دستور المحامين يعبر عن رؤية طيف واسع من الشعب السوداني: المتحدث الرسمي باسم الحرية والتغيير، سلمى نور لـ(اليوم التالي): خطاب البرهان يحمل نفس الوعود ومصداقيته مرتبطة بتنفيذه

ــ لابد من مراجعة بعض بنود إتفاق جوبا لتأخير التنفيذ وعدم شمولية بعض المناطق

قال المتحدث الرسمي باسم الحرية والتغيير، سلمى نور، إن العملية التي تجري مع المكون العسكري ليست بتسوية، موضحة أنه منذ انقلاب الـ(25) من أكتوبر عكفت جهات دولية وقوى محلية لإيجاد حل “سياسي” يعيد مسار الانتقال الديمقراطي بالبلاد.
وبحسب نور، التي تحدثت لـ(اليوم التالي)، فإن القوى الحية ستعمل على استعادة المسار بجميع الطرق السلمية وصولاً إلى تحقيق أهداف الثورة، وتابعت “خطاب قائد الانقلاب من معسكر حطاب يحمل نفس الوعود للقوى الثورية والسياسية والمجمتع الدولي بالحلول وتسليم السلطة للمدنيين والعودة للمسار الديمقراطي وخروج المؤسسة العسكرية من معسكر السياسية ورجوعها إلى ثكناتها”، وربطت نور مصداقية الخطاب بتنفيذه.
وتحدثت نور عن إرهاصات عودة (حمدوك) وآرائهم حول اعتقال القيادي بالحرية والتغيير، وجدي صالح، بجانب العمل الجماهيري لإسقاط الانقلاب، ورؤيتهم السياسية حول الأمر، وغيرها من القضايا، فإلى مضابط الحوار.
حوار: مهند بكري
*ماهو تعليقك على خطاب البرهان الأخير؟
ظلت القوى السياسية والشعبية في مناهضة مستمرة لانقلاب 25 أكتوبر منذ ساعته الأولى وحتى هذه اللحظة؛ دون كلل أو ملل أو حيدة عن القضية، تخلل هذه الفترة الكثير من الوعود من السلطة الانقلابية بالانسحاب من المشهد وتسليم السلطة للمدنيين والرجوع للمسار الديمقراطي ولكن لا شيء تحقق .
يأتي خطاب قائد الانقلاب من معسكر حطاب يحمل نفس الوعود للقوى الثورية والسياسية والمجتمع الدولي بالحلول وتسليم السلطة للمدنيين والعودة للمسار الديمقراطي وخروج المؤسسة العسكرية من معسكر السياسية ورجوعها إلى ثكناتها، ولكن مدى مصداقية هذا الخطاب كسابقيه مربوط بتنفيذه، فلقد سمعنا الكثير قبل اليوم من قبل هذا الحديث ولم تكن هنالك خطوات عملية تجاه الحل، الأمر الذي قد يحمل بوادر اختلاف هذه المرة هو دخول المكون العسكري في العملية السياسية بتسليم ملاحظاته في مسودة مشروع الدستور الانتقالي للآلية الثلاثية، ولكن يبقى موقف المكون العسكري محل ريبة وشك حتى يقوم باتخاذ إجراءات عمليه تجاه الحل السياسي .
وأوكد لك، على صعيد آخر، نحن مستمرون في التصعيد الثوري وثورتنا مستمرة وسنستمر في حراكنا الثوري ورفع الصوت بمطالب الشعب السوداني والتصعيد في العمل الجماهيري حتى نستكمل أهداف ثورة ديسمبر، ومطالب الشارع المناهض لانقلاب ٢٥ أكتوبر ولن يثنينا “خطاب” عن ذلك، ولكن ما يثنينا هو تحقيق المطالب حقيقة في أرض الواقع، وليس بالكلام .
*موقف التحالف السياسي، ورؤيتكم للحل؟
طرحت الحرية والتغيير رؤيتها السياسية لهزيمة انقلاب 25 أكتوبر في ديسمبر 2021 وكانت تحوي بصورة واضحة خطوات إنهاء انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر، وأنه لا عودة للوثيقة الدستورية المنقلب عليها، ولاعودة لنظام الشراكة بين العسكريين والمدنيين و لابد من خروج كامل للمؤسسة العسكرية من الحياة السياسية، واستكمال مسيرة التحول الديمقراطي عن طريق التأسيس لسلطة مدنية كاملة، وفي هذا طورت الحرية والتغيير أدواتها لمقاومة الانقلاب، حيث حددت أدواتها في “المقاومة الشعبية الجماهيرية لإسقاط الانقلاب، والحل السياسي المفضي لإنهاء الانقلاب وإنهاء الأزمة السياسية التي كانت نتاجاً لانقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر، علاوة على المجتمع الدولي الذي نجحت الحرية والتغيير، بشكل كبير، في عزل هذا الانقلاب دولياً وإقليمياً، واستطاعت استرجاع ثقة العالم بأن القوى السياسية والمدنية يمكنها إنتاج حلول للأزمة”.
ونشير هنا إلى أن هدفنا والقوى السياسية الحية، هو إسقاط الانقلاب والعودة لمسار التحول الديمقراطي بمشاركة كل القوى الثورية التي أطاحت بنظام البشير والتي قاومت انقلاب ٢٥ أكتوبر.
*الحديث عن تسوية سياسية تجري مع المكون العسكري؟
لا يخفى على الجميع ما وصلت إليه البلاد من تردٍ معيشي وأمني، وظهور نزاعات مسلحة في مناطق مختلفة حول السودان، في ظل هذا التعقيد الاقتصادي والسياسي والأمني كان حتماً على الحرية والتغيير تصميم عملية سياسية تخرج البلاد من هذه الأزمات التي تسبب بها انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر.
تسوية بمعناها السياسي التي عرفت التسوية بتقديم تنازلات من الطرفين للوصول لاتفاق، اذا كان هذا هو التعريف فإن العملية التي تجري الآن ليست بتسوية مع المكون العسكري؛ وإنما حل سياسي من خلال عملية سياسية محددة الهدف، وهو تحقيق مطالب ثوار ديسمبر وأصحاب الحق في الثورة، والتي على رأسها خروج المكون العسكري من الحياة السياسية وسلطة مدنية كاملة، بالإضافة إلى تحقيق العدالة ، هي تحتوي أيضاً على الأطراف المعنيين بالحل والقضايا في المرحلة الانتقالية، بالإضافة لهياكل السلطة.
إرهاصات عودة رئيس الوزراء المستقيل د. عبد الله حمدوك؟
الحرية والتغيير اختارت دكتور عبد الله حمدوك لرئاسة الوزراء في 2019 بعد توقيع الوثيقة الدستورية، ولكن دكتور عبد الله لم يختر الحرية والتغيير لتكون حاضنته السياسية، فذهب وشكل حاضنة سياسية كانت السبب في كثير من صراعات المرحلة الانتقالية المنقلب عليها، فقد تدخلت بصورة كبيرة في عملية تحديد معايير الوزراء اختيارهم، كذلك اختيار الولاة، بالإضافة للقرارات السياسية التي كان لابد من إشراك التحالف الحاكم فيها؛ كقضية ورفع السودان من البند السابع للبند السادس في ميثاق مجلس الأمن وملف العلاقات السودانية الإسرائيلية وغيرها من الملفات السياسية التي تم تجاوز الحرية والتغيير فيها بالكامل. ومع ذلك ظلت الحرية والتغيير داعمة لدكتور عبد الله، وبرغم تأخر الرجل في تحقيق أهداف الثورة ومطالب الشارع السوداني حتى جاء انقلاب 25 أكتوبر الذي قلب الموازين جميعاً، وبالرغم من الانقلاب إلا أن دكتور عبد الله حمدوك لم يستوعب درس البعد عن القوى السياسية وذهب وحاك اتفاقاً مع المكون العسكري الانقلابي بليل يشرعن لانقلاب 25 أكتوبر، ويعطي جميع الصلاحيات في الدولة لمجلس سيادة متحكم فيه قائد الانقلاب .
أما بخصوص عودة دكتور عبد الله، فالحرية والتغيير لم ترشح أحداً ولا تتحدث عن اسماء؛ وإنما هو اتفاق حول من هي الأطراف المعنية باختيار رئيس الوزراء، وماهي معايير الاختيار، وأعلنت أن حق اختيار منصب رئيس الوزراء سيكون لقوى الثورة وفق معايير محددة لرئيس الوزراء أو أي منصب تنفيذي آخر .
* دعينا ننتقل إلى محور آخر من الحديث، اتفاق سلام جوبا؟
كانت ومازالت من أهم شعارات ثورة ديسمبر المنادية بالحرية والسلام والعدالة هي صناعة السلام في الأقاليم التي تشهد نزاعات مسلحة منذ وقت طويل .
سعت حكومة الفترة الانتقالية منذ يومها الأول بصناعة السلام مع حاملي السلاح وحركات الكفاح المسلح، وبالرغم من العثرات التي واجهت عملية صناعة السلام إلا أنه أنتج اتفاق جوبا، وتم التوقيع عليه في 3 اكتوبر 2020 .
اتفاق جوبا لسلام السودان الذي هو عبارة سبع اتفاقيات مضمنة في الاتفاق – اتفاق القضايا القومية، بالإضافة للمسارات الخمسة، بالإضافة لاتفاق الترتيبات الأمنية مع حركة تمازج – لم يستثمر الكثير من السودانيين وقتاً لقراءته. اتفاق جوبا وبالرغم من شموله لمعظم القضايا التي كانت سبباً في اشتعال فتيل الحرب في هذه المناطق، إلا أنه وبسبب تأخير التنفيذ وعدم شمولية في بعض المناطق، كان لابد من مراجعة بعض البنود والاتفاقيات خصوصاً المتعلقة بمسار الشرق والوسط وشمال السودان، لذلك رأت الحرية والتغيير وبالتشاور مع أطراف العملية السلمية الذين هم جزء من الحرية والتغيير؛ لابد من مراجعة اتفاق جوبا و التأكيد على إنفاذه.
* مسودة الدستور التي طرحتها اللجنة التسييرية لنقابة المحامين؟
في ظل الواقع السياسي الذي أنتجه انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر، وفي ظل محاولة الانقلابيين شرعنة هذا الانقلاب بإغراق الساحة السياسية بمبادرات كثيرة من صنع الانقلابيين كان الغرض منها إيجاد شرعية لهذا الانقلاب، وتشكيل حكومة له .
في هذا الواقع المعقد جاءت مبادرة المحامين من رحم قوى الثورة؛ لتبحث عن مخرج لهذا الواقع السياسي المعقد والمصنوع من قبل القوى الانقلابية.
قامت اللجنة التسييرية لنقابة المحامين بدعوة أطياف واسعة من القوى السياسية للمشاركة في ورشة إعداد الترتيبات الدستورية ، كانت الحرية والتغيير من ضمن القوى التي تمت دعوتها وشاركت برؤيتها السياسية المجازة من مجلسها المركزي . هنالك قوى سياسية أخرى شاركت في هذه الورش؛ منها منظمة أسر الشهداء وتجمعات مهنية، والحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل وجماعة أنصار السنة المحمدية، بالإضافة إلى حزب المؤتمر الشعبي . كل هذه القوى السياسية شاركت برؤاها السياسية لحل الأزمة في السودان وإسقاط الانقلاب، وكان الناتج مشروع الدستور الانتقالي .
هذا المشروع يعبر عن رؤية طيف واسع من الشعب السوداني المناهض لانقلاب ٢٥ أكتوبر، خصوصاً أنه بالإضافة لاعتماده للرؤى السياسية المختلفة إلا أنه اعتمد كذلك على المواثيق المختلفة المطروحة من لجان المقاومة في الخرطوم والولايات .
* موقف المسودة من تعدد الجيوش، وتفكيك التمكين؟
هذا المشروع يؤسس لخروج كامل للمكون العسكري من الحياة السياسية وسلطة مدنية كاملة، كما يؤكد على ضرورة دمج الجيوش وإكمال الترتيبات الأمنية مع الأطراف الموقعة على سلام جوبا؛ للخروج بجيش مهني واحد والإصلاحات المطلوبة في الأجهزة الأمنية والعسكرية، بالإضافة إلى الإصلاحات المطلوبة في الجهاز القضائي والعدلي وإنصاف الضحايا وملاحقة المجرمين بعملية شاملة للعدالة والعدالة الانتقالية، والإصلاحات المطلوبة كذلك؛ وفي دولاب الدولة والخدمة المدنية وإلى آخر قضايا التحول الديمقراطي المطروحة؛ سواء من الأحزاب السياسية أو لجان المقاومة. كما تضمن الدستور على مبدأ تفكيك دولة التمكين ومحاربة الفساد كواحد من أهم مرتكزات ثورة ديسمبر، وأنه بدون تفكيك التمكين لن نتمكن من إكمال مسار التحول الديمقراطي.
* كيف تنظرون إلى ما قام به منسوبو الوطني، وما علاقة اعتقال المحامي، وجدي صالح، بمسودة الدستور؟
واجه مشروع الدستور الانتقالي انتقادات شديدة من فلول النظام البائد والقوى الانقلابية؛ لأنه قطع الطريق أمام فيضان المبادرات التي كانت ترمي في الأساس لإيجاد حلول ومخارج للانقلابيين سواء كانوا مدنيين او عسكريين.
لم يكتف مناهضو الثورة بمهاجمة الدستور الانتقالي ولكن ذهبوا أبعد من ذلك، باستدعاء وحبس رئيس اللجنة القانونية في الحرية والتغيير المحامي، وجدي صالح، في قضية تم شطبها قبل أسبوعين من تاريخ الاستدعاء، ولم يخرج حتى الآن. ولم يتوقف الأمر عند ذلك، بل قام قاضي المحكمة العليا للانقلاب بإلغاء جميع القرارات الصادرة من لجنة التمكين، من بينها قرار تشكيل اللجنة التسييرية لنقابة المحامين، الأمر الذي جعل مجموعة من محامي الفلول والانقلاب بالتوجه إلى دار المحامين والهجوم على الدار وعلى الموجودين هناك، في اعتداء وحشي يعبر عن مدى وحشية وإجرام هذه المجموعة. وهذا يأخذنا إلى أن هذه الأفعال ليست بجديدة عليهم فهم نفسهم الذين هاجموا ورشة الترتيبات الدستورية في يومها الختامي، وقاموا بضرب الحضور بالهراوات والعصي والحجارة فهذا سلوكهم وهذه هي الطريقة التي يواجهون بها خصومهم السياسيين.
* ختاماً، حدثينا عن المؤتمر السياسي الولائي للحرية والتغيير؟
ظلت قوى الحرية والتغيير في سعي حثيث للم شمل القوى الثورية من لجان مقاومة وأحزاب سياسية وتجمعات مهنية ومنظمات مجتمع مدني، منذ أن أعلنت عن رؤيتها السياسية بعد إنقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر، وفي هذا المسعى ظلت قوى الحرية تعمل طيلة الفترة السابقة لتوحيد قوى الثورة داخل وخارج الحرية والتغيير حتى تمخضت الجهود عن المؤتمر الولائي للحرية والتغيير الذي ضم لجان مقاومة من الولايات وأجسام مهنية ومدنية، بالإضافة لمكونات الحرية والتغيير، ونشير هنا إلى أن موقف لجان المقاومة السياسي متسق مع موقف قوى الحرية والتغيير، ولا توجد قطيعة بيننا.


لمتابعة أخبارنا انضم إلى مجموعتنا في الواتساب
انضم الينا في الواتساب