عودة علاقة البنك الدولي… هل استئناف لإعفاء الدين الخارجي؟

الخرطوم: أمين محمد الأمين
قال خبراء وباحثون في الاقتصاد إن عودة صندوق النقد الدولي للتعامل مع السودان يعني استئناف إعفاء الديون الخارجية، إضافة إلى إعادة حقوق السحب المالية، وأوضحوا أن صندوق النقد والبنك الدولي مؤسسات تعمل على حراسة مصالح الجهات التي أسستها، مشيرين إلى أن هدفها النهائي ترسيخ النظام السياسي الدولي، وأجمعوا على التوافق السياسي لتكوين حكومة بقيادة مدنية لتعاون الجهات الدولية مع السودان، معتبرين حديث صندوق النقد حول التسوية السياسية واستجابة د. جبريل له نوع من عدم المهنية على حد تعبيرهم.
إعانات كبيرة
وقد كان وزير المالية والتخطيط الاقتصادي د. جبريل، أقر بصعوبة عودة صندق النقد والبنك الدوليين للقيام بالأعمال والاستثمارات المطلوبة لتقديم الإعانات الكبيرة بدون حدوث تحول سياسي، وأكد في تصريحات صحفية خلال مشاركة في اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين في نيويورك بحسب مصادر صحافية، إنه أخطرهم بأن التحول السياسي المطلوب بات وشيكاً، والسودان سيشهد تشكيل حكومة مدنية قبل نهاية العام، ووعد بأن تمضي الترتيبات والخطط بصورة جيدة.
توقف وعودة
وأشار الباحث والمحلل الاقتصادي د. الفاتح عثمان محمود إلى توقف علاقة صندوق النقد الدولي مع السودان في عام 1981م، موضحاً أن هناك مناقشات تمت لعودته في 1987م، لكن فشلت وعاد رسمياً للتعاون مع السودان في منتصف تسعينيات القرن العشرين، وقال في حديثه لـ(اليوم التالي) إن عودته اقتصرت في التعاون على الجانب الفني لجهة أن السودان سياسياً لم ينل دعم الدول الغربية المسيطرة على البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وأوضح أنه في عهد د. عبدالله حمدوك تم الاتفاق على استئناف الدعم الفني والترتيب لدعم مالي فتم التنسيق لقرض تجسيري لسداد مديونية البنك الدولي وآخر لصندوق النقد الدولي وآخر لبنك التنميه الأفريقية.
دعم مالي
ويبين د. الفاتح أن مهمة صندوق النقد الدولي هي معاونة الحكومات على إصلاح الاقتصاد عبر تقديم الدعم الفني لها، إضافة إلى تقديم الدعم المالي للحكومات لإصلاح موازنتها، لافتاً إلى أن الصندوق عادة يقوم بتقديم دعم مالي في الحالات الطارئة للحكومات، قائلاً إن ذلك يتم في حال حدوث أزمة اقتصادية عالمية ناتجة عن كارثة مثل “كورونا” أو انهيار العقارات أو المصارف العالمية أو أزمة في دولة ما تسببت في عجز كبير في موازنتها.
إعفاء ديون
وأوضح أن صندوق النقد الدولي أعلن سابقاً إعطاء السودان حقوق سحب لحوالي 600 مليون دولار في العام 2022م لكنه أوقفها بعد انقلاب البرهان، مبيناً أن الصندوق يقوم بإعطاء شهادة للدول التي تطبق الإصلاحات ليتم إعطاؤها قروض تنموية من البنك الدولي ومن مجموعة نادي باريس، مؤكداً أن ذلك أحد أهم أدوار صندوق النقد الدولي، منوهاً إلى أن عودة صندوق النقد الدولي للتعامل مع السودان يعني استئناف برنامج إعفاء الديون الخارجية، إضافة إلى إعادة حقوق السحب المالية البالغة 600 مليون دولار للسودان مرة أخرى.
واتفق د. الفاتح مع حديث وزير المالية والتخطيط الاقتصادي د. جبريل عن أهمية دور التوافق السياسي لتكوين حكومة انتقالية بقيادة مدنية، وقال إنه حديث صحيح، وبرر ذلك لأن الجهات الدولية أعلنت رسمياً منذ أول يوم من انقلاب البرهان تعليقها التعاون مع السودان إلى حين تشكيل حكومة انتقالية مدنية.
وصفات اقتصادية
إلى ذلك أوضح الباحث صديق محمد عثمان أن البنك وصندوق النقد الدوليين هما مؤسسات مالية لنظام دولي تم تأسيسها بواسطة أقلية، مؤكداً أنها مؤسسات مهمتها حراسة مصالح الجهات التي أسستها وتستخدم في ذلك أدوات فرض تصورات ونظم وإجراءات، مبيناً بأن هدفها النهائي ترسيخ النظام السياسي الدولي كما هو عليه الحال، وقال في حديثه لـ(اليوم التالي) إن هذه المؤسسات تقدم وصفات إقتصادية في إطار هذه الفلسفة السياسية ولا تخفي ذلك.
واقع دولي
ويرى أن المؤسسات المالية المهنية لا تتدخل في التطورات السياسية، وقال: مثلاً البنوك التجارية لا تشترط توجها سياسياً محدداً للمشاريع التي تمولها وإنما تدرس الجدوى المالية، وتابع: الدونية التي تعاملت بها الدول والمجتمعات المستعمرة سابقاً مع الواقع الدولي الذي فرضه المستعمر هو الذي جعل من المقبول أن تتحدث مؤسسات مالية دولية بلسان سياسي فصيح وتملي شروطها.
ظروف محددة
وأشار صديق إلى أن السودان يشهد فترة انتقالية، ومن الطبيعي فيها أن تؤول إدارة الدولة خلالها إلى أشخاص مهنيين مشهود لهم بالكفاءة، وقال إن مهتهم إدارة المؤسسات العامة بحيادية وسياسات عامة محل اتفاق أو إجماع، لافتاً إلى أن هناك ظروف محددة فرضت نوعاً من التسوية السياسية التي جعلت د. جبريل إبراهيم وزيرا خلال الفترة الانتقالية.
ونوه بالقول: هذه الظروف لا ينبغي أن يتوسع في تفسيرها، بل على زعماء الحركات المسلحة الاجتهاد في خدمة مناصبهم بحيادية تامة، ويرى أن أهم مواصفات الحياد تسيير دولاب الوزارات بسياسات عامة مهنية لا علاقة لها بالانحياز لفكر سياسي محدد، ووصف حديث صندوق النقد حول التسوية السياسية واستجابة د. جبريل لهكذا حديث أنه نوع من عدم المهنية.

 


لمتابعة أخبارنا انضم إلى مجموعتنا في الواتساب
انضم الينا في الواتساب