في ذكرى إستقلال علم السودان

 

محمد وائل احمد الكردي

في نظر العقل السوداني ترجع المشاكل الموجود في الساحة دائما الى طرف اخر, هذا الطرف قام بأنتاج الفساد والتفرقه واحتكار الموارد وغيرها من المشاكل التي يمكن للجميع تعديدها…
الأمر الذي أصبحنا معه نوجه كل قدراتنا العقلية من تخطيط وقرارات وخطابات الى النقد والأشانة بالطرف “الظالم”, متوقعين بذلك أننا أدينا الواجب وأننا نسير في خطى تغيير الوضع السياسي والاجتماعي, وكل ما يتطلبه الأمر لنرى أين قادنا هذا النوع من التفكير هو ببساطة النظر الى واقعنا اليوم وموقعنا بين الحضارات. فهناك حضارات يمكن أن نستشف منها طرق أكثر منطقية لعلاج الواقع, فإذا نظرنا الى التجربة اليابانية التى حصلت على حصتها من الاضطهاد وربما تكون الحصة الأكبر في التاريخ الحديث, فعلى الرغم من ذلك هل سمع أحد احتجاج اليابانيين؟
هذا السؤال طرح في مقابلة ثقافية مصورة حيث سأل أحد الحضور عضوا في النقاش كان يابانيا: لماذا لا تنتقدوا أو تسيؤوا للأمريكان الذين قاموا بضربكم بقنبلتين ذريتين وبعدها أخضعوا اقتصادكم ومنعوكم من تكوين جيش و حاولوا القيام بتغيرات جذرية في ثقافتكم؟
فذكر المثقف الياباني ردا: بعدما ضربت اليابان بالقوة الذرية خلف هذا الحادث عدة اسئلة لدينا ومن أهم هذه الأسئلة :
– ما الخطاء الذي فعلناه وجعلنا نصل لهذا الواقع دون أن يلتفت لنا العالم؟
– أين كنا عندما كان الغرب يتقدم لدرجة أمتلاكه مثل هذه الأسلحة؟
– لماذا النظام السياسي الأمريكي أكثر استقرارا وفعالية من أنظمتنا؟
كانت هذه الاسئلة هي الأكبر في ذلك الوقت حيث أيقنا أن هناك خطاء في أسلوبنا في التفكير والحياة, وعندها لم يكن لدينا وقت لكي نقوم بشتم أو رفض الأمريكان حيث كان الأهم أن ندركهم.
من هنا يمكن أن نلحظ اختلاف طرق التفكير بيننا وبين شعوب أكثر منطقية في النظر الى الماضي والمستقبل على عكس مجتمعاتنا العاطفية, فحين يأتي الوقت لمناقشة بعض من مشاكلنا السياسية والاجتماعية نقوم بأنتاج خطاب المظلومية, حيث نركز في الأطراف (دول, أحزاب, أشخاص, …) التي تعيق تقدم البلاد, كما يوجه هذا الخطاب اصابع الاتهام لمكونات داخل الدولة أيضا مسببا خطاب كراهية متبادل بين مكونات مجتمعنا, حيث أصبحنا نجد نبرة من الشكوى المريرة في أحاديث المثقفين والسياسين والعامة دون أنتاج حلول واقعية.
لم تعد لدينا القدرة على تخيل السودان متقدما بين دول المنطقة والعالم, الأمر الذي دفع الكثير من الأشخاص للعمل والعطاء في أطار أصغر مثل العشيرة والقبيلة والجماعات العقائدية, حيث يمكن أن يساهموا فيها ويفتخروا بأنهم جزء منها.
مشكلتنا لا تكمن في نخبنا السياسية فحسب بل في أسلوب تفكيرنا ورؤيتنا للواقع وافتخارنا غير المجدي بأمجاد الماضي والخوف من المستقبل .


لمتابعة أخبارنا انضم إلى مجموعتنا في الواتساب
انضم الينا في الواتساب