اتفاقية سلام جوبا… نيران من داخل الصندوق!!

الجبهة الثورية : دور كبير للأمم المتحدة في تنفيذ البنود المتبقية
جون غودفري : يجب تناسي الخلافات لتحقيق اتفاق سياسي
تحرير السودان : لن نترك اتفاقاً حاربنا لأجله 20 عاماً لجهات غير ذات ثقة
الوفاق الوطني : تعثر الاتفاق مسؤولية مركزي الحرية والتغيير
تجمع قوى تحرير السودان : اتفاقية السلام خط أحمر
موقعون : جهات تقوم بحملات مضادة للاتفاقية
أجب عن ثلاثة أسئلة من القائمة على أن تتضمن السؤال الأول، هذا تماماً ما ينطبق على اتفاق سلام جوبا، للحكومة الحالية والقادمة، أي لا مفر منه، لقاء تنويري بين رئيس الجبهة الثورية د. الهادي إدريس والسفير الأمريكي تناول سير اتفاق جوبا لسلام السودان، لاسيما على مستوى التنفيذ والتحديات التى تواجهه، بجانب أهمية دور الولايات المتحدة للمساعدة في تنفيذ ما تبقى من بنود الاتفاق.
أي فاتورة تعد أقل تكلفة من فواتير الحرب؛ عبارة عبرت بها قوى الحرية والتغيير عن اتفاقية السلام المشهورة ببروتكول جوبا، في وقت عدتها حركة تحرير السودان الأعدل منذ الاستقلال، لكن مجموعة الوفاق الوطني حملت مسؤولية تعثر تنفيذ الاتفاق للمجلس المركزي لتحالف الحرية والنغيير ، ويبقى سؤال الاتفاقية الرئيس والأصعب في فترة الحكم الانتقالي.
الخرطوم _ إبراهيم عبد الرازق
اتفاق تاريخي
اتفاق السلام السوداني هو اتفاق سلام وُصِف بالتاريخي، وقعت عليه في 31 أغسطس 2020، في جنوب السودان، الحكومة السودانية برئاسة عبد الله حمدوك، وحضور رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، مع الجبهة الثورية السودانية، التي تضم الجماعات السودانية المتمردة الخمس الرئيسية، وعلى رأسها حركة العدل والمساواة وحركة تحرير السودان، وكلاهما من إقليم دارفور ، والحركة الشعبية لتحرير السودان – الشمال بقيادة مالك عقار. ويهدف الاتفاق إلى تحقيق الاستقرار والسلام في السودان بعد عقود من الصراعات الأهلية المتعددة، التي راح ضحيتها أكثر من 300 ألف نسمة وتشريد أكثر من مليوني ونصف المليون، وفق ما تشير التقديرات، خاصة بعد أن اتسعت رقعة الصراع في دارفور منذ عام 2003.[1][2]
تحريك الملف
خطوة حركت الملف أمس الأول، حيث استقبل عضو مجلس السيادة الانتقالي، رئيس الجبهة الثورية، دكتور الهادي إدريس يحيى، بمقر إقامته بالخرطوم، سفير الولايات المتحدة الجديد لدى السودان، السفير جون غودفري بحضور ثلاثة من أعضاء الكونغرس الأمريكي يزورون البلاد حالياً.
وتناول اللقاء العلاقات الثنائية بين السودان والولايات المتحدة، وسبل تطويرها وترقيتها، بما يخدم المصالح المشتركة لشعبي البلدين.
ورحب دكتور الهادى إدريس في فاتحة اللقاء، بالسفير الأمريكي الجديد لدى السودان، السفير جون غودفري وبأعضاء الكونغرس المرافقين له.
سرعة اللحاق
القيادي بحركة تحرير السودان نور الدايم طه؛ قال نعلم أن هنالك تعبئة مضادة للاتفاقية، وأصاف طه ل (اليوم التالي)، الاتفاق نص على ٤٠ بالمائة لدارفور من موارد دارفور ، وكنا نرى أنها غير كافية، لكن حتى هذه النسبة وبعد مضي ثلاث سنوات لم يدفع منها جنيه واحد، بعض الأقاليم حدث بها تفسير مضاد للنص ومحاولات لتعويم ما تم إعتماده من دفع مبلغ محدد لدارفور أطلق عليه ( سرعة اللحاق) بمعنى أن يلحق بالأقاليم الأخرى في الطرق والخدمات، البعض تحدث أن هذا قد يستغرق عشرة أعوام، حتى الآن لم يدفع شيئ لدارفور حتى تمول نفسها بنفسها كما نص الاتفاق، وتساءل طه.. الذين يتحدثون عن اتفاق السلام، كيف يتم تنفيذ الاتفاق ولم تدفع المبالغ المخصصة.
وحمل طه المركزي تعطيل تنفيذ الاتفاق، وأضاف : تعطيل الاتفاق تتحمل مسؤوليته القوى السياسية التي ظلت منذ التوقيع على الاتفاقية تعمل على تعطيلها، ولفت إلى أن رئيس الوزراء عبد الله حمدوك بذل جهوداً كبيرة لتنفيذ الاتفاق، وكان يحلم بتطبيقه على أرض الواقع، لكن ما يسمى ب ( الحاضنة السياسية) وقتها، لم تساعده على ذلك، بل كانوا يعترضون على أن ينفذ حمدوك الاتفاق لأنه من ابناء ما يسمونها بمناطق الهامش، حتى أنهم عملوا على تعطيل وجود إقليم لدارفور وأحدثوا عدداً من المعاكسات إبان وجودهم بالمجلسين، وعاكسوا وزير العدل إبانها على إجازة الحكم الفدرالي لدارفور، وكذلك وضع قانون لإقليم دارفور وشارك في المعاكسات للأسف بعض ابناء الإقليم، ولدينا معلومات مؤكدة على الاعتراضات تلك في مجلسي السيادة والوزراء.
وتابع طه.. إن قضايا السودان في دارفور والجزيرة وكل الأقاليم لا تحل إلا في الإطار القومي، وأشار بقوله.. لن يكون هنالك سلام في دارفور او غيرها إلا بنظام سياسي مستقر في الخرطوم. وتابع.. إن اتفاق سلام جوبا من حيث نصوصه وبنوده وآلياته أعدل اتفاق سلام منذ الاستقلال، ولكن ما يحدث من تشاكس للقوى السياسية في المركز له انعكاس على سير البروتوكول. وشدد طه على أن اتفاقية السلام تحتاج لشخص يفوز بثقة الحركات الموقعة، وأردف، لا أجد حتى الآن من يحمل هذه الثقة، لكن نتمسك بأن اتفاقية حاربنا من أجلها 20 عاماً لن نتركها لشخص مدني ليقوم بتنفيذها نيابة عنا.
أمور محيرة
وحول انتقاد المركزي المستمر للاتفاقية، وهو من صنعها قال طه، هذا ما يحير السامع، هم من شكلوا الوفد التفاوضي من البداية للنهاية، حتى حميدتي نفسه لم يكن باستطاعته اتخاذ أي قرار إلا بعد الرجوع للمجلس الأعلى الذي يضم السنهوري والدقير ومريم الصادق وكل قيادات المركزي و تمت إجازة الاتفاقية ومباركتها من قبل الحرية والتغيير، وأجيزت من داخل المجلس الأعلى للسلام ، لذلك الحديث عن تحفظ او رفض من قبل المركزي على اتفافية جوبا للسلام، غير مقبول.
وحول استحقاقات السلام قال طه: إنها لم تسر على النحو المطلوب كما هو الحال مع كل ما يدخل فيه المركزي، مثلاً نحن تحدثنا في ما يخص السلطة والثروة عن توزيعات بحسب الكم السكاني، البعض يتحدث عن أن ما تحقق للأقاليم من اتفاقية لسلام أكثر من استحقاقاتها، هذا ليس صحيحاً، بل ماتم أقل من الذي هو مفترض أن يكون، بحسب الإحصاءات إقليم دارفور يمثل ٣٥ بالمائة من سكان السودان، وهي نسبة تمثيله في مجلس الوزراء، تحقق منها حتى الآن ٢١ بالمائة فقط، ولم يدفع ل دارفور حتى الآن (تعريفة) واحدة من مستحقاتها ال ٤٠ بالمائة من الأموال المخصصة للاتفاقية.
اعتراف واضح
وقال الناطق الرسمي باسم تجمع قوى تحرير السودان فتحي عثمان، “صحيح أن خطاب البرهان الأخير تجاهل أطراف العملية السلمية، ولم يذكر اتفاقية جوبا للسلام، وربما كان تجاهلاً غير مقصود، والدليل على ذلك أن قرار إعفاء أعضاء مجلس السيادة المدنيين الذي أصدره رئيس المجلس، استثنى أعضاء حركات الكفاح المسلح الثلاثة، وهو اعتراف واضح بهذه الاتفاقية، وما ورد في بنودها، لكن ما صدر من دعوات بشأن مراجعتها من قبل بعض القوى السياسية حديث غير مسؤول، وليس من حقها القيام بأي خطوة مناهضة لتنفيذ بنود هذه الاتفاقية بخاصة أن هذه القوى كانت جزءاً من المفاوضات التي قادت للتوقيع عليها، ومن ثم تضمين بنودها في الوثيقة الدستورية التي كانت تحكم الشراكة في الحكم بين المكوّنين المدني والعسكري، فضلاً عن أن الاتفاقية محروسة بضامنين وشهود دوليين وإقليميين، وبالتالي، ليس من حق أي كائن كان المساس بها”.
وتابع عثمان، “لا بدّ أن يعلم الجميع أن اتفاقية السلام خط أحمر، ونحن كأطراف العملية السلمية، رأينا واضح لن نتنازل عنها، وهذا الصوت وصل للمجتمع الدولي والإقليمي، ومن جانبنا، نحن ملتزمون بكل ما ورد في هذه الاتفاقية ويبقى الطرف الآخر، وهو الحكومة المركزية، وفي تقديرنا أن المؤسسة العسكرية في البلاد متفهمة تماماً هذه الاتفاقية وليست لديها نوايا غير ذلك، لكن على القوى السياسية أن تتفهم مصلحة البلد، لأن عدم تنفيذ الاتفاقية أو المساس بها أو اتخاذ أي إجراء مخالف بحقها سيؤجج الصراع مرة أخرى، ويقودنا إلى المربع الأول، ونحن غير مستعدين لذلك”.
ونوه إلى أنهم كأطراف أصيلين في العملية السلمية، استمروا في بذل جهود مضنية وحثيثة بعد انقلاب 25 أكتوبر (تشرين الأول) في مسعى لالتزام جميع المكونات السودانية، عسكرية ومدنية، بالحوار للوصول إلى نقطة التقاء من أجل إنقاذ الوطن من محنته التي انعكست سلباً على كل مناحي الحياة، مؤكداً أنهم لم يكونوا داعمي الانقلاب، ووجودهم في السلطة بعد الانقلاب جاء بموجب اتفاقية السلام، لكن “موقفنا يظل مسانداً الشعب ومدافعاً عن قضاياه وأولوياته”.
ورأى، الناطق الرسمي باسم تجمع قوى تحرير السودان أن هناك قصوراً واضحاً من قبل الدولة باتجاه تنفيذ اتفاقية جوبا للسلام، كما هو حاصل في كل قضايا البلاد، التي لم تجد الاهتمام الكافي، وهذا يعود بالدرجة الأولى إلى عدم التوافق بين جميع أبناء الوطن الواحد ومكوناته المختلفة.
صراع المكونات
استاذ العلوم السياسية عبد القادر محمود صالح ، رأى في حديث ل ( اليوم التالي )أن اتفاق جوبا أو سمه اتفاق المسارات، شابه القصور والتشوه منذ ميلاده، بسبب عدم استيفائه لشروط العملية السلمية وفق رؤية الثورة وأيضاً لمفارقته معالجة جذور قضايا الهامش وأصحاب المصلحة الحقيقيين في مناطق النزاع. انحصر اتفاق جوبا في معالجة قضايا الحرب من زوايا غير شاملة، حيث اقتصر على فتح مسارات ليست موجودة في أرض الواقع، وكان لها آثار مدمرة على لحمة النسيج الاجتماعي السوداني، فبدلاً من أن يكون اتفاق جوبا نافذة للاستقرار والسلم الاجتماعي، أصبح عبئاً على الدولة وفتح المجال للصراع القبلي، وبذلك يمكن وصف هذا الاتفاق بالمعلول؛ الذي لا يستطيع لملمة أطرافه المشاركة فيه، دع عنك أن يوفر الظروف المطلوبة للاستقرار السياسي.
ومضى صالح بقوله : أعتقد أن الحركات المسلحة نفسها أصبحت في مهب الانقسامات والانشقاقات بسبب تدهور حالة الأمن بالبلاد، وذات الحركات المسلحة التي كانت بعض الدول في الإقليم تعول عليها في استقرار الحكم في البلاد، إلا أن هذه الدول يبدو أنها رفعت يدها وآثرت الوقوف بعيداً من الصراع الدائر الآن بينها والمكونات الأخرى، وانسحاب دولة الإمارات العربية المتحدة من الرباعية ليس ببعيد من هذا المشهد.
أتوقع أن يكون مصير اتفاق جوبا مثل الاتفاقات التي كان النظام البائد يعقدها مع الحركات المسلحة إبان فترة سيطرته على الحكم. خصوصاً وأن المشهد السياسي السوداني دخل فيه فاعل جديد يتمتع بفعالية قوية بمستوى عظمة الولايات المتحدة الأمريكية، هذا الفاعل هو الدور الذي يمكن أن يضطلع به السيد جون غودفري في إعادة ترتيب الأوضاع السياسية الراهنة والوصول بالبلاد إلى رغبة الشعب في التغيير الديمقراطي والانتقال المدني للسلطة كما تعهد بذلك في تصريحاته الأولية.


لمتابعة أخبارنا انضم إلى مجموعتنا في الواتساب
انضم الينا في الواتساب