رؤية التغيير… هل تفضي لحل الأزمة؟

 

تجمع المهنيين: الرؤية السياسية التي طرحت جاءت لحل مصالح شخصية

مبارك الفاضل: حلول الحرية والتغيير تأتي من ضغط أجنبي

صلاح الدومة: التغيير وصلت إلى مراحل متقدمة لحل الأزمة السياسية

الخرطوم: أمنية مكاوي

طرحت منذ 25 من أكتوبر الماضي العديد من المبادرات لتقريب وجهات النظر بين الفرقاء السودانيين، لكنها لم تسفر عن أي حلول وكأن الأزمة السياسية في السودان عصية على الحل.. مؤخراً خرجت مبادرتان للعلن، أولها مبادرة عضو مجلس السيادة مالك عقار، ومبادرة “نداء أهل السودان”، وهما الأحدث لأنهما جاءتا بعد قرارات البرهان في الرابع من يوليو الماضي بانسحاب الجيش من الحوار السياسي للآلية الثلاثية الخطة التي وجدت استنكاراً، ولكن تلك المبادرات لم تحدث تغييراً على الأرض، ولم تستطع بعد فتح الطريق لأي حوار بين القوى السياسية والمدنية أو بين المدنيين والعسكرين وظلت اللاءات المرفوعة ضد المكوّن العسكري المسيطر على السلطة: “لا تفاوض.. لا شراكة.. لا شرعية”، هي التي تسيطر فأصبحت الساحة تضج بالمبادرات والرؤى دون أي حلول، وفي خطوة مفاجئة بعد تسريبات تسوية سياسية سرية بين الحرية والتغيير والمكون العسكري، ظهرت رؤية تحمل حل الأزمة السودانية فهل ستفلح هذه الأطروحة؟

رؤية جديدة :

أعلنت قوى إعلان الحرية والتغيير اعتماد رؤيةً كلية للعملية السياسية لإنهاء الانقلاب العسكري، وتشكيل سلطة مدنية كاملة على مستوى مجلسي السيادة ومجلس الوزراء والبرلمان، وأوضح القيادي في الحرية والتغيير خالد عمر يوسف في مؤتمر صحافي، أن الرؤية التي أجازها التحالف في اجتماع مجلسه المركزي تقوم بالأساس على ابتعاد العسكر عن السلطة، وإصلاح المؤسسة العسكرية عبر حلّ الجيوش المتعددة، وتكوين جيش وطني موحد، وفقاً لجداول زمنية يتم الاتفاق عليها، وتشكيل مجلس للأمن والدفاع برئاسة رئيس مجلس الوزراء المدني الذي تختاره قوى الثورة، مشيراً إلى أن الرؤية السياسية تضع إطاراً لتحقيق العدالة الانتقالية، وعدم الإفلات من العقاب في كل الجرائم التي ارتُكبت خلال الفترة السابقة.

وأضاف يوسف أن “رؤية تحالف الحرية والتغيير تتمسك باتفاق السلام الموقع بين الحكومة والحركات المسلحة، مع مراجعته بالتوافق مع الأطراف الموقعة بغض النظر عن الخلاف السياسي مع قادة تلك الحركات التي دعمت انقلاب 25 أكتوبر، مشيراً إلى أن الرؤية تضع أيضاً أولوية لمعالجة الأزمة المعيشية، على أن تكون وزارة المالية مسؤولة مباشرة عن كل أموال الدولة، ومنع التجنيب والتهريب، كما تشدد الرؤية على تفكيك بنية نظام الثلاثين من يونيو 1989، نظام الرئيس المعزول عمر البشير، مع تطوير مناهج عمل التفكيك.

 

مصالح شخصية

وصوب تجمع المهنيين السودانيين هجوماً عنيفاً لقوي الحرية والتغيير وقطع الناطق الرسمي للتجمع، د. الوليد علي بأن الحرية والتغيير لا تمثلهم وأن الرؤية السياسية التي طرحت جاءت لحل مصالح شخصية ولا تعبر عن قواعدها، لجهة أن الرؤية عبارة عن مغالطات.

وأوضح علي في حديثه لـ(اليوم التالي) أن الرؤية تتحدث عن قوى مناهضة للانقلاب وتعرفها بالحركات الموقعة على اتفاق جوبا في الوقت الذي يعرف فيه القاصي والداني أن الحركات الموقعة على اتفاق حوبا شريكة في الانقلاب، ولها ممثلون في السلطة الانقلابية.

وأضاف أن قوى الحرية والتغيير جاءت بمسمى جديد (قوى الانتقال) وتشمل المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير والمؤتمر الشعبي، الاتحادي الأصل، بالإضافة إلى أنصار السنة، وبالتالي قوى الانتقال تضم مجموعات كانت شريكة للنظام البائد إلى حين سقوطه.

معتبراً ذلك اعترافاً من قبل المجلس المركزي بالانقلاب وتراجعاً في تعريفه لقوى النظام البائد وهذا ما سعى له البرهان، في الوثيقة نفسها.

ويقول الوليد إن قوى الحرية والتغيير تحدثت عن تنفيذ اتفاق جوبا قبل حديثها عن مراجعته وإن قوى الثورة تجاوزت وأثبتت في مواثيقها أنه لابد من إلغائه وشرح أن الحرية والتغيير في رؤيتها أن القوات المسلحة لا تتبع للجهاز التنفيذي، إنما تتبع لرئيس مجلس السيادة والدليل على ذلك أن الحكومة التنفيذية تابعة لها الشرطة والأمن فقط، وهذا يدل على أن القوات المسلحة سيكون لها ترتيب آخر داخل المظلة التنفيذية وأن الترتيب به مجلس أمن ودفاع وأردف: باختصار إن رؤية الحرية ستؤدي إلى تشكيل حكومة (وش قباحة جديد) وإن القوة الضاربة ستكون بيد الانقلابيين، وإن الوثيقة الدستورية ودستور المحامين والآلية الثلاثية رؤيتهم تقود لتسوية مع النظام المباد وهي تسوية مرفوضة من قوى الثورة السودانية .

 

ضغط أجنبي

فيما يرى رئيس حزب الأمة مبارك الفاضل لـ(اليوم التالي) أن أهم حصيلةً المفاوضات السرية بين العسكريين والمجلس المركزي، تراجع الفريق أول البرهان عن بيان ٤ يوليو والعودة للعمل السياسي، وتراجع المجلس المركزي عن هزيمة الانقلاب وعن اللاءات الثلاث، بجانب تراجع البرهان عن مبدأ عدم الإقصاء، وقبول المجلس المركزي لقيام المجلس الأعلى للقوات المسلحة بسلطات واسعة.

واعتبر مبارك أن كل حلول الحرية والتغيير تأتي نتيجة ضغط أجنبي وشدد على ضرورة جمع كل القوى السياسية والخروج برؤية واحد وأضاف: نحن لا نعترف بأي رؤية تقدم لحل الأزمة السياسية وخاصة الحرية والتغيير لأنها أصبحت الآن تمثل نفسها، مؤكداً أن بنود الرؤية السياسية التي طرحت يمكن أن تتخرج السودان من الأزمة إذا عدلت بعض النقاط في حالة استجابة الطرف الآخر.

مراحل متقدمة

ومن جهته اعتبر المحلل السياسي البروف صلاح الدومة أن قوى الحرية والتغيير توصلت الى مراحل متقدمة لحل الأزمة السياسية عبر الإعلان الذي طرح من المجلس المركزي للحرية والتغيير، وقال: لـ(اليوم التالي): هناك حل أمريكي سيفرض على الجميع بصورة ناعمة لجهة أن البلاد تحتاج للتدخل الخارجي وأن فكرة السودان وحده قادر على الحل بنسبة 100% غير صحيحة، مضيفاً: والآن بوادر الحل السياسي قد ظهرت في السطح وأن الوثيقة الدستورية والإعلان السياسي القادم هو خروج السودان من الأزمة والآن أصبح واضحاً وقد جاءت البشريات من الرباعية والثلاثية أيضاً.

ترحيبه بالرؤية

وفي السياق ذاته أعلن حاكم إقليم دارفور رئيس حركة جيش تحرير السودان، منيِّ أركو مناوي ترحيبه بالرؤية المطروحة من قبل قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي، لإنهاء الانقلاب رغم تهديده قبل أيام بما لا تحمد عقباه في حال إقرار تسوية سياسية بين أطراف الحكومة الانتقالية المعزولة، وأبان مناوي في تغريدة على (تويتر)، عن ترحيبه برؤية المجلس المركزي لحل الأزمة التي جرها انقلاب العسكر في 25 أكتوبر 2021، مشيراً إلى أن ذلك يحدث لأول مرة منذ ثلاث سنوات، واصفاً أطروحة الحرية والتغيير بشأن الأزمة، بأنها عقلانية، ونتاج جهد يستحق الاحترام، وبالرغم من إبدائه تحفظات على أطروحة التحالف بشأن توزيع الحصص والحقائب، أردف: “نحتاج لتوفيق المواقف بأعجل ما يمكن لتكوين الحكومة”.

حل سياسي

إلا أن حزب البعث العربي الاشتراكي الأصل أعلن في بيان رفضه لرؤية الحرية والتغيير لأسس ومبادئ الحل السياسي المفضي لإنهاء الانقلاب ويقول البيان إن الفترة التي حددتها السكرتارية غير كافية للرد، وذكر أن الرؤية جاءت دون تحديد لماهية الضمانات التي ستوفرها الآلية، وقال البيان إن الدستور لا يصح اعتباره المرجع الأساسي، وذلك لأن قوى الثورة لم توافق عليه، وإن تناول ملف قضايا توطين السلام يستدعي الوقوف عند ما توصلت إليه لجنة السلام التابعة للمجلس المركزي، وبحسب البيان، لا يجوز الحديث عن حل سياسي وبنادق الاستبداد توجه طلقاتها للمتظاهرين في الشوارع، واعتقال قيادات الحرية والتغيير وشباب الانتفاضة، وطالب بوقف كافة أنواع الاتصالات والتفرغ للخيار الأول باعتباره الخط الأساسي الذي لا يمكن استبداله بالخيارات الأخرى.

طرح مرن

ووصف المحلل السياسي الفاتح عثمان الطرح السياسي لقوى الحرية والتغيير المجلس المركزي بالمرن لاستيعاب غالب القوى السياسة السودانية وذلك بضم كل من الاتحادي الديموقراطي الأصل، وحزب المؤتمر الشعبي وجماعة أنصار السنة المحمدية، إلى تحالف سياسي حول وثيقة المحامين مع فتح الباب أمام أي تعديلات على وثيقة المحامين، وقال: وبذلك تكون تحالف سياسي كبير شمل عدداً معتبراً من القوى السياسيه وتبقى التفاوض مع جماعة اتفاقية جوبا للسلام وقوى الحرية والتغيير الميثاق الوطني وبعض القوى السياسية السودانية الأخرى عدا المؤتمر الوطني

وبين أن رؤية قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي تتبنى إقامة حكومة توافق سياسي سوداني بقيادة مدنية تحكم البلاد لمدة عامين أو عشرين شهراً وتشرف على انتخابات نزيهة وشفافة تمهد الطريق الى حكومة منتخبة.

الا أنه عاد وقال إن قوى الحرية والتغيير المجلس المركزي تواجه رفضاً من بعض مكوناتها لهذا الطرح وبالتالي ربما نسمع قريباً عن انشقاق بعض مكونات قحت في ظل اتساع الشرخ بينها وبين الشق الذي يقود المفاوضات الآن مع العسكر والآلية الثلاثية.


لمتابعة أخبارنا انضم إلى مجموعتنا في الواتساب
انضم الينا في الواتساب