قمة البحر الأحمر… تجمع الأمن والمصالح

تقرير : الخواض عبدالفضيل
تسلّم رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، دعوة رسمية من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، للمشاركة في أعمال قمة مجلس الدول العربية والأفريقية المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن، التي ستعقد بمدينة جدة في الثامن من سبتمبر المقبل.
وأوضح السفير السعودي لدى الخرطوم؛ علي حسن بن جعفر – في تصريح صحفي عقب تسليمه الدعوة لرئيس مجلس السيادة بمكتبه ظهر اليوم – أن القمة تأتي في إطار الجهود والرغبة الصادقة في تحقيق المصالح المشتركة لتلك الدول، وإعلاناً لانطلاقة أعمال مجلس الدول العربية والإفريقية المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن، الذي تم توقيع ميثاقه في يوليو من العام ٢٠٢٠ بمدينة جدة.
وأشار السفير السعودي بالخرطوم الى ترحيب رئيس مجلس السيادة بالمشاركة في أعمال القمة.
تنافس قوي
يرى دكتور مهدي دهب، استاذ العلوم السياسية بالجامعات السودانية في حديثه ل(اليوم التالي)أن قمة الدول المطلة على البحر الأحمر تأتي في وقت مهم؛ خاصة وأن منطقة البحر تشهد تنافساً كبيراً وصراعاً ما بين القوى العظمى وتنافس مع لاعبين إقليميين مثل تركيا والإمارات وإسرائيل وما بين القوى العظمى التقليدية التي تنافس على البحر الأحمر، وهي فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية،
وتابع.. كذلك بدأت روسيا في العودة إلى السياسة الدولية في البحث لموطئ قدم لها في البحر الأحمر؛ على خلفية الصراع الدائر ما بين روسيا ودول الغرب من أجل عودة روسيا في العلاقات الدولية كقطب ثانٍ موازٍ للولايات المتحدة الأمريكية، على غرار ما كان في السابق إبان حقبة الاتحاد السوفيتي، وزاد.. هذا ما دفع روسيا إلى أنها تبحث عن قاعدة لها في البحر الأحمر قاعدة (فلمنقو)، وأردف.. هذا سيكون رقيباً لأي تحرك صيني أمريكي منافس له في منطقة البحر الأحمر، ويمضي دهب في حديثه ويقول: هذه التجاذبات في القوى العالميةوالإقليمية على البحر الأحمر يجعل هذه المنطقة مشتعلة، بالتالي عقد هذه القمة يأتي في هذا السياق، تابع.. ما يجمع بين البرهان والسعودية أن كليهما حلف لروسيا، وهذا ظهر بشكل واضح بعد زيارة وزير الخارجية الروسي سيرجو لا روف إلى الرياض وبعض الدول في المنطقة، لافتاً إلى أنه في نفس الوقت زيارة وفد سعودي إلى السودان للبحث و البدء في مسألة الوساطة والتدخل في حل الأزمة السودانية، مضيفاً أن حضور البرهان لهذه القمة هو تجييرها لصالح روسيا وإعطاء شرعية للبرهان، وقال: في اعتقادي أن هذه القمة مخرجاتها قد تكون غير مرحب بها من الدول الغربية؛ خاصة الولايات المتحدة الأمريكية، باعتبار أن ذلك ربما تكون محاولة لجر حليف ويكون منافساً لهم في منطقة البحر الأحمر هذه المنطقة الاستراتيجية والمهمة.
أمن إقليمي
ويقول الخبير في شؤون القرن الأفريقي دكتور عبد الوهاب الطيب بشير، في حديثه ل (اليوم التالي) إن الفكرة في تأسيس هذا التجمع قديمة من قبل الدول المطلة والمشاطئة للبحر الأحمر وخليج عدن، لافتاً الى أن الفكرة لم تخرج إلى حيز التنفيذ، لكن تم طرحها في عام 2016م، قُدم طرح هذه الفكرة في المؤتمر الدولي لأمن الحدود الذي أقيم في الرياض بالسعودية من العام 2012م بورقة بعنوان (علاقة العرف الحدودي بالحركات المسلحة وتأثيرها بالأمن الإقليمي بمنطقة القرن الأفريقي والجوار العربي)، وخاصة الخليجي، منذ ذلك الوقت تبنت السعودية هذه الفكرة. أما فكرة التجمع باعتباره تجمعاً إقليمياً مؤسسياً يقوم بعدد من الوظائف والمهام الجامعة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والأمنية، وهو يشابه العديد من التجمعات المؤسسية مثل مجلس التعاون الخليجي ومثل التجمعات في المنطقة العربية والأفريقية.
تحديات
وتوقع دكتور عبد الوهاب، أن يكون هنالك عدد من التحديات سوف تواجه هذا التجمع، لافتاً الى أن كبرى هذه التحديات في طبيعة النظام الإقليمي الذي سوف يقوم عليه مجلس تجمع دول حوض البحر الأحمر وخليج عدن. أولى التحديات في مدى السيطرة والهيمنة التي يمكن أن تسعى إليها الدول الثماني المكونة لهذا التجمع، كما ايضاً هنالك دول ستسعى للمساومة بكثير من القضايا في هذا التجمع، مضيفاً أن الطبيعة الجيوبولتكية والجيواستراتيجة لهذا التجمع، تجعله يواجه تحديات التدخل من الدول العظمى والتنافس الخارجي على شاكلة الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا وفرنسا وأيطاليا والصين واليابان .
وأشار إلى أن قيام التجمع في هذا التوقيت لأسباب أمنية عسكرية أكثر من أن تكون أسباباً اقتصادية أو سياسية، خاصة بعد أن تقدمت روسيا ببناء قاعدة في بورتسودان شرقي السودان، لذلك تأتي هذه القمة في ظل عدم وجود حكومة منتخبة في السودان؛ لذلك هرولت الولايات المتحدة بابتعاث وزير يتولى مهامها الدبلماسية للمحافظة على مصالحها في منطقة البحر الأحمر، وتابع.. من الملاحظ أن التجمع يضم (5) دول من النظام الإقليمي القومي للقرن الأفريقي ودولتين من النظام الإقليمي المؤسسي لدول مجلس التعاون الخليجي، ماعدا دولة واحدة خارجة من النظامين وهي الأردن .
وأشار دكتور عبد الوهاب إلى أن هذا التجمع سوف يظهر شخصية الدولة القائدة في منطقة البحر الأحمر والدولة المدافعة عن المعتقدات والآيدولوجيات كالسعودية ضد فواعل إقليمية كإيران وتركيا والصين، سوف يكون هذا التجمع أمام تحدي القواعد العسكرية الموجودة على البحر الأحمر، مضيفاً.. أن التجمع يعيد ترتيب العلاقات الدولية في هذه المنطقة، وبالأحرى العلاقات الخليجية مع دول القرن الأفريقي والعلاقات مع الدول المشاطئة للبحر الأحمر والدول العظمى.


لمتابعة أخبارنا انضم إلى مجموعتنا في الواتساب
انضم الينا في الواتساب