جنوب السودان.. البحث عن منافذ

هيثم فتحي: الجنوب ليس لديه الإمكانيات المادية اللوجستية والأمنية لبناء ميناء
اقتصادي: لا سبيل لجنوب السودان الا الاتجاه والمحافظة على العلاقة مع السودان
تقرير: الخواض عبدالفضيل
قالت صحيفة ديلي مونتير الكينية إن دولة جنوب السودان قامت بشراء أرض على ساحل جيبوتي لبناء ميناء عليها فيما أكد مسؤولون جنوبيون هذا الشهر ذلك، معتبرين أن الميناء سيكون مفتاحاً لتصدير النفط الجنوب الخام، الذي يمر عبر السودان، وكذلك لاستيراد البضائع، التي يأتي معظمها عن طرق ميناء مومباسا الكيني. ووفقاً للصحيفة فإن كل من أوغندا والكنغو الديمقراطية يعملان على تحويل موانئهما إلى تنزانيا تاركين رواندا وبوروندي للاعتماد على ميناء مومبسا مما يجعل خطوة جنوب السودان صعبة على كينيا كون أنها تجد منافسة متزايدة من ميناء دار السلام والآن جيبوتي. واعتبر مراقبون خطوة دولة جنوب السودان مناورة وممارسة ضغوط على السودان حول سعر عبور البترول عبر أراضيه.

البحث عن منافع
ويقول الكاتب والمحلل الاقتصادي د. عادل عبد في حديثه لـ(اليوم التالي) من حق كل دولة في العالم البحث عن مصالحها في أي مكان متاح فيه تحقيق المصالح ومن حق دولة جنوب السودان أن تبحث عن مكان لبناء ميناء لصادراتها ووارداتها المختلفة سيما وإنها دولة مغلقة، تبحث عن منافذ في البحر الأحمر لأن أغلب تجارتها صادر ووارد تتم عن طريق البحر الأحمر ويشير عادل إلى إبرام اتفاقيات مسبقاً مع حكومة السودان في أوقات سابقة مع إثيوبيا ودولة الجنوب وأفريقيا الوسطي وتشاد بخصوص التجارة العابرة عبر ميناء بورتسودان إلا أن بعض الصعوبات التي تكتنف ميناء بورتسودان جعل بعض هذه الدول ومن بينها دولة جنوب السودان تفكر في مواقع أخرى
واعتبر اتجاه دولة جنوب السودان إلى جيبوتي حلاً لذلك الا أنه عاد وقال: تعمل دولة جنوب السودان عبر السودان أفضل لها اقتصادياً مقارنة مع ميناء جيبوتي لصادرات وواردات الجنوب وذلك لوجود للانحدار الطبيعي والطرق والسكك الحديدية، أما بالنسبة لجيبوتي هنالك عوائق مرتفعات في إثيوبيا قبل أن تصل السلع الى جنوب السودان لابد أن تمر بالمرتفعات الإثيوبية عبر طرق طويلة رغم وجود طريق رابط بين أديس وجيبوتي لكن أديس الى جوبا هنالك عقبات كثيرة وأبرزها المرتفعات وعورة الطرق وهي من المؤكد تمثل تكلفة الدولة جنوب السودان، ويؤكد المحلل الاقتصادي فقدان السودان لعائدات مستحقات استأجر خطوط الأنابيب والميناء التصدير وهي رسوم تمثل دخل السودان ومن شأنها دعم خزانته وأضاف: في النهاية الأمر يخضع للجدوى الاقتصادية ربما إذا تحسنت الأوضاع بالسودان ستكون الجدوى الاقتصادية أوضح بالنسبة للموانئ السودانية على البحر الأحمر لصالح دولة جنوب السودان.
عدم إمكانيات
ومن جانبه يرى المحلل الاقتصادي هيثم محمد فتحي خلال حديثه لـ(اليوم التالي) أنه في حال تم وقف تصدير النفط من جانب جوبا عبر موانئ السودان، الى موانئ أخرى فإن هذا الأمر سيؤثر سلباً على الاقتصاد السوداني خاصة وأن للسودان عائدات مادية جراء عبور بترول الجنوب عبر الأراضي السودانية، وإن كان التصدير سيتم عبر النقل البري عبر دول الجوار الإفريقي، هذا الأمر مكلف للغاية، وليس هناك احتمالات مد خطوط أنابيب عبر دول أخرى مجاورة لجنوب السودان وزاد باعتبار أن الطبيعة الجغرافية هي الانسياب من الجنوب إلى الشمال، وإذا ما كانت هناك مشروعات عكس الطبيعة، فإن هذا الأمر يحتاج إلى محطات ضخ كثيرة وتكلفتها ستكون عالية وفي الوقت ذاته يؤكد عدم وجود منافذ أخرى لدى جوبا لتصدير النفط أجدى وانفع من موانئ السودان، وشدد فتحي على ضرورة الاستقرار السياسي حتى فقدان السودان لعائدات الجنوب بجانب تطوير طرق المواصلات البربة والحديدية كما يجب أن يتم تطوير الموانئ لتصبح مواكبة للعمل الملاحي العالمي باعتبار أن السودان يتكسب من صادرات وواردات دولة جنوب السودان لافتاً الى أن دولة الجنوب تنتج حوالي 135 ألف برميل نفط يومياً.
وبحسب هيثم أن الجنوب في الوقت الراهن ليس لديه الإمكانيات المادية اللوجستية والأمنية التي تسمح له بتغيير اتجاه أنابيب البترول من دولة السودان الى أي دولة أخرى وأضاف: هذا الحديث يتجدد دائماُ كل ما حلت أزمة بين البلدين أو أي أزمة داخلية، وتابع أن الموضوع ليس بهذه السهولة والكمية التي تقدر بـ(135) ألف برميل ليست بالكمية المستحقة تجعل دولة جنوب السودان تبحث عن موانئ أخرى للتصدير عبرها وأردف أن الموضوع حسب التقدير لن يتم في الوقت الحالي والوضع يصبح كما هو إلى أن يستتب الأمن والاستقرار في البلدين والأهم في دولة الجنوب التي تعاني عدم الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي حيث تشهد دولة الجنوب تدهوراً اقتصادياً كبيراً وغير جاذبة لأي شركة من الشركات أو دولة من الدول أنها تستثمر في البترول أو إنشاء أنابيب بترول لافتاً الى أن الأمر لن يصبح بين ليلة وضحاها، فضلاً عن أن جوبا لا تزال تعاني من ويلات الحرب، ورغم التصريحات، التي يتم تداولها في وسائل الإعلام حول وقف التصدير واستمرار الإنتاج لم تطبق على الأرض، وما زال التصدير مستمر عبر الموانئ السودانية.

ضغوط على الخرطوم
في ذات السياق يرى الكاتب الصحفي المختص بقضايا دولة جنوب السودان المثنى عبد القادر أن خطوة دولة جنوب السودان تأسيس ميناء لها بجيبوتي خطوة ليست وليدة اللحظة هذه المسعى كان قديماً من قبل الجنوب في عمل خط أنابيب وإنشاء موانئ بدول أخرى من أجل أن تمارس بها ضغوط على الخرطوم وتابع: دولة جنوب السودان ليست لديها إمكانية إنشاء خطوط أنابيب الطرق برية عادية فضلاً عن مشكلة عدم الاتفاق داخل الدولة حول الموضوع ستواجه إنشاء أنبوب الى جيبوتي ويشرح الكاتب الصحفي، أن أحد مسؤولي بدولة الجنوب تعبان دينق قدم طلباً الى جيبوتي من سلفا كير لإنشاء ميناء في الوقت ذاته نفى مستشار الرئيس سلفاكير توت قلواك الخطوة وقال: “ليس هناك اتجاه لإنشاء ميناء في جيبوتي” ومضى المثني في حديثة لـ(اليوم التالي) أن استخراج البترول الآن في دولة الجنوب يعاني مشاكل كبيرة جراء الفيضانات والاضطراب الداخلي وعدم الاستقرار بالإضافة الوضع الاقتصادي الضاغط بدولة جنوب السودان لا تستطيع تمويل المشروع وليست لديها إمكانية عمل ميناء وخطوط أنابيب الى جيبوتي وتابع: فكرة إنشاء ميناء بجيبوتي ناتج عن وجود تحالف بين دولة جنوب السودان وإثيوبيا وهدف هذا التحالف عمل طريق بري بين مناطق البترول في دولة جنوب السودان وربطه مع إثيوبيا مشيراً الى أن هدف إثيوبيا من ذلك خنق السودان لتقليل موارده من استئجار خط الأنابيب لدولة الجنوب بالإضافة الى أن إثيوبيا تريد تقريب دولة الجنوب لها أكثر من السودان لأن إثيوبيا تسعى لخلق توتر مع السودان في الحدود مع الدول الثلاث إثيوبيا والسودان ودولة الجنوب وتابع: دولة الجنوب في حال إنشاء ميناء في جبوتي ستدفع أموالاً طائلة لإثيوبيا وجيبوتي بدلاً أن تدفع السودان وحده وبالتالي تقل عائدات دولة الجنوب من تصدير البترول ويمضي المثني في حديثه أن هذا العمل من دولة الجنوب لممارسة الضغوط على السودان خاصة وأن اتفاقية عبور بترول الجنوب بالسودان انتهت حيث وقعت في 2012م انتهت والسودان يطالب بزيادة رسوم عبور بترول الجنوب منوهاً الى أن دولة جنوب السودان تريد أن تحتفظ بنفس الرقم القديم للعبور وهذه واحدة من وسائل التهديد المعروفة والتخويف مشيراً إلى أن إقامة طرق برية أو خط أنابيب من دولة جنوب السودان الى إثيوبيا، ثم جيبوتي يواجه صعوبات أمنية خاصة وأن أقاليم إثيوبيا دائمًا ما تشهد توترات أمنية لذلك التحدي لدولة الجنوب عبور نفطها عبر السودان، لكن عبر اتفاق يضمن حقوق السودانيين .
عائدات العبور
من جهته قال المحلل السياسي علي آدم يوسف في حديثه لـ(اليوم التالي) إن دولة جنوب السودان في هذا التوقيت غير مؤهلة لإقامة موانئ جديدة في مناطق أخرى، وتابع: المشروع الذي تريد دولة جنوب السودان إنشاءه يحتاج الى أموال طائلة ومساعدات بمليارات الدولارات ولا أظن دولة الجنوب قادرة في الوقت الحالي وزاد: هذا المشروع يحتاج الى عشر سنوات مع توفر الأموال والاستقرار السياسي والأمني، ولا سبيل لدولة جنوب السودان إلا العودة والاتجاه والمحافظة على العلاقة مع السودان الشمالي واستغلال موانئه باتفاقيات اقتصادية دولية وأردف: كما على السودان المضي في إصلاحات موانئه بعمل طرق قومية قارية بالإضافة الى تطوير خط البترول الرابط بين الدولتين مشيراً الى أن عائدات عبور بترول دولة الجنوب يمثل جزءاً كبيراً من مدخلات وزارة المالية وأحسب أن دولة جنوب السودان اتجهت لجيبوتي من المؤكد السودان سيفقد هذه العائدات.