قال مساعد القائد العام للجيش السودانى عضو مجلس السيادة الفريق أول ركن ياسر العطا إن الوضع الميدانى فى كامل مسرح عمليات السودان يميل بصورة واضحة وكبيرة ومتسارعة لصالح القوات المسلحة، مؤكدًا أن الجيش يتقدم بثقة وثبات نحو تحقيق أهدافه والقضاء على التمرد، ليس فى العاصمة فقط بل فى الجزيرة وشمال كردفان ودارفور وكل محاور القتال.
ونفى العطا فى حوار خاص لـ «الشروق» خلال زيارة إلى مدينة أم درمان وهو الأول له مع صحيفة مصرية منذ اندلاع الحرب ــ مزاعم قائد ميليشيا الدعم السريع محمد حمدان دقلو «حميدتى» بشأن مشاركة الطيران المصرى فى القتال ضد قواته، قائلاً إن «هذا اتهام من رجل كاذب وجاهل تبريرًا لهزيمته، ولكراهيته للشعب المصرى، وخدمة أغراض السياسات الإقليمية الخاصة بإثيوبيا وبعض الدول المتحالفة معه».
وأكد العطا أن الإسلاميين لم يشعلوا الحرب وليس لهم علاقة بها، وحميدتى هو الذى طالب قيادات الحركة الإسلامية بدعمه والتحالف معه فى الانتخابات للوصول إلى السلطة.
وإلى نص الحوار:
كيف يبدو الوضع الميدانى الراهن فى كل محاور القتال بالعاصمة المثلثة (الخرطوم، الخرطوم ــ بحرى، أم درمان)، لا سيما فى ظل المستجدات الأخيرة بشأن تقدم قوات الجيش؟
ــ الوضع الميدانى فى كامل مسرح عمليات السودان يميل بصورة واضحة وكبيرة ومتسارعة لصالح القوات المسلحة السودانية، فقد عملت القوات المسلحة فى الفترات السابقة على تدمير القوة الصلبة للميليشيا من خلال القيام بعمليات دفاعية، ومن ثم عمليات دفاع تعرض عدائى، وتنفيذ عمليات نوعية مما رجح ميزان القوة لصالح الجيش من حيث أعداد المقاتلين والقدرات القتالية.
وفى حين كانت تتناقص أعداد مقاتلى الميليشيا المتمردة ويتم تدمير إمكانياتها القتالية كانت الدولة السودانية تقوم بالتجنيد والاستنفار والتدريب وشراء معدات القتال، وفى الوقت الراهن تحولت قواتنا إلى تنفيذ عمليات تعرضية وعمليات خاصة ونوعية وتتقدم بثقة وثبات نحو تحقيق أهدافها وحسم هذا التمرد، ليس فى العاصمة فقط بل فى الجزيرة وشمال كردفان ودارفور وكل محاور القتال.
> لماذا طال أمد الحرب رغم الحديث عن حسم المعارك خلال أيام مع بداية اندلاعها؟
ــ القوات المسلحة السودانية بطبيعتها لها واجبات فى حماية كل حدود البلاد والولايات والمناطق الحيوية، بمعنى أن قواتنا ليست فى الخرطوم فقط ومنتشرة فى جميع أرجاء السودان، فيما قامت الميليشيا باستدعاء كل قواتها وإمكاناتها وأخلت كل مواقعها وحشدت قواتها فى الخرطوم لذلك لحظة بداية العدوان على الدولة كان ميزان القوى يميل لصالحهم، كما أن صعوبة القتال فى المدن واحتماء جنود الميليشيا بالمواطنين أدى لتأخير سير العمليات العسكرية وحسم التمرد.
> بشأن ادعاء قائد ميليشيا الدعم السريع «حميدتى» حول قيام مصر بقصف قواته.. بما ترد على مزاعمه؟
ــ أنا لا أسمع خطابات هذا الجاهل الكاذب ومن حوله، هم يكذبون حتى على أنفسهم ويصدقون كذبهم وحياتهم كذب واحتيال وخداع. والعلاقة بين شعبى وادى النيل فى مصر والسودان تمتد تاريخيا عبر آلاف السنوات ومستمرة حتى الوقت الراهن، وهو لا يستطيع التأثير فى تلك العلاقة التاريخية، الوطيدة.
إن تاريخ القوات الجوية السودانية بدأ فى عام 1956، وتطور حتى اللحظة الراهنة، ولدينا طائرات ميج 29 وسوخوى شاركت وما زالت تشارك فى التحالف العربى لاسترداد الأمن لأشقائنا فى اليمن، ومن ثم حميدتى يعلم بمدى قدراتنا الجوية، ولكن هذا الاتهام يرجع لعدة أسباب، أهمها تبرير هزيمته، وكراهيته للشعب المصرى الشقيق، وخدمة أغراض السياسات الإقليمية الخاصة بإثيوبيا وبعض الدول المتحالفة معه، وكذلك التباكى بصورة ساذجة وغبية للحصول على مزيد من الدعم من الأطراف الداعمة له، ولتخفيف الضغط الدولى على تلك الأطراف نتيجة دعمها لجرائم الحرب وقتل المدنيين السودانيين».
وإذا أرادت مصر التدخل هل كانت ستنتظر عامًا ونصف العام؟! وبإمكانيات القوات الجوية المصرية هل ستأخذ وقتا كبيرا لتدمير الميليشيا؟! ومن ثم هذا اتهام غير منطقى وبدون دليل ولا يمت للواقع بصلة، وحميدتى معروف بالجهل والكذب والاحتيال والخداع.
البعض فى مواقع التواصل الاجتماعى تحدث عن «مجزرة» فى الحلفايا متهمًا كتيبة البراء بإعدام عدد من المواطنين بسبب تعاونهم مع الدعم السريع؟
ــ هذا ادعاء غير صحيح إطلاقا، وإعلام مضاد كاذب لأغراض سياسية تقوم به جهات سياسية معروفة داعمة للتمرد. لقد أشرفت بنفسى على عملية عبور الجيش السودانى من أم درمان إلى منطقة الحلفايا فى بحرى، وقد دارت اشتباكات خفيفة ومتقطعة نظرًا لعامل المفاجأة فى الزمان والمكان، وسقط قتلى من الميليشيا أثناء الاشتباك، ولم تشارك أى قوة من كتائب إسناد المقاومة الشعبية.
وفى اليوم الثانى، عبرت مجموعة صغيرة من كتيبة البراء من مالك، وهى أحد تشكيلات المقاومة الشعبية، للتمركز فى مواقع محددة لفتح الطريق مع قواتنا فى منطقة الكدرو، ولم يحدث أى اشتباكات أو قتل، كما أنه ليس من اختصاص الكتيبة القبض على المتعاونين، هم مقاتلون ضد الميليشيا التى تحمل السلاح وتقاتل ضد الجيش.
ألا يرى الجيش السودانى أن تشكيلات المقاومة الشعبية قد تمثل إعادة إنتاج لسيناريو الدعم السريع مما يشكل خطرًا كبيرًا على وحدة البلاد والحفاظ على جيش مهنى واحد؟
ــ المعركة فى السودان هى معركة ميليشيا متمردة استجلبت مئات الآلاف من عرب شتات غرب إفريقيا بغرض الاستيطان فى السودان، واستجلبت عشرات الآلاف من المرتزقة من جنوب السودان وليبيا وإثيوبيا واليمن وسوريا ومجموعة فاجنر الروسية لهزيمة الشعب السودانى.
وقد هب الشعب بأكمله للدفاع عن وجوده فى أرضه ليسطر ملحمة تاريخية عظيمة والتحم مع جيشه. كما أن هؤلاء الشباب من كل أقاليم السودان وقبائله وإثنياته وألوان طيفه السياسى، وأول من تقدم المشهد القتالى هم شباب ثورة ديسمبر فى لجان المقاومة ومجموعات غاضبون وهناك عناصر من شباب ينتمون لحزب الأمة والتحالف الديمقراطى للعدالة الاجتماعية وللتيار اليسارى والإسلامى، إذن فلماذا التركيز فقط على شباب التيار الإسلامى؟!، أليسوا سودانيين ولهم حق الدفاع عن بلادهم وطرد المستعمرين الجدد من عرب شتات غرب إفريقيا وحماية بلادهم كما يفعل كل الشباب فى التيارات الاجتماعية والسياسية الأخرى باسم المقاومة الشعبية وبقيادة ضباط فى الجيش؟.
هل يُمكن أن يكون لهم مطالب سياسية مستقبلاً عقب نهاية الحرب؟
ــ هؤلاء الشباب طلبوا الانضمام إلى القتال استجابة لنداء القائد العام بالاستنفار، ومعظمهم مغترب فى دول الخليج وأوروبا ويعملون برواتب عالية نظرًا لمؤهلاتهم الأكاديمية، وقد اجتمعت معهم فى أم درمان، وتوصلت إلى عدة نتائج، وهى أنهم بعد الحرب لا يرغبون فى الانضمام للقوات النظامية، وليس لدينا معهم أى التزامات سياسية، فقرار قيادة الدولة أن الحكم فقط عبر الانتخابات ولا تهاون ولا نمو لأى ميليشيا أخرى مهما كان، فللسودان جيش واحد مستقل، وهذه هى خطوطنا الحمراء وسنقاتل كل من يحاول تجاوزها.
كيف تُقيم المعارك فى الفاشر؟ وهل المخاوف بشأن فصل دارفور تستحق أن توضع فى الاعتبار؟
إذن لماذا هناك تركيز على شباب الإسلاميين فقط؟ ونحن الآن يقاتل معنا شباب ثورة ديسمبر وهم شباب الأحياء وغاضبون ولجان المقاومة وقد سقط منهم شهداء خلال المعارك، هذا بالإضافة إلى شباب من حزب مبارك أردول، وشباب من حزب الأمة كانوا يتبعون جيش الحزب أبرزهم وليد التوم.
وعقب مشاركتهم فى العمليات القتالية اجتمعت بهم مرتين وأكدوا لى عدم رغبتهم فى أى مقابل، وفى الاجتماع الثانى قالوا نحن لدينا طلب واحد هو المشاركة فى الانتخابات، سواء صوت لنا الشعب أم لا. وحسب علمى، أن الإسلاميين انقسموا لعدة تيارات فى الوقت الراهن، فهناك تيار يدعم الجيش والشعب السودانى ويقاتلون الآن معنا، وهناك تيار ضدنا وهم مجموعة محمد عطا، وهناك تيار آخر يدعم ويقاتل مع الدعم السريع وهم مجموعة محمد حسبو عبد الرحمن وإبراهيم بقال، فكل هؤلاء كانوا كوادر الحركة الإسلامية.
وبعد الثورة عندما كنت رئيسًا للجنة إزالة التمكين، قمنا بإنهاء الخدمة لعدد 305 من ضباط بالجيش والشرطة وجهاز الأمن ووزارة الخارجية والقضاء والنيابة العامة والإعلاميين بالمؤسسات الحكومية، لانتمائهم للحركة الإسلامية، ليقوم حميدتى باستيعابهم.
ومعظم السفراء الذين تم إنهاء خدمتهم لانتمائهم للحركة الإسلامية الآن خلايا تدعم حميدتى فى أمريكا وأوروبا، وكذلك الإعلاميون هناك لوبى إعلامى يدعمه فى كندا وأوروبا وأستراليا وأوغندا وكينيا، كما أن بعض ممن تم إنهاء خدمتهم فى القضاء والنيابة يدافع عنه فى المنظمات الأممية فى نيويورك وواشنطن وسويسرا وفى منظمة الإيجاد والاتحاد الإفريقى.