المفتاح السحري للنجاح.. إدارة الوقت مع وجود أهداف محددة
للتعامل مع مسألة إدارة الوقت إما أن تركز على النتائج أو على المهام ولكن..!!
قاعدة الثواني الخمس أداة قادرة على خلق تغّيير سلوكي فوري
إعداد: تيسير حسين النور
قالها الرئيس الأسبق لجامعة هارفارد (ديريك بوك): (إذا كنت تعتقد أن التعليم مكلف فعليك أن تجرب الجهل، وإذا كنت تعتقد أن التنظيم يتطلب الكثير من الوقت، فجرب الفوضى)، وورد في كتاب نظم وقتك في 60 ثانية لجيف ديفيدسون: ولكي تصبح منظماً وتحافظ على هذا النظام فإن هذا يستغرق وقتاً ويتطلب فكراً، ولكنه سيوفر لك الوقت ويضمن لك راحة البال فيما بعد، والتناقض العجيب هنا أنك تنفق الوقت لكي توفر الوقت.
وعلى الرغم من الأهمية البالغة لإدارة الوقت الا أنها لم تحظَ باهتمام الكثيرين إلا في السنوات الأخيرة فمنذ 50 سنة لم تكن هناك كتب تتناول هذا الموضوع وحتى من 20 سنة لم يكن هناك سوى كتابين أو ثلاثة، بالإضافة الى عدد قليل من المقالات حول الموضوع. وفي السبعينات من القرن العشرين لم يكن هناك سوى عدد قليل من الشركات التي تدرب موظفيها على إدارة الوقت أما الآن فهناك مئات الكتب وآلاف المقالات عن إدارة الوقت وكل الشركات الكبرى تهتم بتدريب موظفيها عليها.
السؤال: ما سبب هذا التغيير؟ وتأتي الإجابة في كتاب الطريق الفعال لإدارة الوقت والنفس والمال تأليف ميريل دوجلاس ودونا دوجلاس.
أولاً: تزداد التوقعات حول ما يفترض أن يقوم الناس بتحقيقه في عملهم…
تتوقع الشركة التي تعمل بها منك أن تحقق إنجازات أكثر مما حققت في العام الماضي.
ثانياً: بيئة العمل تزداد تعقيدا كل يوم وكل شيء يتغير فيها باستمرار، وقد
زادت حدة المنافسة الأجنبية عما توقعناه منذ 30 سنة وثقافة العمل بأكملها
في تغيير مستمر..
ثالثاً: تزيد سرعة معدل التغيير سنوياً وقد أطلق الكاتب (الفين توفلر) على
تلك الظاهرة (صدمة المستقبل) فلكل إنسان طاقة لتقبل التغيير فإذا زاد
إيقاع التغيير عما يمكن للشخص أن يتحمله تظهر المشكلات ومعظم هذه
المشكلات تتعلق بالوقت وليس من الغريب أن يصل مدى تأثير تلك الضغوط
المتزايدة الى المستوى الشخصي، فالأشخاص المفترض فيهم القيام بفحص كل
مشكلات العمل والتعامل معها أصبح لديهم المزيد من المتطلبات في حياتهم
الشخصية.
فنحن جميعاً نحتاج إلى تخصيص المزيد من الوقت لحياتنا الشخصية ولدينا
توقعات كبيرة بشأنها.
وقد أوضحت رسالة حديثة قامت بها إحدى سلاسل الفنادق العالمية أن الناس
مستعدون للتخلي عما قد يصل إلى 20 في المائة من دخلهم للتمتع بيوم إجازة
إضافي أسبوعياً للراحة، فقد أصبح الوقت غاية في الأهمية بالنسبة لكل من
الأفراد والمؤسسات.
تحديد الهدف:
تعد إدارة الوقت في جوانب كثيرة منها أمراً معروفاً، ولكن هذا لا يعني أنه
أمر سهل في القيام به)، فهناك فرق كبير بين معرفة ما يجب عمله والقيام به
فعلاً، فمعرفة ما يجب عمله شيء مهم، ولكن ليس كافياً، فمن المهم توفر المعرفة
والإصرار والتحرك من أجل تحويل الشيء المعروف إلى واقع) ومن المستحيل
أن تخطط بشكل جيد دون تحديد هدفك، وإن كنت لا تستخدم وقتك في السعي
نحو أهدافك الأكثر أهمية، فقد حان وقت التغيير.
هناك مثال يوضح الفكرة، ما قدمه (لويس كارل) في أحد مشاهد روايته
(آليس في بلادالعجائب) تدور أحداث هذا المشهد في مفترق طرق مرت به آليس
في رحلتها وقد كانت هناك قطة ضاحكة فوق شجرة في منتصف هذا المفترق وقد
بدأت (آليس) الحائرة حواراً مع هذه القطة وذلك كما يلي:
– آليس: اخبريني من فضلك أي الطرق أسلكها؟
– القطة: هذا يتوقف على المكان الذي تريدين الوصول إليه..
– آليس: أنا لا أعرف لأي مكان أذهب؟
– القطة: إذاً فما أهمية تحديد الطريق الذي ستسلكينه..
– آليس: يا إلهي! ولكني أريد أن أذهب لمكان ما..
– القطة: عندما تحددي المكان ستستطيعين تحديد الطريق إليه.
إن تحديد الأهداف هو الأساس للاستفادة القصوى من الوقت، فمن المستحيل
الاستفادة من الوقت بشكل جيد دون تحديد مجموعة معينة من الأهداف نسعى
لتحقيقها.
فإذا لم تكن لديك أهداف محددة تسعى من أجل تحقيقها فلا يهم إذا قضيت وقتاً
في مراجعة دفاترك أم في مشاهدة أحد الأفلام أم في الاتصال بصديق فمهما كان
ما تفعله سيمر الوقت وستكون كل الأنشطة التي تقوم بها على الدرجة نفسها
من الأهمية.
خير مثال على أهمية تحديد الأهداف في الحياة هو رائد الفضاء الأميركي
(إيرين أوجين أولدوين) والذي يعد ثاني إنسان يمشي على سطح القمر، ولكنه
عانى من انهيار نفسي وعصبي بعد عودته للأرض مباشرة.
فقد كان يعتقد الكثيرون أن كل شيء سار كما تمنى (أولدوين) وربما في نواحٍ
كثيرة، فقد تحقق ذلك بالفعل وقد قام بولدوين بتأليف كتاب عن تجاربه، وقدم
فيه إجابات لكل الأسئلة التي حيرت الناس عنه..
وفي هذا الكتاب أوضح سبب الانهيار الذي حدث له قائلاً: لقد تبين أن هناك
حياة بعد الهبوط من سطح القمر)، فلم تكن لديه أهداف أخرى يتولى تحقيقها
عندما عاد الى الأرض، وهذا كان من الصعب عليه العيش في مثل هذا الفراغ
الداخلي..
العديد من المديرين التنفيذيين الذين سخروا كل طاقاتهم لعملهم وتحملوا كل
الظروف التي مرت بها شركاتهم من صعود وهبوط حتى وصلوا إلى سن التقاعد وقد
قاموا بالكثير من الأعمال العظيمة، ولكنهم ماتوا بعد ذلك بعد أقل من 18
شهر والسبب كما أثبتت الدراسات لا يختلف كثيراً عن السبب الذي أدى الى
انهيار (أولدرين) وهو أنه ليس لديهم أهداف يسعون إلى تحقيقها في حياتهم
بعد التقاعد.
لقد خلقنا لكي نعمر الكون ونحل المشاكل ونحقق الأهداف ولا نشعر بأي سعادة
أو رضا بالحياة ما لم تكن هناك عقبات نتخطاها وأهداف نحققها..
سواء كنت مهتماً بإدارة وقتك الشخصي أو إدارة الوقت المخصص للعمل فإن
الأهداف تعد بمثابة كلمة السر في هذا الشأن وبدون الأهداف تكون إدارة
الوقت كالشاكوش دون وجود مسمار للطرق عليه.
أما إدارة الوقت فمع وجود أهداف محددة فهي المفتاح السحري للنجاح.
إدارة الوقت:
هناك طريقتان فقط للتعامل مع مسألة إدارة الوقت وهما:
التركيز على النتائج التي تريد تحقيقها أو التركيز على المهام ذاتها التي
تقوم بها. وهناك فروق واضحة بين الطريقتين السابقتين.
الأشخاص الذين يركزون بشكل أساسي على النتائج المرجوة، ويميلون بشكل أساسي
للقيام بمزيد من التخطيط، فهم لديهم رؤية استباقية وخطة تنفيذ محددة وهم
في الغالب أكثر إنتاجية وأقل تعرضاً للمشاكل، أما الأشخاص الذين يركزون
بشكل أساسي على المهام التي يقومون بها فيميلون الى أن يكونوا أقل
تخطيطاً ويستجيبون لما يحدث من حولهم، كما أنهم دائماً مشغولون ولكنهم
ليسو دائماً ذوي إنتاجية عالية، كما أنهم أكثر تعرضاً للمشاكل..
إذا كنت طالباً؛ متى تبدأ في عمل واجباتك المدرسية، على الأرجح في آخر لحظة
تقريباً ومتى يبدأ اهتمامك بتحقيق الأهداف السنوية، بلا شك عند اقتراب
نهاية العام، قد يكون ذلك أفضل من إهمالها تماماً، ولكن كلما زاد اهتمامك
بتحقيق أهدافك زادت فرصتك في تحقيقها، إذا قسمت أهدافك السنوية إلى أهداف
ربع سنوية، سيبادر ذلك على زيادة حرصك على تحقيق أهدافك باقتراب نهاية
الأشهر الأربعة، وإذا قسمتها إلى أهداف شهرية سيكون التزامك أكثر.. وهكذا
ومن أفضل الأشياء التي يمكن أن تقوم بها أن تجبر نفسك على استعراض
الأهداف طويلة المدى كل يوم أو يمكن تعليقها على الحائط اذا لزم الأمر.
خمس ثوانٍ:
إن الفرق بين الأشخاص الذين يجعلون أحلامهم تتحقق ومن لا يفعلون ذلك
منحصر في شيء واحد فقط: الجرأة على البدء إضافة الى الانضباط الذاتي
اللازم للاستمرار، وقاعدة الثواني الخمس قادرة على تغيير قواعد اللعبة
والعد التنازلي من (خمسة – واحد) يرغمك على الخروج من رأسك والبدء ومن ثم
الاستمرار..
مثلاً في اللحظة التي تحس عندها بأنك متعب كثيراً ستقرر عدم الخروج الى
الجري عد من: 5 – 4 – 3 – 2 -1- انطلق
ومثال: إذا لم تحسي بأن لك قيمة فستقررين عدم إخباره بأفكارك
الحقيقية لكن قولي: (5 – 4 – 3 – 2 – 1.. انطلقي) ستصيرين قادرة على قول ما تفكرين به..
إن قاعدة الخمس ثوانٍ أداة قادرة على خلق تغّيير سلوكي فوري؛ وهي أداة
معرفية بسيطة مستندة إلى دراسات وأبحاث، وتولد تغييراً سلوكياً فورياً
مستمراً واستخدامها بسيط:
كلما كان لديك إحساس غريزي يدفعك الى القيام بفعل ما اتجاه هدف ما أو كلما
شعرت بأنك تتردد في فعل شيء ما لكنك تعرف أن عليك فعله عليك استخدام هذه
القاعدة ابدأ بالعد التنازلي: 5-4-3-2-1- انطلق) هذا العد يساعدك في التركيز على الهدف أو الالتزام ويلهيك عن مخاوفك ومصادر القلق الموجودة في عقلك
وذلك ما ورد في كتاب قاعدة الثواني الخمسة لميل روبنز. وتقول المؤلفة: أطلقت عليها قاعدة الخمس ثوان لأن ذلك كان أول شيء خطر في ذهني في ذلك الصباح الذي استعملت فيه العد التنازلي لأول مرة لأني تذكرت مشهد إطلاق الصاروخ الذي شاهدته على التلفاز في الليلة السابقة وقلت لنفسي سأطلق نفسي من السرير مثلما أطلقت (ناسا) هذا الصاروخ، وفي الصباح التالي وجدت نفسي أعد عداً تنازلياً 5-4-3-2-1- انطلاق. وتقول إن السر الكامن خلف كون قاعدة الثواني الخمس تجعلنا نشعر بالتحرر إلى هذه الدرجة هو أنك لا (تقبض) على اللحظة فحسب، بل تصير أيضاً مالكاً لحياتك، إنك تغير كل (لا عندك إلى نعم).. وهذه القاعدة لا تبالي بنوع التغيير لأنها صالحة فيما يتعلق بأي نوع من التغيير السلوكي الذي تحاول جعله يحدث لديك، ولا حدود لتطبيقات هذه القاعدة، إذا أردت أن تكون لك عادة إيجابية جديدة ماعليك إلا استخدام، هذه القاعدة ثم تدفع نفسك إلى فعل الأمر
كما يمكنك استخدامها لتبعد نفسك عن أي سلوك هدام أو حتى تتخلص من سلوك
انفعالي ما فقط عد عكسيا من( 5-1).
وقت التغيير.. منظمة الوقت:
إن احترام الوقت شيء شخصي خاص يمتد الى العام وإذا صلح الفرد صلحت الأمة؛ ولأننا كشعب سوداني اشتهر بالعديد من الخصال الحميدة ولكنه أيضاً اشتهر بعدم تقدير الوقت وعدم الالتزام بالمواعيد ولمعالجة هذا اجتمعت نخبة من أبناء الوطن لإيجاد حل لهذه المشكلة وبعد العديد من الاجتماعات برئاسة المرحوم المشير عبد الرحمن سوار الذهب وصاحب الفكرة ورئيس المنظمة العميد ركن (م) حسن عثمان إبراهيم – زميل الكلية الملكية للدراسات الاستراتيجية – لندن، والقائد الأسبق لسلاح الإشارة الحائز على وسام الإنجاز العسكري- تم الاتفاق على قيامها ورؤيتها أن الوقت ثروة اقتصادية قومية نادرة، ورسالتها أن الوقت لأداء الواجب أولاً بأول وبالإنتاج لن نحتاج.. وتفق المجتمعون أن يكون شعار المنظمة (الوقت هو الحياة). وسجلت بتاريخ 17 أكتوبر 2017م كمنظمة طوعية ثقافية قومية، وتمت مخاطبة مجلس الوزراء وقتها ووزارة الخارجية ليكون يوم 17 أكتوبر من كل عام (اليوم الوطني للوقت).. واستطاعت المنظمة إقامة 18 فرعاً لها في كل الولايات كما عقدت عدد من الورش العلمية عن إدارة الوقت بالتعاون مع جامعة الخرطوم وجامعة الزعيم الأزهري وولايات نهر النيل والجزيرة وجنوب دارفور وقدمت فيها العديد من
الأواراق العلمية والتوصيات التي رفعت لمجلس الوزراء، انضم الى المنظمة
المئات من الرموز السودانية من العلماء وأساتذة الجامعات وأئمة المساجد والمبدعين والإعلاميين والمثقفين وخبراء التربية والتنمية البشرية والمواطنين والشباب وهي تحمل مسؤولية التغيير.
قال عنها المرحوم د. منصور خالد: هذه المنظمة تقود مبادرة ثقافية غير مسبوقة وهي تستحق الدعم المعنوي والمالي.. ويشرف على أعمالها البروفيسور علي شمو رئيساً فخرياً وراعياً لها إضافة العديد من رجال الأعمال والشخصيات البارزة والعامة التي تبذل ما بوسعها لأجل المنظمة، ومن أبرزهم السيد صالح عبد الرحمن يعقوب الذي يستمر بدعم المنظمة مادياً ومعنوياً وشخصياً وبالأمس 11 من سبتمبر أقام دعوة عشاء بمنزله ضمت عدداً من رجال الأعمال السودانيين للوقوف مع المنظمة ودعمها خلال الاستعدادات الجارية للاحتفال باليوم الوطني للوقت القادم في 17
أكتوبر 2021م..
الأيد الواحدة لن تصفق وبتجميع الجهود يتحقق المراد.. دعوة للجميع بتبني
فكرة الوقت والحفاظ عليه لأجل التغيير ومن هنا نعد عكسيا من 5-1 والانطلاق..
الوقت هو الحياة .. 17 أكتوبر (اليوم الوطني للوقت)..!
