365 يوم على الانقلاب… من قتل الثوار؟

منظمة حاضرين: 118 شهيد بينهم 19 طفل
81% استشهدوا بطلق ناري و7% بخرطوش و6% دهس وطعن بآلة حادة
العميد بريمة وست النفور والأصدقاء الثلاثة أبرز الشهداء
الخرطوم: محجوب عيسى
بعد أن شارفت على إكمال (365) يوماً على تنفيذها، اختلفت القوى السياسية في تسميتها، البعض يرى أنها انقلاب وآخرون اعتبروها إجراءات تصحيح، إلا أن ما يجمعون عليه هو أن الخطوة خلفت خسائر فادحة في الأرواح، حيث ارتقى بعد 25 أكتوبر من العام 2021، أكثر من مائة شهيداً بينهم لأطفال، وسبعة آلاف مصاب وأكد متحدثون لـ(اليوم التالي) أن المستفيد من قتل الثوار، بعض العسكريين وفلول النظام السابق، لبقاء وتثبيت الانقلاب.
أرقام وإحصاءات
كشفت منظمة حاضرين غير الحكومية لـ(اليوم التالي) عن ارتقاء 118 شهيد جراء انقلاب 25 أكتوبر بينهم شهيدتان، و19 طفلاً، نتيجة لإصابات مختلفة، وبحسب تقرير حاضرين أن 81% استشهدوا بطلق ناري، و7% بطلق خرطوش، 6% جراء دهس وطعن بآلة حادة، بينما 5% بسبب اختناق البمبان، وبحسب إحصائيات، فإن عدد المصابين تجاوز سبعة آلاف مصاب، حسب تقديرات حاضرين ما يزيد عن 400 منهم أطفال، وأكثر من ألف إصابة بليغة، 187 منهم أطفال.
عقلية نظام سابق
وتقول عضو لجنة محامي الطوارئ رنا عبد الغفار في إفادة لـ(اليوم التالي) إن من قتل الثوار، بل والشعب السوداني في مختلف أصقاعه، المستفيد من موارد وأموال الشعب والمسيطر على مقاليد البلاد، واتفق القانوني المعز حضرة في تصريح لـ(اليوم التالي) مع رنا وأكد أن المستفيد من قتل المتظاهرين هم بعض العسكر وفلول النظام السابق، وذلك لأنهم ما زالو يعملون بعقلية النظام السابق التي تعتمد على القمع والقتل وكتائب الظل.
ووصف المعز استمرار استخدام الرصاص الحي في تفريق المظاهرات بأنه مجازر، وهناك عدد من المواد القانونية تدين العنف أهمها جرائم ضد الإنسانية.
وقال إن توجيه السلاح ضد الشعب الأعزل هذا مخالف للقانون وهو عنف غير قانوني ضد المتظاهرين السلمين لبث الرعب فيهم وتخويفهم وإن من يقوم بهذه الأفكار لا يعرف الشعب السوداني، لأنه كل ما يستفز يزداد إصراراً، وكلما ترتكب ضده جرائم يزداد عناداً.
وأضاف حضرة: يبدو أن من يحكمون الدولة لا يفهمون العقلية السودانية لأنهم لم يقرأوا كتب التاريخ ومن لا يقرأ التاريخ لا يستطيع أن يحكم.
وقال: يجب على العقلاء في القوات النظامية أن لا توجه القوات ضد شعبها، بل ضد العدو الخارجي.

أبرز الشهداء
ومن أبرز شهداء الانقلاب، الشهيدة ست النفور أحمد علي بكار (ستو) التي لم تفارق الابتسامة محياها الصبوح والتي لم يتجاوز عمرها الـ20 ربيعاً، وطبقاً لـ(الراكوبة) ارتقت روحها إلى بارئها في موكب السابع عشر من نوفمبر إثر إصابتها بطلق ناري مباشر في الرأس بميدان الرابطة شمبات، (جميلة حرة، كاملة، محترمة، غالية، محبوبة، شجاعة، عظيمة، ملهمة، قوية).. بهذه الكلمات التي حملتها الشهيدة الكنداكة “ستو” ذات يوم في أحد المواكب التي ظلت تشارك فيها باستمرار منذ بداية الحراك الثوري، وبهذه الكلمات القوية لخصت صفاتها التي سارت بها على قدمين وجعلت منها واقعاً سحرياً وصنعت منها قصصاً ومواقف خلدت اسمها في صفحات التاريخ السوداني.
من الشهداء كذلك الأصدقاء الثلاثة، محمد المصطفى ماجد محمد علي زروق الشهير بـ(بيبو)، والشهيد عبدالله الروسي، وحسام، وقد نعى الشهيد حسام على صفحته بفيس بوك الجمعة 1 يناير الماضي رفيق دربه الشهيد الروسي الذي ارتقت روحه مساء الجمعة متأثراً بجراحه جراء طلق ناري استقر في بطنه في مجزرة أم درمان 30 ديسمبر، ولم تمضِ ساعات على منشور النعي حتى سقط حسام شهيداً في موكب 2 يناير ليلحق برفيقي دربه الشهيد بيبو الذي استهدف في موكب 30 ديسمبر والشهيد الروسي.
ويشهد ثوار جنوب أم درمان بأن هذا الثلاثي بيبو والروسي وحسام أصدقاء لا يفترقون، جمعتهم كل المواكب وهم يهتفون ويتحركون بالقرب من بعض.
ولم تكتفِ آلة حصد الثوار في العاصمة حيث قدمت مدينة ود مدني الشهيد محمد فيصل المعروف بـ(شعيرية) استشهد برصاص على الرأس في سوق المدينة في موكب 17 يناير، وولد شعيرية في حي الدباغة قبل أن تنتقل أسرته إلى حي المدنيين جوار قبة الشيخ مدني السني مؤسس المدينة، ويبلغ محمد من العمر خمسة وعشرين عاماً وكان حلم والدته أن يكمل دراسته الجامعية.
بالمقابل احتسبت قوات الشرطة في بيان أحد قادتها في مليونية ١٣ يناير المتجهة صوب القصر، وكان العميد شرطة علي بريمة حماد قائد قوة الاحتياطي المركزي قطاع القصر وشروني قد استشهد أثناء تأدية واجبه في حماية مواكب المتظاهرين إثر طعنات متفرقة من أحد الثوار، وأفاد شهود عيان أن القوة منزوعة السلاح لم تتمكن من الدفاع عن نفسها عقب انتهاء الغاز المسيل للدموع مما جعلهم عرضة للهجوم المباغت من عدد من المتظاهرين.
عام حزين
ويقول القيادي بالحرية والتغيير أحمد حضرة، إن مرور عام على 25 أكتوبر انقلاب العسكر المشؤوم، ولم يعد يتحدثون عن ثورة تصحيحية وأصبحوا يبحثون عن طريق آمن لأنفسهم للخروج مما هم فيه من ورطة.
وطبقاً لحضرة في تصريح لـ(اليوم التالي) إن العسكر انتهجوا أسلوب العنف الشديد والقتل ضد المتظاهرين السلميين لبقاء وتثبيت الانقلاب واستمرارهم في السلطة، وأضاف: ارتفع عدد القتلى لما فوق المائة شهيد ذنبهم أنهم يريدون ويطالبون بحقهم في شعارات آمنوا بها “حرية سلام وعدالة”، ومناهضة حكم العسكر والمطالبة بالحكم المدني الكامل.
ويضيف أن تجارب الثورات في العالم عبر التاريخ الطويل أثبتت أن آلة القمع والقتل والجبروت ليست هي التي تبقي في السلطة إن كانوا يتعظون.
وتابع: مرور عام على الانقلاب هو مرور عام حزين على الشعب السوداني الذي يستحق الأفضل في حياة كريمة بعد ثورة عظيمة أعاد الانقلاب فيها البلاد إلى الوراء، وأصبحت مهددة بالضياع بتزايد الصراعات القبلية والجهوية والانفلات الأمني وضيق العيش والمعاناة الكبيرة التي يعيشها الشعب السوداني ويتمنى فيها الخلاص العاجل من العسكر ومن معهم، عاجلاً وليس أجلاً، ونصر قريب وصبح يقشع ظلام انقلاب العسكر.
جرائم ضد الإنسانية
ويرى القيادي بحزب الامة عروة الصادق أن الاحتجاج ضد الانقلاب منذ اليوم الأول دفع ثمنه الشباب السودانيون والشابات كست النفور، بمختلف أنماط الاعتداء الجسيم، وتختلف طرائق القتل من شهيد لآخر، فمنهم من مات تحت التعذيب في مقابيء الاحتجاز، ومنهم من قتل بالرصاص الحي ومنهم من هشمت جمجمته قذيفة الغاز المسيل للدموع، ومنهم من تم دهسه بمركبة أو منع الإسعاف من الوصول، والنتيجة الحتمية هي الموت.
وأكد الصادق لـ(اليوم التالي) أن جميع جرائم القتل تمت بأدوات ومركبات وقوات تتزيا بزي نظاميين، حتى المدنيين الذين يحملون السلاح ويصوبونه تجاه المحتجين يتحركون في أرتال تلك القوات، ما يعني أن المسؤولية المباشرة تقع على القوات النظامية مجتمعة وتقع المسؤولية الأكبر على السلطة الانقلابية التي تتحكم في توزيع وتجميع تلك القوات وتصرف لها التوجيهات عبر وزير الداخلية ومدراء عام الشرطة والمخابرات العامة.
واعتبر أن الأمر يمتد ليصبح جريمة عدوان وجرائم ضد الإنسانية ارتكبت في حق مدنيين عزل بآلات الدولة العنيفة، جراء سياسات تم إقرارها من سلطة عسكرية يشاطرها الحكم مدنيون، ويديرون دفة الحكومة التنفيذية في مختلف الوزارات، ما يصعب استبعاد أي ممن في السلطة من المسؤولية الجنائية أو المسؤولية التقصيرية أو المسؤولية التضامنية ضد المحتجين.
وقطع أن شباب الثورة السودانية لن يتراجع من مواكبه واحتجاجاته السلمية، ليس لأنه يريد الاقتصاص لمن رحلوا من زملائهم، ولكن ليحققوا ما استشهد لأجله الضحايا، حرية تنعم بها البلاد، وسلام عادل شامل، وعدالة تنصف كل مظلوم، ما يعني أن أي محاولة للاستمرار في قمع الشباب السوداني ستنتهي باقتلاع النظام القائم عليها مثلما كرر ذلك السودانيين في كل مرة يستبد فيها طاغية.
دفاع عن النفس
وبدوره حمل الحزب الشيوعي المكون العسكري ولجنته الأمنية مسؤولية استخدام العنف والاعتداء على المظاهرات السلمية بالرصاص الحي مشدداً على ضرورة وقف العنف ضد المتظاهرين، وقال الناطق الرسمي باسم الحزب فتحي الفضل لـ(اليوم التالي) إن المستفيد من قتل المتظاهرين والأعداء على الشعب هي اللجنة العسكرية التي تدافع عن نفسها عبر التمسك بالسلطة وأضاف أن محاولة إيقاف الحراك الجماهيري عبر العنف خطأ فادح وأن الشعب سيستمر في حراكه إلى سقوط النظام العسكري.
واعتبر استمرار المكون العسكري في السلطة مستحيل وقال: مهما طال الزمن أو قصر سينتصر الشعب عاجلاً أم آجلاً.
بعد عام كامل يظل السؤال المحوري هو من قتل الشهداء؟ سؤال استعصى على الجهات الرسمية المناط بها أمر العدالة الإجابة عنه، ليظل القاتل مجهولاً، لقضاة الأرض، ولكن بلا شك معروف لقاضي السماء والأرض!!.


لمتابعة أخبارنا انضم إلى مجموعتنا في الواتساب
انضم الينا في الواتساب