اليوم التالي: تنشر أبرز ما جاء في البيان الختامي لاجتماع القوى المدنية الموقعة على الاتفاق الاطاري باديس

أديس أبابا _ اليوم التالي

عقدت القوى المدنية الموقعة على الاتفاق الاطاري اجتماعاً حضورياً مهماً بمدينة أديس أبابا العاصمة الأثيوبية، وذلك في الفترة من 14 إلى 15 أغسطس 2023، بحث الاجتماع أنجع السبل لإنهاء الحرب، والتدابير اللازمة لبناء جبهة مدنية عريضة تضم كافة القوى الرافضة للحرب والداعمة للتحول الديمقراطي، وتصميم عملية سياسية جديدة ذات مصداقية وشفافية تخاطب جذور وأسباب الحرب وتداعياتها ومآلاتها،

وشاركت في الاجتماع القيادات السياسية والمهنية والمدنية المنضوية تحت آلية التنسيق المشترك بين القوى المدنية الموقعة على الاتفاق الاطاري.

وخلص الاجتماع بعد مداولات مستفيضة إلى ضرورة المسألة الإنسانية وحماية المدنيين وانتهاكات حقوق الإنسان و أدان الاجتماع الجرائم الجسيمة والانتهاكات الواسعة لحقوق الإنسان التي نتجت عن هذه الحرب وعلى رأسها جرائم القتل والسلب والنهب واحتلال البيوت من قبل قوات الدعم السريع، وجرائم القتل والقصف الجوي للمدنيين والاعتقالات التعسفية وحماية أنشطة وفعاليات فلول النظام البائد من قبل القوات المسلحة السودانية، إضافة إلى جرائم تأجيج الحرب وتحويلها لحرب أهلية تنشط فيها كوادر وكتائب فلول النظام البائد.

وأجاز الاجتماع بعد نقاش مستفيض رؤية شاملة لانهاء الحرب وإعادة تأسيس الدولة السودانية ودعا الاجتماع على ضرورة وقف جميع أنواع الانتهاكات فوراً وإجراء تحقيق مستقل حولها يحدد المنتهكين ويحاسبهم مع اعتماد آليات فاعلة لإنصاف الضحايا ومحاسبة الجناة وجبر الضرر وتعويض المتضررين ودعا الاجتماع المجتمع الإقليمي والدولي لوضع قضية حماية المدنيين وإيصال المساعدات الإنسانية لجميع المتضررين في مقدمة أجندته.

و شدد على عدم تعطيل أعمال الإغاثة والسماح بدخول العاملين فيها للسودان وعدم إعاقة عملهم بواسطة الأطراف المتقاتلة وقرر الاجتماع استمرار التواصل مع حكومات دول الاقليم ومخاطبتهم حول المزيد من الدعم والمساعدة لتحفيف معاناة السودانيين الفارين من الحرب.

واكد البيان الذي أطلعت عليه ” اليوم التالي “على أهمية بناء شبكة وطنية لإيصال المساعدات الإنسانية، وحث الأسرة الدولية لدعم واسناد المجتمع المدني السوداني العامل في المجال الإنساني من أجل مساعدته في الاستجابة الفعالة للكارثة الإنسانية الماحقة.

أشاد الاجتماع بروح التكافل لدى الشعب السوداني الذي استقبل ملايين النازحين في المدن والقري، وبالإسهام الكبير أيضاً الذي لعبته غرف الطوارئ المشكلة بالأحياء من شباب وشابات لجان المقاومة والمبادرات الإنسانية بالولايات.

ونادى الاجتماع بانشاء مرصد مستقل يراقب ويرصد الجرائم والانتهاكات التي حدثت وتحدث في هذه الحرب وتحديد مرتكبيها والتوثيق الجيد الذي يسهم في محاسبة المنتهكين وانصاف الضحايا وجبر الضرر.

وقرر الاجتماع تنظيم زيارات لمعسكرات اللاجئين السودانيين في دول الجوار بعد التنسيق مع السلطات المختصة في البلدان المستضيفة ووجه الاجتماع مكوناته المنتشرة في بلدان الاقليم بالتعاون مع الجاليات السودانية الموجودة بها لتشكيل فرق عمل لإسناد ومساعدة السودانيين الذين استقروا ببلدان الاقليم بسبب الحرب. وقرر الاجتماع تكليف د. عمر أحمد صالح كمنسق لآلية العمل الانساني.

وقال الاجتماع أن اسباب وجذور حرب 15 أبريل هي نتاج عقود من تراكمات سلبية، صاحبت أنظمة الحكم الوطني منذ فجر الاستقلال، وغياب المشروع الوطني الذي يحظى بإجماع كافٍ، وفي هذا فإننا لن نبدأ من فراغ بل نستصحب كل إيجابيات تجربتنا ومؤسساتنا الوطنية والبناء عليها في إطار مشروع التأسيس والنهضة وإعادة البناء.

وأشار إلى أن الأزمة الوطنية بلغت قمتها خلال حقبة حكم نظام الانقاذ الذي ارتكب خطايا عظيمة على رأسها تقسيم السودان وحروب الابادة الجماعية التي شنها في دارفور وجبال النوبة والنيل الازرق وشرق السودان، واستخدم خطابات العنصرية والكراهية كوقود لتغذية هذه الحروب.

ولفت الى ان حكم الإنقاذ الشمولي لثلاثة عقود أدى لأن يختطف حزب المؤتمر الوطني المحلول وواجهاته السياسية أجهزة الدولة لا سيما المؤسسة الأمنية والعسكرية وعمدوا علي تخريب الانتقال، ودفعوا بالمؤسسة العسكرية إلى انقلاب 25 اكتوبر 2021م الذي واجه مقاومة جسورة حتى فشل الانقلاب .

واوضح أن من اشعلوا الحرب في 15 ابريل 2023م لقطع الطريق على العملية السياسية واستكمال الاتفاق الاطاري، مستخدمين في ذلك واقع تعدد الجيوش الذي صنعوه وانخراطها في الصراع السياسي، وصعدوا من خطاب الحرب ظناً منهم انهم سيحرزوا نصراً سريعاً يعيدهم الي سدة الحكم وبعد فشلهم في ذلك فإنهم يسعون لإطالة أمد الحرب وتحويلها إلى حرب أهلية شاملة بتصعيد خطاب التحشيد والكراهية والاثنية والمناطقية.

واكد الاجتماع على ضرورة ان تنتهي هذه الحرب عبر حل سياسي سلمي يؤدي لاتفاق وطني على مشروع سوداني نهضوي جديد قائم على المواطنة المتساوية والديمقراطية والسلام والتنمية المستدامين والعدالة الاجتماعية والانتقالية والمحاسبة والشفافية وتوازن المصالح بين المركز والاقاليم، ويبني على إيجابيات تجربتنا ومؤسساتنا الوطنية في إطار مشروع التأسيس والنهضة وإعادة البناء.

وقال ان مبادئ انهاء الحروب وتأسيس واعادة بناء الدولة السودانية الجديدة يشمل الحفاظ على وحدة السودان وسيادته على أسس عادلة ومنصفة لجميع أبنائه وبناته_ التأسيس لنظام حكم مدني ديمقراطي حقيقي في جميع المستويات يختار فيه الشعب من يحكمه عبر انتخابات حرة ونزيهة في دولة تخضع لحكم القانون وتحفظ حريات وحقوق الانسان.

واشار الى أهمية وقوف الدولة على مسافة واحدة من الأديان والثقافات وتجريم كل أشكال التمييز. وان يكون نظام الحكم فيدرالياً يقوم على الاعتراف بالحق الاصيل لاقاليم السودان في ادارة شؤونها الى جانب تبني نظام اقتصادي مختلط يحمي مصالح الشرائح المنتجة والضعيفة ويعمل على استدامة البيئة والموارد الطبيعية، ويعزز من نظم الرعاية والحماية الاجتماعية ويتعاون مع المؤسسات المالية والاقتصادية الإقليمية والدولية بمنهج يقوم على الشراكة المنتجة الموجهة لخدمة السودان ويوفر الحماية والرعاية الاجتماعية للفقراء وللمنتجين.

واضاف بناء جيش واحد مهني وقومي يعكس تعدد السودان وتنوعه بصورة حقيقية وينهي وضعية تعدد الجيوش وينأى عن السياسة كلياً وعن النشاط الاقتصادي ويخضع للسلطة المدنية، وينقى من وجود عناصر النظام السابق وأي وجود سياسي آخر، ويجرم الانقلابات العسكرية وتكوين أي مجموعات مسلحة لا سيما المجموعات التي تسلح على أساس حزبي أو قبلي وجهوي، ويلتزم بالقانون الدولي ومواثيق حقوق الانسان العالمية والإقليمية.

ونص الاجتماع على ابتدار عملية شاملة للعدالة الانتقالية مـن خـلال تطبيـق مجموعـة مـن التدابير القضائية وغيـر القضائيـة والعدالة الجنائية الدولية تعالـج مـن خلالها مسـألة الانتهاكات الجسـيمة لحقـوق الإنسان التـي جـرت أثنـاء الحرب وفي العقود السابقة وتحول دون ارتكاب جرائم جديدة تأكيدا لمبـدأ عـدم الإفلات مـن العقـاب وإنصـاف الضحايـا وجبر الضرر والتأسيس لعقد اجتماعي جديد.

ودعا الاجتماع الى تفكيك نظام 30 يونيو وما جرى بعد انقلاب 25 أكتوبر ويشمل ذلك إنهاء هيمنة الحزب المحلول وإعادة تأسيس وبناء مؤسسات الدولة على أساس صحيح يجعل منها معبرة عن تعدد وتنوع السودان وملتزمة بالمهنية والكفاءة وأسس الحكم الرشيد و سن السياسة الخارجية للبلاد بطريقة متوازنة تقوم على المصالح المشتركة وتحقق التعاون الإقليمي والدولي في كافة المجالات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية.

أكد الاجتماع على ان المبادئ التي تتأسس عليها العملية السياسية تؤكد أن الحرب ليست الطريق الصحيح لتسوية الصراعات السودانية، ويجب أن تبدأ العملية السياسية بوقف الحرب ومن ثم مخاطبة جذورها عبر حل سياسي سلمي شامل ينهي الحروب ويؤسس للدولة السودانية الجديدة ان تؤدي العملية السياسية للاستجابة الفاعلة لحل الكارثة الإنسانية التي نتجت عن الحرب، وحماية المدنيين وفق القانون الإنساني الدولي والكشف والمحاسبة وجبر الضرر عن جميع الانتهاكات الفادحة التي ارتكبتها الأطراف المتقاتلة..

ونص الاجتماع على ان تكون العملية السياسية مملوكة للسودانيين وبقيادتهم. و تتم بمشاركة كافة قوى التغيير الحقيقي والتحول الديمقراطي، ويجب في هذا الصدد التوسع في إشراك قوي الثورة والتغيير ومشاركة منصفة لممثلي الأقاليم والقطاعات الفئوية ولجان المقاومة والمجموعات النسوية والشبابية والنقابية والمهنية، ويجب أن يكون هنالك تمثيل عادل لأطراف السودان، لا سيما المناطق المهمشة، التي عانت كثيراً وطويلاً من ويلات الحروب. هذه المشاركة يجب أن تشمل الجميع عدا المؤتمر الوطني وواجهاته وحلفاءه الذين ظلوا يعملون من أجل إعاقة التحول الديمقراطي وأشعلوا الحرب.

ويعمل الدور الدولي والإقليمي على تيسير العملية السياسية وفقاً لإرادة الأطراف السودانية، على أن تتكامل المبادرة السعودية الامريكية مع خارطة طريق الاتحاد الافريقي والايقاد ومقررات مؤتمر دول الجوار ومجهودات المجتمع الإقليمي والدولي الرامية لوقف الحرب لتصبح عملية واحدة بتنسيق بين الميسرين والأطراف السودانية. تسير مفاوضات وقف العدائيات للأغراض الانسانية بين العسكريين والعملية السياسية الشاملة بالتوازي والتكامل بدون اشتراط لتسلسل محدد و تتسم العملية السياسية بالشفافية والملكية والمشاركة للشعب السوداني، وأن توفر الأطراف المنخرطة فيها الأجواء المواءمة لنجاحها.

و بحث الاجتماع قضية وحدة القوى المدنية الديمقراطية المناهضة للحرب كقضية ذات أولوية، وثمن الجهد الذي بذل في بناء الجبهة المدنية المناهضة للحرب واسترداد الديمقراطية، والمجهودات والمبادرات الأخرى التي طرحتها قوى وشخصيات مدنية ديمقراطية، وأكد على أهمية تنسيق الجهود وتوحيدها والاتفاق على رؤية سياسية وصيغ عمل وتنسيق مشترك، والتوافق على تصميم العملية السياسية وأطرافها وقضاياها وطرق ادارتها، بما يسرع من جهود وقف الحرب وتأسيس وإعادة بناء الدولة السودانية الجديدة.

ووقف الاجتماع على الوضع الاقتصادي الذي انهار بفعل الحرب وقرر الاتي- الشروع في تشاور واسع مع المختصين وأصحاب المصلحة لإعداد خطة اسعافية لفترة ما بعد الحرب تتضمن رؤية متكاملة لكيفية اعادة بناء القطاعات الإنتاجية وتأهيل المؤسسات الخدمية وإصلاح النظم والمؤسسات المالية – إحكام آلية توصيل المساعدات، وبرنامج دعم الاسر بحيث يصل للمحتاجين فعلاً في جميع انحاء البلاد.

وشدد على ضرورة الاصلاح المؤسسي لأجهزة الدولة الاقتصادية بحيث تصبح شاملة وذات فاعلية وقادرة على تنفيذ المشروع التنموي المستدام و تبني استراتيجية مكافحة الفقر التي أقرتها الحكومة الانتقالية بما يحقق تطلعات كل السودانيين بعدالة، ويفتح آفاق التعاون الدولي (ازالة الفقر، واعفاء الديون وفق الهيبك) وحشد الموارد وتوفير الآليات لكل مكونات المجتمع السوداني المتضررة من الحرب وتحتاج للمساعدة داخل السودان وخارجه.

ودعا إلى ضرورة الاتفاق على مشروع شامل لإعادة الاعمار وانشاء البنية التحتية الضرورية للتنمية والخدمات في كل ربوع السودان، والتخطيط لإعادة النازحين واللاجئين لمناطقهم (الانتاج والخدمات).وانشاء صندوق لتمويل صغار المنتجين وتخصيص نسبة للمرأة والشباب، والتمييز الايجابي للمناطق المهمشة , انشاء صندوق لتعويض ضحايا الحروب يمول من الدولة السودانية ومساهمات الأسرة الدولية و التواصل مع المؤسسات الدولية لاستئناف تعهداتها ما قبل انقلاب 25 اكتوبر، ومواصلة العمل في المشروعات المتفق عليها – تعزيز التعاون التنموي الاستثماري مع المجتمع الدولي والاقليمي، والشراكات الاستثمارية مع الدول الشقيقة والصديقة.

وأشاد الاجتماع بتطور العلاقة بين القوى المدنية الموقعة على الاتفاق الاطاري، والتي تشمل طيفاً واسعاً من المكونات السياسية والمدنية والمهنية، وأكد على الانفتاح لتوسيع التنسيق مع كافة القوى المناهضة للحرب وأمن الاجتماع أيضاً على تطوير صيغة العمل التنظيمي المشترك بين القوى المدنية الموقعة على الاتفاق الاطاري وكلف لجنة لبحث الخيارات المختلفة ومناقشتها ضمن هيئة التنسيق المشترك بغية التوصل للصيغة الأمثل للعمل المشترك خلال الفترة القادمة – كلف الاجتماع هيئة التنسيق للترتيب في أقرب وقت ممكن لاجتماع موسع للقوى المدنية التي شاركت في العملية السياسية وورش عملها والتي شهدت مشاركة واسعة لقوى متنوعة من مختلف أرجاء السودان.

واكد الاجتماع على تجاوز البلاد محنة الحرب وقال ستخرج بلادنا وهي أقوى وأجمل وأفضل مما سبق، لذا فقد عزمنا على بذل أقصى الجهد لإنهاء هذه الكارثة التي أحلت بشعبنا وجعلها آخر حروب بلادنا التي وسمت تاريخها الماضي وأعاقت تطورها ونماءها واستقرارها وذلك عبر وضع حلول حقيقية لأزماتنا التاريخية والمعاصرة. اننا ندعو شعبنا الصابر المثابر لمحاربة خطابات الكراهية التي تعمل على تمزيق وحدة وطننا وهتك نسيجه الاجتماعي، إننا نؤمن أن المستقبل أفضل مما مضى متى ما توحدت إرادة القوى الوطنية الديمقراطية في السودان وخلصت نوايا الجميع من أجل انهاء الحرب وتأسيس وإعادة بناء الدولة السودانية الجديدة.


لمتابعة أخبارنا انضم إلى مجموعتنا في الواتساب
انضم الينا في الواتساب