حميدتي.. ماذا يريد؟

الخرطوم: أمنية مكاوي
حتى الآن لم يتضح بعد، ما قصده الفريق أول محمد حمدان دقلو نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي، وقائد قوات الدعم السريع حينما قال إنه ورئيس المجلس الفريق عبد الفتاح البرهان، قررا بصورة صادقة، ترك أمر الحكم للمدنيين، وإن القوات النظامية، ستتفرغ لأداء مهامها وفق الدستور والقانون.
حميدتي أحدث حالة من الضجة داخل السودان وخارجه حين قال في بيان له أول أمس متحدثاً عن مجلس السيادة: “قررنا سوياً إتاحة الفرصة لقوى الثورة، والقوى السياسية الوطنية، بأن يتحاوروا ويتوافقوا، دون تدخل منا في المؤسسة العسكرية.
التصريحات المتكررة لقيادات الجيش بشأن الخروج من العملية السياسية تقابل بكثير من الشكوك من قبل القوى المدنية والشارع الثوري، على اعتبار أنها لا تتبعها إجراءات على الأرض، بجانب سيطرة المؤسسة العسكرية فعلياً على كل مفاصل الدولة والسلطة والمال!!!

حميدتي.. حديث متكرر
حميدتي دعا كل قوى الثورة، والقوى السياسية الوطنية للإسراع في الوصول لحلول عاجلة، تؤدي لتشكيل مؤسسات الحكم الانتقالي، كما دعا من وصفهم بـ”الوطنيين الشرفاء من قوى سياسية وثورية ومجتمعية”، للتكاتف والانتباه للمخاطر التي تواجه البلاد، والوصول لحلول سياسية عاجلة وناجعة، لأزمات الوطن الحالية، وأعلن حميدتي التزامه الصارم بتعهداته السابقة بخروج المؤسسة العسكرية من المشهد السياسي، والانصراف تماماً لمهامها المنصوص عليها في الدستور والقانون.
هذا الحديث جاء في توقيت كثر فيه الحديث عن تململ داخل المؤسسة العسكرية، وخلافات بشأن وضعية الدعم السريع والجيش السوداني، وبرز ذلك واضحاً عقب ما وصف بالتضارب بين البرهان وحميدتي بشأن تسليم السلطة للمدنيين حيث قال البرهان إلا عبر الانتخابات، بينما رأى حميدتي للمدنيين لإكمال الفترة الانتقالية. ونوه إلى أن الاجتماع الذي جمعه مع رئيس مجلس السيادة أقر بشكلٍ قاطع أن يتولى المدنيون اختيار رئيسي مجلس سيادة ووزراء مدنييْن، وأكد حميدتي تطلّعه لتوافق قوى الثورة على تشكيل حكومة مدنية بالكامل لاستكمال مهام الفترة الانتقالية، بما يؤسس لتحول ديمقراطي حقيقي، وشدّد على أهمية التنسيق والتعاون بين جميع السودانيين لإزالة المصاعب التي تواجه عملية الانتقال وخلق البيئة المواتية للتقدم إلى الأمام تحقيقاً لتطلعات الشعب في بناء دولة ديمقراطية مستقرة، ودعا إلى تغليب المصالح الوطنية العليا حفاظاً على أمن واستقرار البلاد – بحسب التصريح.

حضرة: المكون العسكري فقد المصداقية
ويعتقد القيادي بالحرية والتغيير أحمد حضرة في تصريح لـ(اليوم التالي) أن حميدتي وبرهان فقدا المصداقية أمام الشعب السوداني وأمام الثورة، فبالتالي كل يريد أن يجمل وجهه أمام الرأي العام وكل ما يشعرون (بضيق ما) من مجتمع دولي أو قرار داخلي يظهرون بمثل هذه التصريحات التي يريدون أن يجملون بها وجههم، وأضاف أحمد حضرة: لكن (القبيح لا يمكن أن يجمل) بمثل هذه التصريحات، الواقع هو من يحكم، هناك قمع بالأمس واليوم وهذا ليس حال شخص يريد أن يسلم المدنيين سلطتهم هذا كلام لا قيمة له وقد مله الشعب السوداني، من يريد أن يسلم السلطة للمدنيين الطريق واحد عليه أن يسلمها لمن كان بيده السلطة من مدنيين ويذهبوا هم للثكنات ليقوموا بدورهم وإن إعادتهم الى الثكنات ليس عيباً، وإنما هذا مكانهم الحقيقي لأن دورهم حماية البلاد من الانفلات الأمني وغيره.

مراقبون: التصريحات تشير إلى شرخ في المواقف
ويفسر مراقبون الدعوة إلى قيام حكومة مدنية وخروج العسكر، على أنها مجرد تجميل للمشهد بقيام حكومة مدنية ضعيفة لا تملك من أمرها شيئاً، فيما يدير العسكر المشهد بالسيطرة من وراء الكواليس وبطريقة غير مباشرة وإن ما يدل على ذلك تمثيل رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان في العديد من المحافل داخل وخارج السودان، المكون المدني أيضاً هو من أعطى الفرصة وما زال يقدم الفرص للعسكر بعدم التوافق والصراع على السلطة.
ويرى المحلل السياسي محمد أحمد علي في تصريح لـ(اليوم التالي) إن التصريحات الأخيرة للنائب الأول لرئيس المجلس السيادي الفريق أول محمد حمدان دقلو حميدتي كانت تشير إلى شرخ في المواقف بينه وبين رئيس المجلس السيادي الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان وإن حاولت أطراف التقليل منها مثل ما يفعل مستشار البرهان أبو هاجة وقبله رئيس تحرير صحيفة القوات المسلحة الناطقة بلسان حال الجيش العقيد الحوري، وظهر ذلك جلياً حينما انتقد حميدتي صراحة مبادرة الشيخ الطيب التي يدعمها المكون العسكري وعلى رأسه البرهان.. تصريحات حميدتي الأخيرة ركزت على ضرورة خروج المكون العسكري من العملية السياسية، ولكن العبرة بالخواتيم، فالشارع ينتظر أفعالاً وليس أقوالاً.

الدومة: ليس هناك تسوية قادمة
فيما يرى المحلل السياسي صلاح الدومة أن تصريحات النائب الأول حول تعيين رئيس مجلس الوزراء والمجلس السيادي ليست بجديدة إنما تأكيد لما ذهب إليه الجيش وخروجه من العملية السياسية مشيراً الى التناقض حول تعيين رئيس مجلس سيادي ورئيس مجلس وزراء مما يعد اعترافاً بالانقلاب وهذا يعني أنه الى الآن يملك سلطة الإقالة أيضاً، وقال الدومة: من الأفضل أن يتركوا أمر تعيين رئيس مجلس الوزراء والمجلس السيادي، وأضاف الدومة في تصريح لـ(اليوم التالي) أن تصريحات الناطق الرسمي للجيش أبو هاجة عندما يقول إننا لن نسلم السلطة إلا لحكومة منتخبة وإجماع الجميع دون استثناء أحد هذا شيء مستحيل وهذا شرط تعجيزي، وإن برهان وحميدتي غير صادقين، وإن هناك اختلاف بين البرهان وحميدتي ولا يريد المكون العسكري أن يستمر في السلطة ولا يريد استمرار الانقلابيين، ونوه الدومة الى أنه ليس هناك تسوية قادمة، لكن هناك فرض واقع جديد وهو تنفيذ الإعلان السياسي والوثيقة الدستورية الأولى بشكل جديد .

عبدالوهاب جميل: حميدتي أصبح رقماً حقيقياً لا يمكن تجاوزه
واعتبر القيادي بالتوافق الوطني عبدالوهاب جميل أن الإجابة على سؤال ماذا يريد حميدتي لا يستطيع أحد أن يعطي إجابة واضحة وحقيقية الا الجنرال حميدتي نفسه، ولكن جميع المتابعين للمشهد السياسي الحالي وبعد سقوط النظام البائد تحديد بإمكانهم تقديم إجابات وأفاد: قد لا تكون دقيقة بنسبة تامة، وذلك لأنها مأخوذة من أفعال وأقوال وتصريحات حميدتي نفسه..
أولاً الجنرال حميدتي لديه دور كبير وجهد مقدر في تعجيل إسقاط النظام البائد وليس في صناعة الثورة وامتد دوره في تثبيت الثورة بانحيازه لخيار الشعب وتأمين مرحلة ما بعد الانتقال وأصبح رقماً حقيقياً لا يمكن تجاوزه وساهم كثيراً بقواته وبماله رغم الخلاف حوله. هذا الجهد وهذا الوضع بالتأكيد يزيد من طموحات الشخص وتطلعاته وهذا حق مشروع لا حجر على أحد فيه.. أقوال حميدتي تؤكد أنه يريد التوافق والاستقرار والعبور بالمرحلة الانتقاليه لبر الأمان وذلك يتضح من خلال منهجه لإرضاء الجميع رغم حدة تصريحاته.

تحديد نظام الحكم القادم :
وأضاف جميل لـ(اليوم التالي) أنه من المؤكد أن حميدتي يسعى أيضاً للحفاظ على وضعه ووضع منظومته الدعم السريع لترتيب وضعها داخل الجيش السوداني من خلال عملية الدمج أو التسريح لانتهاء أسباب وجودها كقوة موازية للجيش السوداني وهذا ينطبق على جميع قوى حركات الكفاح المسلح، ومن ثم يسعى لبناء منظومة سياسيه تتحالف مع بعض القوى السياسية التي تتوافق معه في برنامج الانتخابات وتحديد نظام الحكم القادم في السودان.. ورغم تأكيده المستمر لعزوفه عن أي طموحات لحكم السودان الا أن كل المعطيات والترتيبات والاستعدادات تخالف تلك التأكيدات.

تراجع عن تعهد العسكر بالخروج من السياسة
انتقد حزب البعث السوداني تصريحات نائب رئيس مجلس السيادة الفريق حميدتي ووصفها بالتدخل الفاضح في الشأن السياسي، وقال البعث في تصريحات صحفية إن قوى سياسية تتبنى مشاريع دولية وإقليمية صممت لخدمة مصالح أجنبية متجاهلة تطلعات السودانيين مشيراً إلى أن الإعلان عن اتفاقات بين أطراف المكون العسكري حول رئيس مجلس السيادة يعتبر تراجعاً عن تعهد العسكر بالخروج من السياسة، ووصم البيان القوى السياسية بالعجز عن تحقيق التوافق على حل سوداني – سوداني يحفظ كيان الدولة، ويجنب البلاد الانهيار، وكشف عن مشاريع تعمل على إعادة إنتاج الأزمة بأقنعة جديدة تستجدي شعارات الشارع، مؤكداً براءة حزب البعث السوداني من كل تلك المخططات .


لمتابعة أخبارنا انضم إلى مجموعتنا في الواتساب
انضم الينا في الواتساب