تسيس النقابات المهنية .. أزمة في طريق الانتقال

تقرير: الخواض عبدالفضيل
يمتلك العمل النقابي أهمية كبيرة سواءً داخل بيئة العمل أو خارجها، والنقاط الآتية توضح أهمية ذلك يضمن العمل النقابي للعمال فرصة مناقشة المشاكل والقضايا التي يواجهونها مثل؛ الأجور والرواتب التقاعدية وسلامة ظروف العمل والمعاملة غير العادلة.. تدافع النقابات عن منتسبيها في الأوقات الصعبة التي يمرون بها. تُسهم النقابات في القدرة على التخطيط للمستقبل، واستشراق كيفية التعامل مع التغيرات. تحافظ على حقوق المرأة والأقليات وذوي الإعاقة في العمل. بجانب ذلك العمل النقابي لا بد أن يتمتع بالاستقلالية التامة عن العمل الحزبي والأجندات الأيدولجية كما لابد من أن لا تكون أذرعاً للأحزاب السياسية التي تعارض الأنظمة وتستغل كأداة ضغط لإسقاط الحكومات.

ديمقراطية وتعيين
يقول الأستاذ محمد علي أبو نمرة المحامي في حديثه لـ(اليوم التالي) إن الطريق إلى والتحول الديمقراطي وإرساء دولة الحرية والعدالة والديمقراطية لا يكون إلا عن طريق الديمقراطية والتي تعني الحق في الاختيار والذي لا يكون إلا عن طريق الانتخاب الحر المباشر لكل مؤسسات الدولة والذي يبدأ بالنقابات والاتحادات لكونها تجمعات للطبقات المستنيرة من الشعب حيث ينضوي تحت لوائها العلماء والمفكرين والباحثين من أهل العلم في شتى المجالات، فلا يمكن تصور ديمقراطية في وجود تعيين للجان تسييرية للاتحادات والنقابات تابع: هناك قاعدة يعرفها اهل القانون تقول: (من يأتي للعدالة يجب أن يأتي بأيدي نظيفة) ونقول في هذا السياق: (من يطلب الديمقراطية يجب أن يكون ديمقراطياً) المقصود بذلك من يقبل التعيين ليكون على رأس النقابات والاتحادات أو الأحزاب فلا يمكن ان ينطبق عليه لفظ ديمقراطي، وكذلك لا ينطبق على الأحزاب السياسية فإن الأحزاب التي لا تمارس الديمقراطية في داخلها ولا يتم اختيار رؤسائها من خلال الانتخاب في مؤتمرها العام لا يمكن أن توصف بأنها أحزاب ديمقراطية إلا مزايدةً.
عدم شرعية
وزاد أن الطريق إلى التحول الديمقراطي يأتي من خلال الممارسة الديمقراطية وإرساء قواعدها داخل الكيانات والمؤسسات المختلفة من أحزاب ونقابات واتحادات حتى تصبح الديمقراطية فعلاً شائعاً على جميع المستويات. ومضي أبو نمرة قائلاً إن لجان التسيير في جميع النقابات والاتحادات لا يمكن وصفها بالشرعية ولا تمثل أعضاءها لأنها جاءت بالتعيين وهذا يعني عدم شرعية تمثيلها لقواعدها وأنها فقط تمثل من قام بتعيينها وأردف أن الاتفاقيات الدولية والإقليمية والقوانين والنظم واللوائح للمنظمات الدولية والإقليمية والقوانين المحلية تمنع منعاً قاطعاً عدم التدخل السياسي في تكوين الاتحادات والنقابات بالتعيين ولا يتم الاعتراف بها دولياً ولا تكون لها شرعية، تابع: توجد أمثلة حيث أن الاتحاد العالمي والأفريقي والعربي لنقابات العمال وكذلك الاتحاد العام للمحامين العرب واتحاد المحامين الأفارقة لا يعترفون بجميع اللجان التسييرية المعينة ولا يمنحونها أي شرعية، بل ما زال اعترافهم قائماً بالنقابات المنتخبة وزاد: لذلك لا بد من الإسراع في تكوين نقابات منتخبة تنال شرعيتها من قواعدها.
تعبير عن قضايا
من جهته قال الأستاذ الهندي محمد عمر لـ(اليوم التالي): هنالك شعار بخصوص العمل النقابي (لكل حزبه والنقابة للجميع)، فالنقابات هي تنظيمات جماهيرية ذات طابع مطلبي وسياسي تمثل فئة محددة وتعبر عن قضاياها، تتأثر بسياسات الدولة المتبعة، باعتبار أن الدولة تمثل المخدم لعمل النقابات، لذلك تشكل أحد أعمدة أجسام الضغط السياسي على الأنظمة الدكتاتورية المستبدة عسكرية كانت أم مدنية التي تستهدف النقابات والنقابيين وزاد: لأنها بالنسبة لهم تهدد استقرار دولتهم، فهم دائماً يسعون للسيطرة عليها وتسييسها لتعبر عن مصالحهم الطبقية حتى لا ترهقهم بالعصيانات والإضرابات مضيفاً: قد تتسبب في شلل كامل للحياة بالدولة، عكس الدولة المدنية الديمقراطية التي تعمل على ديمقراطية الحركة النقابية نرفض أن تكون النقابات ذات لون أو اتجاه سياسي واحد.
أذرع للأحزاب
يقول القيادي بالحزب الشيوعي السوداني كمال كرار لـ(اليوم التالي) إن فكرة ونشأة التنظيمات النقابية إذا كان في السودان أو العالم هو التنظيم الذي يدافع عن حقوق العاملين في الموقع المحدد، وتابع: هذه التنظيمات لها دور في تطوير الإنتاج وإرساء الدور النقابي المهني، مضيفاً: النقابات كان لها دور كبير وبارز في مناهضة الاستعمار قبل الاستقلال بالإضافة الى الأدوار الوطنية الأخرى وأردف كرار: هنالك مقولة تقول: (لكل حزبه والنقابة للجميع) مما يعني أن النقابة للكل ونوه الى أن تمسك الناس في السابق بالنقابات لأنهم كانوا وطنيون لا يمارسون أجندات حزبية داخل العمل النقابي ومضى بالقول: في الفترة الانتقالية ولسوء الحظ بعد قيام الثورة لم يكن هنالك اهتمام بالعمل النقابي بدليل لم يصدر قانون النقابات المهنية، لأن عدم إصدار قانون ترك فراغاً نقابياً كبيراً داخل الدولة خاصة بعد حل نقابات نظام الإنقاذ والاستعاضة عنها بلجان تسيير، وفكرة إنشاء النقابة يقوم على الانتخاب من الجمعية العمومية وهذا الدور كان مهماً بعد انتصار الثورة، وبعد استقرار البلد من أهم التنظيمات التي تحافظ على التحول الديمقراطي والمؤسسات المدنية هي النقابات وأضاف: من أهم شروط تكوين النقابة أن يكون الفرد المنتخب من داخل المؤسسة ويختار الأعضاء بانتخابات ديمقراطية حرة ونزيهة بغض النظر من الذي يصعد الى النقابة الأهم أن يكون منتمياً للمؤسسة.
وقال كرار إن محاولة تسييس النقابات من أي جهة يجعل النقابات كأنها أذرع للأحزاب السياسية وتحيد عن واجبها الأساسي المتمثل في الدفاع عن حقوق العاملين مضيفاً أن نظام الإنقاذ سيَّس النقابات، ويجب علينا أن لا نكرر ما كان يفعله المؤتمر الوطني الذي جعل النقابات أذرعاً له، وإذا كان هنالك أناس حريصون على النقابات بشكل ديمقراطي باعتبارها مؤسسات تعزز الديمقراطية لابد من إصدار قانون النقابات ويجب تشكل النقابات على أساس انتخابات حرة ديمقراطية دون التجيير الى أي حزب سياسي، وبذلك يمكن تحقيق تحول ديمقراطي مشيراً الى أن أي تجيير للنقابات على أساس سياسي هو طعن في ظهر التحول الديمقراطي.


لمتابعة أخبارنا انضم إلى مجموعتنا في الواتساب
انضم الينا في الواتساب