الأجهزة الأمنية.. من أين يبدأ الإصلاح؟

 

أمجد فريد: الإصلاح الأمني والعسكري حصر في دمج الدعم السريع

أمين مجذوب: الإصلاح يبدأ بتعريف المصطلح ويختص بالقوانين والتدريب والأيديولوجيا

محجوب عثمان: تم استبعاد الوساطة من الإصلاح الأمني لحساسية الأمر

الخرطوم: محجوب عيسى

ارتفعت الأصوات التي تطالب بضرورة إصلاح المنظومة العسكرية والأمنية ودمج الجيوش المختلفة للحركات المسلحة والدعم السريع وتكوين جيش وطني موحد.

ويتساءل الكثير من أين يبدأ الإصلاح ومن الذي يقوم بالإصلاح، وما هو دور الآلية الثلاثية والمجلس المركزي في الإصلاح.

ووفق متحدثين لـ(اليوم التالي) في أحاديث منفصلة، أن الإصلاح يبدأ بتعريف مصطلح الإصلاح، ويختص بالقوانين والتدريب والتوجيه المعنوي، ويتم عبر مراحل، وحذروا من تدخل المدنيين في عملية الإصلاح وبرروا ذلك بأنه يقود لانهيار المؤسسة العسكرية والبلاد، وقالوا إن الإصلاح من أجل عودة الأجهزة الأمنية والعسكرية لدورها الأساسي، وفي الوقت ذاته كشفوا عن غياب دور الآلية الثلاثية والرباعية، وذلك لحساسية قضية الإصلاح الأمني.

تعريف مصطلح:

ويرى الخبير العسكري وأستاذ العلاقات الدولية د. أمين إسماعيل مجذوب، أن مصطلح الإصلاح الأمني والعسكري به لغط كبير بين المؤسسة العسكرية والأحزاب المدنية وقوى الثورة.

وأوضح مجذوب لـ(اليوم التالي) أن الإصلاح المتعارف عليه كمفهوم عالمي يختص بالقوانين والتدريب وتعديل المهام ويضيف نحن نتحدث عن تغيير من نظام شمولي إلى حكم مدني بالتالي مسألة الإصلاح تحتاج إلى تعريف.

ولا سيما وأن قوى الثورة تتحدث عن الإصلاح بتغيير تركيبة القوات المسلحة وهناك من ينتمون الى أحزاب أو كيانات ايديولوجية معينة أو النظام السابق بالتالي الكشوفات والإحالة للمعاش ليس كالخدمة المدنية، واستشهد مجذوب بتجربة السودان في الإصلاح الأمني 1985 إصلاح أو تطهير جهاز أمن الدولة وتم فقد الجهاز والكوادر أصبحت الدولة مباحة ومستباحة بسبب شعار إزالة السدنة.

وبحسب أمين الآن ندخل نفس المعترك برفع شعار الإصلاح، وقال: لا يمكن رفع كشوفات أسماء بعينها مثلاً وأن هؤلاء خلاية، لأن كل ضابط في القوات المسلحة وطني وفي حال خالف قانون القوات المسلحة يتم محاسبته ولا يمكن أن نفقد قوى مدربة.

وأضاف: في حال تم ذلك يعتبر تغيير الخلايا وتبديل تمكين بتمكين آخر خطأ كبير وقعت فيه اثيوبيا ودفعت ثمن كبير بعد إزالة منقستو تم حل الجيش الإثيوبي، وكذلك في ليبيا وتشاد وأفريقيا الوسطى، وتابع: لا نريد الدخول في تجربة لا نعرف نهايتها وين.

وشدد أمين على ضرورة معرفة الإصلاح ومزاياه ورهن الإصلاح الأمني والعسكري أن يتم عبر مراحل من قبل مختصين عبر تدريب والقوانين والدروس بجانب أيديولوجيا التوجيه المعنوي أن تعتمد على كذا وكذا، وأضاف: هذا هو الإصلاح.

واعتبر مصطلحات السياسيين بها إشكالية كبيرة، وحذر من دخول المدنيين في قضية الإصلاح وأردف: أي دخول للمدنيين يضيع القوات المسلحة  والبلاد.

 

دمج الدعم السريع:

فيما يقول مستشار حمدوك السابق دكتور أمجد فريد، لـ(اليوم التالي) إن الإصلاح الأمني والعسكري تم حصره في دمج الدعم السريع خلال سنتين وأن قيادة الدعم تطالب بـ(٢٠) سنة وهناك تفاوض حول ٦ أو ١٠ سنوات وأضاف: هذا حديث غير مبني على أعداد ضباط الجيش ولا عدد الضباط المسرحين من القوات المسلحة.

وشدد فريد على ضرورة وضوح دور الجيش والمؤسسة العسكرية وقال إن الإصلاح الأمني والعسكري فيه إعادة صياغة للمؤسسات العسكرية وإعادة دورها الحقيقي لحماية الدستور والحدود، فضلاً عن وقف قتل الشعب، لجهة أن العقيدة العسكرية بها مشكلة وهناك أزمة في السلوك والمنهج.

واتفق القيادي بالكتلة الديمقراطية مبارك أردول مع فريد وقال إن الوضع الأمني مختل يحتاج لإصلاحات عاجلة، وأكد أن المصلحة تكمن في تشكيل الجيش الوطني الواحد وتكوين الحكومة المدنية الديمقراطية، وقلل أردول خلال ندوة نظمتها منصة (سلا نيوز) أمس من المشاورات الجارية الآن لإصلاح القطاع الأمني، واعتبر ما يجري لن يقود للأمام على خلفية اللجنة التي شكلت وضمت عدداً من الممثلين من القوى المدنية والعسكرية، وأشار إلى أن الورش المنعقدة لن تفيد توصياتها في تحقيق أي شيء.

عملية معقدة

غير أن الخبير في الشؤون العسكرية، عمر أرباب يقول إن عملية إصلاح الأجهزة الأمنية عملية معقدة ويجب أن تكون بحجم التعقيد ولا سيما وأن الأزمة في جوهرها سياسية، وأن يكون الحل شامل يتناول جوهر الأزمة.

وبحسب أرباب في إفادة لـ(اليوم التالي) هناك تدخل من المؤسسة العسكرية وإقحامها في العمل السياسي سواء كان التدخل بواسطة جهات سياسية تريد استخدامها أو برغبة ذاتية.

وشدد على ضرورة أن تشمل عملية الإصلاح كافة الأطراف المؤثرة في الأجهزة الأمنية، والشرطية والعسكري.

وطالب بضرورة فصل المؤسسة العسكرية عن الصراع السياسي وأن تدرك أنها ليست طرفاً فيه، علاوة على أن يعمل الجميع على كيف يتم إخراج المؤسسة وتعليمها أن مصلحتها في التحول الديمقراطي والدولة المدنية.

وحول دور الآلية الثلاثية قال عمر إن دورها سيكون مسهلاً، أكثر من أنها صاحبة قرار، ويمكن الاستفادة منها في ممارسة الضغط على الأطراف، بعدم عسكرت المشهد السياسي واستخدام المؤسسة العسكرية كأداة في الصراع السياسي.

وعن دور المجلس المركزي قال أرباب: لا يملك رؤية متكاملة لعملية الإصلاح لجهة أن الأحزاب السياسية جزء من الأزمة، والتركيز على كيفية تجريد القوى السياسية الثانية من قوتها العسكرية.

وبحسب أرباب أن الذين يقومون بالإصلاح الأمني والعسكري الذين يؤمنون بضرورة التحول الديمقراطي كموقف استراتيجي وليس تكتيكي.

اتفاق حول الإصلاح:

وبحسب الخبير الاستراتيجي عثمان محجوب، في إفادة لـ(اليوم التالي) وفقاً لتصريحات السيد ياسر عرمان يوجد اتفاق بين قائدي الجيش والدعم السريع حول الإصلاح والكيفية التي يتم بها دمج الدعم السريع في الجيش السوداني.

وأضاف: إذا كان ما ذكره عرمان صحيحاً فغالبا ًتصح الجدولة المعلنة لكيفية إتمام العملية السياسية الجارية الآن.

واستدرك محجوب: لكن وفق ما يتسرب حالياً من مواقف الطرفين لا زال  التوصل لاتفاق واضح بين قادة الجيش السوداني وقادة الدعم السريع على كيفية دمج الدعم السريع بعيداً، الأمر الذي قاد الطرفين لإحالة الأمر لمؤتمر لتحديد الكيفية سيشارك فيه الطرفان ومعهم قانونيون وسياسيون وسيقع على عاتق هؤلاء عبء التوصل لتوافق واضح حول هذا الأمر أي كيفية التنفيذ والمطلوبات لإكمال الإصلاح والدمج.

واختلف محجوب مع عمر حول دور الآلية الثلاثية وقال: تم تجاهل مشاركة الآلية الثلاثية والوساطة الرباعية الدولية لحساسية أمر الأجهزة الأمنية والعسكرية.

لجان إصلاح

وفي وقت سابق كونت القوات المسلحة، ثلاث لجان لورشة الإصلاح الأمني والعسكري والترتيبات الأمنية يشرف على تنسيقها الفريق عباس حسن الداروتي، وهو نائب رئيس هيئة الأركان إدارة، وكان قبلها في موقع المفتش العام للجيش، كما رأس لجنة المفصولين تعسفيا من الجيش في العام 2020.

وناقش اجتماع عقد السبت الماضي بين رئيس مجلس السيادة ونائبه والأطراف الموقعة على الإطاري، بعض الترتيبات الخاصة بورشة الإصلاح الأمني والعسكري المقررة ضمن خمسة ورش تخص العملية السياسية الجارية.

وقال مصدر مطلع لـ(سودان تربيون) إن القوات المسلحة شكلت ثلاث لجان يرأسها ضابط برتبة لواء ويشرف عليها وينسق بينها الفريق الداروتي للورشة المزمعة.

وأكد أن اللجان تعمل منذ أكثر من شهر في ملفات الدمج والترتيبات الأمنية والإصلاح الأمني والعسكري.

ويشارك في اللجان وفقاً المصدر، ممثلون لأجهزة الشرطة وجهاز المخابرات العامة بضابطين برتبة لواء.

وتوافق اجتماع السبت المنصرم والذي ضم الآلية الرباعية والثلاثية وفقاً لبيان باسم العملية السياسية على الانتهاء من عقد مؤتمري العدالة والعدالة الانتقالية والإصلاح الأمني والعسكري قبل بداية شهر رمضان المتوقع في 23 مارس الجاري.

وأوضح المصدر أن القوات المسلحة أعدت جيداً لورشة الإصلاح الأمني والعسكري بتكوين لجان على مستوى عالٍ من المهنية ويرأسها ضابط برتبة فريق ركن.

وأكد في الوقت نفسه أن عملية الدمج والتسريح ستطال قوات الدعم السريع والحركات المسلحة وفق رؤية فنية بحتة.

وأصدرت القوات المسلحة، بياناً منتصف الأسبوع الماضي، أكدت فيه التزامها بالاتفاق الإطاري الذي يوجد المؤسسة العسكرية.