الناطق الرسمي باسم حزب البعث العربي الاشتراكي عادل خلف الله لـ( اليوم التالي): “1/2” # تعديلات الانقلابيين تجعل الوثيقة قنبلة موقوتة

# اتجاه لإفراغ المطلب الشعبي للسلطة المدنية لتصبح غطاءً لدكتاتور مدني
# محاولة تمييع إزالة التمكين من القضايا التي قدمنا ملاحظات حولها
# هؤلاء يريدون تفصيل الدستور على مقاس شخصية باسم رئيس الوزراء

بالرغم من الحراك السياسي الذي ينتظم الساحة من مختلف القوى السياسية، والإعلان عن الاتفاق الإطاري كخطوة عملية في موضوع التسوية السياسية بين مركزي الحرية والتغيير والمكون الانقلابي، لكن يبدو أن هناك تحديات وتعقيدات شائكة تعترض مسار التسوية على ضوء وجود فاعلين آخرين ما زالوا خارج العملية السياسية المناط بها حل الأزمة، كما أن هناك تباينات بين أحزاب مركزي التغيير نفسه حولها، وظهر ذلك جلياً من خلال تصريحات وبيانات بعض مكونات هذا التحالف، كما الحال بالنسبة لحزب الأمة الذي هدد بالتراجع عن عقد أي اتفاق مع المكون العسكري على خلفية سقوط شهيدين بأمدرمان، وبيان حزب البعث العربي الاشتراكي الذي أكد فيه رفضه للتسوية عقب إعلان مركزي التغيير توصله لاتفاق إطاري مع المكون العسكري..
هذا الواقع أفرز حالة من الصراع السياسي والفكري بين المكونات السياسية، وزاد من حدته التدخلات الدولية والإقليمية في الملف السوداني بغية الإمساك، كما زاد من حالة الضبابية السياسية وجعل المسألة السودانية مفتوحة أمام كافة الخيارات المطروحة والاحتمالات المتوقعة.. (اليوم التالي) حاولت قراءة هذا المشهد الشائك، والخروج بنتائج تفضي لمسارات الحل، فالتقت الناطق الرسمي لحزب البعث العربي الاشتراكي عادل خلف الله في حوار تناول قضايا الراهن السياسي فالى تفاصيله..
حوار: فاطمة مبارك
* أوضحتم في بيانكم الأخير الذي وجد ردود فعل واسعة أنكم ضد التسوية، لكن قوى المركزي أكدت على المضي فيها، كيف تفسر هذه المواقف المتقاطعة؟
مرحب بكم وبصحيفة (اليوم التالي)، أبدأ الإجابة بمدخلك الذي أشرتي فيه الى أن بيان قيادة حزب البعث العربي الاشتراكي الذي صدر في 19 نوفمبر الجاري، كان محل اهتمام وأحدث ردود أفعال واسعة والبيان في جانب منه يؤكد وزن الموقف الذي عبر عنه، قبل أن يكون صادراً من حزب البعث، وعن الحالة الوطنية الصحيحة، استناداً على التضحيات العظيمة التي قدمها الشعب السوداني وعلى تجارب طرحت كانت فيها نفس التقديرات المطروحة الآن..
* أي تجارب تقصد؟
التجارب التي طرحت في دكتاتورية نوفمبر ـ عبود أو دكتاتورية مايو – نميري أو دكتاتورية الإنقاذ – البشير، كل التقديرات التي جنحت إلى فرضية أن التوصل لحل سياسي يمكن أن يحدث تحول ديمقراطي من داخل النظام الديكتاتوري باءت بالفشل، وأيضاً الحقيقة التي لا يمكن تغافلها هي أن الدكتاتوريات الثلاث سقطت بإرادة الشعب السودان وبطريق واحد هو الإضراب السياسي والعصيان المدني، لذلك حزب البعث خاطب الجماهير والرأي العام السوداني بعد أن أعلنت قوى الحرية والتغيير عن شروعها فيما سمي بالحل الوفاق.
*لماذا قررتم إعلان هذا الموقف وأنتم في تحالف؟
حرصاً منا على إطلاع شعبنا على موقف ورأي الحزب، الذي جدده من خلال البيان، وأشار فيه إلى أن هناك طريق واحد لتجاوز انقلاب ٢٥ أكتوبر، وهو إسقاطه عبر أوسع جبهة من مكونات قوى الثورة.
*لكن موقفكم هذا أوضح وجود تباينات داخل تحالفكم؟
موقفنا هذا في مواجهة التقدير الآخر، يعيد للأذهان تجربتنا القريبة في قوى الإجماع الوطني في مواجهة التقدير الذي كان مدعوماً من ذات الأطراف الإقليمية والدولية عبر ثامبو أمبيكي، واستطعنا المحافظة على وحدة قوى الإجماع الوطني، وفي تلك اللحظة كان هذا الموقف هو موقف حزب البعث لوحده، وبالحوار الهادئ واحترام الآخرين والابتعاد عن الإساءة والتخوين، توصلنا مع كافة قوى الإجماع الوطني للحالة الوطنية الصحيحة وهي إسقاط الانقلاب عبر الانتفاضة الشعبية والعصيان المدني.
*نعود لسؤال تباين المواقف في تحالفكم بينكم؟
أنا لم أستدعِ الماضي حباً فيه، ولكن حتى أربط بهذا الاستدعاء الماضي بالحاضر، حزب البعث العربي الاشتراكي أعلن عن موقفه باعتبار أنه يؤمن بأن من يقرر في حاضر ومستقبل السودان هو الشعب السوداني ونحن كقوى سياسية أو تحالفات نعبر عن تطلعاته التي لا تتحقق إلا بإرادته ومقبوليته لها، كما أن حواركم يتزامن مع مرور عام على اتفاق دكتور (حمدوك – برهان) الذي لم يصمد لسويعات، َوأسقطه الشعب السوداني وهذا يعتبر درساً حاضراً وقريباً، ويؤكد أن أي طريق لا يستند لإرادة الشعب السوداني ولا يحقق تطلعات ثورته العظيمة مصيره سيكون مصير اتفاق (حمدوك – برهان) والدكتاتوريات الثلاث، التي أشرت لها.
* أفهم أنكم الآن بعيدين مما يجري داخل مركزي الحرية والتغيير؟
أبداً، نحن لا نزال داخل مركزي قوى الحرية والتغيير.
* هل تحضرون اجتماعات المركزي؟
نحن حاضرين في الاجتماعات، كيف نكون ما حاضرين، ونقول رأينا بصراحة، لكن لا نفرض وجهة نظرنا وقناعاتنا على الآخرين ولا يفرض الآخرين قناعاتهم علينا، وهذا التفاعل قصدنا منه الحرص على اتخاذ الموقف الوطني الصحيح، المستند على إرادة الشعب السوداني، الحاضر والمتعظ من تجارب التاريخ.
* لكن الناظر للحراك يجد أن خطوات التسوية متسارعة من قبل وجهة النظر الأخرى الموجودة داخل المركزي، ما تعليقكم؟
نعم، الخطوات متسارعة، وكما أكدنا في البيان الذي أشرتي له، لدينا اعتقاد يصل مستوى الإيمان بأن المكون الانقلابى، لا يمكن التوصل معه إلى تسوية سياسية.
*لماذا؟
إضافة لمحاولة تجاوز الوقائع والتاريخ وتجريب المجرب، هناك تعاطٍ ظاهر للمكون الانقلابى مع المبادرات التي أطلقت عليها الآلية الثلاثية (عملية سياسية تؤدي إلى تسوية توافقية)، ويتعامل معها تكتيكياً بهدف أحداث انقسامات وتصدعات داخل قوى الثورة والديمقراطية والتقدم، منها قوى الحرية والتغيير.
*ماذا يستفيد من إضعافها برأيك؟
يهدف من خلال إضعاف جبهة قوى الثورة شراء الوقت، ومثله مثل أي تكتيك مرتبط باستراتيجية، والاستراتيجية الواضحة بالنسبة لنا أن المكون الانقلابى حريص على التشبث بالسلطة.
*ما دليلكم؟
ما يؤكد ذلك تصريحات السيد البرهان في قاعدة حطاب وفي المرخيات والتعديلات التي أدخلوها على مسودة الدستور.
*ما هي ملاحظاتكم على الإعلان السياسي ومسودة الدستور؟
بالنسبة للإعلان السياسي نحن لم نوقع عليه وسلمنا السكرتارية ملاحظات جوهرية، كذلك مسودة الدستور الانتقالي التي قدمتها البعثة الأممية للمكون الانقلابي، وأحدث فيها تعديلات، نحن أيضاً قدمنا للسكرتارية ملاحظات جوهرية حولها.
* حدثنا عن أهم ملاحظاتكم على الإعلان السياسي والمسودة؟
هذه ستدخلنا في التفاصيل، نحن قدمناها للسكرتارية وفي انتظار تحديد اجتماع، لمناقشتها، وحدد الاجتماع القادم للمكتب التنفيذي.
*حسناً، دعنا نتعرف على ملاحظاتكم الجوهرية في إطار عام؟
الملاحظات الجوهرية أبرزها على صعيد الوثيقة الدستورية، حزب البعث العربي الاشتراكي كان ولا يزال يرى أن ما يجرى أشبه بماتقوله الحكمة (وضع العربة أمام الحصان).
*كيف؟
قبل تشكيل الجبهة الواسعة من قوى الديمقراطية والتغيير، تم الدخول في اعتبار مسودة الدستور التي قدمتها اللجنة التسييرية لنقابة المحامين السودانيين أساس أو مسودة الانتقال، هذه المسودة نرى الحاكمية لاعتمادها هي الجبهة الواسعة من قوى الديمقراطية والتغيير، ونعتقد أن هذه الجبهة بتشكيلها من أوسع قوى الثورة والحراك السلمي المقاوم لانقلاب ٢٥ أكتوبر، هي التي تعتمد البرنامج الانتقالي الذي يتم التوافق عليه، وتأتي لاحقة للبرنامج المسمى بالإعلان السياسي، نحن نرى أن الأولويات فيها اختلال،
*هل هناك ملاحظات أخرى؟
الملاحظات الجوهرية التي قلناها، التعديلات التي أحدثها المكون الانقلابى، حسب النسخة التي سلمت للآلية الثلاثية من المكون الانقلابي، أحدثت خللاً جوهرياً في أسس الانتقال الديمقراطي والتعبير عن مبادئه وأهداف ثورته.
* فيما تمثل هذا الخلل؟
كمثال، الانقلابيون أحدثوا تعديلات تستحق التوقف عندها في الفصل المتعلق بالحصانات الإجرائية.
*ماذا فعلوا؟
أضافوا فقرة رابعة لواحدة من هذه المواد، مادة كان فيها ثلاث فقرات أضافوا رابعة، وفي بقية مواد الحصانات الإجرائية.
ثانياً: هناك تكرار وكأنه يريد أن يعطي إشارات أنه حريص على مسألة إزالة التمكين، كررها في أكثر من مادة وأحياناً بدون مناسبة.
*أين المشكلة؟
عند قراءتها تجد المسألة مجرد إفراغ لفكرة التمكين من مطلوبات، باعتبار أنه لا يزال هناك تشكيك واتهام لما قامت به اللجنة السابقة وحزب البعث لا يمكن أن يقبل بهذا.
ثانياً: كل القوى السياسية ولجان المقاومة والحرية والتغيير تتحدث عن إلغاء ما ترتب على انقلاب ٢٥ أكتوبر وهم حذفوا فقرة إلغاء وقالوا مراجعة، علماً أنهم لم يراجعوا قرارات لجنة إزالة التمكين، وإنما عطلوها وليس بقرارات قضائية، بل بقرارات إدارية وصلت الحد بأن أحد الولاة المكلفين في ولاية سنار ألغى كل القرارات التي أصدرتها لجنة التمكين.
فكيف نراجع هذا الوضع، باعتبار أن القاعدة الفقهية الأساسية تقول ما أسس على باطل فهو باطل، الانقلاب باطل، بالتالي كل ما نجم عنه يجب أن يلغى كذلك.
*تقصد أن المكون العسكري، ركز في ملاحظاته على إزالة التمكين؟
أنتم متابعون كصحفيين أن انقلاب ٢٥ أكتوبر واحدة من أسبابه الرئيسية هو حماية التمكين والرأسمالية التي نمت في كنفه، واستفادت من الميزات التي قدمتها لها الإنقاذ، هذا ظهر في أن أول السهام بعد الاستيلاء بالقوة على السلطة في ٢٥ أكتوبر وجهت للجنة إزالة التمكين وقياداتها وعبركم نحيي المناضل وجدي صالح والمقدم شرطة عبد الله سليمان، والاستهداف للجنة التمكين ما زال مستمراً، وهذا يؤكد أنها واحدة من المعجلات لتنفيذ الانقلاب، هو كان مبيتاً وقديماً ويعدون له منذ (١١) شهراً فتمييع لجنة إزالة التمكين واحدة من القضايا الجوهرية التي قدم حزب البعث ملاحظات عليها، في الدستور وفي الإعلان السياسي.
* يبدو أن لديكم اعتراضات أساسية فيما يخص التعديلات التي طالت لجنة إزالة التمكين؟
أخطر ما في التعديلات أنهم حذفوا كلمة إلغاء بعد ٢٥ أكتوبر وكتبوا إزالة تمكين نظام ٣٠ يونيو وأي نظام آخر، هذا تمييع لأن الدستور لا يتحدث بإطلاق، وإنما يكون بصورة محددة، وهذه من الملاحظات الجوهرية التي تحفظنا عليها ونعتقد أن قوى الحرية والتغيير يفترض أن تنتبه لها.
*تنتبه لماذا؟
الى أن الانقلاب يريد تجريم الفترة الانتقالية كلها وفي نفس الوقت يميع الإجراءات التي اتخذت بعد ٢٥ أكتوبر والتي وصلت لحد إعادة تمكين الفلول في كل المواقع والمؤسسات وتمكينهم اقتصادياً، وإلغاء القرارات التي أصدرتها لجنة التمكين، وكمل هذا بالقرار الذي صدر بحل لجان تسيير النقابات، وعودة النقابات التي سميت، منتخبة، بعد التمكين الوظيفي والمالي أصبح هناك تمكين سياسي ونقابي .
*ماذا عن النقاط الأخرى؟
من النقاط التي تحفظنا عليها فيما يتعلق بالوثيقة والإعلان السياسي، وضح جلياً أن الانقلابيين يريدون تفصيل الدستور على مقاس شخصيات باسم رئيس مجلس الوزراء والسيادة أو رأس الدولة، على النقيض لما هو متبع في النظم البرلمانية، حيث منحوا سلطات شبه مطلقة لفرد باسم رئاسة الوزراء وهناك خلط بين السلطة التنفيذية التي يمارسها رئيس الوزراء والسلطة القضائية، لأن الوثيقة إضافة جسم كان غير موجود في الوثيقة السابقة.
*ما طبيعة هذا الجسم؟
تمت إضافة المجلس العدلي المؤقت من (١١) شخصية يختارهُم رئيس الوزراء، وهم الذين يعيدون قيام المنظومة العدلية والحقوقية، لذلك نعتقد أن هناك اتجاه لإفراغ المطلب الشعبي للسلطة المدنية حتى تصبح غطاء لدكتاتور مدني.
*ما رؤيتكم أنتم؟
السلطات الممنوحة لرئيس الوزراء نرى أن تكون سلطات توافقية مع مجلس الوزراء كهيئة وليس لرئيس الوزراء كفرد، هذه أبرز الملاحظات التي قدمناها وختمناها بمقترح أن تعكف قوى الثورة في الجهاز القانوني والقضائي ومن ضمنهم تحالف المحامين التابع للحرية والتغيير، لإعادة تبويبها وضبط العبارات باعتبار أن الدستور، لا يتحمل العموميات والإطلاق، بعد طرحها للرأي العام والجهات المختصة وقوى الثورة.
*ما الذي يحتاج لضبط؟
مثلاً هناك مسألة قد تبدو غير مقصودة، لكنها مقصودة وهي الإشارة الى أن فترة انتقالية لا تتجاوز (٢٤) شهراً، ورئيس الوزراء الذي منح هذه سلطات، يمكن أن يدعو بعد ستة أشهر لانتخابات مبكرة و(٦) أشهر أقل من ٢٤ شهراً، هناك عبارات ينبغي أن لا نقدم فيها حسن النوايا، وإنما نعتمد على منهج الإعداد المعروف في وضع الدساتير. بنفس المستوى الهيئة التشريعية ما لا يقل عن (١٥٠) أي رقم بعد لـ(١٥٠) هو ما لا يقل عن (١٥٠) والسؤال هؤلاء من يحددهم.
* إذن أنتم لديكم اعتراض على أشياء أساسية في تعديلات العسكريين؟
التعديلات التي قام بها المكون العسكري إضافة للملاحظات في التبويب وضبط اللغة والأحكام، تجعل الوثيقة الدستورية والشروع في تنفيذها قنبلة موقوتة، نحن نرى بعد إسقاط الانقلاب، الجبهة الواسعة الممثلة لقوى الثورة والانتقال الديمقراطي التقدمي هي من يشرف على ترتيبات الانتقال والوثيقة الدستورية والبرنامج التوافقي الانتقالي وعلى ملء الهياكل وشروط ملئها.
* الوثيقة الدستورية نفسها، ما زالت هناك أصوات تعتبرها مستوردة، ما قولكم؟
هذا رأي مسبق، الوثيقة الدستورية لم يكن بها شيء خارق حتى تضعها جهة خارجية، وفي تقديري هذه إساءة بالغة للتجربة القضائية والتشريعية والمحامين في السودان، ولا يليق بمن يختلف مع نقابة المحامين أو الحرية والتغيير أو قوى الثورة أن يصل به الإسفاف لدرجة وصف َما جاء في الوثيقة بالعمل الأجنبي، وضعتها اللجنة ونحن نعرف أشخاصها.


لمتابعة أخبارنا انضم إلى مجموعتنا في الواتساب
انضم الينا في الواتساب