الخبير والأكاديمي بروفيسور حسن مكي في حوار مع (اليوم التالي) 2-2
المكون العسكري يميل للتدخل المصري لإرباك المشهد السياسي
دول الرباعية منفعلة بتوجيهات خمسة أشخاص
الحركات الإسلامية نخبوية وفاهمة المأزق والمرحلة ليست مرحلتها المصالحة لا تعني اتفاق الأطراف بنسبة 100%
قال: الخبير والأكاديمي بروفيسور حسن مكي إن البلد في حاجة لحكومة قومية موحدة تتمخض عن مصالحة وطنية، واستبعد حدوث حرب أهلية في البلاد وقال إن الحديث عنها فيه مبالغات، لا سيما وأن كل الأطراف أصبحت لديها مصالح في الخرطوم والوسط، وتوقع مكي في حوار مع (اليوم التالي)، حدوث حراكٍ كبير على حساب المجموعات غير المتناسقة مع النفس السوداني، ويرى أن المبادرة المصرية جاءت متأخرة وغامضة، وأن دعوة القوى السياسية للقاهرة أمر إيجابي ومطلوب فإلى مضابط الحوار..
حوار: فاطمة مبارك
# امتداداً لحديثك ذكرت أن دول الرباعية تريد تكوين حكومة ضعيفة ما مصلحتها؟
المسألة مرتبطة بتصفية حسابات مع الإسلاميين ويعتقدون أنهم كانوا وراء دخول أسامة بن لادن للسودان، رغم وجود المؤتمر الشعبي الآن مع مجموعة الحرية والتغيير، دول الرباعية منفعلة بتوجيهات خمسة أشخاص لا أريد ذكرهم، يقفون وراء إزالة التمكين ودفع القوى الأجنبية للتدخل.
# ما الحل؟
البلد في حاجة لحكومة قومية موحدة تتمخض عن مصالحة وطنية بدون مصالحة وطنية كبيرة جامعة، مثلما حصل في البرلمان عندما نكص الاتحاديون عن الاتحاد مع مصر، وتكونت حكومة الوحدة الوطنية من داخل البرلمان، فلا يوجد طريق غير ذلك.
# هل هناك أمل في هذه المصالحة مع تعقيدات المشهد؟
المصالحة لا تعني أن تكون الأطراف متفقة بنسبة 100%، لكن على الأقل بنسبة 55% وتكون الحركات الجهوية والطرق الصوفية والقوى السياسية المختلفة معارضة وحكومة، والمجلس التشريعي يمكن أن يستوعب أغلب هذه القوى، ليس شرطاً أن تكون كل الأطراف متجانسة، لابد من التنوع ووجود إطار يشمل كل القوى السياسية والجهوية.
# أين موقع الإسلاميين من ما يدور من حراك سياسي؟
موجودون كرموز في مختلف أحزابهم، لكن لا توجد قيادة مثل الترابي، يتحركون ككتل وفي التيار الإسلامي العريض كل ثلاثة أشهر تكون الرئاسة لأحدهم، لأنه لا يوجد شخص لديه الكاريزما والجاذبية والقدرة مثل الترابي، البشير والرشيد الطاهر.
# ماذا عن كرتي؟
كرتي جاء ليقول سنضحي بمصالحنا التجارية، لكن القيادة السياسية حاجة مختلفة، ولا أعتقد أنهم على مستوى القاعدة يقومون بمراجعة عضويتهم ويعقدون اجتماعات، لكن عن طريق التواصل الاجتماعي متواصلين، والحركات الإسلامية لأنها نخبوية فاهمه المأزق، وأن المرحلة ليست مرحلتها، وستكون موجودة في المشهد، لكن لا تقود..
# كيف ترون المبادرة المصرية؟
أفتكر مصر دولة مهمة جداً للسودان، لأمنه وأمن مياه النيل، ودق إسفين بين مصر والسودان غير مقبول وغير مفهوم، وإذا كانت هناك مبادرة لأننا حتى الآن لا نعرف لمصر مبادرة، أفتكر جاءت متأخرة وغامضة.
# ما تعليقكم على دعوة الأحزاب للقاهرة؟
دعوة القوى السياسية للقاهرة أمر إيجابي ومطلوب طالما أن المسألة ستتم بشفافية، والحزب الاتحادي الأصل كان موجوداً كله في مصر وحتى الإسلاميين، قوش وابن عوف في مصر، لذلك لا يستطيع أحد المزايدة على مصر، مصر ظلت تدفع ما يقارب نصف ميزانية السودان إلى قيام الجمعية التشريعية عام ١٩٤٨م ودفعت تكاليف خزان مكوار والبعثة التعليمية المصرية كان لها دور كبير، والسودانيون يذهبون لمصر للعلاج والاسترواح..
# ما تفسيركم تأخير الدور المصري؟
مصر مشغولة بنفسها، إضافة إلى أن عليها ضغوط، سفراء الرباعية يجتمعون أسبوعياً في بيت السفير الأمريكي، إلا السفير المصري، كأن مكونات الرباعية أهم من مصر بالنسبة للسودان مع أن حقائق الواقع عكس ذلك.
# قد يكون سبب التأخير يعود لتقديراتها السياسية؟
مصر عندها حساباتها الدولية ربما الضغوط عليها شديدة، من الرباعية وحلفائها، لتبعد عن السودان، مثلما أن عليها ضغوط دولية في مسألة حماس وغزة، مصر ليس لها مصلحة في محاصرة حماس.
# لصالح من، تريد مصر الدخول في الملف السوداني؟
لصالح الأمن القومي المصري، الآن ليس هناك حاجة اسمها اتحاديون يريدون الاتحاد مع مصر ولا حتى السيد علي في زمانه ما كان مع الاتحاد، لكن عندما رأى الإنجليز مالوا للسيد عبد الرحمن المهدي، ويمكن أن يصبح حاكما ًعاماً على السودان كترياق مضاد انحاز للمصريين، السيد علي كان استقلالياً.
# هل ترى مستقبل للدور المصري في السودان؟
أعتقد أن المكون العسكري يميل للتدخل المصري لأنه يريد شيئاً يربك به المشهد، ويقلل من الضغط الأجنبي الكبير عليه، وواحدة من مشاكل المكون العسكري أنه ليس له عقل سياسي.
# ماذا تقصد؟
أيام عبود كان هناك عقل سياسي مثل أحمد خير وهو الذي اقترح مؤتمر الخريجين في ١٩٣٦م لما جاء انقلاب عبود كان أحمد خير ماستر السياسة الخارجية، وعمل عبور كبير فيها، لكن الآن لا أرى عقلاً سياسياً مدنياً أو عسكرياً لديه قراءات ويقدم النصح للعسكريين.
# ماذا بالنسبة للسياسيين؟
بالنسبة للقيادات السياسية المسألة انتهت مع قيادات الأحزاب التاريخية، الموجودون الآن لا يمكن مقارنتهم بهم، مثلاً الشيوعيون كانت عندهم نخبة قوية جداً عبد الخالق محجوب وعمر مصطفى المكي محمد إبراهيم نقد، وعز الدين علي عامر، إضافة إلى المثقفين اليساريين الذين كانوا يدافعون عن الحركة اليسارية.
# ما تقييمك لأوضاع الشارع الآن؟
(ما في) شارع الآن، هناك حركات جهوية، المظاهرات تتحرك لمصالح جهوية، أهل الشرق يغلقون الميناء عندما يشعرون أن لديهم قضايا حقيقية، أهل دارفور يثورون عندما يشعرون بعدم الأمن والموجودون في مناطق البترول يغلقون الأنابيب لتحقيق مطالبهم، أهل الشمال أصبحوا يخشون أن يؤثر على مصالحهم ما يدور من حديث حول الجلابة وبدأوا ينظمون أنفسهم، هناك حراك كبير وفراغ سياسي لا بد أن يملأ بجهة ما.
# ماذا يحدث في أفريقيا الوسطى وما علاقة السودان بذلك؟
الفرنسيون خائفون من السودان ويعتقدون أن أكبر قوة عسكرية في المنطقة هي قوة حميدتي، وإذا حدث تحالف بين القبائل العربية وحميدتي سيكون ذلك خطراً على رئيس تشاد محمد دبي ورئيس أفريقيا الوسطى ونصف جيش حميدتي من هذه القبائل وهي تريد مدداً من السودان.
# لهذا السبب أكد حميدتي أن لا علاقة لقواته بما يجري في أفريقيا الوسطى؟
حميدتي يريد المحافظة على وضعه وتطمين الفرنسيين والأوربيين، مع أنه ذهب قبل ذلك لروسيا التي تدعم رئيس أفريقيا الوسطى وتحالف معها لفترة، لكنه شعر بالضغوط الأجنبية، لذلك يريد إبعاد نفسه وهو يعرف أن النظام في أفريقيا الوسطى ليس لديه مستقبل.
# من الذي يريد تغيير نظام أفريقيا الوسطى؟
الذين يريدون الإطاحة بالنظام في أفريقيا الوسطى قبائل مشتركة، ولو لا حماية الروس للرئيس كانت استلمت هذه القبائل العاصمة بانغي، كذلك هذه القبائل إذا تحركت على تشاد فهذا يعني اندلاع حرب أهلية والفرنسيون يحملون حميدتي المسؤولية في وقت فقدوا فيه مالي والنيجر، هناك حساسية شديدة في هذه المنطقة.
# ما موقف الجيش مما يجري في هذه المنطقة؟
الجيش مؤسسة وظيفية ليس له ولاء لشخص يمضي حسب النظم الإنجليزية القديمة، المنطقة التي يدور فيها الحراك الجيش من الواضح ترك ضبطها لحميدتي لأنه لا يستطيع الدخول وسط هذه القبائل، من يضبطها لابد من يكون منها.
# متى ستشكل الحكومة برأيك؟
ناس فولكر يريدون تشكيل الحكومة قبل أبريل، ففي رمضان الناس سينشغلون بالعبادات، وفي يوليو سيحتاج فولكر للتجديد له، إذا نجح في العملية السياسية سيجدد له، والسفير الأمريكي كذلك يريد تحقيق نجاح واختراق.
# كيف قراءة التهديدات الأمريكية؟
الأمريكان دائماً يتحدثون بلهجة متعالية وشروط مثل حديثهم عن عدم انسياب المساعدات إذا لم تكن حكومة مدنية، فهم دائماً يتحدثون بلغة الجزرة والعصا ويعتقدون أنهم شرطي العالم.
# إلى أي مدى السودان معرض لحرب أهلية؟
الحديث عن حروب أهلية فيه مبالغات، كل الأطراف أصبحت لديها مصالح في الخرطوم والوسط، لكن سيكون هناك حراك كبير على حساب المجموعات غير المتناسقة مع النفس السوداني فيه (شوية) دم.