رصد ومضايقات.. من يستهدف الشيوعي؟

الشيوعي: مجموعات ترتبط بالنظام السابق ومليشياته وحركات تستهدف الحزب
محلل سياسي: الشيوعي يريد كسب تعاطف الشارع مع ظهور كوادر الإسلاميين
أحمد حضرة: رصد القيادات لن يؤثر ولا بد من أساليب جديدة للمعارضة
عروة الصادق: جماعات لها صلة مباشرة بأجهزة نظامية تنفذ عمليات التخريب الأمني والتضييق
الخرطوم: محجوب عيسى
لم تكن المرة الأولى التي يتعرض فيها قيادي حزبي للرصد والمتابعة، بهدف تقليل نشاط الحزب المعارض، حيث تعرض الحزب الشيوعي لرصد ومتابعة لقياداته، واتهم الشيوعي مجموعات ترتبط بالنظام السابق ومليشياته وبعض الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق جوبا، باستهدافه، ويؤكد فتح بلاغات واتخاذ إجراءات قانونية، واتخاذ كافة التدابير حماية قيادته، فيما اعتبر المجلس المركزي للحرية والتغيير، تعرض القيادات السياسية للمضايقة والرصد أمر متوقع، وأنهم يملكون خبرات في التعامل معه ولن يؤثر عليهم ويحفز بعضهم لمزيد من الحيطة والحذر واستخدام أساليب جديدة في العمل المعارض.
إجراءات وتدابير
وكشف الحزب الشيوعي عن استهداف أمني لحياة سكرتير الحزب محمد مختار الخطيب بواسطة عناصر شبه عسكرية تتخفى ملثمة بالكدمول، وأكد مناقشة تفاصيل استهداف الخطيب المتمثل في المتابعة والترصد بواسطة تلك العناصر، ووجه هيئات الحماية الخاصة بالحزب الشيوعي لاتخاذ تدابير الحماية اللازمة والتصدي لمثل هذه التهديدات.
ويقول الناطق الرسمي باسم الحزب فتحي الفضل إن أعداء الحزب يستخدمون كافة الأساليب القذرة ويحاولون تهديد القيادات والإساءة إلى الحزب ويتهم الفضل في تصريح لـ(اليوم التالي) مجموعات ترتبط بالنظام السابق ومليشياته وبعض الحركات المسلحة الموقعة على اتفاق جوبا، تستهدف الحزب وذلك بسبب موقفه من التسوية السياسية الجارية، ويشير إلى أنه ليس الاستهداف الأول ولن يكن الأخير، ويستطرد: لا يمكن تحديد جهة معينة، ولا فرق بين الأجهزة النظامية والمليشيات المدنية التي تتبع لها.
وبحسب الناطق باسم الشيوعي إن رصد قياداتهم واختطاف كوادر من المواكب وضرب دار الحزب بالقنابل الصوتية والبمبان إشارات إلى مؤامرة كبرى، وأن الخطوة ليس المقصود منها الحزب الشيوعي فقط، إنما إثارة الفتن والتخريب والتهديد وكل من يقف ضد هذه الجماعات التي سماها بالإرهابية.
ويؤكد أنهم قاموا بتدوين بلاغات وإجراءات قانونية، علاوة على اتخاذ كافة تدابير حماية القيادة تتمثل في منع الحركة الكثيرة والخروج دون حراسة من مجموعة تأمين القيادة، بجانب الالتصاق بالجماهير ويضيف أنه الحل الذي يحمي الحزب، وقد أثبتت الجماهير ذلك عندما تم حل الحزب، كما نعتمد على أصدقاء الحزب والجماهير الصديقة.
أساليب ممنهجة
وفي السياق يرى عضو المجلس المركزي للحرية والتغيير، ومقرر المكتب التنفيذي للتجمع الاتحادي المعارض أحمد حضرة تعرض القيادات السياسية للمضايقة والرصد أمر متوقع، وأنهم يملكون خبرات في التعامل معها ولن يؤثر عليها ويحفز بعضهم لأخذ مزيد من الحيطة والحذر واستخدام أساليب جديدة في العمل المعارض.
وطبقاً لحضرة في تصريح لـ(اليوم التالي) أن الرصد والمتابع لن يوقف أو يحد من نشاط القيادات المعارضة للانقلاب حتى سقوطه واستعادة البلد وأحلام شبابها في كل ما رفعوا من شعارات وضحوا بأرواحهم لتحقيقه.
ويقول: إن جميع الأنظمة العسكرية والدكتاتورية لها أساليب ممنهجة تتبعها لبقائهم وإطالة عمرها، منها القتل والقمع والسجن والإرهاب والتخويف للحد من خطورة معارضيها وشل حركتهم، الأمر الذي يؤدي إلى مراقبة القيادات الحزبية والمعارضين النشطين عبر رقابة ومتابعة مكشوفة أو خفية فضلاً عن أساليب كثيرة للتخويف باستهداف الأسر كأسلوب ناجح في الضغط، وتابع: ما حدث لوجدي صالح أو الخطيب، ولكثير من الناشطين الشباب والكنداكات من رصد واختطاف وتهديد وترويع ليس بجديد، إنها ممارسات الأنظمة القمعية.

ذئاب منفردة
وفي الاتجاه ذاته يقول القيادي بالحرية والتغيير وحزب الأمة القومي عروة الصادق، إن الحزب الشيوعي ظل مستثنى من الملاحقة والاعتقال طوال فترات ما بعد الانقلاب عدا حادثة التحفظ على وفده العائد من كاودا، في الوقت الذي طالت فيه المضايقات كل قوى الثورة ولجان المقاومة، من عمليات رصد واعتقال وتعذيب وتحفظ وصولاً للاغتيال والتصفية.
ويعتبر الصادق في إفادة لـ(اليوم التالي) ملاحقة السكرتير السياسي للحزب الشيوعي أمر طبيعي في ظل نظام انقلابي قمعي، ويضيف أن سيارات وعناصر الرصد المتواصل للمنازل وملاحقة قيادات الحرية والتغيير لم تتوقف منذ ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١م حتى الآن، ولم تنجُ الأسر من التهديد والوعيد.
ويتهم القيادي بالتغيير جماعات لها صلة مباشرة بالأجهزة النظامية تنفذ عمليات التخريب الأمني والتضييق بغية الرصد والإرهاب للساسة والنشطاء، واستشهد بعملية اغتيال إخوة بعض عناصر لجان المقاومة مع تهديد أسرهم لإيقافهم عن العمل الجماهيري أو النشاط عبر التنسيقيات، الإ أنه عاد وقال: إن الإشارة والتلميح بأن أتيام الرصد للشيوعي ترتدي كدمولاً فيه اتهام مبطن لجهة وتبرئة لجهات، ويرى أنه من غير الطبيعي اتهام جهة وتبرئة أخرى، لجهة أنه سيسهل عمل ما يعرف بالذئاب المنفردة التي تنشط في عمليات القتل والتصفية والتخريب والتهديد للأسر.
وحمل القيادي بحزب الأمة، السلطة الانقلابية القائمة المسؤولية، محذراً من نشاط جماعات عشوائية ومدنية مسلحة لتصفية وتتبع الخصوم السياسيين، ويضيف أنه أمر مرفوض ومدان، وأنه جرس إنذار للحزب بأن يفعل مكاتب الحماية الخاصة به لتحديد هوية من يترصدون قيادته، فضلاً عن أنه إنذار لكل القوى السياسية الأخرى والكيانات المطلبية ولجان المقاومة بأن ترفع أقصى درجات الحذر لحماية قياداتها وبالأخص الميدانيين.
دعاية سياسية
فيما وصف المحلل السياسي محمد محي الدين استهداف ورصد الكوادر الحزبية بأنه أمر خطير وقد يقود إلى انفلات أمني وعدم استقرار، وبحسب محي الدين، في حديثه لـ(اليوم التالي) أن التهديد والرصد يقرأ في سياقين، الأول موضوعي يتمثل في خطاب الكراهية في البلاد الذي يعطي إحساساً بالخطر خصوصاً حول القيادات، والثاني يتصل بهواجس بعض الأحزاب مثل الشيوعي.
وحمل كوادر تأمين قيادات الحزب الشيوعي المسؤولية تعرض قياداتها للخطر، وطالب الأجهزة النظامية العمل على تأمين قيادات الأحزاب بالتنسيق مع كوادر تأمين لمنع الانفلات الأمني، ويقول المحلل السياسي: إن الحديث عن الرصد والمتابعة نوع من الدعاية السياسية أكثر من أنه يعبر عن واقع، يريد منه كسب تعاطف الشارع مع ظهور كوادر المؤتمر الوطني والإسلام السياسي.

ثقافة مدمرة
غير أن المحلل السياسي أحمد عابدين، يؤكد أنها ظاهرة لا تشبه الإرث السياسي السوداني معتبراً ذلك تضييقاً بالرأي والموقف المخالف الذي حملته فترة ما بعد سقوط نظام الإنقاذ وأضحى أمر النزاع يحمل خشونة بالغة قولاً وفعلاً.
ويقول إن الشيوعي له أعداء من تحالفه القديم، ومعركته في السيطرة على لجان المقاومة بجانب تحالف التغيير الجذري خلق له عداءً ويضيف: كل هذا ليس مبرراً لإدخال الثقافة المدمرة لحقل السياسة السوداني.
وبحسب عابدين في حديثه لـ(اليوم التالي) أن الرصد والمتابعة نتيجة لخطاب الكراهية الذي تبنته حكومة الفترة الانتقالية عبر قيادات بارزة ونقله عبر بعض أجهزة الإعلام، وأردف: إنه ليس الأول فقد تم الاعتداء على بعض رموز تحالف الحرية والتغيير واجتماعاتها، ويتوقع تعرض الأحزاب التي تتمسك بالتعنت وتصفية الحسابات وطالب الحكومة بالتدخل خصوصاً المؤسسة العسكرية من أجل مصلحتها ومصلحة السودان محاربة هذا الفعل وحسمه.