الخرطوم – أبو الكنزة
أصبح مشاهدة الشباب يضعون الأسلحة البيضاء تحت القميص أو التي شيرت امراً طبيعياً، ليس لأن السكين واحدة من ضمن التراث أو استعادة موضة من حقبة زمنية سحيقة، وإنما يعد استخدام هذه الأسلحة بما فيها “الساطور” للحماية وفي كثير من المرات للتعدي وارتكاب الجرائم في وقت انفرط فيه عقد الأمن بشكل خطير، مما يستدعي التأهب الدائم لصد هجوم محتمل تحت أي لحظة من قبل مجموعات تبحث عن غنائم عند المواطن الأعزل..
باتت (السكين) الأكثر استخداماً بين عائلة الأسلحة البيضاء، فهي حارس الشباب الشخصي، يحملها داخل حقيبته أو يضعها بفخر تحت طيات الملابس، وهذا يعني بحسب لغتهم “ركبه سرج”..
وليس عهداً بعيداً، وإنما قبل فترة قريبة، عندما يحمل الشاب سكيناً أو خنجراً داخل المدينة، يتم تصنيفه ضمن المتخلفين الرجعيين ويجد تصرفه استنكاراً وسط أصدقائه وزملائه باعتباره سلوكاً عدائياَ وأسلوباً بربرياً غير متمدن وعادة من الريف، ولكن اليوم رغم تطور أدوات الحياة ومناهجها عاد الشباب يحملون السكاكين والخناجر، التي رفضوا التعامل معها سابقاً للحفاظ على أنفسهم ومقتنياتهم من الهجمات المباغتة للصوص الأحياء وقطاع الطرق في المناطق السكنية وبين الفسحات والميادين الهادئة والمظلمة..
ويرى الشاب (حسن) الذي يعمل في محلات والده في سوق أم درمان، أن حمل السكين بات أمراً مهماً بالنسبة له شخصياً بعد أن وقعتُ ضحية مجموعة قطاع طرق هاجموني داخل ميدان خالٍ في وقت متأخر فقدت على أثر ذلك مبلغا مالياً وموبايل غالياً، وتم تهديدي بالساطور ولكن نجحت في الهروب منهم ولكن الموقف لا زال عالقاً في ذهني ومن تلك اللحظة السكين لم تفارقني أحملها بين الملابس وفي بعض الأحيان في الحقيبة الشخصية..
وهناك من تعرض لموقف مشابه ولكن بسيناريو مختلف، عندما تقع ضحية عصابة مدججة بالسكاكين والسواطير حيث تجردك من المال ولم تترك في جيبك شيئاً،
وكشف محمد وهو (طالب) عن موقف طريف عندما قال : بينما كنت أسير في الشارع بمنطقة البركة الحاج ظهرت من على البعد مجموعة تحمل سواطير وطلبوا مني التوقف كنت أحمل قروشاً وموبايلين، أظهرت لهم الأمان وعندما اطمأنوا أطلقت ساقي للريح وعندما ضايقوني دخلت أقرب بيت هناك، اعتقدوا انه منزلي٠ انسحبوا بسرعة، ولكني دخلت في حرج مع أصحاب البيت فاضطررت أن احكي لهم الموقف بتفاصيله، فضحك جميع أفراد الأسرة، قبل أن يعطوني سكيناً هدية لتأمين نفسي حتى أصل البيت..
ويقول (ابوطويله) حمل السكين وسط الشباب يعرف ب( راكبا سرج)، وهي لغة خاصة بين مستخدمي السلاح الأبيض الذي كان في السابق يعد حمله داخل المدينة تخلفاً ورجعيةً، ولكن في بعض المناطق يعد حمل سكين الضراع (تراث) يكمل الزي الشعبي، وحالة السيولة الأمنية أصبح حمل السكين ضرورياًَ عند الشباب، بعد أن تعرض عدد منهم للسلب والنهب وسط الخرطوم..
كانت سكين “ابو جفير” الضراع مسالمة تظهر في مناسبات التراث، لكنها أصبحت اليوم سلاح الشباب الذي مزق به سمعة التراث السوداني واستقرت في الأيادي سلاحاً فتاكاً، ومتهم أساسي في ارتكاب الجرائم..
