بقلم الشيخ: أحمد التجاني أحمد البدوي
إنَّ الإسلام جاء ليواكب ويتناغم مع كل عصر وينسجم مع كل وقت وليساير ويتشكل ويتلون في المنشط والمكره وفي الحل والترحال حسب الزمان والمكان وهذا ما امتاز به على ما قبله من رسالات لأنه رسالة عالمية خاتمة أتت للناس كافة وعالميته وخاتميته تلك تحتم عليه أن يكون هيناً ليناً يحمل في طياته وأحكامه كل الاحتمالات والظروف التي تختلف باختلاف الزمان والمكان والضرورة والحاجة، فجاءت تكاليف الإسلام وواجباته متحركة ليست ساكنة، ومتغيرة ليست ثابتة حسب مقتضى الظرف والحال، مما جعل تلك الواجبات تتحرك ما بين الواجب والمباح والمكروه والحرام، فكل التكاليف تتنقل ما بين هذه المنازل (فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ)، ففعل السلف غير ملزم للخلف إذا اقتضت الضرورة لفعل شيء لم يفعله السلف وإلا ما كان فقه الضرورة والاجتهاد والقياس والإجماع وعليه يصبح الاحتفال بالمولد ضرورة ،ويمكن أن يكون الحديث عن الاحتفال بالمولد دائراً حول كيفية الاحتفال بعد أن صار شخص النبي صلى الله عليه وسلم هدفاً للإساءة والسب والتشهير وهو الرد الأبلغ على هولاء الذين سخروا القنوات وألفوا الكتب وأخرجوا الأفلام للنيل من الإسلام ونبي الإسلام وقرآنه، وأظن هؤلاء يجدون من بيننا من يعينهم على فعلهم ذاك من حيث يعلمون أو لا يعلمون من الذين يتحدثون عن بدعة المولد، وأن الرسول (ص) كسائر الشخصيات في التاريخ التي أدت دورها ثم ذهبت، ولا شك أن حديثهم هذا يجد مكانه عند الذين لهم الغرض في الإساءة للنبي صلى الله عليه وسلم والحط من قدره وفي رأيي بناءً على ما ذكرنا أصبح الاحتفال بالمولد ضرورة آنية وإنْ لم يكن له ضرورة من قبل على عكس ما يصفه البعض بالبدعة، فلنتحدث عن كيفية الاحتفال والإخراج ولنترك الخلاف والجدل وليجلس العلماء من أهل الوسطية ويخرجوا لنا بكيفية للاحتفال الذي يكون خالياً من كل بدعة ولا تنتهك فيه حرمة ولا يتصادم مع نص ويجب الالتزام بما يراه العلماء وإن رأوا أن لا ضرورة للاحتفال.
نريد أن تجعله الكيفية مولداً يكون الحدث الأكبر والنداء الأعظم والمدافع الأقدر في العالم للتعريف بالإسلام ونبي الإسلام، ويمكن أن يكون الاحتفال منبراً للمنافحة والدفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم وفيما رواه مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يضع لحسان بن ثابت منبراً في المسجد ويقول له نافح عن رسول الله ومعك روح القدس، يمكن للاحتفال أن يكون منصة دعوة ومنبر موعظة ووسيلة تبليغ ومؤتمراً جامعاً متاحاً للجميع الكافر والمسلم المرأة والرجل الصغير والكبير بخلاف المساجد التي لا يدخلها إلا المسلمون نريده أن يكون احتفالاً مفتوحاً بشرطه، ولكل الناس ومناسبة لتفعيل الآية: (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً) مدعوماً بالعلماء والمفكرين وبكل اللغات حتى يكون لكل سؤال جواب عن محمد ودين محمد صلى الله عليه وسلم، نريده احتفالاً نحبب به أطفالنا في هذا النبي ولا مانع فيه من تقديم الحلوى والملابس واللعب حتى ينشأوا على حب الله ورسوله وأن يكون استذكاراً لعبر واستعراضاً لسير:( لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ).