خطاب (البرهان).. القوى السياسية!!

 

التوافق الوطني: الخطاب خطوة للانفتاح إلى المجتمع الدولي وعودة الاستقرار السياسي والاقتصادي
مركزي التغيير: الخطاب يؤكد عزلة الانقلاب وسيزيد الرفض ودعم العمل المعارض
سياسي: القبول الدولي للبرهان يتضح في حجم لقاءاته الودية والرسمية مع قادة العالم
الخرطوم: محجوب عيسى
تباينت آراء القوى السياسية حول خطاب البرهان أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الدورة 77 للأمم المتحدة، حيث يرى البعض أنه إيجابي، وخطوة نحو الانفتاح إلى المجتمع الدولي وعودة البلاد إلى الاستقرار السياسي والاقتصادي، بعد إجراءات ٢٥ أكتوبر، وأن تقبل المجتمع الدولي للبرهان يتضح بشكل جلي في حجم اتساع لقاءاته الودية والرسمية مع قادة العالم على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، بينما وصفه آخرون بأنه خداع النفس وخداع المجتمع الدولي، سيما وأنه من التناقضات الحديث عن الشعب السوداني وممارسة سياسة العنف المفرط ضده، مؤكدين أن الخطاب لن يكون له أثر على الواقع السوداني.
كلمة البرهان
أكد رئيس مجلس السيادة الانتقالي القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان التزام السودان بالعمل على استدامة السلام وتعزيز آليات الانتقال السلمي وصولاً لتحول ديمقراطي كامل عبر انتخابات عادلة ونزيهة وشفافة، تقود إلى حكم مدني يمثل كافة السودانيين، وقدم البرهان خلال كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة الدورة 77 للأمم المتحدة بنيويورك، أمس الأول، ملامح عن الأوضاع الداخلية بالسودان إلى جانب جهود السودان الإقليمية والدولية لترسيخ السلام ومحاربة الجريمة العابرة للحدود وقضايا اللاجئين.
وبشأن الانتقال السياسي بالبلاد، جدد رئيس مجلس السيادة التأكيد على انسحاب المؤسسة العسكرية من عملية الحوار الجاري بالسودان، بهدف إفساح المجال أمام القوى السياسية والثورية المؤمنة بالحوار الديمقراطى، لتشكيل حكومة بقيادة مدنية من الكفاءات الوطنية المستقلة، وأشاد بالمبادرات الوطنية للحوار التي تنخرط فيها قوى سياسية واجتماعية وشبابية إلى جانب الموقعين على اتفاق جوبا للسلام، وعبر عن أمله في تثمر في توافق يسهل الانتقال الديمقراطي بالبلاد، مؤكداً تعاون الحكومة التام مع البعثة الأممية المتكاملة لدعم المرحلة الانتقالية بالسودان (يونيتامس)، لتنفيذ مصفوفة مطلوبات الفترة الانتقالية حسب قرار تشكيلها رقم (2524) من العام 2020، كما أكد مواصلة التعاون مع قوة الأمم المتحدة الأمنية المؤقته في أبيي (اليونسفا)، وعلى أهمية التضامن الدولي والعمل المشترك متعدد الأطراف وتفعيل آليات التعاون بين الدول لمجابهة التحديات العالمية الماثلة، مؤكداً التزام السودان بخطة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة لسنة 2030، وبشأن إصلاح مجلس الأمن، وأكد أن السودان يتعاطى حيال ذلك ضمن الموقف الأفريقي المشترك.

انفتاح دولي
وصف القيادي بالحرية والتغيير التوافق الوطني الناطق الرسمي باسم التحالف الديمقراطي للعدالة الاجتماعية محيي الدين إبراهيم جمعة في حديثه لـ(اليوم التالي) خطاب رئيس مجلس السيادة بأنه إيجابياً، وخطوة نحو الانفتاح إلى المجتمع الدولي وعودة البلاد إلى حالة الاستقرار السياسي والاقتصادي، وأنه أمر مهم خاصة بعد إجراءات ٢٥ أكتوبر واعتقاد البعض رفض المجتمع الدولي التعامل مع المكون العسكري لجهة أن الخطاب أشار لقضايا موضوعية ضمنها تأكيد خروج المؤسسة العسكرية من العملية السياسية وتركها للقوى المدنية فيما بينها والتوافق لاستلام السلطة واستكمال ما تبقى من الفترة الانتقالية وضرورة الاستمرار لدعوة الحركات التي لم توقع على اتفاقية سلام خاصة الحركة الشعبية لتحرير السودان قيادة عبدالعزيز آدم الحلو وحركة وجيش تحرير السودان قيادة عبدالواحد محمد أحمد النور، إلى الجلوس للمفاوضات كذلك أشار إلى تعامل السودان مع دول الجوار بصورة تعكس المصالح المشتركة بين دول الجوار ومعالجة القضايا المشتركة سواء كان ذلك مع دولة إثيوبيا أو تشاد ومصر وجنوب السودان. الأمر الأخير وهو قضية التوافق الوطني بين القوى المدنية، علاوة على أنه أشار إلى ضرورة التوافق بين القوى السياسية المدنية لمعالجة الأزمة السياسية الحالية التي تشهدها البلاد وضرورة التواصل مع الآلية الثلاثية في تسهيل مهمة الانتقال وتقريب وجهات النظر بين الفرقاء، وكذلك ناشد المجتمع الدولى إلى مواصلة دعم السودان لتمكينه للخروج من الأزمة الاقتصادية ورفع عنه الديون.
رسالة رفض
فيما يقول القيادي بالحرية والتغيير المجلس المركزي ومقرر المكتب التنفيذي في حزب التجمع الاتحادي المعارض أحمد حضرة إن المجتمع الدولي يرفض البرهان ويرفض الاعتراف بانقلابه والتعامل معه وإن خطابه في الجمعية العامة للأمم المتحدة، أعتقد أنها فرصته، لإيصال رسالة للعالم فوصلته رسالة أقوى بانسحاب غالبية الرؤساء والزعماء.
وبحسب حضرة في تصريح لـ(اليوم التالي) أنها رسالة رفض قوية بأسلوب حضاري يجب أن يستوعبها عساكر الانقلاب أن لا قبول ولا اعتراف ولا تعامل ولا دعم يطيل عمر انقلابكم، ونوه إلى أن المشاركة تؤكد عزلة كاملة قاطعاً أنها لن تحدث أي تغيير يذكر على الواقع السوداني، وإنما تزيد الرفض ودعم العمل المعارض للتسريع بإزالة الانقلاب.
ويشير القيادي بالتغيير إلى أن الزيارة، زادت من أعباء الشعب السوداني فوق ما يعانيه من ضيق المعيشة والظروف السيئة في كل المرافق، علاوة على أنها تؤكد دعم المجتمع الدولي خيارات السودانيين وثورتهم المستمرة لتحقيق شعارات الحرية والسلام والعدالة والمدنية الكاملة وصولاً للتحول الديمقراطي.
خطاب دبلوماسي
غير أن المحلل السياسي الفاتح عثمان يرى أن خطاب البرهان في الجمعية العامة للأمم المتحدة جاء خالياً من المفاجآت السياسية اذ أنه أعاد بوضوح شديد تأكيد موقف المكون العسكري من الانسحاب من الحوار ومن السلطة التنفيذية لصالح توافق سياسي سوداني بقيادة مدنية بشرط أن يشمل جميع القوى السياسيه السودانية عدا المؤتمر الوطني ويوضح عثمان لـ(اليوم التالي): هذا يعني رفضه التام للعودة للشراكة مع قوى الحرية والتغيير، ويصف الخطاب بأنه دبلوماسي بامتياز وخطاب دولة جيد جداً إذ أنه خاطب الأمم المتحدة والمجتمع الدولي مطالباً بالوفاء بإعفاء الديون الخارجية السودانية وشرح فيه مساهمة السودان في صنع السلام العالمي عبر دور السودان الكبير في صنع السلام، وطالب المجتمع الدولي بالمساهمة في تمويل اتفاقية جوبا للسلام من أجل استدامة السلام وعودة النازحين وأيضاً طالبهم بتمويل السودان لدوره الكبير في استضافة ملايين من اللاجئين من دول الجوار الأفريقي، ويقول محجوب تجنب الخطاب الحديث عن الصراع الروسي الأوكراني والصراع العربي الإسرائيلي وتجنب كل مشاكل الإقليم بما في ذلك أزمة سد النهضة والحرب الأهلية في إثيوبيا، ويلفت إلى أن تقبل المجتمع الدولي للبرهان سيتضح بشكل جلي في حجم اتساع لقاءاته الودية والرسمية مع قادة العالم على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، ويعتبر لقاءات البرهان الداخلية والخارجية بمثابة تحذير شديد اللهجة للقوى السياسية السودانية بأنها إن لم تتفق على حكومة توافق سياسي سوداني بقيادة مدنية تشمل الجميع عدا المؤتمر الوطني فإنها تخاطر بتقبل العالم لحكومة عسكرية يقودها البرهان.

دغدغة مشاعر
وفي السياق ذاته يقول رئيس المجلس التنفيذي لحركة بلدنا جعفر خضر إن زيارة البرهان تهدف لقبوله عامل استقرار في المنطقة وغض الطرف بدرجة ما عن الثورة والديمقراطية وانتهاكات حقوق الإنسان، وفي سبيل ذلك مستعد لأن يفعل كل ما يرضي الغرب، وفق تعبيره، ويلفت الى أن خطاب البرهان تفادى الحديث عن ما أسماه إجراءات ٢٥ أكتوبر التصحيحية (الانقلاب)، ما يدلل على علمه بتهافت حججه وعدم مقبوليتها، كما تجاهل ذكر شهداء ثورة ديسمبر المجيدة، محاولاً إخفاء صورة مجزرة القيادة العامة ومجازر انقلاب٢٥ أكتوبر وغيرها، ويتفق خضر مع حضرة حول عدم أثر الخطاب على حاضر السودانيين الذين يعانون من شظف العيش وعلى أعتاب المجاعة، مضيفاً: تستمر ثورة ديسمبر وتسقط البرهان والانقلابيين كما أسقطت سلفهم البشير، ويذكر خضر في حديثه لـ(اليوم التالي) أن رئيس المجلس السيادي حاول دغدغة مشاعر المجتمع الدولي عبر قضية السلام وناشده للعونِ والمساعدةِ في دفعِ جهودِ استحقاقاتِ السلامِ بموجبِ اتفاق سلام جوبا، علماً أن اتفاق جوبا كان أحد مراحل الانقلاب، وتابع: قدم البرهان إغراءات للمجتمع الدولي بأن السلطة الحالية يمكن الوثوق بها لخلق الاستقرار في المنطقة بإشارته للجهود المبذولة في تنفيذِ اتفاقية السلام في جمهورية جنوب السودان، والمجهودات المبذولة في الصومال، أفريقيا الوسطى، الكنغو؛ وجهود مكافحة الإرهاب والاتجار بالبشر والجريمة العابرة للحدود والجريمة المنظمة أي يقول للغرب إنني رجلكم في المنطقة، لذلك ساعدوني بإعفاء الديون وتقديم المساعدات، والاستثمار في بلادنا لتحقيقِ الأمنِ الغذائي على المستوى الإقليمي والدولي، وزاد: البرهان مستعد لتقديم أي شيء مقابل بقائه في السلطة، وطبقاً لرئيس المجلس التنفيذي لحركة بلدنا، أن البرهان روج لخطابه بانسحابَ المؤسسةِ العسكريةِ من الحوارِ وعدم المشاركة في السلطة، ولم يتحدث مطلقاً عن سيطرة قيادة الجيش على اقتصاد البلاد، ولم يشر إلى خضوع القوات النظامية للسلطة المدنية، لجهة أنه يريد أن يكون قائداً فعلياً لمجلس الأمن والدفاع المقترح ليكون حاكماً للبلاد من وراء ستار، ويستطيع إعادة ترتيب الأمور وقتما يشاء وكيفما يشاء، علاوة على أن انتقاده للبعثة الأممية يجيء من عدم تساهلها مع الانقلابيين ووصف ما حدث بأنه انقلاب.

خداع المجتمع الدولي
وفي الاتجاه ذاته يقول الحزب الشيوعي إن خطاب البرهان في الأمم المتحدة يسير في طريق خداع النفس وخداع المجتمع الدولي، سيما وأنه من التناقضات حديث السلطة العسكرية عن الشعب السوداني وتمارس سياسة العنف المفرط، القتيل والتعذيب والاعتقال ضده، وبحسب الناطق الرسمي للحزب فتحي الفضل في تصريح خص به (اليوم التالي) هناك فرق كبير بين ما يقال وما يمارس من السلطة داخل البلاد، ووصف ما أعلن داخل أروقة الأمم المتحدة بأنه غير صحيح.


لمتابعة أخبارنا انضم إلى مجموعتنا في الواتساب
انضم الينا في الواتساب