مواطنون: إغلاق طريق مصفاة الجيلي للبترول أحد الخيارات
ود رملي: أبوبكر محمود
أربع سنوات بالتمام والكمال وصلت لها الفترة التي شهدت أعتى موجة فيضان ضربت منطقة عزيزة واستراتيجية وداعمة لولاية الخرطوم وهي منطقة ود رملي شمالي محلية بحري في العام 2019م، في ظرف بضع ساعات تحول قرابة التسعين بالمائة من سكان المنطقة الزراعية إلى مغتربين بالداخل منهم من تمت استضافته بإحدى المدن القريبة من المنطقة المنكوبة والتي طال أمدها، ويختص العم فضل السيد العوض وصف حال أهل مسقط رأسه بعد الكارثة بأنهم صاروا شتاتاً، قائلاً لـ(اليوم التالي): أهلنا انتشروا وشردهم الفيضان حتى شندي.
مدخل القرية
أقيمت الخيام أو المخيم في مدخل القرية حول مبنى الشركة الإيرانية للخدمات الزراعية والذي تم تشييده بمعونة إيرانية قبل 25 عاماً لتقديم الخدمات الزراعية من آليات وتركتورات وحاصدات زراعية إلا أن ذات المبنى الذي ظل الإعلام العالمي يقول عنه إنه مركز لتدريب الإرهابيين استفادوا منه في تخزين مواد الإغاثة التي تبرعت بها جميع الجهات، كما استخدم المبنى في تأسيس عيادة وصيدلية.
حال صعب
(اليوم التالي)، وبعد 4 سنوات من الكارثة وقفت على الأوضاع داخل المنطقة التي هجرها أكثر من 18ا ألف مواطن وأن أشجار سميت بالطرف نمت بكثافة واختفت معالم البيوت القديمة الا أن عدداً قليلاً من السكان ظلوا داخل منازلهم لحين أن يأتي الفرج القريب.
وفي مدخل المنطقة فإن الخيام التي يقطن بها عدد مهول من الأسر لفترة تجاوزت الأربعة أعوام ظهرت عليها علامات الشيخوخة والبلى، ويشير العم صلاح الإمام المشرف على (5) أسر بالمخيم إلى حجم المعاناة والعذاب كاشفاً عن تعرض عدد من المتضررين للعمى الليلي جراء ارتفاع درجات الحرارة لافتاً النظر إلى أن الحمامات ودورات المياه داخل المخيم بنظام الصف فضلاً عن انتشار الحشرات بالمخيم ويناشد الإمام والي الخرطوم أحمد عثمان حمزة بضرورة تسليم المواطنين مخططهم السكني الواقع شرق خط السكة حديد..
أهمية اقتصاديَة
يميط أعيان منطقة ود رملي التاريخية وطبقاً لحديث القيادي بالمنطقة وعضو اللجنة أحمد سرور رملي اللثام عن القيمة الاقتصادية للمنطقة التي ظلت ترفد أسواق ولاية الخرطوم بالخضر والفاكهة ورغماً عن هجر السكان
للمنطقة إلا أن الزراعة تظل تجري في العروق مشيراً إلى أن نحو 60 شاحنة نصف نقل محملة بمحصول البطاطس يومياً تتجه للعاصمة الخرطوم بجانب المحاصيل والفواكه الأخرى، لكن رملي يشير إلى قضيتهم ومربط الفرس هو تسليم الخطة السكنية لسكان ود رملي الواقعة شرق خط السكة الحديد.
فلم هندي
بحسرة َونبرة حزن شديدة يتأسف أحمد رملي على أوضاع أهله والظروف الصعبة التي أحاطت بهم عقب الفيضانات.
واصفاً الأوضاع الحالية التي يعيشها أهله بأنها بالغة التعقيد كاشفاً عن خطتهم السكنية المعتمدة منذ عام ألفين وثلاثة وأبدى سرور استغرابه من مما أسماه بإيقاف معتمد سابق بمحلية بحري تسليم المخطط الذي يحتوي على أكثر من أربعة آلاف قطعة، وأن أكثر من ألف مواطن بحوزتهم شهادات بحث مشيراً إلى أنهم طعنوا في قرار المعتمد وأن القضاء أنصفهم وكذلك تقدموا بشكوى ضد إحدى المؤسسات بشأن تقليص مساحة المخطط منوهاً إلى أن الأمر وصل للمجلس السيادي وأن ولاية الخرطوم ما زالت تجهل قرار المحكمة.
للصبر حدود
يشير منسق الإعلام بلجنة ود رملي الكاظم جعفر إلى أن عدم تنفيذ القرار القضائي صار لغزاً محيراً، وقال كاظم لـ(اليوم التالي) إنهم ليسو من حملة السلاح ودعاة عنف، لكنه ترك جميع خيارات التصعيد مفتوحة بما فيها اللجوء لإغلاق طريق مصفاة الجيلي للبترول مناشداً والي الخرطوم الاستجابة وحل الأزمة على جناح السرعة.
تهديد بمقاضاة الوالي
لم تستبعد لجنة ود رملي الجوء الصعب للخيارات من بينها مقاضاة والي الخرطوم ومدير تنفيذي بحري لكنهم أيضاً عولوا عليهم في اتخاذ قرار منصف ينزع فتيل التوتر.
قرية كبيرة
ود رملي قرية كبيرة تقع شمال الخرطوم بحري على الضفة الشرقية لنهر النيل وقد لعبت عبر الحقب دوراً بارزاً ومشاركة واسعة في الشأن السوداني، فقد أسسها الشيخ أحمد الطيب السماني قبل السلطنة الزرقاء قبل 570 عاماً وتعود التسمية لرملي ود سرور الذي فتح الطريق لعبور المارة فقد كانت المنطقة كلها غابات وأحراش في ذاك الحين.
وكانت في السابق بعيدة عن مجرى النيل ولكن بفعل الهدام ضم النيل الوديان التي كانت تفصلها منه وانتقل النيل شرقاً وأصبحت المسافة التي تفصل البيوت عن النيل تصل الى حوالي 300 – 400 متر فقط، وكانت السيول الكثيفة تأتي من الجهة الشرقية ومن داخل أرض البطانة ولكنها المرة الأولى التي يفيض فيها النيل بهذه الصورة وفقا ًللمهندس محمد أحمد نور من أهالي المنطقة الذي استطرد قائلاً: تربطنا بالنيل علاقة حميمة تزيد سخونتها في فصل الخريف، ولكن أهالي ود رملي استطاعوا أن يتعاملوا معه لـ73 عاماً وأضاف أن معركتنا مع النيل بدأت منذ العام 1946م عام الفيضان الأول، حيث ظللنا نتعاون في صده، أما هذه المرة فقد كانت المياه كثيفة على غير المألوف، وقال إن المياه غمرت السد الترابي (الترس) وبلغ ارتفاعها المترين وأغرق البلدة.
منطقة عامرة
الباشمهندس محمد نور قال بحسب سونا إن ود رملي الغارقة كانت عامرة بأهلها وهي ليست ككل القرى، فهي لها تميزها وتفردها في كثير من مناحي الحياة ويشهد لها الآخرون قبل أهلها وهم قوم كرام وقبائل مختلفة من الجميعاب والجموعية والمحس والجعليين، كما استضافت عددا ًآخر من قبائل السودان المختلفة تزاوجوا واختلطوا ولم يغادروها وظلوا متمسكين بالبقاء بها، وقال إن ود رملي كانت قبلة لكل القرى شرق وغرب النيل حيث تأسست بها أول مدرسة أولية في العام 1957، درس بها أبناء القرى والمناطق من حولها من منطقة الجيلي شمال الخرطوم وحتى قرى في شمال ود رملي، لذا نجد أبناءها من المتعلمين وحملة الشهادات العليا في كافة التخصصات كما أنشىء بها أول مركز صحى في نفس الفترة وأصبح من بعد ذلك أول مستشفى ريفي.
تاريخ ود رملييقول إن الإمام المهدي درس فيها على يد الشيخ محمد شريف ود التاي كما قامت بها أول جمعية تعاونية زراعية في عام 1948م (جمعية ود رملى الزراعية) ويزرع فيها العلف والخضروات والموز والبطاطس وهي من المحاصيل التي زرعت بالمشروع لأول مرة بالسودان.
أسس ود رملي الناظر سرور محمد رملي وهو ناظر خط السافل الذي يبدأ من منطقة شمبات والى حدود نهر النيل ومعروف أن ود رملي تضم نظارة المنطقة منذ القدم وكان الناظر سرور وهو من خريجي كلية غردون التذكارية كان حكيماً، بل كان من أبرز من عرفوا في السودان، حيث أسهم في حلحلة نزاعات القبائل في مناطق التماس مع جنوب السودان وظلت بصماته واضحة في كافة الاتفاقات المبرمة والسارية المفعول حتى يومنا هذا في مناطق دارفور وكردفان خاصة مناطق أبيي وحفرة النحاس بين العرب وبعضهم البعض والعرب والفور وقبائل الجنوب وكثير غيرها.
كما أنه كان من نشطاء دعم التعليم الأهلي في السودان قبل الاستقلال وبعده بذل الجهد والمال وأنشأ العديد من المدارس الأولية والوسطى والثانوية بالعون الذاتي في الثمانينات كما نال الكثير من الأوسمة والأنواط وكان أبرزها من الملكة أليزابيث ملكة بريطانيا والرئيس برجنيف – في عهد الاتحاد السوفيتي.
خطة إسكانية
ووفقا ًللباشمهندس محمد نور بحسب سونا فإن هنالك إطة اسكانية معدة منذ العام 1998 شرق طريق التحدي لم تنفذ لأسباب كثيرة منها الروابط الأسرية العميقة والارتباط القوىيبالمنطقة، ولكن ما حدث رغم فداحته الا أنه يعد فتحاً جديدا للمنطقة لأنه سيتم تخطيط المنطقة وفق رؤية هندسية علمية مضيفاً أنه سيتكون مجتمع جديد في منطقة تقبل هذا الاختلاط والتزاوج مجتمع جديد بروح جديدة وكيان آخر في منطقة آمنة محمية لا تتعرض لتهديد النيل بجانب جو فيه متنفس ومساحات كافية للمساكن تتراوح ما بين الـ400 -600 متر مربع لكل المستحقين، مضيفاً أن أهل ود رملي لا يرضون حياة المخيمات لذا دعا الحكومة بالإسراع في تنفيذ هذا الحل وهو الأمثل بدءاً بالتخطيط وتسليم القطع السكنية لمستحقيها إضافة لتوفير الخدمات الأساسية المياه والكهرباء وتشييد المدارس والمؤسسات الصحية.
الانتقال إلى المخطط الجديد لقرية ود رملي شرق طريق التحدي (الطريق الرابط بين الخرطوم وبورتسودان مروراً بعطبرة)، قد يكون هو الحل الأمثل.