عبد الحفيظ المريود يكتب: سكر مظبوط

بدون زعل

حين أعاد حسن الترابي تقديم فتوى قديمة حول جواز إمامة المرأة للصلاة، أخرج الصادق المهدي جواز صلاتها في صف واحد مع الرجال.. لكن البروفسير مالك بابكر بدري نظر أبعد من المقولتين في الجواز أو التحريم.. نظر إلى أن الرجلين تقدما في السن، ولم تعد لديهما مآرب في النساء، تجاوزاً الشهوات، أو تجاوزتهما، ولذلك فهما يفتيان تحت خط الرغبة.. وقد كان الأسلم أن ينظرا إلى أن في المسلمين فئات عمرية، ما تزال رغباتها مستعرة، ونوازعها الجنسية قوية.
شايف كيف؟
مالك بدري ليس فرويدياً، بالتأكيد. لكنه – كرجل حجة في علم النفس – لا يستطيع أن يتجاوز فرويد، تمثل الدوافع الجنسية نسبة مقدرة في السلوك البشري، وإلا لما كان الفقه الإسلامي متقعراً، سجيناً، متردداً ومغالياً، كلما لمح طرحة أو خصلة من شعر. تكاد تلمح الوطأة الجنسية الشديدة، السؤال الملح، في أذهان الفقهاء، كلما جرت مقاربة لمسألة فيها امرأة.. فالمرأة (غرض جنيى)، عندهم، بأكثر مما هي كائن آدمي عاقل مكلف، جدير بفهم وخلق علاقات مع النص المتعالي.
حسناً…
هل تجاوز الرجلان التفصيلة الدقيقة التي ذهب إليها بروف بدري، أم لم تخطر على باليهما؟ هل يمكن القول إن الفقيه – من حيث موقعه وعدة اشتغاله – غير معني بالسياقات الظرفية، بقدر ما هو معني بالوصول إلى النتائج، استناداً إلى منهج صارم، هو أصول الفقه؟ ألا يعتني بنتائج تطبيقات الفتوى؟
الواضح أن الأسئلة أعلاه، تم النظر إليها، والتعامل معها، إذ لن يكون فقيهاً – بحسب مقاييس الأقدمين – من تلتبس عليها عناصر الفتيا… من ليس محيطاً بالسياقات، جميعاً. ونربأ بالرجلين أن يكونا كذلك.
شايق كيف؟
لكن العقل الفقهي يسرح في حقل الترف الممرع، في كثير من الأحيان. هل إن وجدت ضرورة لتؤم المرأة المصلين؟ وهل حدث الشيء ذاته، مع الصلاة في الصف الواحد، ذكوراً وإناثاً؟ أم إن الفتاوى تخرج في غير ما حاجة عملية إليها، تستبق الواقع، تتجاوزه، تنظر إلى مستقبل ليس يرى، للعوام من أمثالنا؟
ولأن غالب الاعتراضات على الرجلين، والاحتجاجات، كانت ناظرة – بطرف خفي – إلى (تحريك شهوة الرجل)، وليس العكس، فإن موقف البروف يمنحها مسحة “علمية” لا أكثر، ذلك أن الرجل والمرأة كائنان آدميان مفطوران على رغبة أحدهما في الآخر.. وأن تجعل المرأة غرضاً جنسياً، فقط، يتوجب ستره ومنع تأثيره الغريزي عليك، أثناء الصلاة، دون أن تحتسب شهوتها هي، التي قد يثيرها الرجل، أثناء الصلاة، أيضاً، لهو موقف ذكوري غارق في الأنانية.. فصوتها، في القراءة والتكبيرات، مثير، دع عنك كونه “عورة”، من الأساس.. أليس ثمة احتمال أن يثيرها صوت الإمام الرجل، أم هي خارج الحسبان؟ طبعاً بافتراض أن ركوعوها وسجودها أمام المصلين، لا نقاش فيه، لكأن المصلين – في حال كان الإمام رجلاً – بمقدورهم أن يروه جميعاً، راكعاً، ساجداً..
شايف؟
لماذا نرفض سيجموند فرويد، إذن؟
مصافحة المرأة الأجنبية حرام.. تقول المذاهب الفقهية، إلا من شذ.. وتنقض الوضوء، عند أكثرهم.. ومن نواقض الوضوء (مس الرجل لذكره دون حائل)، إلا عند بعضهم.. هل ثمة هوس جنسي يتمدد بأكثر مما فعلت نصوص فرويد، كما يفعل الفقه الإسلامي؟
ما هو الهوس، إذن؟
أن يتحول عضو منك، فجأة، إلى ناقض لوضوئك، فيما هو طاهر، من حيث الأصل.. لا أعتقد أن هناك هوساً يفوق هذا..
شايف كيف؟
علينا الاعتراف بالهوس الجنسي الملون للفقه الإسلامي، بشكل صادم.. وعلينا الاعتراف، أيضاً، بأن تعامل الفقه الإسلامي مع موضوع المرأة، ليس عادلاً.. اعترته سخافات ذكورية بغيضة، وتحوطات تجعل الجنس مادة منفرة، أو الدين.


لمتابعة أخبارنا انضم إلى مجموعتنا في الواتساب
انضم الينا في الواتساب