عزاء (أليزابيث) .. هل تغير موقف المجتمع الدولي تجاه البرهان؟

أبو خريس: الغرب لا يتعامل بالعواطف وموقف السلطات واضح من الانتقال!
محلل سياسي: تمثيل البرهان للسودان طبيعي!
أبو الجوخ : زيارات البرهان لا تعني الاعتراف الدولي بالانقلاب!
اللواء مجذوب: الزيارات الثلاث فرضها رحيل الملكة !
شارك رئيس مجلس السيادة القائد العام للجيش، الفريق أول عبد الفتاح البرهان، في مراسم تشييع الملكة البريطانية الراحلة أليزابيث الثانية، يوم أمس الاثنين، وسط رفض واسع من الجالية السودانية في المملكة المتحدة، ووسط تأكيد محللين سياسيين أن موقف المجتمع الدولي لم يتغير من الانقلاب.
لكن محللين رأوا أن ضعف المظاهر الرافضة لزيارته وتغيير وجهة النظر الدولية نحو القوى المعارضة للسلطات العسكرية بسبب خلافاتها، ومنحها فرصة لم تستثمرها، وقلل محللون آخرين تحدثوا لـ(اليوم التالي) من الزيارات الثلاث مؤكدين عدم تأثيراتها على موقف الآلية الرباعية ورفضها للانقلاب.
الخرطوم: إبراهيم عبد الرازق
رافضون ومعارضون!
واجهت زيارة البرهان للمملكة المتحدة رفضاً من قبل الناشطين الحقوقيين والجالية السودانية هناك، التي نددت بالزيارة، متهمة البرهان بتقويض الانتقال الديمقراطي في البلاد وارتكاب انتهاكات واسعة ضد المعارضة، وتداول ناشطون سودانيون في بريطانيا منشورات تندد بالزيارة، وسط أنباء عن استعدادات لتنظيم وقفات احتجاجية.
وتنخرط المملكة المتحدة، ضمن فريق وساطة دولي – الوساطة الرباعية – لحل الأزمة الراهنة في البلاد، منذ الانقلاب على الحكومة الانتقالية في 25 أكتوبر الماضي.
وطالب البرهان، الأسبوع قبل الماضي، المملكة المتحدة بالاعتذار للشعب السوداني عن قتل 18 ألف جندي في معركة كرري عام 1898، واصفاً إياها بالجريمة ضد الإنسانية والإبادة الجماعية والتطهير العرقي. وقال، خلال مخاطبته، الاحتفال بذكرى المعركة الشهيرة، إن هناك جهات تقوم بتهيئة المناخ في البلاد لـ«الغزاة» ليقوموا بتكرار ما حدث قبل أكثر من قرن، عبر تهديد وحدة الجيش والتشكيك في قيادته، فضلاً عن تأجيج النزاعات القبلية في السودان، وينتظر أن يتوجه البرهان، الثلاثاء، إلى الولايات المتحدة الأمريكية للمشاركة في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، في وقت أكدت تقارير محلية أن خطابه في الجمعية العامة سيكون الخميس.

تمثيل طبيعي !
وقال أستاذ العلوم السياسية عبد القادر محمود صالح، إن زيارة البرهان إلى المملكة المتحدة تأتي في إطار مشاركة السودان في مواساة البريطانيين وتقديم التعازي في فقدهم للملكة أليزابيث الثانية، وأضاف في تصريحه لـ(اليوم التالي) أن مشاركة السودان جاءت بوفد رفيع يقوده رئيس المجلس الانتقالي باعتبارة رمزاً لسيادة البلاد في هذا الوقت الحرج من تاريخ السودان الذي يمر بأصعب الظروف الاقتصادية والسياسية حيث ما زال الصراع السياسي بين مكونات العملية السياسية في أوجه رغم محاولات إيجاد الحلول للأزمة القائمة.
وتابع صالح: “من الطبيعي أن يمثل البرهان البلاد في كافة المحافل الدولية لما له من رمزية سيادية وأيضاً السلطة القائمة الآن سلطة جنرالات غض النظر عن عدم اعتراف المجتمع الدولي بها، فإن المناسبات الرسمية محكومة بسيادة الدولة دون غيرها حتى ولو كانت هذه الدولة أو تلك محكومة بسلطة غير مرغوب فيها”، ومضى: لكن يبدو أن هذه الزيارة ستكسر الجمود مع المملكة المتحدة الذي بدأ يتشكل على إثر تصريحات البرهان الأخيرة والتي دعا فيها المملكة المتحدة بالاعتذار للشعب السوداني ومطالبتها بدفع تعويضات للشعب السوداني جراء مجزرة كرري التي ارتكبها المستعمر البريطاني.
في ما يتعلق بزيارة رئيس مجلس السيادة إلى الولايات المتحدة الأمريكية للمشاركة في فعاليات الجمعية العامة للأمم المتحدة وإلقاء خطاب السودان، يقول صالح إن هذه المشاركة تتصل بشكل مباشر بسيادة جمهورية السودان وبما أن البرهان هو رأس السلطة العسكرية الحاكمة الآن، فإن تمثيله للسودان سيفتح فرص جديدة لكيفية معالجة الأزمة الراهنة خاصة وأن الولايات المتحدة الأمريكية عبرت في أكثر من مرة بضرورة نقل السلطة إلى المدنيين، مشيراً إلى أن زيارة البرهان ستكون سانحة بالنسبة لمتخذي القرار في الولايات المتحدة لمزيد من الضغط عليه لتسليم السلطة للمدنيين.
واستطرد بالقول: أعتقد أن البرهان ليس استثناءً مقارنة بعشرات الرؤساء غير المنتخبيين ذوي الخلفية العسكرية والآن يشاركون بخطابات بلدانهم في الجمعية العامة للأمم المتحدة دون أن يرف لرعاية الحرية والديمقراطية جفن.
مراجعات غربية!
أستاذ العلوم السياسة د. عبد الرحمن أبو خريس ذهب إلى أن دعوة البرهان إلى أمريكا وبريطانيا تؤشر على تراجع موقف الدولتين من الشارع السوداني ومركزي الحرية والتغيير ومطالبهما، ويقول أبو خريس في تصريحه لـ(اليوم التالي) إنه من الواضح أن الزيارة لا تحفظ فيها من قبل الدولتين على إجراءات 25 أكتوبر، بدليل أن السفارات في الخرطوم من بريطانيا وأمريكا لم يولوا مسألة قمع المتظاهرين أي اهتمام، دعوا البرهان للمشاركة في العزاء، وكذلك الأمم المتحدة ورغم أن الدعوة جاءت من الأمين العام للأمم المتحدة لكن كان متوقعاً أن تظهر أمريكا نوعاً من عدم الترحيب أو التحفظ وهذا لم يحدث، وتابع أبو خريس: “إذن هناك مراجعات تمت للثورة السودانية وبنيت في تقديري على مؤشرات داخلية منها ضعف تماسك المؤسسات المدنية وأنها لم تحدد بوضوح ماذا تريد وكيف يمكن أن تحقق التحول الديمقراطي”، وتابع: (من الجانب الآخر المكون العسكري وصف 25 أكتوبر بتصحيح مسار وأعلن انسحابه من المشهد السياسي مواقفه أكثر وضوحاً من القوة السياسية لذلك أقول: لا بد من دور سياسي للجيش في المرحلة الانتقالية).
وحول التداعيات في المستقبل القريب للزيارتين من قبل القوة الرافضة لسلطة العسكر، قال أبو خريس: بالتأكيد أتوقع زيادة المناهضات من منظمات أمريكية وبريطانية وشحذ للرأي العام في هذه الدول ضد البرهان، لكن يظل الموقف الرسمي لا غبار منه على السلطات الحالية في السودان الرأي العام العالمي يمكن أن بتشكل بعدد من المواقف لكن الغرب الذي يتابع الأحداث في السودان بصورة يومية التمس أن الشارع السوداني منقسم ومحبط كذلك مركزي الحرية والتغيير خسر الرهان بسبب عدم التفات أمريكا وبريطانيا لمطالبهم هذا سيحدث حالة من التشكيك ويثبت فشل رهن التحول الديمقراطي بالتحول الخارجي.
ودعا أبو خريس القوة السياسية إلى ما أسماه بـ(فرز الكيمان) والعمل على تحول ديمقراطي داخلي وترك الارتماء في أحضان الغرب ومحاولة استقطاب الدعم، وشدد على أن الغرب يريد التحول الديمقراطي بمفهومه ومصالحه وليس مفهوم ومصالح الشعب السوداني.
أدراج الرياح !
أما خبير التفاوض وإدارة الأزمات د. أمين إسماعيل محجوب فيقول: هي زيارات نوعية للبرهان ما كانت تتحقق لولا رحيل الملكة أليزابيث الحبيبة إلى الشعب السوداني، وأضاف في تصريحه لـ(اليوم التالي): “هناك زيارة أخرى إلى الجزائر لحضور القمة العربية سيمثل السودان فيها البرهان ومضى: لنحدد من المستفيد ومن المتضرر نقول يجيب عدم وضع البيض كله في سلة واحدة بمعنى أن المعارضين (عبو) الرأي العام في الاتجاه الخطأ ناسين أن الدول الغربية لا تتعامل بالعواطف ومن الواضح أن المقارعة بالمواكب أثبت عدم نجاحه في تقديرات الدول الغربية”، وتابع: تزامن رحيل أليزابيث مع أحداث داخلية جعلت القوة المعارضة للسلطة تدخل في خط الأزمة وتراهن على عدم منح البرهان للتأشيرة وغيرها لكن تقديراتهم ذهبت أدراج الرياح.

تحليلات خاطئة!
لكن المحلل السياسي ماهر أبو الجوخ رأى أن فرضية دعم بريطانيا وأمريكا للانقلاب وفقاً لزيارة البرهان ومشاركته في فعاليات غير صحيحة، وقال أبو الجوخ في تصريحة لـ(اليوم التالي): إن موقف الآلية الرباعية ما زال على حاله رفضاً لإجراءات 25 أكتوبر بحسب آخر اجتماع، وقلل في نفس الوقت من مشاركة البرهان في اجتماع القمة العربية باعتبار أنها غير مؤثرة بحسب تعبيره.
ومضى: (القذافي شارك من قبل في اجتماع للامم المتحدة رغم معارضته للسياسات الأمريكية)، وحول مشاركة رئيس مجلس السيادة في مراسم عزاء الملكة قال أبو الجوخ إنها لا تمثل دعم بريطانيا للسلطة الحاكمة ولفت إلى أن العزاءات الرسمية لا يتم توجيه الدعوات للمشاركة فيها، بل تتم بمبادرة من المعزين أنفسهم، وتساءل: “هل تم استقبال رأس السلطات على أنه ممثل للدولة والشعب السوداني أم ليس بهذه الصفه؟”.