حشد الهراء فى دستور (5-6)

في ما أرى

عادل الباز

1

استوقفتني أمس في كتاب الله كلمة يعمهون (إنَّ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمَالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُون). فلجأت للسان العرب فوجدت العَمَهُ هو التَّرَدُّدُ في الضَّلال.

وَجَدَ نَفْسَهُ فِي عَمَهٍ: فِي تَرَدُّدٍ وَحَيْرَةٍ، لَمْ يَعُدْ يَدْرِي أَيْنَ وِجْهَتُهُ.

عَمَهُ الْبَصِيرَةِ: أَيْ عَمَى الْعَقْلِ وَالْفِطْنَةِ .

عَمَّهَ في ظُلمِه: ظلم بغير جنايةٍ جليّةٍ.

أَصَابهُ الْعَمَهُ: أَيْ فُقْدَانُ مَلَكَةِ الإِدْرَاكِ بِالحِسِّ، وَعَدَمُ الْقُدْرَةِ عَلَى التَّمْيِيزِ بَيْنَ أَشْكَالِ الأَشْيَاءِ وَالأَشْخَاصِ وَطَبِيعَتِهَا.

العَمَهُ في البصيرة كالعمى في البصَر.

2

كاتبو  دستور قحت  أَصَابهُم الْعَمَهُ بلاشك وانطبقت عليهم كل معانيه أعلاه… أي والله…كما أنهم لم ينسوا ولم يتعلموا شيئاً من دروس التاريخ في الأمس القريب، كأنهم بلا ذاكرة ولم يروا المآلات التي حاقت بالثورة….كيف؟ أنظر أدناه ماذا كتبوا في دستورهم .!

بعثوا قانون تفكيك التمكين القميء إلى الحياة مرة أخرى أي والله.. الباب الأول/ أحكام تمهيدية / الفقرة 2/  بند 1 نص على الآتي (تلغى الوثيقة الدستورية الإنتقالية لسنة 2019 على أن تظل كل القوانين الصادرة عنها سارية ما لم تعدل أو تلغي.). يعني ألغوا كل الوثيقة الدستورية (حق لها أن تقذف في الزبالة) وتركوا القوانين التي صدرت بناء عليها سارية المفعول.على الرقم ان هذا مبدأ قانونى معمول به ولكنهم افرغوهو  من مضمونه بالانتقائية التى تعاملوا بها مع القوانين . والسبب أنهم  (من هم) الذين صاغوا تلك القوانين.. بقيادة نصر الدين عبد الباري….؟!.

بالنص أعلاه عاد قانون التفكيك والتمكين إلى اللادستور الجديد مظفراً ومنتصراً رغم أنف الكائدين والفلول من أمثالي.!!. سنفتح أبوابه باباً باباً لتروا عجباً.

3

الباب السابع من الدستور (القحتي) المقترح يتعلق بتفكيك التمكين واسترداد الأموال المنهوبة المادة 63 تقرأ (يزال تمكين نظام الثلاثين من يونيو 1989 ويشمل ذلك كافة أشكال التمكين التي تمت قبل وبعد انقلاب 25 أكتوبر 2021.) تمام.. ولكن أين التمكين القحتي الذي أعقب 11 أبريل 2019.!!… السؤال ممنوع؟ لماذا؟ لأن الذين صاغوا الدستور هم أصحاب التمكين الذين سادوا ومكنوا لأنفسهم وأحزابهم في تلك الفترة! . ثم أن التمكين نوعان، قحتي حميد وآخر فلولي خبيث.!!.وقع ليك.

4

في المادة (2) من ذات الباب السابع في الدستور تقرأ (ينظم القانون إزالة التمكين عبر هيئة تتوفر لها الكفاءة والنزاهة والتخصص والاستقلالية التامة عن أي مؤثرات لا مسوغ لها والتدريب اللازم، والدعم اللوجيستي وكافة معينات العمل)

المادة (1) من قانون التفكيك الصادر في 2019 نصت على (لجنة)  ينشئها اجتماع مشترك لمجلس السيادة ومجلس الوزراء ولكن اللادستور الجديد حولها إلى “هيئة” ينشئها مجلس الوزراء منفرداً… ومجلس الوزراء هذا يشكله الموقعون على الإعلان السياسي منفردين وهم كل قحت المجلس المركزى وبعض الهوام من الأحزاب السياسية التي لا ترى تحت المجهر.!!

هناك تطور جدير بالرصد إذ ينص القانون (في علم الغيب) – على آلية استئناف قرارات وأحكام الهيئة المنصوص في المادة 2 على أن تنشأ بالتزامن معها)… حسناً ولكن من يعين لجنة الاستئناف تلك؟ تصور هم نفس الذين يشكلون هيئة التفكيك (قحت) ومن تبعها بغير إحسان، هيئة إزالة التمكين  تصادر أموالك وتفعل بك أي شيء فإذا تظلمت تذهب للجنة الاستئناف من ذات عضوية وكوادر الأحزاب التي حكمتك فى البداية .!! شايف كيف.. تتظلم عند الذين ظلموك… يالها من عدالة وحرية وتغيير!!.كان يمكن أن تشكل الهيئة الجديدة من قانونيين أكفاء أو تترك المهمة كلها لمفوضية مكافحة الفساد ولكنهم يكررون ذات التجربة فستحيق بهم الندامة. تلك التجربة المرة التي شوهت العدالة وأنتجت ممارسات فاسدة لم تعلمهم شيئاً ولم يتوبوا بل يحاولون تكرار نفس المهازل تحت لافتة دستور جديد  بهيئة مسخ لتكرس ذات المظالم.؟ يا إلهي متى تأتي القيامة؟

5

لنمضي في قراءة مساخر اللادستور. الباب الثالث (مهام الفترة الانتقالية، حق التملك المادة 25 الفقرة 2 تنص على لا يجوز نزع الملكية الخاصة إلا بموجب قانون وللمصلحة العامة وفي مقابل تعويض عادل وقوي وفوري.. ولا تصادر الأموال الخاصة إلا بموجب حكم قضائي).

ياااسلام الآن عثرنا على مادة رائعة في وسط ركام الهراء…. ولكن يا فرحة لم تتم.. كيف؟ قانون التفكيك الآن هو في صلب الدستور الجديد فكل القوانين التي صدرت إبان عمل الوثيقة سارية المفعول… وعليه ماذا يقول قانون التفكيك  الصادر في 2019 والمعدل في 2020 الفقرة (ن) من المادة (13) ؟ (حجز واسترداد أي أموال ناتجة عن أعمال التمكين أو أي فعل من أفعال الفساد وإعادتها للدولة)،

” استرداد” تعني مصادرة.. بمعنى إذا اجتمع بابكر فيصل ومنّاع ووجدي، الثلاثة الكرام وقرروا وحدهم وبدون تحري نيابة ولا قضاء ولا كلام فارغ أن أموالك هذه ناتجة عن أعمال التمكين، بتصورهم أو أي فعل من أفعال فساد يحددون هم أشكاله وحدوده فإنهم سيصادرون أملاكك وأموالك ويشردون أسرتك كما فعلوا تماماً في برنامجهم الهزلي (أراضي وأراضي) وكل ذلك بنص الوثيقة الدستورية، والآن بنص اللادستور أو قل الهراء المقترح.!!

6

ولك أن تعجب أيضاً من المادة الثالثة الفقرة الرابعة (ط) من قانون لجنة التفكيك التي لا تنقضي عجائبها (للجنة الحق في الإطلاع أو الحجز على الأرصدة والحسابات والأموال الثابتة والمنقولة من الجهات الواردة في الفقرة (أ وب) (وهي كل المؤسسات العامة والخاصة) وبالمصارف والمؤسسات المالية السودانية والأجنبية واتخاذ التدابير اللازمة بشأنها، وذلك على الرغم من أي حكم في أي قانون يتعلق بالسرية المصرفية.). يعني ذلك بمقتضى الدستور المقترح للهيئة الجديدة الحق في

1/الإطلاع على حساباتك… كشف الحسابات

2/الحجز على أرصدتك بالبنوك وأموالك الثابتة والمنقولة وذلك ينطبق على المؤسسات والشركات العامة والخاصة والأجنبية.!!.

الأعجب من ذلك أن الدستور  ينص (على الرغم من أي حكم في أي قانون يتعلق بالسرية المصرفية.).يعني أن هذا القانون الذي تدثر الآن بالدستور الجديد  لا يعبأ بقوانين المصارف ولا الأراضي  أي قانون محلي أو عالمي، فهو مقدس منزل من لدن السادة العظام في هيئة التفكيك والتمكين….لا حقوق إنسان ولا قانون يحميك من صلف قانون تلك الهيئة…أدعوا فقط رب العالمين على الظالمين فسيقصم ظهرهم… وقد فعل.!!

7

الباب السابع المادة 63 الفقرة 4 من دستور أولاد ماما ده فعجيبة قال (يحدد القانون إجراءات رصد وإقالة المعرقلين للانتقال الديمقراطي). شفت الديمقراطية دي كيف؟.. الدستور بقول ليك أوعك تعرقل الانتقال الديمقراطي!! يعني مثلاً إذا تم توقيفك في مظاهرة ضد حكومة قحت أو قل أصحاب الإعلان السياسي فيمكن اتهامك بعرقلة الانتقال الديمقراطي… أو لو كتبت عن فساد هيئة التمكين فأنت معرقل للانتقال الديمقراطي .. أما إذا كنت فلول ولم تفعل أي شيء يمكن اتهامك بأن نواياك تتجه لعرقلة الانتقال الديمقراطي…هسع  يمكن أن يعتبروا مقالتي هذه ضد الدستور وبهذا أنا معرقل للانتقال الديمقراطي ويمكن أن يطالني القانون….. الحمد لله أنا بره.!!.

وأين هو القانون وما العقوبة التي المنصوص عليها في ذلك القانون؟ . الدساتير عادة لا تفصل القانون إلا هذا الدستور العجيب فقد حدد نص القانون الذي به يعاقب مرتكب الجرم وذلك لأن الدستور نص على الابقاء على قانون التفكيك الصادر في 2019 والمعدل في 2020 وهذا القانون ينص في الفصل الخامس أحكام الفساد المادة 13 الفقرة (ن) من المادة 1 تنص على (من يرتكب أي فعل من أفعال الفساد الواردة في المادة 13 يعاقب بالسجن لمدة لا تتجاوز عشر سنوات وبغرامة ويجوز للمحكمة المختصة الأمر بمصادرة الأموال أو أي  عائدات). أحكام الفساد التي تقررها اللجنة تبدأ من الرشوة البسيطة بتاعت الشارع العادية دي إلى التعاون مع الفلول واخفاء وتهريب الأموال… الخ).. عشر سنوات سجن تصور أن هذا الغثاء أصبح مغطى بالدستور!!

في  قانون إزالة التمكين (الدستوري الآن)،  في باب الجرائم والعقوبات تنص المادة 14 /1 على (يعد مرتكباً جريمة كل من يعتدي على، أو يضايق أو يسيء لأي من أعضاء اللجنة أو اللجان الفرعية أو الولائية أو العاملين بها)

شفتوا كيف .. إياكم أن تسيئوا أو تضايقوا أي عضو من الأباطرة في لجنة أو هيئة التفكيك والتمكين صغر أم كبر… عشر سنوات أو أكثر في انتظاركم….فنصيحتي لكم في نهاية هذه المقالات كل زول يحافظ على لغاليغو….حافظوا عليها يرحمكم الله.. أنتم في عهد الحرية  والعدالة… ودستورها الجديد.!!.