ظهور القيادات الإسلامية…هل يهدد الانتقال؟

أحمد موسى: لا يجوز للوطني ممارسة العمل السياسي لمخالفته الوثيقة
أبوبكر عبدالرازق: حظر الوطني حبر على ورق
أحمد عابدين: لا يستقيم العزل أو الإقصاء بقرار سياسي
تقرير : الخواص عبدالفضيل
بطريقة مفاجئة! بدأت قيادات حزب المؤتمر الوطني “المحلول” العودة إلى المشهد السياسي متصدرة واجهة الأحداث طيلة الأيام الماضية من خلال تنظيم عدد من برامج إفطارات رمضانية في جميع ولايات السودان، وتقدمت الإفطارات قيادات إسلامية بارزة فظهر إيلا في الشرق، كما ظهر و لأول مرة الفريق هاشم الحسين؛ مدير عام قوات الشرطة ووالي ولاية الخرطوم الأسبق، بالإضافة إلى الظهور المتكرر للقيادي البارز والمصادم أنس عمر، في إفطار محلية بحري. فالحزب الذي تنتمي إليه تلك القيادات تم حله بقرار أمر الوثيقة الدستورية، إلا أن العديد من قيادات الوطني أكدوا على أن العودة مدروسة، وتأتي عقب مراجعات كبيرة أجراها الإسلاميون على تجربة حكمهم التي امتدت لثلاثين عاماً، يبدو أن الأمر أصبح واقعاً في المشهد السياسي السوداني؛ ظهور القيادات الإسلامية، حيث كان الظهور الذي يحمل الوعود أكثر انتشاراً ألا وهو كلمة أيلا في شرق السودان الذي نظمه التيار الإسلامي العريض ببورتسودان.
التيار الإسلامي
قال محمد طاهر أيلا، آخر رئيس للوزراء في النظام البائد، إن شرق السودان، الذي قفل السودان كله بالأمس، قادرٌ اليوم على أن يُقدِّم الشهيد تلو الشهيد، ولا يخشى إلا الله.ونوه إلى أن الشرق قادرٌ على أن يأخذ بيده، ما تعملون على أخذه بلسانكم.
وقال إيلا – لدى مخاطبته إفطار التيار الإسلامي العريض، في بورتسودان – نحن أقدر من الأمس على حمل السلاح وأن نأخذ حقنا بأيدينا ولا نخشى لا اليسار ولا أذيال اليسار، على حد وصفه، وأضاف إن كانت المعركة بيننا واليسار، فمرحباً بالمعركة بيننا وبينه، وغداً سوف يشهد السودان، مراحل جديدة، لا مكان فيها للإطاري ولا غيره، على حد قوله.

مخالفة دستورية
الخبير القانوني أحمد موسى قال لـ(اليوم التالي)عن قانونية ظهور قادة المؤتمر الوطني في الساحة السياسية، بعد حظر الحزب لا يمكن حرمان حزب من ممارسة العمل السياسي بأي حال من الأحوال القبول أو الإتيان للحزب المعني يأتي من الشعب الذي يحدد خياراته، وتابع.. حرمان أي حزب من ممارسة السياسة يعني حرمان قطاع من الشعب؛ مناصرة قوى سياسية، مما يعني أن قرار المنع يصبح غير دستوري وفيه خلل، وزاد.. كانت هناك سابقة في السودان بحل الحزب الشيوعي السوداني، وصدر قرار دستوري ببطلان الاجراء، بالرغم من أن القرار كان صادراً من حكومة منتخبة وليست انتقالية.
وبحسب موسى؛ لا يجوز لحزب المؤتمر الوطني ممارسة العمل السياسي وذلك لمخالفته الوثيقة الدستورية التي بموجبها منع من مزاولة نشاطه.
ويلفت إلى أن أعضاء الحزب المحظور دخلوا في مخالفات قانونية تستوجب المساءلة القانونية.
وقال: على الحزب المحظور انتظار إلغاء هذا القرار بواسطة المحكمة الدستورية حال قياما، والتي ربما يكون لها قرار إيجابي.
ويرى موسى أن حرمان حزب المؤتمر الوطني من ممارسة العمل السياسي يخلق منصة معارضة كبيرة تعيق العمل السياسي والفترة الانتقالية، وأضاف هناك نماذج كثيرة في بعض الدول، تم حرمان قوى سياسية فاعلة من العمل السياسي أرهقت الانتقال في تلك الدول، وتابع.. حرمان المؤتمر الوطني سوف يرهق الفترة الانتقالية وتصبح الحكومة القادمة ومؤسسات الفترة الانتقالية في مواجهة معارضة كبيرة؛ خاصة وأن حزب المؤتمر الوطني حتى الآن متمدد في أجهزة الدولة المختلفة ومتمدد في المجتمع السوداني، وله جماهير لديها القدرة على ادارة الدولة والمعارضة في نفس الوقت، وزاد: وجود المؤتمر الوطني في هذه المرحلة قد يكون معيقاً؛ لكن على قيادات المؤتمر الوطني إجراء مراجعات سياسية وقانونية واجتماعية، وأن تقدم من أفسد وأضر في العمل العام في الفترة السابقة، لمحاكمة سياسية أو إدارية أو قانونية وأن يعتذر الحزب عن بعض الأخطاء خاصة وأن له أشياء إيجابية وسلبية، ويجب مراجعة كل الأخطاء السلبية في الفترة السابقة التي ارتكبها الحزب خلال (30) عاماً الماضية، المراجعات تكون داخلية تخص الحزب، ولكن لابد أن يعلم كل الشعب السوداني بتلك المراجعات وحجمها وتأثيرها على العمل السياسي داخل الحزب وخارجه.

حبر على ورق
وصف القيادي البارز بالمؤتمر الشعبي والقانوني أبوبكر عبدالرازق، الفترة الانتقالية بأنها فترة استهبال سياسي.
وقال لـ(اليوم التالي) إن حظر المؤتمر الوطني بموجب الوثيقة الدستورية التي حكمت الفترة الانتقالية حبر على ورق.
و أشار عبد الرازق إلى أن القرار لم يمنع من الظهور ومخاطبة الجماهير وحتى المنع المقنن بموجب الوثيقة الدستورية يختص بالمؤتمر الوطني كشخصية اعتبارية ولا يتعداه للأفراد الطبيعيين.
وتابع.. افتراضاً إذا ظهر أي عضو بالمؤتمر الوطني باسمه الشخصي أو بأي نافذة أو واجهة أخرى يعد الظهور مشروعاً، وزاد.. المؤتمر الوطني الآن – رضي الناس أم رفضوا – هو الذي يقود المرحلة من خلف الستر ومن وراء الكواليس ويتحكم بها.
وبحسب عبدالرازق، من جهة قانونية يصعب تحريك إجراءات في مواجهة أفراد طبيعيين لا يتحدثون من منصة تابعة للمؤتمر الوطني.
وشدد على ضرورة تجاوز الانسداد السياسي وفهم الأمور على طبيعتها، وزاد على الجميع تجاوز عمل الغفلة والاستهبال ويتم التحاور بشفافية كاملة لمواجهة الوقائع كما هي، وأردف.. وجود محكمة دستورية يسقط هذا الحظر خاصة، و كثير من القضايا العالقة اذا عملت بمهنية.
إقصاء ومشاركة.
ويقول الباحث والمحلل السياسي أحمد عابدين في حديثه لـ(اليوم التالي) ظهور قيادات حزب المؤتمر الوطني خلال الأيام الماضية لسببين: أولهما القواعد تتساءل بعد مرور زمن طويل من الفترة الانتقالية التي من المفترض أن تكون سنتين، بالتالي عملية العزل السياسي كانت مرهونة بانتهاء الفترة الانتقالية، وتابع.. إذا كانت الفترة الانتقالية تمتد إلى أمد غير معلوم يصبح الإقصاء بالمشاركة في الواقع السياسي وليس في العملية السياسية، وإذا أصبح في الواقع السياسي يكون الأمر محل تساؤل لدى قواعد الحزب قياداته، والأمر الثاني حجم التحديات صار كبيراً والتحدي الأساسي أمام السودانيين “يكون أو لا يكون” واستقرار الفترة الانتقالية رهين بعدم تفلت كل الأطراف.
واعتقد عابدين أن الوطني يريد الإحاطة بعضويته حتى لا يحدث لها عملية استقطاب من الأطراف، ويرى أن أطراف الوثيقة الدستورية تعمل من أجل التخلص منها وعمل دستور آخر، وتوقع أن يحظر المؤتمر الوطني مرة أخرى، لكن لا يمكن أن يستقيم عزل أو إقصاء بقرار سياسي، وتابع.. في السابق صدر حكم ضد الحزب الشيوعي من المحكمة وإبعاده من البرلمان، لكن ظل الحزب الشيوعي موجوداً وكثير من الأحزاب تم حلها عند مجيء الإنقاذ لكن ظلت موجودة.
وزاد.. تم تجاوز الأمر لأنه قرار لحظي يعبر عن غضب بعض الجهات ومحاولة لاستبعاد مكون سياسي من جميع المكونات، لكن فعلياً مثل هذه القرارات لا تحقق غاياتها، وأردف قائلاً: المؤتمر الوطني صرح أعضاؤه أكثر من مرة بأنهم لا يريدون المشاركة في المرحلة الانتقالية، ووجود المؤتمر الوطني مع قواعده أفضل من أن يكون موجوداً في داخل المشهد السياسي، ورأى عابدين أن المؤتمر الوطني لا يمثل خطراً على الفترة الانتقالية؛ لأنه بعيد من المشاركة السياسية والأفضل أن تكون الأحزاب في السطح، وليست تحت الأرض، معتقداً بأنه من الأفضل أن تتمسك قيادات المؤتمر الوطني بالكوادر الحزبية لها، حتى لا يحدث انفلات أو أمر خطير يهدد الفترة الانتقالية، لكن المهدد بأن لا تدار الفترة الانتقالية بروح انتقامية تخلق ردات فعل تؤثر على استقرار السودان.


لمتابعة أخبارنا انضم إلى مجموعتنا في الواتساب
انضم الينا في الواتساب