عيد الجيش،، لنحتفل بإزالة الكابوس

اسماعيل تيسو

لأول مرة منذ تسعة وستين عاماً تغيب مظاهر الاحتفالات في ذكرى عيد القوات المسلحة السودانية، التي درجت على تخليد هذه الذكرى بتنظيم مناشط وفعاليات ثقافية ورياضية ومعارض تراثية خاصة بالجيش يحتضنها المتحف الحربي بالخرطوم بحري، بالإضافة إلى العروض العسكرية، التي تتفاعل معها جماهير الشعب السوداني، سواءاً في العاصمة الخرطوم أو في رئاسة الفرق والقيادات العسكرية في عدد من ولايات السودان.

تغيب مظاهر الاحتفال هذا العام وتحضر رائحة الموت، ويتحدث السلاح بلغة العنف والدمار تصدياً للمحاولات اليائسة من قبل ميليشيا الدعم السريع التي وسوس لها شيطان الإمكانيات اللوجستية والقدرات المالية، بالانقلاب على الجيش بقتله أو طرحه أرضاً ليخلو لها وجه السلطة، التي ظنوا أنها ستُقبل طائعة تمشي على استحياء لترتمي في أحضان آل دقلو!، ولكن هيهات هيهات!! فقد خاب فأل هذه الميليشيا المتمردة، وبُهت من يقف وراءها سنداً سياسياً ودعماً عسكرياً.

ببذوغ فجر الخامس عشر من أغسطس الجاري، تدخل هذه الحرب شهرها الخامس، وتدخل معها القوات المسلحة السودانية ساحات جديدة تقدم فيها أشكالاً مدهشة من قيم التضحية والفداء برجالها الذين صدقوا ما عاهدوا الله والوطن عليه، فمن من قضى نحبه شهيداً، ومنهم من ينتظر، وما بدَّلوا تبديلا، بل بهروا العالم يوم أن امتصُّوا الصدمة الأولى، وخلعوا سمع وأبصار وأفئدة الميليشيا التي كانت تحسبهم رقوداً ولكنهم كانوا أيقاظاً، تصدُّوا ببسالة وجسارة ورجالة، وردوا كيد المليشيا في نحرها وقالوا بالفم المليان ( ألمي حار ما لعب قعونج).

خمسة أشهر من القتال العنيف، استطاعت خلاله القوات المسلحة السودانية أن تقدم وكالعهد بها دروساً في الصمود، وفنوناً في التكتيك الحربي والتكنيك الميداني، ووضع الخطط والاستراتيجيات المتسقة مع التطورات العملياتية، فنجحت القوات المسلحة خلال هذه الأشهر الخمسة، في تنظيف أيادي ميليشيا الدعم السريع من كل المعسكرات والمواقع الاستراتيجية التي كانت تتموقع فيها قبل نشوب الحرب، لتصحح خطأ فادحاً كانت أرتكبته قيادة الدولة بتمكينها هذه الميليشيا لتحرس مواقع استراتيجية لا تفقه فيها شيئاً، وفاقد الشيء لا يعطيه.

إن العقيدة القتالية التي أنشئت وتربَّت عليها القوات المسلحة السودانية، لقادرة على حسم الميليشيا المتمردة، ودحرها وإخراجها من الخرطوم ومحوها من الوجود، فجيشٌ أسس منذ العام 1925م، وقاتل بوحدات منه في الحرب العالمية الثانية، وخاض معارك لمده تزيد عن 50 عاماً من الحروب الأهلية في جنوب السودان، ودارفـور، وجبال النوبة، والنيل الأزرق، لقادر بهذه (الخدمة الطويلة الممتازة ) أن يهزًّ عرش هذه الميليشيا ويزلزل الأرض تحت أقدام من يساندها ويدعمها سياسياً ولوجستياً وعسكرياً.

قطعاً الجماهير التي ساندت القـوات المسلحة في معركة الكرامـة ضد ميليشيا الدعم السريع، ليسعدها أن تحتفل مع جيشها في ذكرى عيده القومي وهو يدحـر ميليشيا الجنجـويد ويرمي بها في مزبلة التأريخ، ليكـون العيد عيـدين، والفرحة فرحتين، وعلى القيـادة العليا للقـوات المسلحة السودانية أن تتفهم تطلع ورغبـة الجماهيـر وتعطُشها للعـودة إلى الديـار والتمتع بنعمة الأمن من خـوف والإطعام من جـوع، فليت القيـادة العليا تستجيب لهذه الرغبـة العـارمة و( تفك اللجام) لتجيب على الأسئلة والاستفهام، وعلامات التعجب التي تضجُّ بها الروؤس!!، متى يُزيح الجيش عنا هذا الكابوس؟.


لمتابعة أخبارنا انضم إلى مجموعتنا في الواتساب
انضم الينا في الواتساب