يمتاز السودان بأنه دولة شابة بعكس الدول الأخرى التي يزيد فيها عدد كبار السن عن عدد الأطفال والشباب وقد جاء في تقرير اليونسيف حول أوضاع الأطفال (أظهرت البيانات أن الأطفال في السودان يشكلون شريحة عريضة في الهرم السكاني مما يشير الى أن مستقبل البلاد يعتمد كلياً عليهم)، وكما هو معروف في أن تعريف الطفل هو من لم يتجاوز عمره 18 سنة، وتدخل فئة الشباب داخل هذا التعريف حيث تعرف الأمم المتحدة الشباب على أنهم الأشخاص ممن تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عاماً، وتستند جميع إحصاءاتها بشأن الشباب إلى هذا التعريف.
لقد أوضحت نتائج التعداد السكاني الخامس (2008) أن عدد الذين لم يتجاوزوا عمر 18 سنة، قد بلغ 15.5 مليون وذلك مقارنة بعددهم البالغ 10.9 مليون في عام 1990. وتوضح التقديرات الإحصائية أن عددهم في عام 2017 قد وصل 20.4 مليون طفل، أي بزيادة حوالي 5 مليون طفل من تعداد عام 2008. وهذا يعني أنهم أكثر من نصف المجتمع السوداني. حرمان هذه الأغلبية من حق التصويت والترشيح والتي تمثل أكثر من نصف السكان هو إقصاء ظالم يحرمهم من حقهم في أن يكونوا مواطنين وذلك في ظل الهيمنة الكاملة لكبار السن طوال سنوات السودان، وعليه بنفس مصطلح قسمة السلطة والثروة والمشاركة، هم كأغلبية السكان من حقهم المشاركة والتعبير وعدم حرمانهم من التصويت والترشيح. يجب أن تشجع الديمقراطية الحقيقية أكبر عدد ممكن من الناس على الاطلاع على شؤون مجتمعهم والمشاركة الفعالة فيها. إن الحجم الهائل للاستبعاد لهؤلاء الملايين غير مقبول على الإطلاق. يجب أن يعدل قانون الانتخابات لتكون أهلية الناخب أن يكون بالغاً من العمر 15 عاماً وكذلك أن لا يقل عمر المرشح عن 15 عاماً بدلاً عن 21 عاماً.
من أجل المشاركة الفاعلة لهذه االملايين وتقليل هيمنة جمهور الناخبين الأكبر سناً، قامت العديد من الحملات العالمية من أجل خفض سن المشاركة في الانتخابات، لقد سبق أن كتب البروفيسير ديفيد روننسمان رئيس قسم السياسات والدراسات الدولية في جامعة كمبريدج حول ذلك في نشرة شبكة حقوق الطفل الدولية وفي الغارديان في مقاله الشهير باسم الفجوة بين الأجيال تشوه الديمقراطية وأنه لا يوجد سبب وجيه لاستبعاد الأطفال من التصويت ( No good reason to exclude children from the right to vote
كما سبق أن تقدمت النائبة الأمريكية غريس مينج مقترحاً بتعديل سن التصويت في اللولايات المتحدة الأمريكية الى 16 عاماً، وفي النمسا، تنشط حركة باسم (حق التصويت للأطفال، حالاً)، وكذلك في سويسرا، قام مرشح من حزب الخضر بطرح فكرة منح حق التصويت للأطفال وهذا بجانب الحملات المختلفة لذلك والتي يشارك فيها عدد من الممثلين ونجوم المجتمع الذين يدعمون ذلك وحركات قوية تناصر ذلك والحملات مستمرة لتعديل سن التصويت والترشيح.
كما هو معروف فإن حقوق الطفل تقوم على مراعاة المصلحة الفضلى، ومن المبادئ الأساسية مبدأ المشاركة وإبداء الرأي، ولدينا قانون الطفل لسنة 2010، ينص في المادة (2) (ي) على أن يكفل للطفل الحق في التعبير عن آرائه ورغباته بكل حرية وإشراكه فعلياً في الإجراءات القضائية أو الإدارية أو الاجتماعية أو التربوية الخاصة وفقاً لسن الطفل ودرجة نضجه. وعليه تكتمل وتتحقق قمة المشاركة الفاعلة في حقه في المشاركة في العمليات الديمقراطية مثل التصويت والانتخاب، ولم نقل كل الأعمار، بل 15 سنة.
وختاماً: علينا منحهم حق التصويت والترشيح وخفض السن لـ15 سنة، ولعل هذا يسهم في سودان جديد بمعنى الكلمة.
ياسر سليم