الطاهر ساتي – اليوم التالي
:: والي الخرطوم أحمد عثمان حمزة مؤهل بأن يكون رئيساً لمجلس الوزراء، ولكن يجب أن يبقى والياً للخرطوم لحين تحريرها بالكامل، و ليساهم في تعميرها باذن الله..!!
:: غير جهده وحيويته، فان حرب الكرامة اختبرت شجاعة حمزة، واجتازها بدرجة فارس ..أي لم يهرب مع المسؤولين الى بورتسودان و خارج السودان، بل صمد في ولايته ..!!
:: وظل مرابطاً بمحلية كرري، ثم انتقل إلى أمدرمان بعد تحريرها مباشرة، واليوم يتجول في بحري قبل اكتمال تحريرها .. أينما تقدم الجيش يتقدم الوالي أيضاً ..!!
:: صحيح لم يقدم لأهل الخرطوم كل ما يريدون، ولكنه قدم لهم كل ما يستطيع بكل صدق، وهذا يكفي في زمان صارت فيه خدمة الناس بصدق أندر من لبن الطير ..!!
:: أول أمس،شاهدت والي الخرطوم يتحدث عن أحياء مسماة بالعشوائية في الخرطوم، وكيف انها كانت أوكاراً للجرائم قبل الحرب ثم بؤراً للمتمردين و المتعاونين بعد الحرب ..!!
:: لقد صدق.. فالعزبة بالخرطوم بحري،المربعات بأمدرمان، أحياء بجنوب الخرطوم، وكنابي الجزيرة، لا تختلف كثيراً عن (الحي رقم 13)، وقد كتبت عن هذا الحي كثيراً قبل الحرب محذراً..!!
:: (الحي 13)، جردته حكومة فرنسا من الخدمات، وعزلته عن أحياء باريس بجدار خرصاني وأسلاك شائكة مزودة بالتيار الكهربائي.. فالداخل إليه مفقود والخارج منه مولود.. !!
( الحي رقم ١٣)، يضج بالمخدرات، الرذيلة، السلاح، الخمور، الميسر، و.. و.. ومحكومة بقوانين المافيا..و فكرت مراكز قوى بالحكومة في التخلص من (الحي 13).. !!
:: سربت قنبلة موقوتة، لتسرقها إحدى عصابات الحي، ثم تنفجر هناك وتقضي على الحي، وبهذا توفر ميزانية حماية أحياء باريس من مخاطره، ثم تبيع أرض الحي للمستثمرين، هكذا كانت الخطة..!!
:: ولكن نجح أحد شباب الحي وشرطي مخلص في كشف الخطة، وبعد معارك شرسة نجحا في تعطيل القنبلة قبل الانفجار بثوانٍ، ثم تقديم الفاسدين إلى العدالة.. !!
:: ثم تعاونا في إلزام الحكومة بتنمية الحي، بحيث صار حياً راقياً بلا جرائم أو(جدار عازل)..(الحي 13)، من روائع السينما الفرنسية التي تعكس صراع الخير و الشر .. !!
:: عندما تشاهد الفيلم ترى في تفاصيله حياة سكان أحياء الخرطوم المعزولة وكنابي الجزيرة ..والعزل هنا ليس بالجدار كما (الحي 13)، بل بعدم تخطيطها و تنميتها و دمجها في المجتمعات.. !!
:: وكثيراً ما ناشدنا قبل الحرب، وكثيراً ما حذرنا من مخاطر الأحياء المعزولة – و الكنابي – باعتبارها ( قنابل موقوتة)،و لا حياة لمن نناشد ..و استبانوا التحذير ضحى الحرب..!!
:: عندما اشعل آل دقلو حربهم ضد الدولة وجيشها، أشعلت الأحياء المعزولة والكنابي أحقادها ضد سُكان الأحياء المجاورة وكل المدينة ..فمن نهبوا الأثاثات ونوافذ البيوت و أبوابها ليسوا جنجويد آل دقلو، بل متعاونين ..!!
:: ومن أرشد جنجويد آل دقلو الى بيوت الناس و عرباتهم و حرائرهم ليسوا من كوكب آخر، بل متعاونين .. ومن تسلحوا و شاركوا جنجويد آل دقلو في الارتكازات ليسوا مرتزقة أجانب فقط، بل متعاونين..!!
:: و إن لم يكونوا جميعاً، فان السواد الأعظم من عتاة المتعاونين ما هم الا قاطني تلك الأحياء و الكنابي التي كثيراً ما حذرنا منها من نلقبهم بالمسؤولين، وما هم كذلك ..!!