اليوم التالي – مقالات
من المعلوم أن الموازنة العامة للدولة هي بيان تفصيلي يوضح تقديرات إيرادات الدولة ومصروفاتها في صورة أرقام مالية أو وحدات نقدية تعبر في مضمونها ومحتواها عن خطة الدولة لسنة مالية مقبلة تبدأ في يناير وتنتهي في ديسمبر من كل سنة.
وثيقة الموازنة العامة للدولة من أهم الوثائق التي يجب أن يهتم بها الإقتصاديون والباحثون والمراقبون بل كل الناس وحتي الدول الأخري تعتبر وثيقة الموازنة مؤشر لإقتصاد الدولة…ولما كانت وثيقة الموازنة قانون وتشريع سنوي يظل المشرِّع الأوحد هو النائب عن المواطن في شكل مجلس تشريعي يمثل جمهور وإرادة المواطنين وطالما ظروف الإنتقال وماصاحبها من عدم إكتمال مؤسسة تمثيل المواطنين والتشريع والرقابة فلابد من إرجاع أمر الموازنة إلي أهله (المواطنين) وعلي أقل تقدير نشر أرقام وسياسات الموازنة العامة للدولة علي منصات الدولة الرسمية وعبر كافة وسائل المعرفة وبدء عمليات تشاورية واسعة النطاق في برامج مختصرة وبلغة مبسطة وفي ذلك درجة من درجات العلم بمقترحات ومشروع الموازنة العامة فالعلم بها أخف ضرراً من الجهل بها ومواجهة نتائجها وآثارها كأمر واقع.
من الضروري البحث والتحليل وراء أرقام الموازنة العامة لمعرفة السياسات الإقتصادية والإجتماعية التي سوف تتبع نقدياً ومالياً وإستثمارياً وتجارياً وإجتماعياً وماتستهدفه هذه السياسات من معالجات لأوضاع الإقتصاد ومن أكبر قضايا البعد الإجتماعي الذي يمكن استكشافه من خلال أرقام الموازنة وسياساتها قضايا مستويات وأشكال شبكات الحماية الإجتماعية لمحدودي الدخل والفقراء.
وكذلك إمكانية استكشاف صدقية غايات الموازنة يُستكشف من زاويتين: الأولي _زاوية مصادر إيرادات الموازنة ومن يتحمل الأعباء في إطار تصنيفات المجتمع وأي من القطاعات والأنشطة الإقتصادية يسهم الإسهام الأعظم وأي من الأجيال يتحمل العبء الأكبر الآجيال الحاضرة أم آجيال المستقبل وأي من دول العالم له سبق ومصلحة حقيقية في إسعاف الموازنة وهذا أمر وثيق الصلة بقابلية النمو والتنمية المستدامة والزاوية الأخري لمعرفة مدي تحقيق السياسات لأهدافها زاوية ترتيب الأولويات في الإنفاق فهذه في حد ذاتها موازنة مابين سياستين سياسة التمويل وسياسة الإنفاق العام للموازنة العامة.
ليس من المصلحة عدم الموازنة عند تقديرات إيرادتها فالنشاط الإقتصادي المُموِّل للموازنة لايحتمل تقديرات باهظة (إفراط) ولايتوقع تقديرات متواضعة (تحفظ) ولذلك الموازنة بين هذه وتلك في حد ذاتها موازنة كذلك ليس من الحكمة عدم الموازنة عند تقديرات الإنفاق فمابين الإنفاق الجاري والإنفاق التنموي خليط من المفاهيم التي يجب الإنتباه لها فيما يخص التنمية البشرية وفرص العمل وزيادة الدخول للعاملين وفرص التدريب والتأهيل وإستيعاب أدوات المعرفة ومايخص بنية الإقتصاد التحتية وتشجيع البنية الفوقية الداعمة في تطوير وتحسين الإقتصاد من تشغيل عبر القطاع الخاص الذي يتوجب عليه التصدي لقضية البطالة بنسب مقدرة وكذلك التصدي لقضية نقل المعرفة وتطوير الصادرات التي تعالج إختلالات الميزان التجاري والمساهمة في تمويل الموازنة (ضرائب الدخل) وهذه في حد ذاتها موازنة.
خلاصة القول المواعين الإيرادية كبيرة وكثيرة وقابلة للتطوير ولكنها مقيدة ومشلولة بكساد مستشري وتضخم منفرط فلاتفرطوا دون وقائع وحقائق ولا تتحفظوا دون بيانات ومعلومات ومعرفة وقدرة علي التحصيل بعدالة.
