التحديات التي تواجه زراعة محصول القطن بنظام الشراكة التعاقدية مع القطاع الخاص

م / أحمد حسن الأمير
محصول القطن من المحاصيل الزراعية التي يعتمد عليها السودان في اقتصاده حيث يتم إنتاج وحلج وتصدير القطن الشعرة إلى الدول التي تهتم بصناعته.
دخل محصول القطن للسودان وزرع لأول مرة في مشروع دلتا طوكر الزراعي ومنه إلى بقية المشاريع الزراعية المنتشرة في السوداني بنظام الري المروي بأنواعه ونظام الري المطري وتوسعت زراعته وحلجه وتم تأسيس مراكز بحثية خاصة بالبحث العلمي لإنتاج أصناف محسنة ومحورة وراثياً، ومن المراكز المهتمة بأبحاث القطن (المركز السوداني الصيني) بالفاو الذي يهتم بإنتاج تقاوي القطن وتدريب وبناء قدرات المزارعين على تقانات إنتاج محصول القطن.
وتوسعت زراعته في القطاع المروي والقطاع المطري وتم تأسيس شركات لإنتاجه وتسويقه مثل شركة الأقطان.
في الآونة الأخيرة أصبح يعاني محصول القطن كغيره من المحاصيل الاقتصادية من تدني الأسعار ومشكلة التمويل والتسويق مما شجع الحكومة على إدخال نظام الشراكة التعاقدية مع القطاع الخاص لمعالجة مشكلتي التمويل والتسويق.
الشراكة التعاقدية تعني أن تتعاقد شركات القطاع الخاص مع الجمعيات الإنتاجية والحكومة على تمويل زراعة محصول القطن في مراحل العمليات الفلاحية من تحضير الأرض والري ومكافحة الآفات وتستمر إلى مرحلة الحصاد والتسويق.
في الشراكة التعاقدية يكون للمحصول سعران لقنطار القطن الزهرة والقطن الزهرة يقصد به (القطن قبل الحليج)، بمعنى أنه يحتوي على البذرة والشعرة، هذا السعر يتم به سداد المديونية التي استلفها المزارع من الشركة في مراحل العملية الفلاحية لمحصول القطن حيث تخصم مديونية المزارع عيناً من محصول القطن وما فاض عن ذلك يباع بسعر السوق.
دور الحكومة في هذه الشراكات ميسر فهي تهتم بتأهيل البنيات التحتية وشبكة الري وتنفيذ عملية الري والإرشاد الزراعي وإدارة سوق القطن وتسليم القطن للشركة للتسويق والحليج.
نجاح هذه الشراكات مربوط بمدى اهتمام الحكومة بتمويل خطط تأهيل المشاريع المهمة بزراعة محصول القطن ومدى التزام الشركات الممولة بعملية التمويل والأسعار المشجعة للمزارع ومدى التزام المزارع بالعمل في الغيط بالتالي نجاح مثل هذه الشراكات أو فشلها مربوط بمدى التزام الأطراف الثلاثة بتنفيذ مهامها أضف لذلك لا بد أن تكون لشركات القطاع الخاص دور بالوقوف بجانب الحكومة في تأهيل البنيات التحتية والمساهمة في تنفيذ مشروعات خدمية للمواطن في إطار المسؤولية المجتمعية للشركات المستثمرة في تلك المشاريع.
هذه الشراكات التعاقدية عالجت مشكلة التمويل الممنوح للمزارع بضمانات شيك بنكي من المزارع أو الجمعية الخاصة بالمزارعين لكنها لم تعالج مشكلة التسويق خاصة الأسعار المتدنية لمحصول القطن الشئ الذي جعل المزارع يزرع القطن على مضض وضغط من الإدارات الفنية لهذه المشاريع الزراعية حفاظاً على تطبيق الدورة الزراعية وحفاظاً على السمعة التاريخية لزراعة محصول القطن في هذه المشاريع ولرغبة شركات القطاع الخاص في التعاقد لإنتاج محصول القطن خلاف المحاصيل الاقتصادية الأخرى كمحصول زهرة الشمس.
بعض المزارعين بهذه المشاريع يذهبون لزراعة محاصيل ذات عائد آني سريع مثل محصول الطماطم وغيره من المحاصيل ذات العائد السريع بحجة أن محصول القطن تكلفة إنتاجه عالية وأسعاره متدنية.
هناك تحديات تواجه الأطراف الثلاثة المستفيدة من الشراكة هم أطراف العقد (شركات القطاع الخاص/ تنظيمات وجمعيات المزارعين / الحكومة متمثلة في الإدارات الفنية لتلك المشاريع الزراعية).

أهم هذه التحديات التي تواجه شركات
القطاع الخاص نزكر منها على سبيل المثال لا الحصر ضعف التمويل المخصص والمنوح لبعض شركات القطاع الخاص من البنوك بصيغة المضاربة أو الصيغ التمويلية الأخرى مع ارتفاع الضرائب وارتفاع تكلفة شراء المدخلات الزراعية التي تشتريها لصالح المزارع ويتم خصم تكلفتها محصول قطن (بيع سلم) أيضاً المديونيات وعجز السداد وعدم إيفاء المزارع بالتزاماته لدي الشركات بسبب ضعف الإنتاج أو تدني الأسعار مع ارتفاع تكلفة الإنتاج.
أيضاً هناك تحديات تواجه مزارعي القطن في المشاريع المروية نذكر منها على سبيل المثال ارتفاع تكلفة المدخلات الزراعية، وعدم التزام بعض الشركات في سداد التمويل للمزارع في وقته وتعدي الرعاة والتفلتات الأمنية وتدني الأسعار لمحصول القطن.
أيضاً هناك تحديات تواجه الإدارات الفنية في المشاريع المروية، نذكر منها ضعف المبالغ المعتمدة في ميزانية التنمية بوزارة المالية الاتحادية للمشاريع الزراعية المروية، ضعف التدريب وبناء قدرات الكوادر الفنية، ضعف وسائل الحركة والمعينات الإرشادية ومعينات وقاية النباتات وضعف صيانة الآليات والمعدات الزراعية.
ولكي ننهض بزراعة وصناعة محصول القطن أفقياً ورأسيا في المشاريع المروية لابد من التأهيل الشامل للمشاريع المروية من حيث بنيات الري وبيئة العمل وتكملة الهياكل الإدارية والفنية للعاملين بهذه المشاريع مع تدريب الكوادر الفنية العاملة وتوفير معينات العمل لهم ودعم والوحدات الإرشادية ووقاية النباتات بها بوسائل ومعينات تمكن الفنيين من القيام بمهامهم الإرشادية ومكافحة الآفات الزراعية.
أيضاً لابد من تعزيز الشراكات مع القطاع الخاص بحيث يكون للشركات التي تريد الاستثمار في هذه المشاريع أن يكون لها دور في الوقوف مع الجانب الحكومي في دعم تأهيل شبكة الري وتأهيل مصادر المياه وتحسينهاودعم برامج حصاد المياه
ذلك في إطار المسؤولية المجتمعية لشركات القطاع الخاص تجاه المزارع المواطن في مناطق هذه المشاريع.
أيضاً لتطوير إنتاج وصناعة محصول القطن لا بد من تخفيض الحكومة للضرائب والرسوم الإدارية المدفوعة من الشركات والمزارعين مع تمويل شركات القطاع الخاص والمزارعين في الوقت الذى يمكنهم من تنفيذ مهامهم في وقتها ذلك للمحافظة على هذه الشراكات لكي لا تنسحب من نظام الشراكات التعاقدية في المشاريع الزراعية المروية وتتجه للاستثمار بزراعة محصول القطن بصورة مباشرة (إيجار أرض زراعية وإشراف فني عبر كوادر من الشركة) في مشاريع زراعية مطرية آلية.
أيضاً لابد من السعي الجاد لتحسين أسعار القطن لتشجيع المزارعين والشركات والحكومة على التوسع الأفقي والرأسي بزراعة محصول القطن وصناعته وإعادة هذه المشاريع لسيرتها الأولى لتتحقق التنمية ويتحسن الوضع الاقتصادي والاجتماعي للمزارع ويتحسن الاقتصاد القومي.


لمتابعة أخبارنا انضم إلى مجموعتنا في الواتساب
انضم الينا في الواتساب