المرتبات.. وضع اقتصادي ضاغط

الخرطوم: علي وقيع الله
ظلت قيمة أجور العاملين على ثبات؛ رغم تحرك الأسعار بالأسواق من فترة لأخرى، مما يشكل ذلك عبئاً إضافياً ليس بإمكان ميزانية الأسر طاعتها أو تحملها، حيث ظل يلجأ السواد الأعظم من العاملين إلى تسليم الراتب لحلحلة سداد مديونيات الأغراض الأساسية التي لا تكفي حتى (بتاع الدكان)، هذا فضلاً عن باقي الاحتياجات، ومؤخراً زادت معاناة المستهلكين خاصة من محدودي الدخل والفئات الضعيفة، وظهر ذلك جلياً من خلال عجزهم عن توفير (قفة الملاح) بصورة يومية نسبة للزيادات المتتالية في الأسعار، في الوقت الذي لا تلبي فيه أجور العاملين بالدولة تغطية أدنى احتياجات الأسرة لأيام قليلة خلال شهر من العمل.
زادت المسؤولية
ويعكس الراهن أن متطلبات الأسرة باتت أثقل من أي وقت سبق؛ نسبة لتعدد الالتزامات المتمثلة في إيجارات المنازل واحتياحاتهم اليومية باعتبار أنها أساسية، وبالتالي زادت المسؤولية أمام المواطنين، بعد رفع الدولة يدها عن كفالة حق التعليم والعلاج وقصور مساهمتها فيهما، كما تأثر المواطنون سلباً بتحول بعض الخدمات لشركات تتحصل أموالاً نظير تقديم خدمات ورفع أسعارها مثل المياه والكهرباء وبعض الإجراءات الخدمية في التعاملات الحكومية.
موظفون وعمال
ويعاني معظم الموظفين والعمال من المشاكل الاقتصادية التي تحاصرهم يوماً بعد الآخر، حيث لا يكفي راتبهم المتدني لمقابلة غلاء الأسعار المتصاعد يومياً مع ثبات الأجر الذي هو أصلاً لا يتناسب مع متطلبات المعيشة، كما تتقاصر الجهود الحكومية عن تخفيف أعباء المعيشة عن هذه الشرائح، وبالرغم من اعتماد موازنة 2022 رفع الدعم الاجتماعي إلى ألف جنيه لمليون أسرة فقيرة، وهو لا يمكن تلمسه بوضوح حيث يشكك كثير من المراقبين في تنفيذ الحكومة للدعم الاجتماعي، بحسب ما جاء في موازنة 2019، كما أن كثيراً من المواطنين يقولون إنهم يسمعون فقط بالدعم الاجتماعي ولم يصلهم، في وقت تضاءلت فيه محفظة العاملين عن تقديم التساهيل والمعينات المعيشية للموظفين والعاملين لكبح غلاء الأسعار الذي يلاحقهم ويمتص رواتبهم وعلاواتهم.
الخدمات الأسرية
يقول موظف حكومي، عوض بشير، إن الواقع الاقتصادي أصبح صعباً ومريراً، وقال.. إن الراتب أصبح لا يتجاوز 20% من الحاجة الفعلية لتغطية وتوفير الخدمات للأسرة خلال أيام؛ ناهيك عن شهر بأكمله، وأكد أن أغلب الأسر أصبحت عاجزة عن الإيفاء بمتطلباتها اليومية مكتفية بالحصول على الغذاء فقط، ونوه إلى ضعف قدرة الأسر لتوفير مستلزمات المدارس وأقساطها في هذا التوقيت مع قرب موعد الدراسة.
دراسة مجدية
يشير المحلل الاقتصادي، محمد النيل، إلى خطورة تجاهل الوضع الاقتصادي الحالي الذي تشهد فيه الأسواق فوضى ملحوظة، وقال ل(اليوم التالي)، إن الحكومة مطالبة، أكثر من أي وقت مضى، بضرورة إجراء إصلاحات اقتصادية وسياسية حقيقية تشكل أرضية لإصلاح الوضع المعيشي للمواطن، وشدد على ضرورة كبح جماح تفلت الأوضاع الاقتصادية في الأسواق نسبة لاستمرار الأزمة هكذا دون حلول على أرض الواقع، ولفت إلى أن البيئة الاقتصادية باتت لا تساعد المواطنين على تحقيق أهدافها نحو المستقبل، وحث على ضرورة التركيز على المشروعات الإنتاجية خاصة الزراعة والثروة الحيوانية؛ خاصة في ما يتعلق بالصناعات التحويلية، وأكد أن ذلك سيسهم في توسعة حجم الصادرات السودانية، وبالتالي تتعافى قيمة العملة الوطنية، وأوضح أن مسألة ثبات أجور العاملين لا تتماشى مع الظروف الحالية، وقال ينبغي على الدولة مراجعة ذلك وبأسرع ما يمكن، وناشد بضرورة وضع دراسات مجدية حتى تتناسب وتتواءم مع مجريات الأوضاع الاقتصادية بالبلاد.


لمتابعة أخبارنا انضم إلى مجموعتنا في الواتساب
انضم الينا في الواتساب