جعل للساسة والمدنيين الاتفاق في ما بينهم بتوسيع قاعدة المشاركة للجميع، حتى لا تقابل الحكومة الانتقالية القادمة بمعارضة واسعة وزاد حديث البرهان عن تكوين الحكومة الانتقالية بالشكل الحالي هو حديث صحيح خاصة وأن تشكيل الحكومة القادمة سوف تأتي بمرجعية الاتفاق الإطاري المرفوض من غالبية الشعب السوداني، مع تبني فئة قلية مؤيدة للاتفاق الإطاري، لذلك اي حكومة تنتج عن الإطاري لن يكتب لها النجاح وستكون غير قادرة على الاستمرارية، خاصة وأن هنالك كمية من الحركات المسلحة ستكون خارج هذه الحكومة، بالإضافة إلى مجلس نظارات البجا بشقيه غير راضين عن أي عملية سياسية لا تتناول قضية الشرق واعتبر كل هذه مؤشرات إلى عدم نجاح أي حكومة لم تصطحب هذه القوى المؤثرة، وأردف.. خطاب البرهان يعني حمل المحاذير والخوف من تردي الأوضاع السياسية التي تنتج في الأيام القادمة من قبل بعض القوى السياسية وهو فشل محتوم .