آراء اقتصادية.. حول الشركات النظامية والمجاعة في السودان

الخرطوم: أمين محمد الأمين
أجمع باحثون اقتصاديون على أن الشركات النظامية موجودة في كل العالم، وقالوا إن معظم هذه الشركات تعمل بسرية دون نشر معلومات عنها، وأشاروا إلى أن معظم الشركات الأجنبية التي تعمل في التعدين معروفة في إيراداتها ونسب أرباحها، واتفقوا مع حديث وزير المالية د. جبريل بأن هناك منظمات تستخرج تقارير عن السودان مضللة لأغراض ومكاسب معينة، مستبعدين حدوث مجاعة في السودان، وبرروا ذلك لجهة أن السودان فيه الكثير من الخيرات، معتبرين أنه سلة غذاء العالم.

شركات ومجاعة
وفي وقت سابق قال وزير المالية د. جبريل إبراهيم، أن هناك “تضخيماً” حول الشركات الحكومية أو تلك التابعة للقوات المسلحة في صورتها، إذ أن كل دولة لديها شركات تابعة لها، خاصة تلك المتخصصة بالصناعات العسكرية، وتابع أنه لا توجد هناك شركات تابعة “للقوات النظامية أو أي جهة عسكرية تقوم بتعدين الذهب”، مشيراً إلى أن “80 في المائة من الذهب الذي ينتج في السودان، يستخرجه الأفراد، وهناك بعض الشركات التي لديها امتياز عن طريق وزارة المعادن، ويكون السودان شريكاً فيها بنسب محددة، وله نسب حقوق الملكية والعوائد في هذه الشركات”، ونفى إبراهيم وجود “شركات خاصة تتحكم بالذهب في السودان”، واعتبر أن ما يتم تداوله من حديث عن احتمالية حدوث مجاعة في السودان، يعود إلى أن بعض المنظمات “من المهم لديها خلق مشاكل، حتى تعيش عليها وتحصل على موارد من المانحين من خلال رسم صورة قاتمة”، ولفت إلى أن ما يتم تصويره على أنه “مجاعة” ما هو “إلا فجوة في توفير” بعض الغذاء في مناطق محددة، حيث تم توفير ما يحتاجونه من المخزون الاستراتيجي.

تقارير مضللة
وتوقع أستاذ الاقتصاد لجامعة النيلين مزمل الضي عباس أن يكون حديث وزير المالية صحيحاً، وبرر ذلك لأنه يعتمد على أشياء معينة أو شركات أو مؤسسات معينة داخل وزارة المالية سواء كان عن طريق الشركات مع الحكومة السودانية أو شركات استثمارية محلية خالصة، ويرى أن منظمة الفاو وبعض المنظمات الأخرى تستخرج تقارير شهرية أو ربع سنوية عن أن السودان مواجه بخطر انعدام الأمن الغذائي في البلد، موضحاً أنهم يستخرجون تقريرهم بناءً على أشياء معينة، وبين أن السودان يمتاز بمحاصيل موسمية، نتحدث مثل الطماطم والبطاطس وغيرها وبعض الفواكه، قاطعاً أن معظم هذه التقارير مضللة تعتمد على مناطق أو جهات معينة يكون فيها شح في فترة معينة حيث تستخرج تقاريرها على هذا الأساس وتعمم المجتمع السوداني.

القوة الشرائية
وقال مزمل ربما يكون المجتمع السوداني يعاني من ركود في السوق، وذلك لعدم وجود قوة شرائية لأن دخل المواطن ضعيف ولا يستطيع شراء كل المستلزمات من سلع أساسية وكمالية وغيرها وبالتالي المنظمة تكتب بأن السودان معرض لخطر انعدام الأمن الغذائي وهذا حديث خطأ بنسبة 70 إلى 80 في المائة.

موارد الدولة
وأشار إلى أن الشركات الأجنبية العاملة في مجال التعدين هي شركات معروفة للحكومة وإيراداتها ونسبة أرباحها معروفة للحكومة باتفاقيات معينة عبر وزارة الاستثمار، مستبعداً أن تكون هناك شركات تعمل بمفردها لجهات خارجية أو منظمات دولية، معتبراً أنها موارد الدولة ولا بد من الاستفادة منها بطريقة مستدامة لخدمة البلاد والتنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.

نقطة ضغط
ويقول مزمل كنا حضوراً في إحدى الورشة قي جامعة الخرطوم تحدث مدير الشركات العامة للمنظومة الدفاعية الأمنية عن حجب جميع الشركات التي تتبع للجيش المتعلقة بصناعة الأدوات العسكرية رأس مالها 3 مليار دولار، وتابع مزمل: يمكن لمستثمر سوداني داخل السودان أن يكون رأس ماله 3 مليارات دولار، قاطعاً بأن حجم التأثير ليس بالحجم الكبير للدولة السودانية، ويشير إلى أن هذه الشركات إذا لم يفرض عليها ضرائب مباشرة أو غير مباشرة يمكن أن يكون ذلك له تأثير على وزارة المالية ومن ثم التأثير على الاقتصاد السوداني، موضحاً أن معظم هذه الشركات تدفع الضرائب والجمارك كبقية الشركات، ولفت إلى أن هناك جهات سياسية تضلل وتحدث فجوة كنقطة ضغط على الحكومة، وأكد بأن 80 في المائة من الشركات السودانية العاملة ليست تابعة للقوات النظامية.

أزمة حقيقية
قال رئيس تجمع شباب السودان أيوب محمد عباس إن السودان يمر بمرحلة انتقالية حساسة يتشكل فيها مستقبل بلادنا، وأضاف أن الفترة الانتقالية واجهت أزمة حقيقية ألقت بظلالها على مجمل الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية والاجتماعية، وأوضح بأن هناك مؤشرات اقتصادية تمثلت في عدم استقرار سعر الصرف وتدني قيمة الجنيه السوداني والركود والانكماش الاقتصادي، إضافة إلى زيادة معدلات التضخم وتدني الإنتاج والإنتاجية في القطاعات الإنتاجية المهمة “الصناعية والزراعية” إلى جانب والانسداد الإضرابات الكثيرة للتجار في القطاع الخاص والعام، مبيناً أن كل ذلك يشكل تداعيات على الاقتصاد السوداني، قائلاً إنه يمر بأزمة حقيقية.

فجوة اقتصادية
وأكد أيوب في حديثه لـ”اليوم التالي” أن هناك أزمة اقتصادية طاحنة وغلاء فاحش ومعاناة وزيادة معدلات الفقر، وزاد إلى تأكيده بأن المواطن يعيش في كفاف، لافتاً إلى أن ذلك أثر تأثير كبير على الخدمات والأداء الاقتصادي للدولة، مستبعداً حدوث مجاعة في السودان، قائلاً إن هناك موسم زراعي ناجح والآن في مرحلة الحصاد، مضيفاً أن السودان من أكبر الأقطار الزراعية في في العالم حباه الله بموارد بشرية وطبيعية من مياه وتربة خصبة وموقع جغرافي، وتابع: لكننا لم نوظفه توظيف إيجابي في التنمية والإنتاج والإنتاجية، متوقعاً حدوث فجوة اقتصادية لكنها ليست مجاعة، نافياً وجود مؤشرات لها، وقال إن هناك وفرة في السلع الأساسية، مشيراً إلى أن الفجوة الاقتصادية يمكن تداركها من المخزون الاستراتيجي للدولة.

حل أزمة
وجزم أيوب بأن الحل يمكن في دعم القطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني وزيادة الإنتاج والإنتاجية، موضحاً أن الزراعة مقوم أساسي في الاقتصاد القومي وتساهم في استقرار الريفي، داعياً الدولة إلى ضرورة حماية القطاع الزراعي وزيادة الرقعة الزراعية وتخفيض مستلزمات القطاع الزراعي في إطار حل الأزمة الاقتصادية إلى جانب دعم القطاع الصناعي والزراعي وكيفية الاهتمام بوعي البيئة في حياة الفرد والمجتمع، وقال إن كل ذلك في إطار معالجة الأزمة الاقتصادية الراهنة.

شبهة فساد
ويرى أن الشركات النظامية في كل العالم موجودة في دول ديمقراطية راسخة، وقال إن شركات الدفاع والأمن والتصنيع الحربي ليس بها مشكلة وموجودة ولخصوصيتها الأمنية ليست معروفة، وإضافة في إطار الشركات الأخرى التي تدخل في الخدمات والإنتاج والطابع المدني يجب أن تكون ملكيتها مؤسسة منفصلة تابعة للقوات النظامية، لكن يجب تبعيتها للمال العام لوزارة المالية لأنها منافس القطاع الخاص، ويجب أن تمر من خلال المراجع العام حتى لا تكون هناك شبهة فساد، وتابع: خاصة أننا نتحدث عن شعارات الثورة “حرية سلام وعدالة” لأنها في النهاية ملك الشعب السوداني.

تطوير وقدرات
واعتبر الباحث الاقتصادي د. أزهري بشير أحمد أن الشركات النظامية إضافة حقيقية وليست خصماً في دعمها للجندي وتطوير القدرات الدفاعية وتحسين معاش العسكر، وأوضح أن هنالك شركات عالمية تابعة للأجهزة المخابراتية في العالم، وقال إنه شأن معروف بالأمن القومي لا تتدخل فيه أي جهات، مضيفاً أن لها خصوصيتها وسيرتها، ولفت إلى أننا في السودان أصبحنا لا نعرف الأمنيات والأسرار العسكرية والأمن القومي، مبيناً أن هذه المؤسسات لا يجب تداولها على الإعلام، حتى لا تنكشف أسرار وقوة أو ضعف قواتنا العسكرية وأجهزتها الأمنية.

ثقافة وحس
وتمنى د. أزهري أن ترتقي النخب السياسية في السودان ويرفعوا من الوعي والثقافة والحس الأمني، مشيراً الى أن إعلام الدول من حولنا لا ينشر خبراً أو معلومة الأجهزة الأمنية لبلدها، وقال: في السودان حدث الجميع يتكلم وينشر معلومات عن الشركات العسكرية، معتبراً أنه أمر خطير .
نقد بناء
وأبان أن هنالك مجالس يمكن فيها النقد البناء، وتوجيه الاتهامات عبر آلية عدلية، أو تقديم النصيحة وتصحيح الأخطاء للمسؤولين مباشرة دون النشر في أوساط الإعلام، مبدياً أسفه قائلاً: إن هنالك الكثيرون ممن منح الأجهزة المخابراتية معلومات دقيقة وأسرار، أدت بعضها إلى ما وصل إليه السودان اليوم.

أعمال المواطن
ويرى أن الاقتصاد السوداني مسؤولية الجميع، موضحاً أن السودان به أطول أنهار العالم، ومياه جوفية تقدر بمليارات الأمتار المكعبة تحت الأرض، بالإضافة إلى مياه الأمطار، المهدرة لعدم تخزينها خاصة في مناطق شمال كردفان وغربها وجنوب وشرق وغرب دارفور وأجزاء من الشمالية وشرق السودان، بالإضافة إلى عدد ٩٠ مليون رأس من الماشية، وتابع: يعني كل مواطن يجب أن يملك بقرة ونعجة وجمل، إلى جانب عدد من مساحة فدان، وقطع بأن حدوث مجاعة يأتي بإهمال المواطن بنفسه، وبرر ذلك لأن الدولة لم تمنع أحداً من الزراعة.
تحقيق تنمية
وحمل د. أزهري الدولة مسؤولية تقصير توزيع وتوفير التقاوي، ومد خطوط وأنابيب المياه من النيل إلى المناطق شبه الصحراوية، وقال: الدولة أهملت حفر الآبار في المناطق البعيدة من النيل، وحتى في الصحراء على الحدود المصرية الليبية توجد مياه جوفية كثيفة، مستبعداً توقع حدوث مجاعة، وقال: هذا أمر لا يصدقه عاقل في بلد مثل السودان له من موارد طبيعية، بل هو سلة غذاء العالم، ويؤكد أن المسؤوليه مشتركة، وطالب بضرورة المحافظة على استقرار الدولة، وقال: فلنعمل جميعاً لوحدة السودان واستغلال الموارد لتحقيق التنمية المستدامة والسلام والأمن والاستقرار.