النذير إبراهيم العاقب – اليوم التالي
ليس من شك أن السودان يواجه الآن معضلةً كُبرى في كافة النواحي الأمنية والسياسية والإقتصادية والصحية بسبب الحرب الدائرة في البلاد منذ الخامس عشر من أبريل 2023م، والتي قضت على الأخضر واليابس في كل أنحاء السودان، مما أفضى إلى معضلة كبرى ظل يعانيها المجال الصحي في كل أنحاء السودان بسبب الجرائم الشنيعة التي إرتكبتها مليشيا الدعم السريع الإرهابية المتمردة وتدميرها لكل المؤسسات الصحية في السودان، فضلاً عن نهبها لكل المعينات الصحية الأولية منها وكافة الأدوية في المخازن والصيدليات، وقتل المئات من الكوادر الصحية من أطباء وممرضين، الأمر الذي أفضى إلى تفاقم الأزمات الصحية في كل الأقاليم والولايات جرَّاء النقص المريع في الكادر الصحي والمعينات الدوائية المطلوبة لمعالجة آلاف الضحايا المدنيين والعسكريين الذين تأذوا من ممارسات وإنتهاكات المليشيا المتمردة طوال العام ونصف التي مضت منذ إندلاع الحرب، ناهيك عن حالات الأمراض المستدامة وسط آلاف المواطنين، لاسيَّما أمراض السُكَّري والكُلى والسرطان، وغيرها من الأمراض التي تتطلب الإسعاف العاجل.
هذا الواقع الصحي المرعب وفي ظل التدهور المريع هذا أفضى إلى إتخاذ الحكومة السودانية للعديد من القرارات الرامية إلى معالجة الكوارث الصحية هذه، ومن ضمن هذه القرارات إعتبار عدد من الولايات والأقاليم ومن ضمنها إقليم النيل الأزرق منطقة علاجية آمنه.
وبالفعل باشرت الجهات المختصة في وزارة الصحة بالنيل الأزرق في إنفاذ القرار فور صدوره، وخصصت كل مستشفياتها الحكومية، بدءً من المستشفى العسكري ومستشفى الشرطة والمستشفى المركزي بالدمازين والرصيرص لتقديم أقصى درجات الخدمات الصحية لمصابي العمليات العسكرية المُحوَّلون إلى النيل الأزرق، فضلاً عن وضع كافة الأطباء المنضوين تحت إدارة الوزارة في حالة إستعداد كامل لمقابلة حالات الطوارئ الواردة من مناطق العمليات، وكل ذلك في ظل وضع صحي متأزم بالإقليم جرَّاء النقص المريع في توفُّر المعينات الصحية اللازمة بالكميات المطلوبة لمقابلة وإنفاذ هذا القرار كما يجب، وإنقاذ المصابين سواء بالأمراض المستدامة، أو مصابي العمليات العسكرية والحالات الصحية الطارئة.
هذا الواقع الصحي المرير وفي ظل المعاناة الكبرى التي يعانيها إقليم النيل الأزرق وفي كافة المجالات، بدءً من توقف صرف المرتبات لأكثر من عام ونيف، إلَّا بنسبة 60% الإتحادية، وحتى هذه لا تأتي لكل الموظفين، زد على ذلك تدهور الوضع الإنساني والإغاثي بالإقليم، ناهيك عن الوضع الصحي المذري وفقدان كل المستشفيات للمعينات الصحية المطلوبة، خاصة في مجالات الرعاية الصحية الأولية والطارئة منها، الأمر الذي أفضى بوزارة الصحة بالنيل الأزرق للإستغاثة ورفع الشكوى من الواقع الصحي في الإقليم، وهو ما أقر به المدير العام للوزارة والذي أكد صحة كل ما سقناه عالِيه، وأكد النقص المريع في توفُّر المعينات الصحية اللازمة بالكميات المطلوبة لمقابلة حالات الأمراض الطارئة، وفقدان كل المستشفيات الحكومية للمعينات الكافية.
ومع ذلك ذكر المدير العام مصطفى جبر الله أن حكومة الإقليم وضعت الصحة كأولولية قصوى لديها، وأثنى على جهود حاكم الإقليم الرامية لتذليل كل العقبات التي تواجه وزارة الصحة في هذا الخصوص، وذلك برعايته المباشرة وتوجيهاته المستمرة بتوفير أقصى درجات الخدمات والمعينات الدوائية والصحية المطلوبة لمقابلة قرار إعتبار النيل الأزرق منطقة علاجية آمنه وإنفاذه كما يجب.
جبر الله أثنى كذلك على الحكومة ووزارة الصحة الاتحادية وخاصة نائب رئيس مجلس السيادة الفريق مالك عقار، وقال أنهم لعبوا دوراً كبيراً وأساسياً في دعم المؤسسات الصحية بالنيل الأزرق، وفي ذات الوقت أقر جبر الله بالنقص الكبير والقصور الحادث في كافة المجالات الصحية في النيل الأزرق، وأكد حاجة الوزارة العاجلة والطارئة للقيام بعمليات الصيانة المتكاملة للمستشفيات، وتوفير الدعم الثابت والدوري لمراكز علاج الأطفال وأمراض الكلى، ولفت إلى أن مرضى الكلى هم الأكثر عدداً في النيل الأزرق، سواءً كانوا مقيمين أو وافدين، وذكر أن مركز غسيل الكلى بمستشفى الدمازين وحده يباشر (120) حالة دورية، واعتبرها حمولة قصوى على المركز، مما يتطلب ضرورة الإسعاف العاجل وصيانة الأجهزة العاملة في هذا الخصوص، والتي قال أنها تعمل لمدة (24) ساعة في اليوم، ووصل أغلبها لدرجة التعطُّل الكامل، وأشار إلى تدخل حاكم الإقليم ووزارة الصحة الاتحادية لجهة صيانتها، وأكد حاجة وزارته لإنشاء مركزين إسعافيين جديدين في الرصيرص لضمان البديل وتوزيع المرضى عليها لتقليل الضغط على مراكز غسيل الكلى بالدمازين، فضلاً عن الحاجة الماسة لـ(15) مكنة غسيل إضافية، بجانب ضرورة إنشاء مصنع للأُكسجين، والذي قال أنه تمت المصادقة عليه من قِبَل وزارة الصحة الاتحادية، بيد أنه ولصعوبة ظروف الترحيل لم تتمكن الوزارة من إيصاله للدمازين، وقال أنهم ظلوا يستوردون الكميات المطلوبة من الأوكسجين من ولاية النيل الأبيض وبتكلفة عالية فوق طاقة الوزارة.
جبر الله طالب الجهات الحكومية الصحية المختصة، والحكومة الاتحادية وحكومة إقليم النيل الأزرق بضرورة توفير الدعم المادي الشهري المطلوب بما يعادل (15) مليون جنيه، وتوفير عربة للإسعاف والنقل العاجل للمستشفيات بجانب الحاجة الماسة لتوفير أكبر كمية من الأدوية المنقذة للحياة، وضرورة إنشاء حضانات جديدة.
وأشار جبر الله إلى المعاناة القصوى التي ظل يعانيها الكادر الصحي العامل في النيل الأزرق جرَّاء النقص المريع في توفير المرتبات والحوافز والمعينات المطلوبة.
وأثنى بشدة على المنظمات الدولية والوطنية العاملة في الإقليم، خاصة منظمة اليونسيف، وقال أن هذه المنظمات قدَّمت خدمات متميزة لوزارة الصحة خاصة في مجالات صيانات المستشفيات والمراكز الصحية في الأرياف.
وذكر جبر الله إلى أن وزارته وضعت خطة عمل طموحة للعام 2025م وتحديد الغايات القصوى في المجال الصحي والتعاون مع الشركاء في النظام الصحي خلال العام القادم، وبدا جبر الله متفائلاً بخصو تعاون رجال الأعمال والخيِّرين بالداخل والخارج لرفد وزارة الصحة بالنيل الأزرق بالدعم اللازم لحلحة كافة الإشكالات الصحية بالنيل الأزرق.
ذاك هو الواقع الصحي المعاش في النيل الأزرق، ولعل وزارة الصحة بالإقليم ومن خلال حديث مديرها العام مصطفى جبر الله تستغيث هنا بكل الجهات المختصة، حكومية كانت أو منظمات إغاثية دولية ووطنية ورجال أعمال وخيِّرين للمساهمة القصوى في رفد الوزارة بما يعينها لمعالجة كافة الإشكالات الصحية الطارئة منها وغيرها وبما يفضى إلى توفير الدواء المطلوب.