مجلس الأمن والدفاع.. مهام وتحديات؟

محمد خليل: جميع دول العالم لديها مجلس أمن ودفاع يعنى بشؤون الأمن الوطني
محمد عجيب: في السودان كانت هناك مجالس عسكرية ليست بطريقة البرهان
السنوسي كوكو: أكبر تحديات مجلس الدفاع المحافظة على اتفاق جوبا
الخرطوم: الخواض عبدالفضيل
في ظل سعي أطراف الأزمة السياسية في البلاد للوصول إلى اتفاق يرضي الجميع، اتفقت الأطراف على تشكيل مجلس أعلى للأمن والدفاع، يتبع لرئيس الوزراء المدني، حيث أكد متحدثون لـ(اليوم التالي) أن التجربة لم تكن وليدة اللحظة، إنما طبقت من قبل، وقالوا إنه مشروع يدعم الأمن القومي والدفاع عن الوطن وحفظ مكتسباته السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمحافظة عليها مع العمل على تأمين عملية الانتقال الديمقراطي الكامل، حسب النظم واللوائح والقوانين المحلية التي تتماشى مع المعايير الدولية، مشيرين إلى أبرز التحديات التي تواجه المجلس والتي تتمثل في الحفاظ على اتفاق سلام جوبا.

تشكيل مجلس أمن
وكشفت تقارير إعلامية عن اتفاق بين المكون العسكري والقوى المدنية على تشكيل مجلس أمن ودفاع يتبع لرئيس الوزراء المدني، بحسب صحيفة الشرق وأن رئيس المجلس السيادي الفريق أول عبد الفتاح البرهان، توصل مع قوى الحرية والتغيير إلى اتفاق بشأن الكثير من القضايا، فيما لا يزال النقاش مستمراً بشأن النقاط الخلافية، في أول تحركات جادة نحو اتفاق شامل بين الجانبين، منذ 25 أكتوبر 2021.
وحصلت (اليوم التالي) على نسخة من وثيقة الاتفاق الوشيك بين العسكريين والمدنيين في السودان، وتنص الوثيقة على تشكيل حكومة كفاءات برئيس مدني، على أن تختار القوى المدنية رئيس الوزراء، والوزراء، وتشكيل مجلس للأمن والدفاع يتبع رئيس الوزراء، على أن يكون البرهان القائد العام للقوات المسلحة، وحميدتي قائداً لقوات الدعم السريع.
وكانت قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي اشترطت في الدستور الانتقالي الذي صاغته لجنة المحامين على أن يكون هناك مجلس السيادة مدني، وأن يخضع مجلس الأمن والدفاع لسلطة رئيس مجلس الوزراء.
توافق سياسي
يقول الخبير العسكري اللواء (م)محمد عجيب في حديثه لـ(اليوم التالي) إن قرار تكوين مجلس أعلى للأمن والدفاع تحدث عنه الفريق أول عبدالفتاح البرهان في 4 يوليو الماضي، ولم ينفذ لتقيده ببعض الإجراءات التي سبقته، منها على سبيل المثال توافق القوى السياسية مع بعضها البعض على تشكيل حكومة بقيادة رئيس مجلس وزراء متفق عليه، زائد مجلس سيادة.
وتوقع حل مجلس السيادة عقب تكوين المجلس الأعلى للقوات المسلحة بحسب حديث القائد العام للجيش البرهان وتسليم السلطة للمدنيين لإدارة ما تبقى من الفترة الانتقالية.
ويؤكد أن تشكيل المجلس مرهون بتوافق وطني بين القوى السياسية خاصة وأن الفجوة بينهم كبيرة والخلافات تعصف بينهم كل يوم.
وبحسب عجيب، أن تشكيل مجلس أعلى للقوات المسلحة لم تتم من قبل في البلاد، إنما تم تشكيل مجلس قيادة الثورة، إلا أنه عاد وقال هناك مجلس أعلى للقوات المسلحة إبان فترة حكم الفريق الفريق إبراهيم عبود بكامل الصلاحيات والسلطات التنفيذية والتشريعية ولم يكن تشريفياً برئاسته.
ويشير إلى وجود مجلس أعلى للقوات المسلحة في عهد المشير عبد الرحمن سوار الدهب تحت قيادة مدنية بصلاحيات تشريعية بين المجلسين، ونوه إلى تطبيق تجربة المجلس الأعلى للأمن والدفاع في الإقليم والمحيط الأفريقي، بعد الثورة والإطاحة بحسني مبارك، وتابع: الفكرة طبقت ولكن ليست بالطريقة التي تحدث عنها البرهان.
وطالب البرهان بتوفيق العلاقة ما بين سلطات المجلس الأعلى للأمن والدفاع ومجلس السيادة ومجلس الوزراء، متسائلاً: هل ستكون لديه سلطة على هذين المجلسين أم لا؟ ويجيب: إذا لم تكن لديه سلطة فلا فائدة من ذلك ومن الأحسن يكون في الوضع الحالي، وفي حال كانت لديه سلطة ووصاية على المجلس السيادي ومجلس الوزراء تصبح هذه الأجهزة ليست لديها قيمة قانونية أو دستورية لافتاً الى أن هذه التعقيدات تصبح تناقضات دستورية وقانونية وتشكل معضلة بالنسبة للبرهان، وقد تعصف بفكرة المجلس الأعلى للقوات المسلحة.

أمن وطني
من جهته أوضح المختص في الشؤون العسكرية، اللواء محمد خليل الصائم، لـ(اليوم التالي) أن جميع دول العالم لديها مجلس أمن ودفاع يعنى بشؤون الأمن الوطني، ويحدد درجة وخطورة التهديدات التي تتعرض لها الدولة وما شابه.
ويضيف: في حال كانت الحكومة مدنية يكون برئاسة الحكومة المدنية، وإذا كانت حكومة انقلاب يسمى المجلس الأعلى للقوات المسلحة ويرأس الحكومة المدنية والقوات المسلحة.
وشدد خليل على ضرورة أن تكون رئاسة المجلس بالحكومة المدنية ويضم رئيس الجمهورية أو رئيس مجلس الوزراء والأجهزة النظامية.
ويشير إلى أن دور المجلس خلال هذه المرحلة حفظ الأمن والسلم السوداني خاصة، وأن البلاد الآن تمر بمرحلة حرجة وأردف: دائماً الفترات الانتقالية تقودها القوات المسلحة، واستدل بفترة المشير سوار الدهب وتابع: الآن الفترة الانتقالية أصبحت خليطاً ما بين عسكريين ومدنيين لم تظهر أي ملامح للاستقرار.
مسكن للمرض
وبدوره يقول اللواء متقاعد عمر أرباب لـ(اليوم التالي): يمكن أن تحل هذه التسوية الأزمة بشكل مؤقت، ولكنها لن تنتج حلاً للأزمة، بل هي بمثابة مسكن لمرض مزمن وتابع: أي تسوية تبقى على ذات الشخوص المسببين للأزمة في أي هيكل من هياكل السلطة فهي بمثابة تأجيل المعركة ويمكن أن تمنحهم فرصة لإعادتنا للوراء متى ما أرادوا.. وهذا ما لا يجب القبول به.
حفظ مكتسبات
وفي السياق ذاته يقول نائب رئيس الحركة الشعبية جناح عقار، الفريق السنوسي محمد كوكو، إن المجلس الأعلى للأمن والدفاع مشروع يدعم الأمن القومي والدفاع عن الوطن وحفظ مكتسباته السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمحافظة عليها مع العمل على تأمين عملية الانتقال الديمقراطي الكامل، حسب النظم واللوائح والقوانين المحلية التي تتماشى مع المعايير الدولية، وحذر كوكو في حديثه لـ(اليوم التالي) من الانتقاد السلبي والشيطنة السياسية من بعض التنظيمات ليؤدي مهامه الوطنية.
ويرى أن أبرز التحديات، التي تواجه مجلس الأمن والدفاع خلال الفترة القادمة المحافظة على اتفاقية سلام جوبا التي حققت مكتسبات كثيرة للمواطنبن، وعدم التقليل من هذه الاتفاقية في ظل ارتفاع الأصوات التي تنادي بمراجعة اتفاق جوبا الذي أوقف نزيف الحرب وإفشاء السلام في مناطق الحرب.
وقال: لا نقبل المزايدة، علينا في التضحية والنضال من أجل الوطن والمواطن، وذلك لأننا خضنا حرب مع أقوى وأكبر نظام إرهابي عقائدي في التاريخ لثلاثين عاماً وقبلها ثماني سنوات ضد السودان القديم وتجرعنا مرارات الحرب بكل أنواعها وقذف براميل متفجرة على رؤوس الناس وتطهير عرقي وتهجير ولاجئين ونازحين خارج دائرة الاهتمام الإنساني وهذه هي فاتورة النضال التي دفعتها الحركة الشعبيه والجيش الشعبي لتحرير السودان، لأكثر من مليون شهيد وثلاثة ملايين لاجئ وهذا ثمن غالي، وتابع: لكن ليس بكثير على الحرية والعدالة والسلام والمساواة ومشروع السودان الجديد ومنفستو الحركة الشعبية.

مهددات الدولة
بالمقابل يرى المحلل السياسي محمد عمر فيصل خلال حديثه لـ(اليوم التالي) أن مهام المجلس الأعلى للأمن والدفاع تحدده دائماً الدساتير في البلاد المعنية بمعنى أن الحالة السودانية وخاصة في هذه الفترة لابد أن يكون هنالك اتفاق سياسي بين كل القوى السياسية أو ميثاق سياسي ثم يلحق بإعلان دستوري تحدد فيه كل المهام لمستويات السلطة سواء كان مجلس الوزراء أو المجلس السيادي بالإضافة الى مهام المجلس الأعلى للأمن والدفاع وتابع: ولتحديد هذه السلطات يجب اتفاق كل القوى السياسية مجتمعة على تأسيس دستوري يشمل كل القوى وكل سوداني يرى نفسه في هذا الدستور نفسه وزاد: دائماً سلطات المجلس الأعلى للقوات المسلحة تختص بالأمن القومي والدفاع من المهددات التي تطرأ على الدولة إضافة الى المهام العسكرية وهي المهام الأساسية له مشيراً الى أن السودان يمر بحالة استثنائية تجعله لا بد من أن يكون العسكر موجودين في السلطة بمهام محدودة لحراسة الفترة الانتقالية من انحرافها عن مسارها من قبل تيارات حزبية، لذلك أرى أن يبقى مجلس السيادة كما هو دون الحاجة الى مجلس أعلى خاصة وأن هنالك تباين آراء من بعض القوى ترى أنه لابد من وجود وضرورة المكون العسكري خاصة حركات الكفاح المسلح التي لديها مهام عسكرية خاصة بالترتيبات الأمنية، والمكون العسكري هو الذي قاد عملية السلام، لذلك خروج المكون العسكري والتحول الى مجلس أعلى للقوات المسلحة دون صلاحيات أو سلطة يصعب تنفيذ عملية السلام هذا ما تراه الحركات المسلحة في اعتقادي.


لمتابعة أخبارنا انضم إلى مجموعتنا في الواتساب
انضم الينا في الواتساب