نهاية العملية السياسية.. هل تقود لبرِّ الأمان؟

محمد زكريا: لسنا طرفاً في المرحلة النهائية
أحمد المكابرابي: المرحلة النهائية تناقش قضايا متخصصة تشكل جوهر الانتقال
فتحي فضل: المرحلة النهائية هروب للأمام ومحاولة تخطي الجماهير والشارع

الخرطوم: فاطمة مبارك
ابتدرت القوى الموقعة على الاتفاق الإطاري في الخامس من ديسمبر ٢٠٢٢م تدشين المرحلة النهائية للعملية السياسية، بمؤتمر خارطة طريق تجديد عملية تفكيك نظام ٣٠ من يونيو الذي بدأ فعالياته أمس وحتى الغد بقاعة الصداقة، تمهيداً لإكمال القضايا المتبقية وهي قضية الشرق وإصلاح المؤسسة العسكرية واتفاقية جوبا وتفكيك نظام الثلاثين من يونيو وفقاً لما هو متفق عليه بين الأطراف الموقعة والآلية الثلاثية.
وكان الاجتماع الذي عقدته القوى المدنية الموقعة على الاتفاق الإطاري بدار حزب الأمة الخمس الماضي، قد شدد على ضرورة مشاركة الأطراف غير الموقعة المتفق عليها في العملية السياسية وفقاً للاتفاق السياسي الذي تعتقد القوى الموقعة أنه وضع الأساس لإنهاء الوضع الانقلابي واسترداد مسار التحول المدني الديمقراطي.
كما أكد الاجتماع على أن المرحلة النهائية للعملية السياسية، تتطلب المساهمة الفاعلة لأوسع قاعدة من أصحاب المصلحة، بما يضع المعالجات الشاملة للقضايا المطروحة بصورة تؤمن مسار تحول ديمقراطي مستدام.
انضمام مرتقب للإطاري:
على الرغم من أن القوى الأساسية المعنية بهذه المساهمة والانضمام للاتفاق الإطاري ما زالت تتمسك برؤيتها التي أبدتها تجاهه منذ ميلاده، إلا أن هناك لقاءات جرت مع حركتي العدل والمساواة بقيادة دكتور جبريل إبراهيم وحركة تحرير السودان بقيادة أركو مناوي، قد تقود إلى إلحاق الحرية والتغيير الكتلة الديمقراطية بالاتفاق، ووفقاً لإفادات مصدر عليم لـ(اليوم التالي) أن قوى الاتفاق الإطاري حريصة على تجميع أكبر قدر من القوى في الاتفاق وتعتبر قوى اتفاق جوبا من القوى التي يمكن أن يكون لها تأثير إيجابي على الاتفاق ولهذا السبب الاتصال بهم لم ينقطع وتوقع المصدر أن يصلوا إلى تفاهمات مع قوى اتفاق جوبا على ضوء أنها أصبحت الأقرب، ونوه إلى وجود اتصالات كذلك بقوى يسارية وحزب البعث العربي الاشتراكي.
وإفادات المصدر تتفق مع تصريحات أدلى بها الأمين العام لقوى نداء السودان، وعضو المجلس القيادي للجبهة الثورية، مني أركو مناوي التي قال فيها إنه يأمل من المجلس المركزي للحرية والتغيير، الاستمرار بالروح الجديدة من أجلّ إنهاء العلة السياسية ـ بحسب قوله.
وكشف مناوي في تغريدة على تويتر أنّ الأيام الماضية شهدت حوارات جيّدة بين كتلتي الحرية والتغيير، ونوه إلى أنّ دور المكوّن العسكري المستمر، محوريّ في تسهيل تقريب وجهات النظر بين الكتلتين.
المصدر كذلك أشار الى أن رئيس الوزراء سيتم اختياره خلال انعقاد الورش أو في فترة أقصاها نهاية الورش، وكشف عن أن رأي الأغلبية أن يكون رئيس الوزراء شخصية مستقلة، لكن هناك من له رأي آخر، ورجح أن تظهر خلال الورش التي ستعقد وجهات نظر مختلفة تجاه القضايا المثارة، خاصة أنها ظلت محل خلاف بين القوى السياسية المدنية منها والعسكرية.
لا إضافة لمقترحات جديدة:
وحول نهاية العملية السياسية وانعقاد الورش قال نائب الأمين العام للمؤتمر الشعبي الدكتور محمد بدر الدين لـ(ليوم التالي): فيما يختص التطور الذي يحدث في الاتفاق الإطاري، اجتمعت اللجنة التنسيقية قبل يومين وصدر بيان أوضح اتفاق أطراف الاتفاق الإطاري على تكوين خمس ورش، ورشة لتفكيك نظام الثلاثين من يونيو بدأت أمس، وورشة للسلام وورشة للعدالة الانتقالية، وورشة لإصلاح القوات المسلحة، وورشة خامسة أضيفت لشرق السودان، وأشار إلى طرح المبادرة المصرية التي تضمنت مقترح أن تتم تكملة الحوار بالقاهرة، ولفت إلى أنه تم التداول حولها ورأت الأطراف أن يكون الحوار سودانياً في السودان، وشكروا الإخوة المصريين عليها، وأضاف دكتور بدر الدين قوله: أيضاً في الأول من يناير الإدارة الأمريكية على لسان وزير الخارجية أنتوني بلينكن دعموا الاتفاق الإطاري وأظهروا موقفاً إيجابياً حياله، وأكد أن المرحلة القادمة ستكون مرحلة الورش ومتوقع أن تستمر أسبوعين أو ثلاثة أسابيع القادمة، بدر الدين لم ينفِ أو يؤكد توقعات المصدر باختيار رئيس الوزراء أثناء الورش، لكنه قال من المحتمل أن يتم تعيين رئيس الوزراء بعد الورش، واستكمال ما ورد في الاتفاق الإطاري، بتعيين مجلس الوزراء ومجلس السيادي، بعد ذلك ستجرى حوارات مفتوحة والحديث لمحمد بدر الدين، إذا كانت هناك قوى سياسية موافقة على الاتفاق الإطاري ستقوم بالتوقيع، لكن لن تكون هناك إضافة لمقترحات جديدة، فقط سيتم مناقشة ما تم التحفظ عليه والقضايا الخمس التي ستقام لها ورش.
تعقيد وتفاؤل:
من ناحيته أكد نائب الأمين السياسي لحركة العدل والمساواة، الناطق باسم الكتلة الديمقراطية دكتور محمد زكريا أن الحرية والتغيير الكتلة الديمقراطية مؤمنة بالحوار الشامل الذي لا يستثني إلا المؤتمر الوطني، وموقفها أن ما تم توقيعه في الخامس من ديسمبر تحت مسمى الاتفاق الإطاري معيب إجرائياً، وكذلك لديها تحفظات حول مضمونه، وقال لـ(اليوم التالي): لهذا السبب إن الكتلة الديمقراطية ليست جزءاً من الاتفاق الإطاري أو أي مرحلة تالية قد تنشأ بموجب هذا الاتفاق، وعليه نحن لسنا طرف فيما يشار إليه بالورش.. زكريا يرى أن الاتفاق الإطاري بتوقيعه بواسطة مجموعات مدنية دون غيرها زاد من تعقيد مشهد الانتقال الديمقراطي وأشار إلى أنهم ما زالوا يجددون الدعوة لحوار بلا اشتراطات، لجهة استكمال المسار الدستوري من خلال التواصل أو التوصل لمنطقة مشتركة يخاطبون خلالها المتباينات ويتم الاتفاق على وثيقة مرجعية حاكمة، ولفت لوجود اتصالات غير مباشرة جرت بين الأطراف المختلفة في الفترة الماضية وأبدى تفاؤله في أن تثمر في تلاقي يعزز وحدة القوى المدنية يدعم الانتقال المدني والديمقراطي المستدامة.
خطوات ثابتة:
أما القيادي بالحزب الاتحادي الأصل أحمد الطيب المكابرابي فقد أكد لـ(اليوم التالي) أن الاتفاق الإطاري يمضي بخطوات ثابتة، ووفق جداول زمنية متفق عليه، وبين أطراف لم يتم تحديدها بصورة عشوائية وإنما باعتبارها هي المعنية بمدنية الدولة وشروط الانتقال، ووضع المعالجات ويرعى ذلك مسهلون، وجزم المكابرابي بأن مسألة الإطاري مبنية على أسس موضوعية تم التوصل لها بعد تشريح عميق للأزمة السودانية وتمضي الأطراف وفق برامج محددة، وأشار القيادي بالاتحادي الأصل إلى أن الورش التي ابتدرت بورشة تفكيك تمكين نظام الثلاثين من يونيو ١٩٨٩م وتناقش قضايا متخصصة تشكل جوهر الانتقال، وتحتاج لرأي فني يقوم به خبراء ليست لديهم مصلحة في المماحكات السياسية.
هروب للأمام:
ووصف الناطق الرسمي بالحزب الشيوعي فتحي فضل في حديثه لـ(اليوم التالي) أن ما يدور الآن حول تدشين المرحلة النهائية للعملية السياسية بالهروب للأمام ومحاولة تخطي الحركة الجماهيرية والشارع ، واعتبر فضل ذلك فشل وتراجع وقال تم جرجرت بعض القوى إلى هذا المعسكر بعد انقلاب ٢٥ أكتوبر ونجحوا للتلاقي المصالح، وعدنا لزمن الوثيقة الدستورية المعيبة، بيد أن فتحي أكد أن ذلك لن يؤثر على الشارع الذي قال إنه يقوم بسد أية منفذ وفي إشارة للمبادرات التي تطرح وقال القوى الحية هي المسؤولة لذلك لابد من توحيد نفسها وعمل قيادة لتمضي للأمام، وشدد على ضرورة أن تفكر هذه القوى في تنسيق بين الخيار المطلبي والخيار السياسي، وأكد أنه متى ما استطاعت هذه القوى ذات الاتجاه الواحد التنسيق والتشبيك وخلق قيادة واحدة فيما بينها سيحدث التغيير الجذري الذي تنشده الأحزاب التقدمية ذات التاريخ الناصع، وأضاف: نحن هنا نتحدث أيضاً عن القوى الإقليمية والدولية، حيث أن التدخل الأجنبي في الشأن السوداني أصبح واضحاً.
حديث الحزب الشيوعي يشير، الى أن الاتفاق الإطاري سيظل يواجه بتحديات قوى وأحزاب الشارع وأبرزها الحزب الشيوعي وبعض لجان المقاومة وتجمع المهنيين غير المنضم لمركزي قوى الحرية والتغيير، التي تسعى إلى توحيد الخيارات المطلبية مع السياسية، وبرز ذلك من خلال الإضرابات التي انتظمت بعض القطاعات الخدمية.
تفاهمات شاملة :
الأكاديمي والمحلل السياسي الدكتور محمد إبراهيم يرى أن عملية الاتفاق الإطاري تمضي إلى نهاياتها، ورجح وجود تفاهمات شاملة بين الأطراف الأساسية، وقال لـ(ليوم التالي): رغم وجود انقسام بين الحرية والتغيير المجلس المركزي والحرية والتغيير الكتلة الديمقراطية، لكن قوة الدفع الخارجية للعملية السياسية ستكون لها دور في ملامح المرحلة، وطرح تساؤلات عن أن هل هذه الأطراف مقتنعة بأن العملية السياسية ستقود لتحول ديمقراطي أم ما يتم عمل تكتيكي واعتبر أن الأطراف في حالة توازن ضعف وهذا بحسب إبراهيم يدفعها إلى تقبل مشروعات حتى إذا لم تحقق مصالحها بصورة كلية، وأضاف: مجموعة اللجان الرافضة للاتفاق لديها حراك لكن ليس لها بدائل وتصور، كما أن التيارات الإسلامية تحاول توظيف الفاعلين الأساسيين حتى تبعد الشقة بين الموقعين، لذلك تعمل على استمرار حالة السيولة السياسية حتى تحافظ على مصالحها، دكتور محمد نبه لعامل الزمن الذي قال إنه حاسم وأكد أن عملية الانتقال محتاجة لإرادة وتنظيم، لأن الثلاثين عاماً تسببت في اختطاف المؤسسات وإعادتها تحتاج لإرادة وقرار وتنظيم ورؤية، كما أن نجاح الفترة الانتقالية يحتاج لإصلاح المؤسسات العدلية حتى يكون هناك إطار قانوني رادع وتحسين الاقتصاد واستكمال عملية السلام حتى لا نعيد تجربة ٢٠١٩م وننتقل لمربع جديد يعطي المجتمع الدولي الذي يدعم الاتفاق إشارة إيجابية.


لمتابعة أخبارنا انضم إلى مجموعتنا في الواتساب
انضم الينا في الواتساب