تشخيص الأشعة بالخارج .. فقدان ثقة أم تقليل للتكلفة؟

المجلس الاستشاري لاختصاصي الأشعة : إرسال الصور للتشخيص بالخارج إساءة للسودان والاختصاصيين
مستشفيات خاصة لا تتعاقد مع اختصاصي الأشعة للتكلفة العالية
مصدر : بعض المراكز ترسل صور الأشعة خارج السودان للتشخيص
استشاري : الطبيب المعالج غير مختص في قراءة الأشعة.. ومن حق المريض الحصول على تقرير

لا يمكن للشخص البسيط أو المواطن أو المسؤول السوداني أن يعرف مدى تدهور القطاع الطبي كاملاً بلا استثناء إلا عندما يخالط الواقع من خلال مرض أو مرافقته لمريض لترى بأم عينك مستوى الدمار والتدهور واللامبالاة داخل الحقل الذي يمكن تسميته ب(اللانساني) بحيث أصبحت عبارة (الطب مهنة إنسانية) كلمة حق اريد بها باطل! فالواقع يؤكد بأن الطب أصبح مهنة تجارية قبل كل شيء؛ لطالما لا يسمح بقبول الحالات الحرجة والطارئة إلا بعد دفع مبلغ من المال، إذن المال أصبح أولى من حياة المريض .
في الفترة الأخيرة لجأت بعض المراكز والمستشفيات الخاصة إلى نوع جديد من أنواع الابتزاز والاستهتار العلاجي المتعلق بالأشعة التشخيصية، بحيث يتم إرسال الأشعة إلى مصر أو تركيا أو غيرها لأجل التشخيص، والسبب هو عدم تعاقد هذه المراكز والمستشفيات الخاصة مع اختصاصي الأشعة؛ لأنه يأخذ ما بين 15- 18% من قيمة الأشعة، وفي المقابل ترسل تلك الصور إلى خارج الحدود للتشخيص لجهات قد تكون غير مؤهلة او احترافية لتشخيص تلك الأشعة، الأمر الذي يترتب عليه الكثير من الأخطاء العلاجية التي تصل الى مرحلة فقدان الحياة.(اليوم التالي) شخصت الأزمة وعرضتها على أصحاب الشأن؛ فكانت هذه الوصفة العلاجية..
تحقيق : النذير دفع الله
كارثة طبية
يواجه اختصاصيو الأشعة أزمة حقيقية في السودان؛ تتعلق بالأشعة وقراءة الصور؛ حيث كشف مصدر ل(اليوم التالي)، تتمثل في بعض المؤسسات والمراكز، حيث لا يتعاقدون مع اختصاصي أشعة نسبة للتكلفة العالية، إذ يكلف اختصاصي الأشعة نسبة تصل إلى ما بين ١٥ الى ١٨ في المائة من رسوم الصورة (المقطعية او الرنين). وكشفت بعض المصادر داخل أحد المستشفيات الخاصة أنهم يرسلون الصور عبر (الانترنت) إلى أطباء في دولة (مصر)، لا يعرف مستوى تأهيلهم، حتى يقوموا بكتابة تقارير رخيصة التكلفة. أما المركز الآخر فهو مستشفى (أ) الذي كان يعمل معهم أفضل استشاريي الأشعة وعلى راسهم دكتور عبد المنعم العطايا، حتى تسلل إليهم الإحساس بمنافسة المركز التركي، فحذوا حذوه وذلك بإرسال صور أشعة المرضى الى أطباء تحت التدريب في دولة (تركيا). عليه تقدمت جمعية اختصاصي الأشعة بمذكرة للمجلس الطبي لحسم هذا الأمر، لما يمثله من إضرار وخداع للمريض.
وأوضحت تقارير أن المجلس لا يتحرك بهمة ولا جدية، وقد يكون للفاعلين فيه علاقة بهذه المؤسسات مطالبين بحماية المستهلك بإقامة حملات لتوعية المرضى بالابتعاد عن هذه المراكز ، أو على الأقل المطالبة بحقوقهم؛ وهي الحصول على تقرير موقع من طبيب مسجل بالمجلس الطبي السوداني.
مسؤولية أخلاقية
وأوضح استشاري المسالك البولية دكتور أسامة عبد الحليم عبد الجليل بقوله.. لاحظت أمراً في غاية الغرابة وغاية الخطورة في مستشفى خاص، سابق تجاربي معه أنه ملتزم بمعايير الخدمة الجيدة. حيث يقوم هذا المستشفى الخاص بعمل التصوير الطبقي المحوري والرنين المغناطيسي الطارئ دون التزام بالتقارير التي هي جزء أساسي من الفحص، وبالتالي جزء من خطة العلاج العاجلة، وأضاف.. لا أدري كيف أعطى الطبيب المعالج المريض العلاج المناسب وهو غير متخصص في الأشعة هذا الأمر يضع صغار الأطباء في المناوبات في هذه المستشفيات الخاصة ، سيما الساعات المتأخرة من الليل تحت طائلة المسؤولية الأخلاقية والقانونية شراكة مع هذه المؤسسات. وطالب أسامة هذه المؤسسات وقبلها المجلس الطبي والجهات التنفيذية في وزارة الصحة و كذلك المكتب الموحد للأطباء (حتى قيام النقابة) أن تقوم بواجبها في حماية حقوق المرضى وصغار الأطباء من هذه المؤسسات الصحية الخاصة، وفي طريقنا لفعل ذلك لا ننسى أن ننهض بفرض العين. (مستشفيات القطاع العام) لتعود المستشفيات الخاصة فرض الكفاية، كما كانت وكما ينبغي.
وقال اسامة : لا أود التطرق لكثير من الأشياء السالبة التي شاهدتها في ذلك المستشفى الخاص، و أحصر نفسي فيما يؤثر على علاج المريض بشكل مباشر لزيادة وعي المريض ومرافقيه بحقوقهم، والتي تتعلق بتقرير الأشعة وهو حق وفقاً للخدمة التي دفعت ثمنها، كاشفا أن الطبيب المعالج لا يعتبر متخصصاً في قراءة هذا المستوى المتقدم من الأشعة التشخيصية، وبالتالي في حالة تم وصف العلاج فانه يعتمد على القراءة الصحيحة للأشعة، مشدداً على أن القراءة الخاطئة ستقود الى علاج خاطئ في كثير من الأحيان، وعلى هذه المؤسسات الخاصة نقول بأن لجوء الناس إليهم رهين بوجود خدمة طبية جيدة، فهذا الانحدار في الخدمة العامة – مهما طال – فهو إلى زوال، وإن استمر . عليه فإن التنافس في جودة الخدمة سيكتب لأي جهة الاستمرارية من عدمها، ومن أخذ الأجر حاسبه الله بالعمل.
ووجه أسامة رسالة للأطباء المناوبين في هذه المستشفيات (الخاصة) بأن لا يضعوا أنفسهم تحت طائلة القانون أو حتى الضمير بوصف العلاج دون تقرير، إذا كان العلاج يعتمد على هذا التقرير.
تقصٍ وبحث .
الدكتور عبدالعزيز التوم، مقرر المجلس الاستشاري لاختصاصي الأشعة قال ل(اليوم التالي) إن مسألة عدم وجود اختصاصي أشعة في بعض المستشفيات الخاصة ليس بالأمر الجديد كما أن عملية إرسال بعض الصور لخارج السودان لأجل التشخيص وكتابة التقرير أمر نعاني منه بشدة، مضيفاً أن هذه الإشكالية معروضة الآن أمام المجلس الاستشاري مع العلم ان المجلس ينعقد كل ثلاثة اشهر، ولكن بعض الحالات الطارئة تستوجب انعقاد المجلس وأن يوضع لها اعتبار، ولكن أزمة اختصاصي الأشعة وصلت المجلس قبل شهرين باعتبارها قضية تستوجب البحث والتقصي ومن ثم التشاور والنقاش للوصول لحل، وأشار المصدر إلى التوم أن إرسال الأشعة للخارج غير انها تكلفة إضافية وضياع لوقت المريض، إلا أن المؤسف التشخيص الذي يأتي من الخارج لا يتم عبر محترفين او متخصصين، مشدداً على أن ما يحدث يمثل سمعة سيئة للسودان في هذا المجال، مبيناً أن السودان في الأشعة التشخيصية يعتبر من أفضل البلدان. وأكد التوم اذا كان هنالك أي قصور من جانبنا؛ فنحن مستعدون للمساءلة والمحاسبة، ولكنا متأكدين تماماً أن هذه الأزمة تحتاج للجلوس والتفاكر كاشفاً عن أن المستشفيات التي رفضت أن تمنح اختصاصي الأشعة نسبة 18% من الصورة؛ فإن ذات المستشفيات تدفع لمن يشخصون الأشعة في الخارج أكبر من هذا المبلغ، وهو أمر لا يستقيم عقلاً، وقال التوم إن إحساس الدونية الذي يتملك البعض بأن السودانيين هم دون المستوى نتمنى ألا يكون في العقول .