نهى محمد الأمين أحمد
nuha25@yahoo.com
جلست وابني نتناقش في كيفية التقديم للجامعات، فقد كان من الجالسين هذا العام لامتحان الشهادة الثانوية، في أي الكليات وأي الجامعات يقدم! وكيف يرتب الرغبات، هل يختار الطب، أم الهندسة، وماذا عن علوم الحاسوب، حاولت من خلال النقاش أن أعينه على رؤية الموضوع من كل جوانبه عبر تسليط الضوء على المميزات في كل مجال، والعيوب أيضاً، بدون أن أحاول أن أملي عليه شيئاً أو أن أتدخل في خياراته، أوكلت له أن يختار مجال دراسته بنفسه، فأوضحت له أن الطب مثلاً مجال ستظل عمرك كله تتعلم، لأنه يتطور في كل ساعة، بل وكل ثانية، ودراسة الطب تقتضي بذل الكثير من الجهد والوقت، ولتعلم أن الدراسة ستحتل قائمة أولوياتك وأنك ربما لا تجد وقتاً لممارسة الهوايات، على عكس مجال التكنولوجيا والبرمجيات فهو يعتمد إلى حدٍ كبير على البراعة والميل الشخصي لمثل هذا المجال، وأن تكون مولعاً بما تدرس.
بعد ذلك أخذت أفكر في التفوق والتحصيل الأكاديمي ومعادلة النجاح في الحياة، جاء إلى ذاكرتي الكثير من الحرفيين الذين تعاملت معهم في الحياة الروتينية، بين حداد بارع للغاية، وبناء يستطيع ببساطة أن يضع لمسته الخاصة على أي حائط يبنيه، وسباك بأنامل سحرية يحل مشكلات مستعصية في زمن زهيد،، وغيرهم الكثيرون، ولا شك أن هذه المهن تتطلب ذكاءً ومهارةً حرفية تختلف عن الذكاء الأكاديمي الذي يجعلنا نحرز أعلى الدرجات في العلوم والرياضيات، تذكرت أيضاً رفقاء الصف في كل مراحل الدراسة، وكم من محتلي الكنبات الأخيرة في الصف، الذين تصدروا سجلات النجاح الآن بين مستثمر بارع، وآخر ذاع صيته في واحدة من الصناعات، على أقصى النقيض أولئك الذين احتلوا دوماً المراتب الأولى وكانوا بمثابة عبقريات فذة في ذلك الوقت، آل بهم المآل إلى وظائف لا تتطلب من الذكاء إلا أقله، وانتهى الأمر إلى إصابتهم بالإحباط، خاصة في بلد مثل السودان، ليس لديه رؤية ولا منهجية للاستفادة من موارده البشرية، وكم من مستوزر لا يفقه شيئاً ولكنه استوزر بقدرة قادر بطرق غير واضحة ولا منطقية.
وبعد تفكير عميق واصطحاب للكثير من التجارب التي مرت بي في الحياة ومن ضمنها أنا نفسي، ليست هناك معادلة معروفة المدخلات للنجاح في الحياة، والتفوق الدراسي بالتأكيد لا يشكل عاملاً مؤثراً في هذه المعادلة، الرزق، النجاح والسعادة كلها من أنعم الخالق عز وجل يوزعها على عباده كيف يشاء فيعطي هذا ويحرم ذاك لحكمة إلهية، فهو الحق العادل على جميع البشر.
في النهاية دعوت الله أن يحفظ أبنائي ويوفقهم ويهبهم النجاح والسعادة في الدنيا والآخرة بغض النظر عن مدخلات المعادلة.