بلاغ
لؤي عبدالرحمن..
…
لماذا البرهان وحميدتي معاً؟
…
يبدو أن هنالك أمراً جلل دفع رئيس مجلس السيادة الانتقالي الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان لتلبية دعوة الرئيس التشادي لزيارة إنجمينا، بشكل سريع، إذ لم تمضِ أيام معدودة على تسلمه الدعوة حتى غادر بالأمس، إلى الجارة تشاد ليبرز التساؤل عن هدفها وسببها سيما وأنها لم تأتِ من سفير أو وزير، وإنما رئيس هرم السلطة في السودان، وبالطبع فإن أهمية الزيارة وموضوعها تقاس بدرجة الشخص الزائر.
الأنباء نقلت أن الفريق أول محمد حمدان دقلو قائد الدعم السريع سيزور تشاد آليوم مما يعني أن الرئيس التشادي يريد أن يتعرف بشكل مباشر على موقف البرهان وحميدتي من قضية ما هي محل خلاف بين الرجلين أو يريد منهما ضمانات بشأنها وإلا لاكتفى بزيارة برهان كرئيس لمجلس السيادة ويعبر عن موقف السودان، وقد يتجاوز الأمر تشاد إلى فرنسا التي باتت منزعجة جداً من الوجود الروسي في أفريقيا جنوب الصحراء، وكانت إنجمينا محطة وساطة أو ميسر لحوار سوداني فرنسي غير معلن واستبعد أن تكون الزيارة في مصلحة موسكو التي باتت في عداء أو جفوة مع باريس والعاصمة التشادية.
قد تكون أفريقيا الوسطى هي محور الزيارة، لأن حميدتي له علاقة متميزة مع روسيا التي باتت تتحكم في الأوضاع على الأرض هناك، فيما هنالك تقارب بين المكون العسكري السوداني ممثلاً في الجيش، ويخشى الرئيس التشادي من وجود المعارضة في ليبيا شمالاً وأن تصبح بانقي مهدداً جديداً له جنوباً، وهو تهديد مماثل للوحود الفرنسي ويقتضي الحسم بعد المحاولة الانقلابية الفاشلة التي حدثت قبل أيام في تشاد وتم بموجبها اعتقال عدد من الضباط المتهمين بالضلوع فيها.
التسوية في السودان لا أعتقد أنها ستكون في مقدمة الملفات التي يناقشها محمد دبي مع البرهان وحميدتي رغم أهميتها، فتشاد تخشى خطر إزالة السلطة الحاكمة أكثر من خشيتها بشأن استمرار الاحتقان السياسي في الخرطوم، لأنها تتأكد من أن حسابات العودة إلى الحرب من قبل حركات دارفور باتت خاسرة وأن المجتمع الدولي الغربي خاصة يهمه إنجاز العملية السياسية ويعتبر أي نزوع إلى السلاح أنه تهديد للأمن والسلم الدوليين وتقويض للتحول الديمقراطي.
إذا زار حميدتي تشاد اليوم، فإن ذلك يكشف بوضوح عن وجود أزمة قيادة في السودان، وإن قرار وموقف القيادات ليس واحداً، لأن ما يعبر عنه البرهان يفترض أن يكون نفس ما يعبر عنه حميدتي، وهي قضية تستوجب المراجعة والوقوف عندها، لأنها ستؤثر في العلاقات الخارجية وتحرج الدبلوماسيين الوطنيين وتضعف صورة المكون العسكري داخلياً وخارجياً.
وبما أن الرجلين متفقان بشأن التسوية الداخلية، فمن المؤكد أن هناك خلافاً في وجهات النظر وربما المواقف حول قضايا الخارج والجوار القريب.