غبار السبت الكثيف ، هل يعصف بمجهودات الآلية الرباعية؟

الأمة القومي : لا علاقة للمجلس المركزي باجتماع السبت
المركزي : لم نذهب للاجتماع، لأنه لاجديد في الأجندة
اللواء أمين مجذوب : الآلية فرصة ذهبية وهي الأقرب لحل الأزمة
كمال بولاد :جهات تشوش موقف المركزي من المؤسسة العسكرية
عبد القادر صالح : تصريحات الحرية والتغيير لا تشبه ثورة ديسمبر

أثار اجتماع، لم يتم، بين الآلية الرباعية ( الولايات المتحدة وبريطانيا والسعودية والإمارات وممثلين من المجلس المركزي أمس الأول غباراً كثيفاً تزامن مع حالة الطقس وتساؤلات في الوسط السياسي، وأكد مصدر بالمركزي ل ( اليوم التالي) أن الممثلين لم يذهبوا إلى مقر السفير السعودي، لأنه (لا جديد) في الأجندة بشأن إنهاء الانقلاب والترتيب لحكومة مدنية، وشدد المصدر على أن المركزي لم ينسحب كما ورد في الأخبار؛ بل لم يستجب أصلاً، ومضى أن التفاوض مع الآلية الرباعية به ملفات (غاية في السرية) على حد تعبيره، والفصل فيها يعود ل (لجنة الاتصال السباسي) بالمركزي وعلى رأسها الدقير وعرمان وطه عثمان، أثناء ذلك اتهم عضو المكتب التنفيذي لقوى الحرية والتغيير كمال بولا؛ جهات بتشويش موقف المركزي من المؤسسة العسكرية، فيما وصف محللون تصريحاته بالبعيدة عن أجواء الثورة السودانية، وأكد متحدث المركزي ل (اليوم التالي) استعدادهم لحضور الاجتماعات حال استشعار الجدية الرباعية في إنهاء الانقلاب وتأسيس حكومة مدنية.
الخرطوم – إبراهيم عبد الرازق
انسحاب التحالف
قالت مصادر متطابقة في ائتلاف الحرية والتغيير: إن الاجتماع غير الرسمي الذي دعت إليه الآلية الرباعية أطراف عملية السلام والمكون العسكري وممثلي التحالف أمس الأول (السبت) لم يكتمل؛ بسبب خلافات حول من يحق له المشاركة.
وعزت المصادر فشل الاجتماع لانسحاب ممثلي الحرية والتغيير بعد وقت وجيز؛ لإصرار رئيس حركة تحرير السودان مني أركو مناوي على مشاركة ممثلين لقوى التوافق الوطني دون أن تشملهم الدعوة.
وقالت إن السفير الأمريكي جون غوديفري الذي وصل مقر الاجتماع بمنزل السفير السعودي وصف تصرف مناوي بأنه “غير مسؤول” فيما غادر ممثلو الحرية والتغيير قبل وصول قادة اللجنة العسكرية في مجلس السيادة.
وكانت الآلية الرباعية المكونة من الولايات المتحدة وبريطانيا والسعودية والإمارات دعت أطراف الأزمة السودانية لاجتماع السبت، وقررت أن تشمل الدعوة الحركات الموقعة على اتفاق جوبا، والمكون العسكري، بجانب ائتلاف الحرية والتغيير لنقاش أربعة أجندة حددتها في: مسار تنفيذ اتفاق السلام ورؤية الحرية والتغيير لإنهاء الانقلاب، وهياكل السلطة الانتقالية، بجانب التأكيد على التزام العسكر بالانسحاب من العملية السياسية.
وقال مسؤول في الحرية والتغيير “ممثلو التحالف فوجئوا بمشاركة أطراف لم يتم دعوتها للاجتماع وانسحبوا قبل بداية اللقاء بعد إبلاغ الوساطة”.
وبحسب معلومات لاحقة فإن مناوي تمسك بمشاركة كل من علي عسكوري ممثلاً للتحالف الديمقراطي للعدالة وعمر عثمان أبو شبعة عن الحزب الاتحادي – الجبهة الثورية – في الاجتماع؛ بوصفهم من قادة ائتلاف التوافق الوطني الذي يرأس فيه مناوي لجنة الاتصال السياسي.
عدم الترتيب
وقال المتحدث باسم المجلس المركزي للحرية والتغيير الواثق البرير.. إنهم كمجلس مركزي لا علاقة له باجتماع السبت، وأضاف ل ( اليوم التالي) أن الاجتماع دعت له شخصيات محددة لإكمال ما بدا من ترتيبات مع مساعدة وزارة الخارجية السابقة، ووزير الخارجية السعودي، لبحث ماتم بين اطراف السلام فيما بعد اجتماعات (روتانا)، وامتدادا للاجتماع القديم الذي انقطع بعد انسحاب المكون العسكري من المشهد السياسي.
ومضى البرير.. إن المجلس المركزي ليس له مشكلة مع الآلية الرباعية، وكشف في نفس الوقت عن مجهودات لحزب الأمة القومي عبر خارطة طريق بهدف بناء الثقة وتحديد شكل الحوار؛ قال إنها لم تكتمل بعد، وأشار إلى الترحيب بالتحاور حال استشعار جدية الرباعية في مطالب المركزي بإنهاء الانقلاب وتأسيس الحكم المدني.

محاولات تشويش
من جهته كشف عضو المكتب التنفيذي لقوى الحريه والتغيير. كمال بولاد؛ الأمين السياسي لحزب البعث القومي؛ عن جهات تشوش موقف التحالف من المؤسسة العسكرية،
وقال بولاد – في تصريح صحفي أمس – إن القوى أوضحت الموقف في كثير من منشوراتها المكتوبة والموثقة حول الموضوع.. والمبني على أن هذه المؤسسة إحدى مؤسسات الوطن العاملة لوحدته وتأمين حياة إنسانه والمتقدمة على مثيلاتها من المؤسسات المدنية الأخرى، وأضاف بولاد.. أن أوجب واجبات المؤسسة العسكرية الذود عن حدود الوطن واستقراره وأمانه بالأرواح وحماية سيادته ووحدة ترابه ..
ومضى بولاد.. لا أحد يزايد على ذلك، ومن المعلوم أن طبيعة النظام البائد؛ والتخريب الذي مارسه طيلة ثلاثة عقود طالها كغيرها من المؤسسات الوطنية، وحاول أن يجعل منها فصيلاً عقائدياً لحمايته وحماية استمراره في السلطة… مما يستوجب إصلاحها وفقاً لعقيدة وطنية تجعلها كعهدها إحدى ممسكات الوحدة الوطنية والراعية لأمنه وأمان إنسانه وحماية تحوله الديمقراطي والتداول السلمي للسلطة فيه؛ بحماية دستوره الذي يؤسس لذلك، مما يستوجب
دعمها من كافة القوى الوطنية لاستكمال عملية الإصلاح هذه واستكمال عملية السلام في كافة ربوع الوطن، و إسكات الحرب، ودعم الترتيبات الأمنية التي تجعل منها جيشاً واحداً وطنياً ومتطوراً، ويعبر عن كل سوداني وفخره وعز قوته. وفي هذا المعني يجب التفريق بين القوات المسلحة وبين زمرة الانقلابيين – عسكريين ومدنيين – في مختلف المراحل التي أضرت بكل مؤسسات الدولة بما فيها القوات المسلحة.
الصراع السياسي
ورأى استاذ العلوم السياسية د. راشد محمد علي الشيخ أن العلاقة بين المركزي وشريكه الأسبق المكون العسكري خضعت للابتزاز لأن طبيعة مؤسسات الدولة لا تسير في المسار الصحيح لأنها خاضعة للصراع السياسي بين مكونات العملية السياسية، وأضاف ل (اليوم التالي)؛ أن طبيعة التأثير تظهر في النعامل مع المؤسسات التي تحتاج للمرونة، بالتالي يجب أن تبتعد المؤسسات الحيوية عن حالة الصراع السياسي، ولفت راشد إلى أن أي صراعات بين شخوص في هذه المؤسسات ترمي بإسقاطات على مجمل المؤسسة. وشدد راشد على حماية المؤسسات الحيوية من الصراعات مهما كانت درجتها وتحليها بالمرونة والذكاء، مشيراً إلى أن ذلك سيسهم بقوة في تحقيق الإرادة السياسية والأمان للبلد.
فرصة ذهبية
من جهته اعتبر خبير التفاوض وإدارة الأزمات اللواء د. أمين إسماعيل مجذوب؛ الآلية الرباعية فرصة ذهبية لجميع الأطراف، وأضاف ل (اليوم التالي) أنه يجب الاستفادة منها بصورة سريعة، وحتى لا يمضي المزيد من الوقت من الفترة الانتقالية، لكنه لقت أن أي مبادرة للحل بشروط مسبقة؛ تقلل من فعالية النجاح، ومضى.. هناك شروط مسبقة من المكون العسكري وأخرى من المركزي ستقلل من جهود الرباعية.
بعيداً عن ديسمبر
استاذ العلوم السياسية عبد القادر محمود صالح، اعتبر تصريحات بولاد لا تشبه أهداف ثورة ديسمبر ، وأضاف ل (اليوم التالي )..
لا غبار على أن المؤسسة العسكرية والأمنية هي صمام أمان الدولة وسيادتها الوطنية داخليا وخارجياً، ولا أحد يختلف في ذلك الدور العظيم للمؤسسة العسكرية والأمنية في حماية الوطن وإدارة شؤونه الأمنية، بل الجميع يتفق على ضرورة وجود هذه المؤسسة في قلب دائرة صنع القرار القومي المتصل بالمصالح الوطنية للدولة وشعبها.
تصريح السيد كمال بولاد كان واضحاً في أن المؤسسة العسكرية لا بد من حضورها في استكمال الإصلاح الهيكلي الشامل للدولة بجميع مؤسساتها دون هؤلاء الانقلابيين الذين لا يمثلون المؤسسة العسكرية التي تنشدها القوى الوطنية لبناء دولة وطنية ديمقراطية مفارقة لأسس الاختطاف الأيديولوجي من قبل المكونات السياسية؛ والتي أضرت بجميع المؤسسات في الدولة، بما في ذلك المؤسسة العسكرية والأمنية طيلة فترة حكم النظام البائد.
وتابع صالح، لكن أعتقد أن ما ذهب إليه السيد كمال بولاد ينسجم تماماً مع أهداف ثورة ديسمبر التي لم تخف غايتها الكبرى المتعلقة بالإصلاح الهيكلي لكل بُنى الدولة ومؤسساتها.
ومضى صالح.. إن قوى الثورة الحية لا ترى أي غضاضة في الانسجام والعمل المشترك مع المؤسسة العسكرية ذات العقيدة الوطنية الخالصة.
وتابع.. في كثير من البلدان المتقدمة ديمقراطياً نجد أن المؤسسة العسكرية تمثل أحد أضلاع دوائر صنع القرار في هذا البلد أو ذاك. ونحن هنا لسنا استثناءً، بل أعتقد في ظل الدولة المدنية ستجد المؤسسة العسكرية ما لم تجده في ظل الاختطاف الأيديولوجي.
كذلك يبدو أن هنالك لبساً في فهم الدولة المدنية باعتبارها إقصاء للمؤسسة العسكرية في البلدان التي لم تشهد تأسيس المدنية في مؤسساتها الوطنية، وترسخ مفهوماً خاطئاً لدى أذهان العديد من العسكريين بأن الدولة المدنية لا تحترم دورهم كمؤسسة بيروقراطية نمت وتطورت في ظل الاختطاف الأيديولوجي وأصبحت تشكل الفاعل المعادل لمفهوم الدولة المدنية، وهذا اللبس ينبغي معالجته من خلال ترسيخ مفهوم الأدوار التشاركية في صنع القرار الوطني. لا أحد يعلو على الآخر في النظام السياسي القائم على فكرة المدنية؛ بل لكل جعله في إدارة الدولة بما يحقق الأهداف التي وجدت من أجلها؛ رعاية مصالح الدولة في أمنها واستقرارها وإعلاء قيمتها الداخلية والخارجية بغية الوصول إلى رفاهية وسعادة المواطنين وقاطنيها.


لمتابعة أخبارنا انضم إلى مجموعتنا في الواتساب
انضم الينا في الواتساب