الآن حصحص الحقُ.. واقتحم فوكلرُ القصر.. وحددَ تواريخ تنصيب نظام الحكم الجديد.. فأين البرهان من ذلك؟

 

أيوب صديق

لقد صُدم الناسُ أيما صدمة وهم يطلعون على ما كتبه السيد مبارك الفاضل، رئيسُ حزب الأمة، في صفحته الرسمية بتويتر قبيل أيام إذ قال:” أبلغني أحد السياسيين الذين  شاركوا في اجتماع الإطاري في القصر يوم الأحد 19 مارس المخصص لصياغة الإعلان السياسي وتشكيل الحكومة، إنهم تفاجأوا عند دخول القصر بخواجات  يعترضونهم  ويطلبون منهم إبراز هوياتهم وخطاب الدعوة، وبعد أن تحققوا من هوياتهم أرسلوهم  لمراسم القصر، والأدهى من ذلك وجدوا الخواجية (كرستيان نائبة فولكر) تجلس وحدها في منصة عالية في القاعة تُدير الاجتماع والمجتمعين من أعضاء الإطاري، ونائبِ الرئيس نفسه يرفعون أيديهم للخواجية لتسمح لهم بالكلام بعد أن قرأت عليهم الإعلان السياسي. وقال مبارك الفاضل كذلك: “سبق أن كتبتُ بوست عن جلوس ثلاثة من القادة العسكريين أعضاء السيادي في اجتماع تحت رئاسة الخواجة فولكر بيريتس في فندق روتانا قلتُ فيه على الجنرالات إن هان عليهم شرفُ الجندية أن يحترموا السيادة الوطنية، للأسف فإن أمورنا أصبحت في يد الأجانب وسقطت السيادة الوطنية.” هذا ما كتبه السيد مبارك الفاضل!!

من ذلك الاجتماع المُهين برئاسة (كرستيان) نائبة فوكلر في القصر الرئاسي، خرج المتحدث الرسمي باسم العملية السياسية خالد عمر مُنتشيًا بمترعِ كأس الذل والمهانةِ من يد (كرستيان) إلى وسائل الإعلام، حاملاً الجدول الزمني لإكمال العملية السياسية، حيث حُدد الأولُ من إبريل المقبل موعدًا للتوقيع على الاتفاق النهائي، والسادسُ منه للتوقيع على الدستور الانتقالي، والحادي عشر منه لتشكيل الحكومة الانتقالية. وعن ذلك قال الكاتب لأستاذ الهندي عز الدين: “يبدو واضحًا أن المجلس المركزي يسابق الزمن بأنفاس متقطعة، لتشكيل حكومة (حزبية) برئيسِ وزراءَ ورأسِ دولة من عضويته” ويمضي فيقول:” لكن مجريات الأحداث لا تشير إلى أن قيادة القوات المسلحة يمكنها تمرير مخطط (الكلفتة) و(دفن الليل أب كراعاً بره) لتواجه الطامة بغضب الجيش وإغلاقِ الشرق والغرب والشمال، ودخول البلاد في نفق مظلم جديد، لن يعبره بالتأكيد مرشح المجلس المركزي لرئاسة الوزراء وكل الأسماء المطروحة على شاكلة “حمدوك” بل أسوأ وأضعف وأضل !!”

ذلك ما قاله الأستاذ الهندي في مقاله. ومما بلغه فوكلر من طي المراحل بقحت لإيصال مجلسها المركزي إلى سدة الحكم الحزبي الذي ظل يتوق إليه، وذلك ببلوغه المرحلة التي داست فيها نائبته كرستيان بحذاء الصلفِ أرض حرم القصر الرئاسي، الذي هو رمز رأس الدولة والسلطان في السودان، ليُبرهن فوكلر بذلك على احتقاره لأهل السودان، وعلى أنه حاكمُ السودان العام المُطاع المنتدب من(المجتمع الدولي). وذلك ما حدا بالسيد مالك عقار إلى القول:” إننا نشهد حاليًا عمليةً لا مفرَ منها، هي عودةُ السودان إلى حقبة الاستعمار، إعادةِ استعمار السودان واختراع نظامٍ جماعي للحاكم العام.” ذلك ما قاله السيد مالك عقار. ولعله بالنظام الجماعي للحاكم العام يعني فوكلر والآلية الثلاثية وشلة السفراء. وقال عقار كذلك: “مع هذه الشمولية سيكون نوع الحكومة المدنية القيادية غيرَ مستقر، لا يمكن احتماله سيقاومه بكل أسف طيف أوسع من الأحزاب السياسية والقوى والمنظمات المدنية.”

تُرى إذا قُدر وشُكلت الحكومةُ الحزبيةُ اليسارية المتوقعةُ، فمن الذي سيعتمدها؟ أهو البرهان أم فوكلر؟ ساقني إلى هذا التساؤل أن البرهان تحدث في خطــابه الأخــير في أم سيالة فقال: ” السودان مقبلٌ على مرحلة جديدة ستكون مرضية للجميع، مع ضرورة أن تكون كل القوى موجودة في العملية السياسية، وإلا فإن العملية ستتعثر.” ودعا إلى ضرورة اشراك كل مكونات المجتمع السوداني في العملية السياسية الجارية، التي قال عنها نصا:” نحن في الجيش داعمين المسار البيجري الآن، داعمنو دعم كامل، وما بنتراجع منو، ونحن بنأكد أن هذه العملية السياسية يجب أن تكون شاملة فيها كل الناس ويعبر عن أراهم …” إلى آخر ما قاله في حديثه الذي يدعو فيه إلى توسيع المشاركة. ولكن كل ما قاله الفريق البرهان وأكد عليه في أم سيالة، أمام ذلك الحشد الكبير، ونقل إلى الناس كافة، من المؤسف حقًا أنه قد أفرغته من محتواه (كرستيان) نائبة فوكلر، إذ كان ردها العملي عليه أن العلية السياسية ستكون وقفًا على فئة محدودة يسارية وحزبية، وهي فئة أحزاب المجلس المركزي من قحت، ولن تتسع للجميع كما تتمنى يا أيها الفريق. نعم لقد أفرغت (كرستيان) قول البرهان من محتواه بعد يوم واحد من إدلائه به، ومن فوق المنصة التي نُصبت لها في مقره الرئاسي، أي القصر الجمهوري، رمز سيادة البلاد، ويا لها من إهانة.!!

فبمناسبة هذا الموقف الذي جد الآن بتحديد تواريخ تنصيب فولكر لسلطة قحت الحزبيةِ وإذ جاءت العملية السياسية على غير آخر ما دعا إليه الفريق البرهان باسم الجيش في أم سيالة (أها) فهل يا تُرى سيمضون في دعمها في الجيش مُجبرين ــ حسب قول الدكتور كمال عمرــ وهو: ( نحن بنعرف كيف نجبر العسكريين) أم سيرفضونها حتى تتسع للجميع ( ما عدا المؤتمر الوطني)؟ الآن حصحص الحقُ وبان الأمرُ أمام البرهان أبلج ناصعا، إذ سينتظر الجميع منه تحديدَ موقفهم في الجيش، فإما رفض هذه العملية بشكلها الحالي، وإما أن يُقرها ويمضي فيها ويتحمل بعد ذلك إغلاق البلاد من جهاتها الأربع، كما كان وعيدُ السواد الأعظم من أهل السودان، الذين يرفضون ما بات يُمليه عليهم فوكلر وآليته الثلاثية وشلة السفراء.


لمتابعة أخبارنا انضم إلى مجموعتنا في الواتساب
انضم الينا في الواتساب