كتابات
ياسر سليم
كفاية.. كفاية..على أطفالنا الضحايا… كأني أسمع صوت بكاء أطفالنا في النيل الأزرق و هم يقولون مع المتنبي :
رماني الدهرُ بالأرزاءِ حتّى فؤادي في غشاءٍ من نِبالِ
فصرْتُ إذا أصابتني سِهامٌ تكسّرتِ النِّصالُ على النِّصالِ
وهانَ فما أُبالي بالرزايا لأنّي ما انتفعْتُ بأن أبالي
و هكذا حال أطفالنا في ولاية النيل الأزرق من واقع مرير إلى واقع أمر ..يأتي نظام جديد فيصبح حالهم كالمستجير من الرمضاء بالنار ..مزيد من الأطفال الضحايا و كأنه كتب عليهم: لا تحلموا بعالم سعيد فخلف كل قيصر يموت قيصر جديد..رغم أن القياصرة عندنا لا يموتون بسهولة، بل يعيشون دهوراً، و ما أسرع موت الأطفال و الشباب.
يقول انطوان تشيخوف :(نقول لأنفسنا : عندما يأتي قيصر جديد ستتحسن الأحوال, ولا يأتي، وتزداد الحياة في كل يوم تعقيدًا، وتمضي في اتجاه ما من تلقاء نفسها، ويصبح عدد متزايد من الناس على هامش الحياة) .
تفاءلنا بالواقع الجديد الذي توقعنا أن ينعكس خيراً على أطفال الولاية الذين تعرضوا كثيراً لأنواع مختلفة من العنف و الإساءة و التجنيد والقتل و الانفصال من ذويهم و مجتمعاتهم، و انتهاك لكافة حقوقهم . بدلاً من العمل على تطبيق استراتجيات التعايش السلمي و حماية الأطفال ومحاربة الفقر و غيرها من الاستراتيجيات التي تمتلئ بها أدراج حملة المسؤولية في الولاية.. ها هو القتال يتجدد مرة أخرى.. شيء مؤسف للغاية!!
تفاءلنا بوضع الأطفال أولاً و ببداية الاستثمار في الأطفال دون أي تمييز .
أحدثت هذه النزاعات آثاراً وخيمة على الأطفال، حرمت أطفال الولاية من أبسط حقوقهم وتسببت في قتل عدد منهم و العديد من الإشكالات و الأذى البدني و النفسي و الإعاقات وأشكال الحرمان و العنف العديدة و فقدان حماية الكبار، و هذا بجانب المعاناة التي لا يمكن أن توصف عند انتقال الأطفال من مساكنهم إلى مخيمات النزوح إن وجدت، و تلك مأساة أخرى تجعل من في قلبه ذرة إنسانية أن يوقف النزاعات و يبدأ في التعايش السلمي. علينا وقف هذا الاقتتال.. قتال في ماذا و لماذا؟! ( ضعف الطالب و المطلوب).. الضحايا دوماً هم الأطفال.. علينا حمايتهم و تأهيلهم كما ينص قانون الطفل في المادة (47) على أنه في حالة وقوع أطفال ضحايا لأي شكل من أشكال العنف، على الدولة أن تتخذ التدابيرالملائمة لتحقيق التأهيل البدني والنفسي (التعافي) وإعادة الإدماج لهؤلاء الأطفال.
وختاماً، كلما دفع الأطفال ثمناً غالياً على حساب حقوقهم و مستقبلهم، دفع وطننا ثمناً أغلى؛ حيث أن التضحية بمثل هؤلاء الأطفال تفقد الولاية و الدولة قدرتها على النمو و التقدم. ومعاً لوقف الاقتتال في النيل الأزرق.
و الله المستعان
