فيما أرى
1
الشعارات التي رفعت ستائر
خلفها الجاسوس يلبس ثوب ثائر
خلفها العملاء أبطال النواضر…
خلفها السودان يحكمه (…….)
فاروق البرير
2
الثورات تندلع لأجل طرد المستعمرين ويدفع الثوار أرواحهم لينالوا استقلال أوطانهم إلا ثورتنا و…. وياخيبتنا….أعادت المستعمر لبلدنا ….
كيف الكلام ده ؟
والله جد
بدأت جهود استعادة الإستعمار منذ اليوم الأول لتعيين رئيس الوزراء حمدوك فبدأ أول انجازاته الخايبة باستدعاء بعثة يونيتامس إذ طبخ بليل مع السفير البريطاني عرفان صديق طلبا مباشرا وسريا وسريعا للأمم المتحدة لاستعادة الانتداب البريطاني تحت راية الأمم المتحدة. سرعان ما جاءت البعثة واستلمت مفاتيح البلد، كانت للعلاقة المشبوهة بين السفير ورئيس وزرائنا جسرا لجحافل الانتداب الجديد فانطلقت مسيرة استعادة الإستعمار بشرعنة الوجود الأممي في البلاد، تمتع قادة الثورة على عكس ثورات الدنيا كلها بروح إنهزامية وقابلية للإستعمار. تدي ربك العجب !!
يرى المفكر الجزائري مالك بن نبي أن القابلية للخضوع للمستعمِر “هي العامل الأساسي لقبول الإستعمار وتمكّنه واستمراره. في هذه القابلية تكمن مشكلةُ الإنسان المستعمَر، بوصفها توفر أرضيةً مجتمعية واستعدادا للإستعمار، استعدادُ مَنْ أدمن التقليدَ والانقيادَ والخضوع.
بدأت أولى خطة انهزام الثورة من تلك القيادة التي استدعت الأجنبي ليؤسس لها مستقبل شعبها ويرسم طريق ديمقراطيتها ويقيم لها حقوق انسانها ويصلح لها جيشها ويتوسط بين أبناء شعبها ويفعل لها كل شيء.
انتهى الفصل الأول من تلك المهزلة بأن رفع الحاكم الجديد فولكر علمه على سارية قصره وسط الخرطوم إيذانا ببداية مرحلة جديدة من الإستعمار…. اليوم نرفع راية إستعمارنا من جديد!! .
3
ماذا فعل حاكمنا الجديد؟
ظن بأن التيار العلماني الليبرالي الذي صعد على أكتاف شعارات الثورة لسدة الحكم هو التيار الغالب وهو التيار الذي يحمل بذرة المستقبل ولما لا؟ فهو الحليف الأليف للغرب الذي استثمر فيه لعقود انتظارا لهذه اللحظة التاريخية، ذلك التيار الذي آمن بكل قيمة غربية من السوق الحر لسيداو. الغريب أن دراويش الطائفية منقادين للمقصلة بدفع هذا التيار.. ماعلينا .
أصبحت البعثة الأممية ناطقا رسميا لأحزاب 3 طويلة وتمثل ذلك التيار تمثيلا كاملا لدرجة المفاوضة نيابة عنه وتبني كل أطروحاته في مقابل كل الكتل السياسية والتيارات في البلد ولما لا ؟ فهو على شاكلتها وهي تمثل كل القيم التي يؤمن بها وجاء خصيصا لإنقاذها وها هو الآن يسعى لإعادته للحكم مرة أخرى.
أسس السيد فولكر كل رؤيته على تلك الفرضيات والظنون بجهل كامل بكل شيء عن شعب السودان وبدأت العواسة في السياسة…. تضهب السيد فولكر في دروب وعرة .. كان يعتقد أن مهمته سهلة فإذا به في أتون صراعات سياسية لا يدري كنهها ولا يعرف شخوصها ولا القيم التي تحرسها وكان طبيعيا وبسبب جهله بعلم الإجتماع السياسي السوداني أن تفشل كل مبادراته ومشاريعه وأصبحت إفاداته وتقاريره لمجلس الأمن مقولات مكرورة تخلو من أي إنجاز على الأرض وعلى كل مستويات المهام التي أوكلت للبعثة. فلا شيء من السلام تحقق ولا شيء من الإصلاح الأمني والعسكري وشهدت فترته أسوأ انتهاكاً لحقوق الإنسان ومات الناس في السجون والبعثة تلوذ بالصمت، جرى انقلاب في البلد أمام نظر البعثة، تفاقمت الصراعات القبلية، تدهور الأمن وتدهور الإقتصاد لم تنجح البعثة في تقديم أي انجاز يؤهلها لتبقى، ويستعد السيد فولكر لمغادرة البلد قريبا دون تحقيق أي إنجاز سوى أن يحلم بأن يوقع على الاتفاق الاطاري يختم بإنجاز وحيد يقدم به نفسه من جديد للأمم المتحدة إذا كان ذلك الاتفاق المحفوف بالمخاطر يعد انجازا.
4
بعد الفشل الأممي وعجز بعثة فولكر عن إحداث أي اختراق في الساحة السودانية جاءت المرحلة الثانية من الإستعمار وهي مرحلة سيطرة القناصل، فجأة ظهر في سماء السياسة السودانية ما يسمى بـ الرباعية وهي دول سعت للتحكم في إيقاع الساحة السياسية في السودان واختراق أغلب الكيانات المجتمعية والحزبية واستطاعت فرض نفوذها على الأحزاب والجيش وتبنى سفراؤها كل أطروحات ومقولات 3 طويلة وأصبحت الحاضنة السياسية الأولى والمعتمدة لها.
امتدت حركة القناصل ونفوذهم لتشمل كل شيء، من الإقتصاد للسياسة للعلاقات القبلية للتأثير في علاقات السودان الدولية ومصالحه، وأصبحت لهم مقار أجهزة أمن منتشرة بطول البلاد وعرضها وتحالفات مع المليشيات وكل ذلك على المكشوف دون مراعاة للأعراف الدبلوماسية بين الدول. الغريب أن نفس الأصوات التي كانت تعيب على النظام السابق ارتهانه لمحاور محددة قبلت الآن بسيادة القناصل وتدخلهم في تفاصيل السياسة الداخلية السودانية وصمتوا عن الانتهاكات الفاضحة للسيادة والتي تتم أمام عيونهم وبرضاهم إن لم يكن بعون منهم.لقد بدا اكثر المخذولين فى الثورة هم الثوار الحقيقين الذين حلموا بوطن مالك زمام امرو اذ به يتحول لوطن مرهون للقناصل وتبعا لذلك تحولت هتافاتهم من (حرية سلام وعدالة)… ل (ضد العملاء .. وحكومة السفراء..!.
5
مع سيادة نفوذ القناصل ذوى الاجندات الذين مادخلو بلد الا افسدوه وكذلك فعلوا بالعراق وافغانستان،انتهى مفهوم السيادة والكرامة الوطنية وأصبحت كل طفابيع الدنيا تتدخل في شئون السودان التي لا تخصها ابتداءا من ذلك العميل كميرون هدسون إلى مولى فى مساعدة وزير الخارجية للشئون الأفريقية، تصوروا أن هذه الناشطة الصغيرة ومساعدة وزير الخارجية بإمكانها أن ترفع السماعة وتطلب من الرئيس البرهان أن يفعل ما تريد!.
6
قال
(أبدا ما هنت يا سوداننا يوما علينا
بالذي أصبح شمسا في يدينا
وغناءاً عاطراً تعدو به الريح
فتختال الهوينى
من كل قلب يا بلادي)
رحم الله الفيتوري إذ أخذه قبل أن يرى هوان السودان علينا في ظل حكم القناصل والقياصر
وياحليل زمن كان السودان غناءا عاطرا تعدو به الريح إذ كادت الرياح الهوج الآن أن تزعزع أوتاده وتعصف به.