مقترح بموجهات لازالة آثار الحرب في السودان علي القطاع الرعوي فيه
بقلم بروفسير /تاج السر احمد محمد حامد
في ظل غياب استراتيجية /خطة قومية لازالة آثار وأضرار حرب السودان الواقعة والمتوقعة علي مؤسسات القطاعين العام والخاص فإني اتقدم بهذا الجهد الفردي المتواضع فيما يلي أمر اصلاح وإعمار القطاع الرعوي فيه.
في البداية اود أن أذكر بالدور الاجتماعي/الاقتصادي المتعاظم الذي ظل يلعبه هذا القطاع. يعمل في هذا القطاع كرعاة ما لايقل عن ١٥-٢٠ بالمائة من سكان السودان ويساهم القطاع الرعوي بما يقدر مابين ٢٥ -٣٥بالمائة من مساهمة القطاع الزراعي في مجمل الدخل القومي من العملات الاجنبية هذا بالاضافة الي انه يؤمن الحاجة الغذائية من البروتين الحيواني لما يقارب ٥٠ بالمائة من سكان البلاد بما فيهم الاطفال والمسنين.
يمكن النظر للاثار الضارة للحرب التي لحقت وستلحق بالقطاع الرعوي من ثلاثة محاور نجملها في الآتي: ١.محور صحة الحيوان ومكافحة الاوبئة ٢. محور البيئة الرعوية مشتملة علي كثافة الغطاء النباتي العشبي والشجري والحمولة الرعوية وارتباطها بتوفير وتوزيع مصادر المياه السطحية والجوفية في الرقع الرعوية في الاقاليم السودانية المختلفة وعلاقتها بالحمولة الرعوية واعداد الحيوان ونوعه في كل رقعة رعوية.
مما ورد الينا من اخبار كنا قد سردناها فيما سبق يبدو ان الاضرار في المحورين الاول والثاني كانت بالغة وبصورة كارثية قد تهدد “وجودية” القطاع الرعوي ذات نفسه اذا لم يجري الاصلاح والاعمار بصورة غير متباطئة و اسعافية وفي الوقت المناسب والمكان المناسب.
المحور الثالث: اجتماعي/اقتصادي يهدف وبتركيز و بصورة خاصة علي تنمية المناطق الرعوية في المصائف والمخاوف ومابينهما.
في المحور الاول والخاص بصحة الحيوان ومكافحة الاوبئة يجب العمل وبسرعة علي حشد الموارد البشرية والمادية والارادة السياسية لفعل الآتي:
١.تأسيس وتأثيث “المعمل البيطري المركزي” واعادة بنائه وتجهيزه بما يلزم من معدات وتقانات حديثة لانتاج اللقاحات والامصال المناط به انتاجها فيما سبق من الازمان بكفاءة مشهودة والقيام بابحاث بيطرية كانت تنشر في وسائط نشر مرموقة دوليا واعداد وتأهيل كثير من البياطرة العلماء الشباب.
٢.خلال فترة تأسيس وتأثيث المعمل البيطري المركزي والمعامل البيطرية الاقليمية المتضررة لابد من توفير ميزانيات كافية لاستيراد لقاحات وامصال من دول وهيئات ومنظمات مماثلة للمعمل البيطري المركزي في ضاحية سوبا في مجال تصنيع اللقحات والامصال لمكافحة الاوبئة الحيوانية المدارية العابرة للحدود.
3. تهيئة واعداد فرق “التطعيم والتلقيح” في الاقاليم وامدادها باحتياجاتها من وسائل الحركة ومعدات حفظ اللقاحات واقامة المعسكرات للفرق المتحركة. حري بي هنا ان اذكر وباعجاب كبير ان فرق و”اتيام” التطعيم البيطري في جنوب السودان قبل انفصاله في ٢٠١١ وخلال حرب انانيا”واحد” بقيادة الجنرال جوزيف لاقو ان اذكر ان تلك الاتيام كانت تجوب مراعي ومراكز جنوب السودان بغير حراسة من القوات المسلحة السودانية اذ كانت تقوم بجولاتها المكثفة تلك برعاية الرعاة الجنوبيون انفسهم والذين كان معظمهم من مقاتلي الحركة المتمردة في كل محافظات الجنوب وقد سنح لي ان ارافق بعض اتيام التطعيم في مديرية شرق الاستوائية” كبويتا” حيث كنت اعمل مفتشا بيطريا هناك قبل ان تضع تلك الحرب اوزارها في العام ١٩٧٢ عقب توقيع السلام في العاصمة الاثيوبية اديس ابابا.
4. هنالك مؤسسات وهيئات اقليمية ودولية يمكنها تقديم العون والمساعدة الفنية والعينية لنشاط هذا المحور. نذكر من هذه المنظمات:المنظمة الدولية للصحة الحيوانية في فرنسا- معهد ابحاث الماشية الدولي في نيروبي كينيا- منظمة الزراعة والاغذية الدولية في روما ايطاليا- الاتحاد الدولي للمحافظة علي الطبيعة في جنيف في سويسرا-منظمة دول القرن الافريقي وشرق افريقيا في جيبوتي- ومنظمة الاتحاد الافريقي في اديس ابابا في اثيوبيا-جامعة الدول العربية من خلال ذراعها الزراعي المنظمة العربية للتنمية الزراعية في بورتسودان في السودان
في المحور الثاني والخاص بالبيئة الرعوية يوجه بالآتي:
١.إعداد وتهيئة وامداد فرق المحافظة علي الغطاء النباتي العشبي والشجري بما يلزم من آليات الحركة لاعادة فتح خطوط النار وجمع واعادة نثر بذور المراعي والغابات واحتياجات اقامة المعسكرات الخلوية.
٢.إعادة عمل نقاط المياه الجوفية” الدوانكي” التي اصيبت باعطال بليغة ونهب بعضها وانقطع عن غالبيتها امدادات الطاقة الاحفورية” الجازولين” التي كانت تعمل بها وابدالها بمصادرطاقة متجددة شمسية او طاقة رياح علي سبيل المثال لا الحصر.
٣.صيانة وتوسيع مصادر المياه السطحية المحصودة من جوف الارض او من الامطار كالحفائر والترد والرهود والعدود…..الخ.
٤.اقامة حفائر جديدة في مناطق الرعي العطشي” المراعي العطشانة” في منطقة القاش داي والبادوبة ما بين مدينة كسلا وقوز رجب وجنوب غرب وشمال البطانة وعيال بخيت في دار حمر وبردود و نجاما مابين كيلك والمجلد في دار
المسيرية علي سبيل المثال لا الحصر.
٥.اعادة فتح مشارع سقيا الحيوان علي ضفاف الانهار والوديان كما كان الحال علي النيلين الازرق والابيض( مشرع الرماش قرب مدينة سنجة والوارد ذكرها في اغنية الحقيبة “سائق الفيات” وهي من كلمات العبادي واداء سرور. ومشرع الدندر ومشرع قوز رجب ومشرع الساسانيين ومشرع بعلوك.
٦.قيام وحدة هندسية بفروع اقليمية تتبع لقسم المراعي التابع حاليا لوزارة الثروة الحيوانية وتختص هذه الوحدة بتخريط المراعي واستكشاف وحصاد المياه وفتح خطوط النار.
المحور الثالث والخاص بالتنمية الاجتماعية/الاقتصادية للرعاة: يهدف هذا المحور “تحديدا” لتنمية واستقرار قري الدمر الواقعة في اعماق اعماق القطاع الرعوي تحديدا علي المسارات الرعوية في المسافة ما بين ” المخارف” و “المصائف”.بعد دراسات اجتماعية /اقتصادية مستوفية يؤمل ان يقدم هذا المحور خدمات حكومية او خاصة لقري الدمر كما يلي:
١.توفير مياه شرب نظيفة وبصورة مستدامة.
٢.خدمات الصحة الاولية شاملة خدمات القبالة ورعاية الطفولة والشيخوخة.
٣.التعليم الداخلي في مرحلة الاساس كحد ادني للبنات والبنين.
4. اقامة الاسواق وخصوصا اسواق الماشية والاعلاف ومنتجات الحيوان والعمل علي ادخال الرعاة في”اقتصاد السوق”.
5. خدمات الامن شاملة الشرطة والقضاء.
6. تقديم الخدمات البيطرية شاملة الخدمات العلاجية والوقائية شاملة مركز ثابت للتطعيم والتحصين ومغطس لمكافحة الحشرات الناقلة للامراض.
7. اقترح ان يتم تقديم هذه الخدمات علي منوال شبيه بالمنوال ” وليس مثله” كالذي كانت تقوم به المغفور لها باذنه ” هيئة توفير المياه والتنمية الريفية في عقد السبعينات من القرن