الحياة تطور أدواتها.. المطالعة الرقمية .. الشباب يهجر النسخ الورقية 

 

الخرطوم – أبو الكنزة

تطورت أدوات الحياة واعتمدت بشكل كامل على التكنولوجيا والتقنية الحديثة، دفع ذلك الغالبية من الشباب والمثقفين لهجر النسخة الورقية وتنزيل تطبيقات في الهواتف للتصفح الإلكتروني وقراءة الكتب عبر المطالعة الرقمية.

قبل فترة ليست بالبعيدة، لم تظهر فيها الحواسيب والموبايلات المحمولة الحديثة بأنواعها المختلفة ومميزاتها الكثيرة ذات الفوائد التي لا تحدها حدود، كان الحصول على معلومة يعد أمراً صعباً للغاية، وأن اقتناء أو الحصول على الكتب والمجلدات من قبل القراء في شتى المجالات لم يكن بالأمر السهل، وأنك تتكبد المشاق وتتعب في سبيل الاطلاع والمعرفة أو قراءة كتاب بعينه.

كانت رحلة القراءة والاطلاع تبدأ من منازل الأصدقاء وزملاء الدراسة ثم يتحول البحث في المكتبات الشهيرة في المدينة، وفي حال عدم العثور على المطلوب تبدأ مرحلة توصية الأقارب أو المعارف ووصف اسم، شكل ولون الكتاب، وقد يمتد الطلب إلى المغتربين خارج الديار، ويتعين عليه بعد الطلب الانتظار لمدة قد تصل عدة أشهر تجعل القارئ صاحب الطلب في حالة ترقب متواصل حتى يتحصل على كتابه المفضل.

نفس السبب وغيره من الأسباب التعجيزية تجعل القارئ يحتفظ بكتبه بعيداً وفي مكان خاص جداً داخل مكتبة صغيرة في غرفته، ويعد امتلاك مكتبة مدعاة للتباهي والفخر، وكثيراً ما تتم عملية تسليف الكتب وتدويرها بين القراء مما يجعلها تغترب عن المكتبة عدة أشهر، هذه الغربة للكتب تعد أفضل بكثير من إهدائها الذي يعد أمراً صعباً لا يحدث إلا نادراً لشخص ذي مكانة كبيرة (غالي)، وإذا تم ذلك تعد هدية ثمينة تعبرعن مدى تقديرك لهذا الشخص.

ولكن في الآونة الأخيرة ومع ظهور مواقع التواصل الاجتماعي والتي فرضها التطور ظهرت مكتبات إسفيرية في شكل مجموعات داخل أحد أكبر وأشهر مواقع التواصل الاجتماعي (واتساب) الذي يتميز بالسرعة في نقل المعلومات، وتهدف شبكة هذه المكتبات تبادلاً واسعاً للكتب بين أعضاء قائمته التي تضم مجموعة ذات أعمار مختلفة، مما يساعد في تبادل الخبرات والحصول على أعداد من الكتب المميزة عن طريق خطوة سهلة (كبسة زر)، أو إرسال طلب يحتوي على تفاصيل الكتاب ومؤلفه وتنتظر بضع ثواني حتى يقوم أحدهم بإرساله لك بسرعة تظهر مدى استفادة الشباب من إيجابيات الهواتف الذكية ومواكبة عصر المعلومة، خصوصاً أن الغالبية منهم يمتلك تلفونات حديثة متطورة.

والآن بإمكانك القول إنك تحمل مكتبة كبيرة جداً داخل هذه الأجهزة الكفية أو اللوحية التي تتيح المطالعة الرقمية في أي مكان وفي أي زمان، لاحتوائها على عدد ضخم من الكتب الإلكترونية بأسلوب حديث وسهل القراءة.

وظهرت الكثير من المقالات التي تنتقد وتهاجم انشغال أصحاب الموبايلات الحديثة والهواتف الذكية في الأماكن العامة مثل المركبات ووسائل النقل والمواصلات، وبيوت المناسبات الاجتماعية كونها لا تتوافق عادة مع الانشغال بشيء آخر كالقراءة، وكثيراً في المواصلات يصل الأمر إلى أن ينسى أحدهم الباقي عند (الكمساري)، أو لا يقوم بدفع قيمة التذكرة ويصبح عرضة للمشاكل، ولكن كل ذلك الانشغال بات أمراً طبيعياً بعدما جعل الهاتف حياة الفرد سهلة لدرجة أنك تفضل القراءة أثناء المواصلات مستثمراً الوقت الثمين لإنجاز قراءة كتاب إلكتروني دون الحاجة لإهدار الزمن إلى الوصول للمنزل لمطالعة كتاب نسخة ورقية ذات حمولة تتعبك بالتصفح المرهق.

ومع ذلك لا يمكن القول وداعاً للكتاب النسخة الورقية التي لا زال البعض يفضل قراءته بالطريقة والأسلوب التقليدي القديم، خاصة تلك الأجيال التي عاشت في خضم صفحات الكتب عند مجدها التقليدي المرتبط مع وجدانهم بوثاق متين.

للكتاب الورقي عشق من نوع خاص، ولكن الحاضر فرض أساليب وطرق هي الأفضل عن سابقتها تعتبر تطويراً لها كفكرة، وهناك ثمة سؤال يطرح نفسه: هل الكتاب الإلكتروني أثر في سوق الكتاب الورقي؟

نعم بالرغم من وجود المكتبات على مد البصر، وعرض الكتب في أماكن كثيرة وتعد مصدر دخل لمن يعملون في بيعها، إلا أنها لا تعد كما كانت تجارة مربحة، ولا تنتعش إلا في مواسم معينة كمواسم افتتاح المعارض، ويعود سبب ذلك إلى أن القارئ الجديد يبحث عن الجديد من الكتب أو تلك التي لا يستطيع الحصول عليها بسبب ندرتها أو حظرها وعدم توفر نسخة إلكترونية منها.

 

ولكن اليوم بات وفي حال وجود كتاب جذب القراء أو أحدث ضجة في أرض الواقع، سرعان ما تجد له نسخة إلكترونية بعد فترة قصيرة من نشره، لأن هذه هي الطريقة الجديدة الأمثل والأكثر انتشاراً وتوزيعاً، لأن الغالبية العظمى من القراء يحملون تطبيقات داخ


لمتابعة أخبارنا انضم إلى مجموعتنا في الواتساب
انضم الينا في الواتساب