تحليل دولي..!!

إليكم ………………… الطاهر ساتي
:: فيما كان يُشارك رئيس المجلس السيادي عبد الفتاح البرهان في مراسم تشييع الملكة البريطانية أليزابيث الثانية، كان بالخرطوم مراسم عزاء أخرى، ليست على رحيل تلك الملكة، ولكن على مشاركة البرهان في مراسم التشييع.. فالمشاركة صدمت النشطاء لحد التوهان، ورصدت بعض تعابيرهم، وهي مضحكة، على شاكلة: (ليه ما ساق زوجته؟)، (وقفوه في صف السفراء)، (ليه لابس بدلة كُحلية؟)، (ما دعوه، مُضهب ساكت)، و..و.. الكثير من الهراء المراد به دفن رأس الحقيقة في رمال الوهم..!!
:: ودفن رؤوس الحقائق في رمال الأوهام من معالم المرحلة، ولذلك ليس في تقليلهم من مشاركة البرهان في مراسم التشييع عجباً، ولكن الغريب في الأمر هو أن أستاذة علاقات دولية بجامعة الخرطوم (تقتدي بهم).. فلنقرأ ما يلي بالنص: (مشاركة البرهان في المحفلين، الأمم المتحدة ومراسم التشييع، تأتي لجهة أنه على رأس الدولة في الوقت الراهن، ولا يتنافى مع الرفض الدولي للانقلاب)، تماضر الطيب، أستاذة العلاقات الدولية بجامعة الخرطوم، لصحيفة (القدس العربي)..!!
:: تخيلوا.. المجتمع الدولي الرافض للانقلاب، يحرص على دعوة قائد الانقلاب للمشاركة في محفلين خلال أسبوع.. دعوتان دوليتان خلال أسبوع، والثالثة موعدها الأسبوع الأول من أكتوبر، ومع ذلك – حسب عبقرية أستاذة العلاقات الدولية بجامعة الخرطوم – فإن هؤلاء الدوليين الداعين رافضين انقلاب من يدعونه للمشاركة في محافلهم، وعلى الناس إلغاء عقولهم وتصديق هذا التحليل السياسي.. فالسؤال، ماذا لو كانوا مؤيدين لانقلابه؟.. الله أعلم، ربما جاءوا وسكنوا معه في الخرطوم، بدلاً عن دعوته إلى عواصمهم..!!
:: لم ينته تحليل تماضر، فعن مغزى مخاطبة البرهان للأمم المتحدة، قالت بكل ثقة: (البرهان قد يلقي كلمة أمام الأمم المتحدة، ولكنها في الغالب ستمر على مسامع الحاضرين دون اكتراث).. لقد صدقت، لن يستمعوا إلى خطابه، وربما يجعلون أصابعهم في آذانهم، حتى لا يُصابوا بداء الانقلاب.. إقناع الناس بمرور كلمة البرهان على المسامع دون اكتراث، يًذكرني بمحاولة إقناع الفكي لصياد قصده طالباً حجاباً يجنبه أنياب الأسد، فأعطاه الحجاب قائلاً: (البس حجابي دا، إن شاء الله الأسد ما ح يشوفك، ولو شافك ما ح ياكلك، ولو أكلك إن شاء الله ما ح تنفعو)..!!
:: ثم تأملوا الاستخفاف بالعقول، حين تقول: (المشاركة عادية وليست ذات أهمية)، أستاذة العلاقات الدولية بجامعة الخرطوم.. لو كانت عادية وليست ذات أهمية ولا ذات مغزى، لماذا امتنعوا عن دعوة رؤساء سوريا وروسيا وكوريا وفنزويلا وميانمار وأخريات؟.. ولماذا اختزلوا مشاركة إيران وأخريات في البعثات الدبلوماسية المقيمة هناك؟.. فالقليل من المهنية – في التحليل السياسي – لا يضر بقضية المحلل، ولا يعني أن المحلل (باع القضية)، أو كما يصرخ البعض، بغرض الترهيب والابتزاز..!!
:: فالمجتمع الدولي ليس ناشطاً ليُسمي الأشياء بغير أسمائها أو ليبني مواقفها السياسية على الأوهام.. المجتمع الدولي يعلم بأن فض الشراكة شيء والانقلاب شيء آخر، وأن المدنية شيء والتمكين شيء آخر، وأن الحكومة الانتقالية شيء والحكومة المنتخبة شيء آخر.. وهكذا.. فالمجتمع الدولي ينظر للحقائق (كما هي).. وعليه، فالنصيحة لطلاب العلوم السياسية بجامعة الخرطوم بأن يعددوا مصادر المعرفة، حتى لا يكون تحليلهم لرحلات البرهان الخارجية تحليلاً من شاكلة: (لجهل رؤساء الدول العظمى برقم تلفون وجدي صالح وعنوان صلاح مناع، يضطرون لدعوة البرهان)..!!