الخطاب خطاب السودان وليس خطاب البرهان

د. عادل عبد العزيز الفكي
adilalfaki@hotmail.com
تأسفت كثيراً لما يقوم به بعض الناشطين ومن ورائهم أحزاب سياسية من انتقاد غير موضوعي لخطاب السودان في منبر الأمم المتحدة الذي ألقاه الفريق أول البرهان رئيس مجلس السيادة، الخطاب أعد بمهنية واحترافية، وطرح قضايا السودان الرئيسة، لذا كان يجدر الحديث عن مضامينه ومحتواه أكثر من الحديث عمن ألقى الخطاب. وهل كانت القاعة فاضية أم ممتلئة، وغيرها من المسائل الانصرافية.
قال البعض إن الخطاب لم يتجاوز ما قام به د. حمدوك رئيس مجلس الوزراء السابق. والحقيقة إن جهود إعفاء ديون السودان، ورفع اسمه من قائمة الإرهاب، وبرنامج البنك الدولي والصندوق نحو الاقتصاد السوداني، كلها عمل لجان من وزارة المالية والبنك المركزي وجهاز الأمن والمخابرات منذ سنوات مع الفنيين من البنك والصندوق، وكانت جاهزة فنياً، ولكن تفرملها الولايات المتحدة لأسباب سياسية.
في 2020 رأت الولايات المتحدة أن ما تم في السودان متوافق مع سياستها الخارجية، فسمحت للبنك والصندوق بتنفيذ برامجهما مع السودان. تم هذا بالفعل في فترة تولي د. حمدوك رئاسة مجلس الوزراء. ولكن لا يمكن أن نقول إن هذا مجهوده منفرداً.
أما فيما يلي من حضر خطاب السودان، أو من تعمد الغياب من الدول، الحقيقة أن أمر السودان وما يدور فيه يهم فئتين من الدول، الأولى هي الدول الكبرى الممثلة في مجلس الأمن: الولايات المتحدة، روسيا، الصين، فرنسا، المملكة المتحدة. ذلك لأن هذه الدول الكبرى تبحث عما يخدم استراتيجياتها. والقول إن بعضها غير راضٍ عن مخاطبة البرهان للأمم المتحدة لأنه لا يقف مع ثورة كانت مثار إعجاب العالم، وأن هذه الدول ترمي لمساعدة شعب السودان للانتقال لحكم مدني ديمقراطي، بتقديري هذه عبارات ومسائل عاطفية لا تمت للواقع بصلة، بدليل أن هذه الدول نفسها تؤيد أنظمة وحكام هم بعيدين جداً عن هذه القيم.
الفئة الثانية من الدول التي يهمها أمر السودان هي الدول المجاورة له، لأن أمنه مرتبط بأمنها بحكم الجوار الجغرافي، إنها تؤثر وتتأثر بما يحدث في السودان، خيراً أو شراً.
ما عدا هاتين الفئتين من الدول فإن السودان بالنسبة لأغلب دول العالم هو دولة أفريقية فقيرة تعاني أزمات. ومصنف ضمن قائمة الدول الأقل نمواً التي تصدرها الأونكتاد UNCTAD.
نحن بكل أسف نحتل مرتبة متأخرة في سلم التنمية البشرية، وناتجنا المحلي الإجمالي كان في العام 2021 حوالي 34 مليار دولار في المرتبة 75 على مستوى العالم، ونصيب الفرد من هذا الناتج أقل من ألف دولار في العام في المرتبة 185 عالمياً. التواضع يفيدنا، وإن لم نتفق ونتحد ونزيل خطاب الكراهية فيما بيننا لن نكون شيئاً مذكوراً، فالطريق طويل والزاد قليل، وما التوفيق إلا من عند الله.