الخرطوم _ اليوم التالي
كشفت تقارير دولية أن دولة الإمارات العربية المتحدة تعمل هذه الأيام على توسيع حملة سرية لدعم مليشيا الدعم السريع و إشعال الحرب الأهلية في السودان، وهي تلوح براية الهلال الأحمر في محاولة لدعم المليشيا تحت غطاء العمليات الإنسانية، بجانب تهريب الأسلحة ونشر الطائرات بدون طيار.
ونشرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمركية تقريراً مطولاً بعنوان “كيف يستخدم حليف للولايات المتحدة المساعدات كغطاء في الحرب السودانية” كشف تفاصيل دقيقة عن الدعم الإماراتي اللامحدود لمليشيا الدعم السريع.
وكشف التقرير أنه بتاريخ اليوم 21 سبتمبر الجاري 2024، في الساعة 6:54 صباحًا بالتوقيت الشرقي، حلقت طائرات بدون طيار فوق الصحاري الشاسعة على طول الحدود السودانية، لتوجيه قوافل تهرب الأسلحة غير المشروعة إلى المقاتلين المتهمين بارتكاب فظائع واسعة النطاق والتطهير العرقي ــــ “مليشيا الدعم السريع”.
وتقول جماعات الإغاثة إن هذه الطائرات تحوم فوق مدينة محاصرة “الفاشر” تقع في قلب المجاعة الرهيبة في السودان، وتدعم هذه الطائرات قوة شبه عسكرية لا تعرف الرحمة، قصفت المستشفيات، ونهبت شحنات المواد الغذائية، وأحرقت آلاف المنازل.
و بحسب “نيويورك تايمز” تنطلق هذه الطائرات بدون طيار من قاعدة تقول الإمارات العربية المتحدة إنها تدير فيها جهوداً إنسانية للشعب السوداني، وهو جزء مما تسميه “أولويتها العاجلة” لإنقاذ أرواح الأبرياء ودرء المجاعة في أكبر حرب في أفريقيا.
و تلعب الإمارات لعبة مزدوجة مميتة في السودان، البلد الذي مزقته إحدى أكثر الحروب الأهلية كارثية في العالم.
و حرصًا منها على تعزيز دورها كصانع “ملوك” إقليمي، تعمل الدولة النفطية الخليجية الغنية على توسيع حملتها السرية لدعم من وصفه تقرير الصحيفة الأمريكية بـ “الفائز” في السودان، حيث تقوم بتحويل الأموال والأسلحة، والآن طائرات بدون طيار قوية إلى المقاتلين الذين يثورون في جميع أنحاء البلاد.
وفقًا لما ذكره المسؤولون والمذكرات الدبلوماسية الداخلية، وصور الأقمار الصناعية التي حللتها صحيفة “نيويورك تايمز”، تقدم الإمارات نفسها على أنها بطلة السلام والدبلوماسية والمساعدات الدولية، وبحسب التقرير إنها تستخدم أحد أشهر رموز الإغاثة في العالم – الهلال الأحمر، نظير الصليب الأحمر – كغطاء لعمليتها السرية لإرسال طائرات بدون طيار إلى السودان وتهريب الأسلحة إلى المقاتلين، حسبما تظهر صور الأقمار الصناعية.
ويقول مسؤولون أمريكيون، و تقول الأمم المتحدة إنه تم إعلان المجاعة رسميا الشهر الماضي بعد ما يقرب من 18 شهرا من القتال الذي أودى بحياة عشرات الآلاف وتشتت ما لا يقل عن عشرة ملايين شخصاً في أسوأ أزمة نزوح في العالم، تصفها جماعات الإغاثة بأنها كارثة ذات “أبعاد تاريخية”.
وتقول الإمارات إنها أوضحت “بكل وضوح” أنها لا تقوم بتسليح أو دعم “أي من الأطراف المتحاربة” في السودان، بل على العكس من ذلك، تقول إنها “منزعجة من الكارثة الإنسانية المتسارعة” وتضغط من أجل “وقف فوري لإطلاق النار”.
لكن ووفقاً لـ “نيويورك تايمز” منذ أكثر من عام، ظلت الإمارات تدعم سراً قوات الدعم السريع. وهي جماعة شبه عسكرية تقاتل الجيش السوداني للسيطرة على ثالث أكبر دولة في أفريقيا.
ومن خلال تحليل صور الأقمار الصناعية، حددت “التايمز” نوع الطائرة بدون طيار المستخدمة: وهي وينج لونج 2، وهو نموذج صيني غالباً.
وقد أكد محققو الأمم المتحدة تحقيقاً أجرته صحيفة التايمز العام الماضي حول تفاصيل عملية تهريب الأسلحة الإماراتية في يناير ، عندما استشهدوا بأدلة “موثوقة” على أن الإمارات تنتهك حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة منذ عقدين على السودان. والآن، يقوم الإماراتيون بتضخيم حملتهم السرية، و يتم إطلاق طائرات بدون طيار قوية صينية الصنع، وهي الأكبر على الإطلاق في حرب السودان، من مطار عبر الحدود في تشاد قامت الإمارات بتوسيعه ليصبح مطارًا عسكريًا مجهزًا تجهيزًا جيدًا.
وتظهر صور الأقمار الصناعية أنه تم بناء حظائر الطائرات وتركيب محطة للتحكم في الطائرات بدون طيار فضلا عن أن العديد من طائرات الشحن التي هبطت في المطار خلال الحرب كانت تنقل أسلحة للإمارات إلى مناطق صراع أخرى، مثل ليبيا، حيث اتُهم الإماراتيون أيضًا بانتهاك حظر الأسلحة، حسبما وجد تحليل أجرته صحيفة “التايمز” لبيانات تتبع الرحلات الجوية.
ويقول المسؤولون الأمريكيون إن الإماراتيين يستخدمون المطار الآن لتحليق طائرات عسكرية بدون طيار متقدمة لتزويد قوات الدعم السريع، بمعلومات استخباراتية عن ساحة المعركة، ومرافقة شحنات الأسلحة إلى المقاتلين في السودان – لمراقبة الكمائن وفقاً لتحليل صور الأقمار الصناعية.
وحتى الآن، لا يبدو أن الطائرات بدون طيار تشن غارات جوية خاصة بها في السودان، كما يقول المسؤولون، ولكنها توفر المراقبة وتحدد الأهداف في ساحات القتال الفوضوية.
وبحسب الصحيفة الأمريكية الحرب الأهلية في السودان أدى القتال بين فصيلين عسكريين إلى إلقاء السودان في حالة من الفوضى.
وقال التقرير :”ما يجب معرفته: يتنافس جنرالان – أحدهما مدعوم من الجيش السوداني والآخر من قبل مجموعة شبه عسكرية قوية – على السلطة في الدولة الإفريقية في صراع بدأ في عام 2023″.
وأشار التقرير إلى أن محادثات السلام التي قادتها الولايات المتحدة في منتجع سويسري للتزلج أدت إلى توفير الإغاثة من المجاعة للمناطق المحتاجة، لكنها فشلت في التوسط لوقف إطلاق النار، أو حتى جلب الجانبين إلى طاولة المفاوضات، بعد أن رفض الجيش السوداني الحضور. ونوه إلى أن الضغوط أدت إلى أن يفتح الجيش السوداني المعبر الحدودي الرئيسي مع تشاد، بعد اتهامه بمنع المساعدات الغذائية عن شعبه الذي يتضور جوعًا، والذي كان قد أغلقه لمدة ستة أشهر أمام مساعدات الأمم المتحدة.
طائرات بدون طيار
وقال جيه مايكل دهم، وهو زميل بارز في معهد ميتشل لدراسات الفضاء الجوي ومقره فيرجينيا، إن الطائرات بدون طيار التي توفرها الإمارات يجعلها “مضاعفًا كبيرًا للقوة”، و قال :”بعد الإقلاع من القاعدة، قد يتم في الواقع قيادة الطائرات بدون طيار عن بعد من الأراضي الإماراتية”، و كما يقول الخبراء والمسؤولون أنه في الآونة الأخيرة، تم اكتشافه هذه الطائات وهي تقوم بدوريات في سماء مدينة الفاشر السودانية المحاصرة، من قبل قوات الدعم السريع، وتضم المدينة ما يقرب من مليوني شخص، وتتزايد المخاوف من أن الحرب على شفا المزيد من الفظائع.
و بحسب الصحيفة يمارس المسؤولون الأميركيون ضغوطاً على جميع المقاتلين في الحرب لوقف المذبحة، وكان قد واجهت نائبة الرئيس، كامالا هاريس المرشحة في السباق الرئاسي ضد دونالد ترامب، زعيم الإمارات، الشيخ محمد بن زايد، بشأن دعم بلاده لقوات الدعم السريع، عندما التقى الاثنان في ديسمبر ، وفقا لمسؤولين مطلعين على اللقاء.
ودعا الرئيس بايدن هذا الأسبوع إلى إنهاء الحرب، “محذرا من أن الحصار الوحشي الذي تفرضه قوات الدعم السريع على الفاشر” أصبح هجوما شاملا. و “من المتوقع أن تظهر الأزمة مرة أخرى عندما يستضيف هو والسيدة هاريس الزعيم الإماراتي في البيت الأبيض للمرة الأولى يوم الاثنين”.
وقال جون إف كيربي، المتحدث باسم البيت الأبيض، عن الأزمة: “يجب أن يتوقف الحصار لم يعد بإمكانهم الكذب علينا”.
وتم تم اتهام كلا الجانبين في الحرب الأهلية في السودان بارتكاب جرائم حرب، بما في ذلك الاعتداءات الوحشية التي صورها المقاتلون أنفسهم.
و اندلعت الحرب في السودان بحسب الصحيفة في سبيل الصراع على السلطة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.