اليوم التالي- علي الطاهر
ما كان يحب أن يرقد جسده على أرض غريبة، أو في بلاد الفرنجة بعيداً عن تراب الوطن السودان؛ لذلك أوصى الراحل المقيم والفنان الفخيم “عبد الكريم الكابلي” بدفنه في موطنه، مقرن النيلين، ونفذت الأسرة الوصية عندما توسد أمس تراب الوطن ..
أمس القريب عندما نودي لصلاة الجمعة كان جسد “الكابلي” يرقد أمام محراب المسجد، قبل أن يشيع إلى مقابر الصبابي بمدينة الخرطوم بحري، حملت أيادي معجبيه وعشاق فنه نعشه ووري الثرى، في مدافن على بعد خطوات من بيته الذي سكن فيه حياً، وهناك في الحي العريق تساقطت الدموع على فراق الفنان المبدع، وجلس الحزن مكان الفرح الذي صنعه بفنه الراقي وأغنياته الجميلة المغلفة بصوته الفريد..
وأمس (الجمعة) أوفت الأسرة بالوصية التي سمحت للسودانيين إلقاء النظرة الأخيرة على الفنان الكابلي الذي رقدت روحه بسلام؛ بعدما ضم جسده تراب الوطن الذي أثرى الساحة بعدد كبير من أغانٍ ذات قيمة ثقافية وأدبية كبيرة؛ ساهمت في تربية الوجدان السوداني ورفع مستوى الذوق من خلال قدرته على اختيار الكلمات والألحان النقية التي تبرز جمال القصيدة..
عندما تأتي ذكرى الفنان العملاق عبد الكريم الكابلي؛ الذي رحل في شهر ديسمبر الماضي؛ تمر من أمام مخيلة الجميع عدد مهول من الأعمال الفنية والأغاني في جميع أشكالها العاطفية – الوطنية – التراث – الفخر – الشجاعة وحتى المديح، ولن ينسى الجميع صوته الرنان وهو يمدح “هناك حلقة شيخ يرجحن.. يضرب النوبة ضرباً فتحن وترن”..
كابلي “فؤاده نغم”، ولسانه “سكر.. سكر”، ولم يكن “ضنيناً بالوعد”، كان فناناً معطاء، وشاعراً بارعاً يجيد صناعة القصيد، وملحناً يكسي الأغاني مقاطع من الموسيقى ويبرز مفاتنها بشكل لافت يسر السامعين..
تشيع الكابلي أمس جدد الأحزان، ولكنه في نفس الوقت كشف الحضور الكبير عن مكانة الشاعر في قلوب السودانيين التي لم يصل إليها فنان من قبل..