في موجة الإضرابات، من ضمن المضربين عمال وموظفو مصانع السكر الأربعة التابعة لشركة السكر السودانية، ومطالبهم محصورة في ضعف المرتبات وتأخيرات السداد.
أقولها بأعلي صوت وفي أي منبر إن صناعة السكر في المصانع التابعة لشركة السكر غير مجدية إقتصادياً مهما تم الصرف عليها لإعادة التأهيل، وذلك بناء علي ما ورد بالمقال أدناه (وبالأرقام)..
نشرت في عدة منابر إعلامية أخري المقال في 2 يوليو 2021م بعنوان :
رسـالة السـكر في بريـد وزيـري الصـناعة و التجارة
وأعيد نشرها اليوم.
طالعتنا الصحف بتصريح السيد وزير الصناعة ومجهوداته لتطوير قطاع السكر كسلعة إستراتيجية، وزيارته لمصنع سكر الجنيد (أحد أربعة مصانع تابعة للشركة السودانية للسكر) للوقوف على مشاكل المصنع، أعقبتها زيارته لمصنع جياد لحلحلة مشكلة قطع الغيار محلياً.. وما هي إلا أيام معدودات حتى طالعتنا الصحف بخبر سماح الشركة السودانية للسكر للمزارعين ببيع القصب في سوق “الله أكبر” كعلف للحيوانات، لعدم تمكن المصنع من نقل القصب من الحواشات للمصنع.
كما كشف وزير التجارة والتموين السابق علي جدو آدم (في تصريح نقلته عن السيد الوزير صحيفة التيار) عن تصديقهم بإستيراد مليون و407 ألف طن من السكر في الفترة من يناير وحتى الحادي والثلاثين من مارس لهذا العام.
رسالتي-وبالتفكير من خارج الصندوق ومعرفتي المتواضعة-موجهة للسيد وزير الصناعة والسيد وزير التجارة بأن مشكلة صناعة السكر وتغطية حاجة السوق المحلي ليست في ما ذهبوا إليه من مجهودات وقرارات، بل من وجهة نظري جانبها الصواب بناء على يرد أدناه:
اقتداءً وعبرةً بالدول الأخرى أورد ملامح عن صناعة السكر من القصب بإندونيسيا، ومشاكلها والتي تكاد تكون متطابقة مع واقع صناعة السكر وواقع حاجة السوق المحلي، أوردها مع مقترحات حلول دولة إندونيسيا.
في إندونيسيا صدر قرار سياسي بإيقاف كل المصانع التي تنتج السكر من القصب وعددها 11 مصنعاً “كلها شركات حكومية أو أن الحكومة مساهمة بنسبة 51% من أسهمها”. وذلك بحسب الخبر المنشور فى جاكارتا بوست الواسعة الانتشار والصادرة فى 27 أكتوبر 2016م، قرار الحكومة بإغلاق مصنع سكر تابع لشركات حكومية، نسبة لارتفاع تكلفة الإنتاج.
ومن بعض معلومات استقيتها من مسؤول بالغرفة التجارية، إن من أهم أسباب ارتفاع تكلفةالأنتاج:
{1} الاستثمار فى خطوط إنتاج ذات تكلفة عالية من حيث منشأها إضافة للفساد فى العمولات عند الشراء، مما يشكل تكاليف ثابتة، غير مرتبطة بتاتاً بالكميات المصنعة مثل التكاليف المتغيرة بتغير كمية الإنتاج.
{2} الترهل الوظيفى فى المصانع ، ويتم تعيين العمال والموظفين في المصانع والمشروع الزراعي حسب الطاقة القصوى للمصانع , وهذه أيضاً تكاليف ثابتة جُلها متمثل في المرتبات والأجور {دون الأجور الإضافية المتغيرة بتغير كمية المنتج} .
وحقيقة، ومن الصعب جداً ومن واقع الحال تحقيق الطاقة القصوى لعدة أسباب أهمها الاعتماد على نجاح موسم الزراعة، حيث أحد المصانع طاقته القصوى 450 طن فى اليوم {من أحدث المصانع بإندونيسيا وعمره لم يتخطَّ 3 سنوات}– وإنتاجه الفعلي نادراً ما يتخطى المائة طن فى اليوم. حيث بلغ فى الموسم السابق للقرار 2015 ومعدل الإنتاج اليومي فقط 50 طناً).
هذه التكاليف الثابتة يتم تحميلها كاملة {من استهلاك ماكينات ورواتب} على الكمية المنتجة فقط حيث تصبح تكلفة الوحدة كيلو أو جوال عالية جداً.
{3} عدم التجويد فى الأداء والمتابعة للرقعة الزراعيةالتى تكفي الطاقة القصوى لمصنع سكر القصب، مما ينتج عنه عدم توفير الكمية اللازمة من القصب ليحقق المصنع طاقته القصوي.
{4} إنتاج القصب يتم مرة واحدة في السنة (موسمي) ويعمل المصنع فقط 180 يوماً من مجمل أيام السنة..
البحث عن بدائل..وجدوا منها:
أولاً :
استيراد الخام والتكرير بمصانع السكر لتعمل في التكرير فقط، وهو ما يوفر القيمة المضافة للتكرير بدلاً عن استيراد سكر جاهز ذي تكلفة أعلى من الخام {كما صرح وزير التجارة على جدو}
مثلا، كان استهلاك السكر في السوق المحلي الإندونيسي في 2019م، سبعة مليون طن، منها واردات سكر خام 3.9 مليون طن تم تكريرها بالمصانع الموقوفة من الإنتاج ، تعمل فقط في التكرير..{للعلم،فإن مصنع سكر النيل الأبيض حسبما علمت من أفضل المصانع تأهيلاً للتكرير ، سأتطرق له لاحقاً}.
ثانياً:
صناعة السكر غير سكر القصب،وتم تحديده وهو إنتاج السكر من البنجر الأبيض
Beet Sugar {Beta vulgaris}.
بديلاً للقصب.
ملحوظات ومقارنة بين إنتاج السكر من القصب أو البنجر الأبيض، وهذه الملحوظات مستمدة من الدراسة والتصميم التي قدمت للغرفة التجارية الإندونيسية، واعتمدتها :
{1} الحصاد فى قصب السكر مرة واحدة فى العام (موسمي) والمصنع يعمل فقط 180 يوماً، ومرتين فى العام بالنسبة للبنجر الأبيض مما يوفر خام للمصنع للعمل 300 يوم في العام.
{2} واحد هكتار {3.38 فدان} ينتج 100 طن قصب السكر {حصاد مرة واحدة في العام، تقابلها 110 طن كل 5 شهور – نفس المساحة تنتج 220 طن بنجر أبيض فى العام .
{3} السكر المنتج من قصب السكر من هكتار واحد حوالى 8 طن سكر فى السنة من 100 طن قصب . يقابله السكر المنتج من البنجر الأبيض من هكتار واحد أكثر من ضعف سكر القصب فى السنة .
{4} تكلفة زراعة قصب السكر أعلى من تكلفة زراعة البنجر الأبيض .
{5} لإنتاج كيلو سكر من القصب يحتاج 12.5 كلجم قصب. يقابله لإنتاج كيلو سكر من البنجر الأبيض يحتاج الى 6 كلجم بنجر أبيض.
{6} استهلاك زراعة البنجر من المياه أقل من استهلاك زراعة قصب السكر للمياه بنسبة فوق ال 25%.
{7} مصنع سكرالقصب يعمل 180 يوماً فى العام. {المحصول لموسم واحد}
{8} بما أن مصنع سكر البنجر يعمل 300 يوم فى العام لذا فإن نصيب تكلفة الوحدة جوال أو كلجم من التكاليف الثابتة {إهلاك المعدات والمرتبات والأجور} بتقسيمها بمعيار الزمن.
{9} خلصت الدراسة إلى أن تكلفة إنتاج كيلوجرام السكر من البنجر أقل بنسبة 30 إلى 35% من تكلفة إنتاج كيلوجرام من سكر القصب.
°° الخلاصة :
أولاً :
1. وقف كل المصانع التابعة للحكومة من إنتاج السكر من القصب لتراكم المشاكل الزراعية وتأثيرها المباشر على الطاقات الإنتاجية للمصانع. وأن ترفع الدولة يدها عن أي نشاط زراعي مرتبط بالقصب ، وتسريح إدارتها وعمالها ومعداتها، ومنح المزارعين حرية اختيار ما يزرعون.
2. كما ذكرت أعلاه أعود إلى مصنع سكر النيل الأبيض بمعداته الحديثة للتفرغ للتكرير فقط، حيث أن مساحات المشروع مالحة، غير صالحة لقصب السكر. والمضحك المبكي إن إدارة المصنع قامت باستئجار 100 ألف فدان من أراضي المشروع للمواطنين لزراعتها قمحاً ووقوف الولاية عليه ممثلة في مدير إدارة الإنتاج بولاية النيل الأبيض لتُحسب النتيجة ضمن إنجازاتها. {مشروع سكر ينتج قمحاً}.
ثانياً :
الحل الثاني لمشكلة السكر بإندونيسيا، حيث وجهت الحكومة الشركات الحكومية والقطاع الخاص بالاتجاه لصناعة السكر من البنجر الأبيض بطريقة الاستخلاص في مصانع طاقاتها محدودة ما بين 10 أطنان في اليوم إلى 50 طناً في اليوم، في مساحات تتراوح ما بين 50 هكتارا {120 فدان} إلى 150 هكتاراً {360 فدان}. حسب الدراسة إضافة لقلة تكلفة الإنتاج من الممكن عمل هذه المصانع الصغيرة في الولايات لتوفير تكلفة نقل السكر خاصة الولايات البعيدة.
بالنسبة لملائمة المناخ والتربية لإنجاح زراعة البنجر ، وصلتني معلومة أن هناك جهة استقدمت بروفيسور ألمانية الجنسية لدراسة التربة والمناخ وبعد ثلاث زيارات اختارت نوعية معينة من بذور البنجر الأبيض وتمت زراعتها تجريبياً بقسم مساعد بالجزيرة ونجحت نجاحاً منقطع النظير كمحصول في إنتاجية عالية، وكجودة حققت نسبة احتوائها على السكر حققت 18% {المعدل العالمي 16% البنجر ، وللقصب 12%}.
إضافة لإنتاج السكر من البنجر الأبيض يمكن إنتاج الإيثانول والبايوغاز من أوراق شجرة البنجر ( لم يتم احتساب إنتاجها فى هذه الدراسة).
زراعة البنجر تتم بعدد 100 ألف شجرة بنجر فى الهكتار (2.38 فدان). المسافات بين الأشجار 25 إلى 40 سم.
خاتمة :
رغم معرفتي المحدودة يمكنني اعتبار ما ورد بالمقال أعلاه خطوطاً عريضة لخارطة طريق النهوض بقطاع السكر الذي ينشدها السيد وزير الصناعة، ولتحقيق الاكتفاء الذاتي من السكر والذي ينشده السيد وزير التجارة.
وهذه الخطوط العريضة المتواضعة قابلة لقتلها بحثاً من المتخصصين ومتخذي القرار.
نسأل الله التوفيق والسداد.
ســيد الحســن عبـد اللّــه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رسـالة السـكر في بريـد وزيـري الصـناعة و التجارة
